قضت محكمة كوم أمبو الكلية "بهيئة استئنافية - مدنى مستأنف كوم أمبو"، حكماً فريداً من نوعه، بإلغاء الحكم المستأنف الصادر من محكمة كوم أمبو الجزئية بعدم الاختصاص النوعى وإحالة الدعوى لمحكمة كوم أمبو لشئون الأسرة والقضاء مجددا بإعادة الدعوى لمحكمة أول درجة للفصل فيها، قالت فيه: "اختصاص المحاكم الابتدائية بدعاوى التعويض عن عدم تنفيذ أحكام الرؤية دون محاكم الأسرة"، على الرغم من تواتر الأحكام مؤخرا بأن الاختصاص ينعقد بنظرها لمحاكم الأسرة وليس المحاكم المدنية.
الخلاصة:
تم إقامة دعوى تعويض عن عدم تنفيذ حكم رؤية صغار أمام محكمة كوم أمبو الجزئية للقضاء لصالح المدعية بإلزام المدعى عليها (الخصم) بأن تؤدى للمدعية مبلغا وقدره 100 ألف جنيه تعويضا ماديا وأدبيا نتيجة الأضرار المادية والأدبية التى لحقت بالمدعية نتيجة تعسف المدعى عليها (الخصم) فى عدم تمكينها من رؤية الصغار، إلا أنها لم توفق، حيث أصدرت محكمة كوم أمبو الجزئية حكما بعدم اختصاصها نوعيا وإحالة الدعوى لمحكمة كوم أمبو لشئون الأسرة، فتم إيداع الاستئناف على هذا الحكم أمام محكمة كوم أمبو الكلية "بهيئة استئنافية - مدنى مستأنف كوم أمبو"، وقد قضى فيه بالحكم الموضح عاليه.
صدر الحكم في الاستئناف المقيد برقم 5 لسنة 2025 مدنى مستأنف كوم أمبو، لصالح المحامى محمد الشرقاوى، برئاسة المستشار عمرو يحيى، وعضوية المستشارين أحمد جمال، وعمر الباز، وأمانة سر عبدالنبى أحمد مصطفى.
الوقائع.. نزاع قضائى بين الأب والجدة مع الأم الحاضنة لعدم تنفيذها حكم الرؤية
واقعات الدعوى سبق وأن أحاط بها تفصيلا الحكم الصادر من محكمة أول درجة والصادر بجلسة 30 نوفمبر 2024 في الدعوى رقم 19 لسنة 2024 مدنی جزئى كوم أمبو، ولما كان من المستقر عليه وفقا لقضاء محكمة النقض هو جواز الإحالة في بيان وقائع ومراحل الدعوى والدفوع فيها إلى أحكام صادرة عن ذات الخصوم، وعن ذات الموضوع والدفوع فيها إلى أحكام صادرة من محكمة أول درجة بشأن الوقائع منعا للتكرار والإطالة وتعتبره مكملا لأسباب حكمها وتوجزه بالقدر اللازم لربط وصال قضائها في أن المدعية قد أقامت دعواها الراهنة بموجب صحيفة موقعة من محام، أودعت قلم كتاب هذه المحكمة بتاريخ 24 يونيو 2024 وأعلنت قانوناً للمدعي عليها طلبت في ختامها الحكم بإلزامها بأداء مبلغ 100 ألف جنيه تعويضاً عن عدم تنفيذها ما قضي به الحكم الصادر في الدعوي رقم أسرة كوم أمبو مع إلزام المدعى عليها بالمصاريف ومقابل أتعاب المحاماة.
