"طب أحلف كده".. كنا قديما لنتأكد من صحة الخبر نلزم من يقوله بأن يحلف بالله بصحة ما يقوم، وكثيرا منا قد أستخدم القسم أما في أثبات الالتزام أو نفي كأن يقول (أقسم بالله الحاجة دي بتاعي) أو (وربنا ماشفت قبل كده)، ومنا من يجعل قسمه معلق علي شرط (عليا الطلاق لو خرجتي انتي طالق)، وعليه فإن الخلاصة هي أن كلاً منا قد يلجأ للقسم للإثبات الالتزام أو نفيه أو أشترط الشيء لنشأة الالتزام، ونفس الشيء المشرع عالج هذا الأمر ونص على اليمين وجعله وسيلة من وسائل الإثبات في القانون يرتكن عليه الشخص ولها حجيتها في الإثبات لذلك حديثنا اليوم سيكون عن اليمين في القانون.
واليمين فى اللغة هو إخبار عن أمر مع الاستشهاد بالله تعالى على صدق الخبر فهو لا يُعتبر عملاً مدنياً فحسب بل هو أيضاً عمل ديني فطالب اليمين يلجأ إلى ذمة خصمه، والحالف عندما يؤدى اليمين إنما يستشهد بالله ويستنزل عقابه، وعلى ذلك فإن اليمين ملك للخصم لا للقاضي، ويجوز للخصم توجيهها في أية حالة كانت عليها الدعوى، وعلى القاضي أن يجيب الخصم لطلبه متى توافرت شروط توجيهها، وهى أن تكون متعلقة بالدعوى ومنتجة فيها وغير مخالفة لقاعدة من النظام العام، ويجوز للقاضي أن يرفضها إذا كانت غير منتجة أو كان في توجيهها تعسفاً من الخصم.
اليمين كوسيلة من وسائل الاثبات
في التقرير التالى، يلقى "برلماني" الضوء على اليمين كوسيلة من وسائل الاثبات وإشكالياته، وذلك من خلال الإجابة على حزمة من الأسئلة أبرزها ما اليمين في القانون؟ وأنواع اليمين، وما الآثر المترتب علي أداء اليمين؟ وهل هناك شرط للإثبات بطريق اليمين؟ هل الإثبات بطريق اليمين خاص بالدين الاسلامي فقط؟ وكم مرة يتم رد اليمين الحاسمة؟ وهل توجيه اليمين قاصر علي الأشخاص الأسوياء فقط؟ والإجراءات المتبعة عمليا في حالة رغبتك في توجيه اليمين لخصمك؟ وهل هناك وسائل أخرى للإثبات غير اليمين؟ - بحسب الخبير القانوني والمحامى بالنقض أحمد عبدالقادر.
ما هو اليمين في القانون؟
القاعدة الأولي في قانون الاثبات هي أن: (على الدائن اثبات الالتزام وعلي المدين أثبات التخلص منه)، المادة الأولى من قانون الاثبات، وبالتالي وفقا لمفهوم هذه المادة فإن على المدعى أن يثبت دعواه أو أدعائه وعلى المدعى عليه أن يثبت براءة ذمته أو عدم صحة ما يدعيه خصمه، وبالتالي فإن مراتب الإثبات تتعدد ومن بينها اليمين، حيث نص قانون الإثبات على جواز الإثبات عن طريق اليمين ففي المادة 114 من قانون الإثبات تنص على أن:- (يجوز لكل من الخصمين أن يوجه اليمين الحاسمة إلي الخصم الأخر على أنه يجوز للقاضي أن يمنع توجيه اليمين إذا كان الخصم متعسفا في توجيهها، ولمن وجهت إليه اليمين أن يردها على خصمه علي أنه لا يجوز الرد إذا أنصب اليمين علي واقعة لا يشترك فيها الخصمان بل يستقل بها شخص من وجهت إليه اليمين)، وهذا يعني أن اليمين له أنواع – وفقا لـ"عبدالقادر".
أذكر لنا أنواع اليمين؟
اليمين نوعان يمين حاسمة ويمين متممة، فأما اليمين الحاسمة فهي التي توجه من خصم لأخر لإثبات أو نفي واقعة: (كأن يطلب أحد المتقاضين من المحكمة أن تحلف الخصم بأنه قد قام بارتكاب الفعل كذا وكذا)، وفي هذة الحالة إذا ما أستجابة المحكمة لتوجيه اليمين فمن حق الشخص الذي وجهت له المحكمة اليمين أن يردها علي خصمه شريطة أن تكون الواقعة المراد إثباتها مشتركة بين الاثنين مثل (أن يطلب الزوج توجيه اليمين الحاسمة للزوجه بأنها لم تتسلم منقولاتها الزوجية، فتقوم الزوجة برد اليمين للزوج بأن يحلف بأنه قد قام بتسليمها المنقولات)، ويصح هنا رد اليمين لأن الواقعة المراد أثباتها مشتركة بين الاثنان، أما إذا كانت الواقعة لا يشترك فيها طرفا الخصومة فلا يحق من وجهت إليه اليمين أن يردها – الكلام لـ"عبدالقادر" .
