تسببت الصراعات التى يشهدها العالم خلال السنوات القليلة الماضية من الحرب الروسية الأوكرانية والصراع السودانى والكونغو الديمقراطية وغيرها فى إجبار الملايين على الفرار من منازلهم دون مأوى ووفق التقارير الدولية للمنظمات الإنسانية أنه من المتوقع أن ترتفع أزمة النزوح العالمية بنحو 6.7 مليون شخص يأتى ذلك وسط الانسحاب الذى وصفته المنظمات بالمدمر للمساعدات الدولية من جانب الولايات المتحدة الأمريكية كذلك المملكة المتحدة وألمانيا وأخرين من الدول المانحة للمنظمات الانسانية، مما يترك الملايين من الأشخاص دون دعم أساسى.
وقال تقرير للمجلس الدنماركى للاجئين الذى تم من خلال تحليل 148 مؤشرًا، بناءً على العوامل الاقتصادية والأمنية والسياسية والبيئية والمجتمعية، عبر 27 دولة تمثل 93% من إجمالى النزوح العالمى أن السودان، هى الأزمة الإنسانية الأكثر إلحاحًا فى العالم، وسيُمثل ما يقرب من ثلث حالات النزوح الجديدة مؤكدا أنه بحلول نهاية عام 2026، سيُشرد 2.1 مليون شخص إضافى، ليُضافوا إلى 12.6 مليون نازح داخل السودان وإلى الدول المجاورة
وأضاف التقرير أنه يؤدى النزوح القياسى، والاحتياجات المتزايدة، والتخفيضات الحادة فى التمويل إلى أزمة لا تُنسى، إذ تُقلص الدول الغنية مساعداتها، ما يُخلف ملايين البشر فى عداد المفقودين، وتشمل البلدان الأخرى التى ستشهد زيادة فى عمليات النزوح بسبب الصراعات المسلحة وتغير المناخ وإرث الحرب وعدم الاستقرار الاجتماعى والاقتصادى، أفغانستان وجمهورية الكونغو الديمقراطية وسوريا واليمن وفنزويلا.
فيما اشتدت فى ميانمار حرب أهلية شرسة متعددة الجبهات، مما أدى إلى نزوح 3.5 مليون شخص، ويحتاج ما يقرب من 20 مليون شخص، أى ثلث السكان، إلى مساعدات إنسانية. وأنه من المتوقع نزوح 1.4 مليون شخص قسرى جديد بحلول نهاية عام 2026.
وقال المجلس الدنماركى للاجئين إنه تُظهر نماذج التقرير المدعومة بالذكاء الاصطناعى صورة مأساوية وأن نزوح 6.7 مليون شخص خلال العامين المقبلين ليست إحصاءات مجحفة. إنها عائلات أُجبرت على الفرار من منازلها، لا تحمل سوى القليل، وتبحث عن الماء والطعام والمأوى.
وأشار التقرير إلى أن استهداف المدنيين والرعاية الصحية والعاملين فى المجال الصحى ارتفع بنسبة 8% فى عام 2024؛ كما أن 16 من 27 دولة فى توقعاتنا تعانى من قيود شديدة أو شديدة على الوصول الإنسانى.
يأتى ذلك فيما أنهت الولايات المتحدة الأمريكية، التى كانت سابقًا أكبر مانح عالمى، بنسبة 83% من عقود الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، كما قلّصت جهات مانحة رئيسية أخرى مساعداتها. ويأتى هذا الانسحاب فى وقت بلغت فيه الاحتياجات الإنسانية ذروتها.
وبحسب تحليل المجلس الدنماركى للاجئين المضمن فى تقرير هذا العام، فإن إلغاء كل تمويل المساعدات الأمريكية قد يؤدى إلى انخفاض عدد الأشخاص الذين يحصلون على المساعدات الإنسانية الأساسية بنحو 57 مليون شخص.
ومن جانبها قالت شارلوت سلينتى، الأمينة العامة لمجلس اللاجئين الدنماركي: "نحن نعيش فى عصر الحرب والإفلات من العقاب، والمدنيون يدفعون الثمن الأغلى" وأضافت "يواجه الملايين خطر المجاعة والنزوح، وفى الوقت الذى هم فى أمسّ الحاجة إلينا، تُخفّض فيه الدول الغنية مساعداتها. إنها خيانة للفئات الأكثر ضعفًا".
وأضافت سلينتى نحن فى خضم "عاصفة عارمة" عالمية: نزوح قياسى، واحتياجات متزايدة، وتخفيضات تمويلية كارثية حيث يتخلى كبار المانحين عن واجبهم، تاركين الملايين يعانون موكدة أنه هذه أكثر من مجرد أزمة
ودعا المجلس الدنماركى للاجئين المجتمع الدولى إلى معالجة هذه الأزمة العالمية على وجه السرعة، والتصرف بناءً على توقعاتها، وتمويل المساعدات المنقذة للحياة قبل أن تتفاقم هذه الأزمات وتخرج عن نطاق السيطرة.