وأما عن النوع الثاني فهو اليمين المتممة، وهذا اليمين من أختصاص القاضي الذي ينظر الموضوع فقد تتوازن كفاتي الخصوم بحيث يعجز القاضي أن يرجح كفة على الأخرى، ففي هذه الحالة يحق للقاضي أن يوجه اليمين المتممة لأحد طرفي النزاع من أجل إثبات أو نفي واقعة بعينها واليمين المتممة، لا يمكن ردها وفقا للمادة 120 إثبات ويكون ملزم الشخص الذي وجهت إليه بأن يحلف.
وما الأثر المترتب على أداء اليمين؟
حالف اليمين ثبت له دعواه ومن نكس عنها خسر دعواه، فقد نصت المادة 118 من قانون الاثبات علي أن:- (كل من وجهت إليه اليمين فنكل عنها دون أن يردها على خصمه وكل من ردت عليه اليمين فنكل عنها خسر دعواه).
وهل هناك شرط للإثبات بطريق اليمين؟
المشرع وضع بعض الشروط لجواز الإثبات باليمين وأول تلك الشروط أن تكون الواقعة المراد إثباتها غير مخالفة للقانون أو الأداب العامة وفقا للمادة 115 إثبات: (لا يجوز توجيه اليمين الحاسمة في واقعة مخالفة للنظام العام ......)، كما أنه يشترط أن تكون الواقعة المراد إثباتها باليمين متعلقة بالشخص الموجه إليه هذا القسم، (ويجب أن تكون الواقعة التي تنصب عليها اليمين متعلقة بشخص من وجهت إليه) – هكذا يقول "عبدالقادر".
هل الإثبات بطريق اليمين خاص بالدين الإسلامي فقط؟
هذا سؤال جيد، فالمشرع عندما يسن قانونا عاما لا يفرق أو يميز فئة عن فئة، وقانون الاثبات قانون عام، وليس خاص، وبالتالي يحق لكل ذي ديانة سماوية أن يحتكم لليمين في إثبات دعواه فقد نصت المادة 128 من قانون الإثبات على أن:- (لمن يكلف حلف اليمين أن يؤديها وفقا للأوضاع المقررة في ديانته غذا طلب ذلك) – طبقا للخبير القانوني.
وكم مرة يتم رد اليمين الحاسمة فقد ذكرت أنه يجوز رد اليمين للشخص الذي طلب تحليف خصمه أذا كانت الواقعة مشتركة؟
لا يجوز أن يتم رد اليمين أكثر من مرة فقد (يطلب الشخص توجيه اليمين لخصمه ويحق لخصمه رد اليمين له فقط لا غير فلا يحق لمن ردت إليه اليمين أن يردها مرة أخرى).
هل توجيه اليمين مقتصر على الأشخاص الأسوياء فقط؟
هذا السؤال قد يكون عاما وليس مخصص، ولكن يمكن توضيح الأمر أن اليمين توجه للشخص العاقل البالغ الواعي، ولكن سأطرح عليك السؤال بطريقة شيقة أكثر ما البال إذا ما كان الشخص الذي وجهت إليه اليمين أخرسا لا يتكلم فهل جائز توجيه اليمين للأخرس أم لا؟ وفقا للمادة 129 من قانون الإثبات جائز أن يوجه اليمين للأخرس فقد نصت المادة على أن:- (يعتبر في حلف الأخرس ونكوله إشارته المعهودة إن كان لا يعرف الكتابة فإن كان يعرفها فحلفه ونكوله بها)، أوضحت المادة الأمر وجعلته جاليا دون الاحتياج لتفسير – بحسب "عبدالقادر".
أشرح لنا الإجراءات المتبعة عمليا في حالة رغبتك في توجيه اليمين لخصمك؟
إذا ما رأيت أن هناك أمرا يحتاج لإثباته بطريق اليمين فعلي أولا أن أبدي أمام المحكمة دفاعا لتوضيح الداعي أو السبب في هذا الامر وعلى أن أثبت في محضر الجلسة بأني أرغب في توجيه اليمين لخصمي بعبارة (أقسم بالله العظيم بأنني كذا وكذا) والمحكمة حال ما أستجبت لهذا الأمر فإنها تصدر حكما تمهيديا يحتوي على صيغة الحلفان، وميعاد الحضور للأداء اليمين وفي حالة عدم حضور الخصم أو من يمثله، فيتم إعلان الخصم لحضوره لأداء اليمين وفق للحكم التمهيدي الصادر وفي الجلسة المقررة توضح المحكمة للشخص الذي سيقوم بأداء اليمين بأن إذا ما كان كاذب فهذا من الكبائر فإن حلف أو نكس أو رد اليمين يتم إثبات ذلك كله في محضر الجلسة.
هل هناك وسائل أخرى للإثبات غير اليمين؟
وسائل الإثبات تتعدد وفقا لما نص عليه قانون الإثبات فقد فرد لها المشرع قانونا خاص بها أقوي تلك الوسائل هي الدليل الكتابي وأقلها في الإثبات القرائن، وما بين ذلك وهذا نجد شهادة الشهود واليمين والخبراء والمعاينة فكلها من وسائل الإثبات يمكنا الحديث عنها واحدة تلو الأخرى، وإلي هنا نكون قد أوضحنا بشيء من التفصيل أن القوانين التي تسن ليست ببعيدة من عاداتنا اليومية وأنما قد تكون مستمدة من الأعراف.