على سند من القول أن المدعي عليها كانت زوجة لنجل المدعية والتي صدر لها الحكم في دعوى قضائية أسرة كوم أمبو والقاضي منطوقه "بقبول تدخل" المدعية الراهنة "للمدع شكلاً، وفي الموضوع بتمكين المدعي والخصمة المتدخلة إنضمامياً من رؤية الصغار على أن يكون ذلك يوم الجمعة من كل أسبوع ولمدة 3 ساعات من الساعة الرابعة مساءا إلى السابعة مساءا، وذلك بمركز شباب كوم أمبو، وألزمت المدعي عليها المصاريف ومبلغ خمسة وسبعون جنيهاً مقابل أتعاب المحاماة، وحيث أعلنت المدعي عليها بالصيغة التنفيذية لذلك القضاء، إلا أنها امتنعت عن عمد تنفيذ ذلك الحكم دون مبرر مقبولاً، الأمر الذي حدا بها الإقامة دعواه الراهنة بغية القضاء لها بطلباتها سالفة البيان.
وقدمت سنداً لدعواها حافظة مستندات طويت على صورة ضوئية من الحكم الصادر الدعوي القضائية سالفة الذكر طالعتها المحكمة، وحيث تداولت الدعوى بالجلسات أمام محكمة أول درجة على النحو المبين بمحاضرها مثلت خلالها المدعية بوكيل عنه محام، وقدمت حافظة مستندات طويت على أصل الإفادة الصادرة من مركز شباب كوم أمبو بتاريخ 6 سبتمبر 2024 والتي جاءت بإفادة موجهة للمحكمة الراهنة بشأن الإستعلام عن مدي الإلتزام بتنفيذ حكم الرؤية أنف البيان جاء بنتيجتها أن السيدة "ل. ن" المدعية لم يتم تمكينها من رؤية أحفادها من جانب السيدة "ك. و" في الفترة منه 7 يوليو 2023 وحتى 27 أكتوبر 2023 ومذكرة بدفاعها طالعتهما المحكمة وألمت بهما.
الأم الحاضنة تدفع اختصاص المحكمة الجزئية نوعياً بنظر الدعوى وإنعقاد الإختصاص لمحكمة شئون الأسرة
كما مثلت المدعى عليها يشخصها وبوكيل عنه محام، وقدمت على مدار الجلسات المتعاقبة ستة حوافظ مستندات طالعتهم المحكمة ومذكرة بدفاعها دفعت في ختامها بعدم اختصاص محكمة كوم أمبو الجزئية نوعياً بنظر الدعوى وإنعقاد الإختصاص المحكمة كوم أمبو لشئون الأسرة، وبجلسة المرافعة الأخيرة مثلث المدعية بوكيلها السابق وطلب الحكم، كما مثل وكيل المدعي عليها السابق، وصمم على دفاعه السابق وطلب الحكم، فقررت المحكمة حجز الدعوى للحكم، وبجلسة 30 نوفمبر 2024 قضت محكمة أول درجة بعدم اختصاصها نوعياً بنظر الدعوى وإنعقاد الاختصاص بنظرها المحكمة كوم أمبو لشئون الأسرة، وأمرت بإحالتها بحالتها لتلك المحكمة وأبقت الفصل في المصروفات.
وإذ لم يلق هذا القضاء قبولاً لدى المستأنفة "المدعية"، فطعنت عليه بالاستئناف الماثل بموجب صحيفة استوفت أوضاعها الشكلية وشرائطها القانونية قدمت وأودعت قلم كتاب المحكمة في 5 يناير 2025 وأعلنت قانونا طلبت في ختامها أولاً: يقبول الاستئناف شكلا، ثانيا في الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف والقضاء مجددا لإحالة الدعوى المحكمة أول درجة للفصل فيها مع الزام المستأنف ضدها بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة، وذلك لأسباب حاصلها مخالفة الحكم المستأنف الصحيح القانون، وذلك على النحو المبين تفصيلاً بصحيفة الاستئناف.
حكم نهائى يُقرر: اختصاص المحاكم الابتدائية بدعاوى التعويض عن عدم تنفيذ أحكام الرؤية دون محاكم الأسرة
وفى تلك الأثناء - تداول نظر الاستئناف أمام المحكمة الراهنة بالجلسات على النحو المبين بمحاضرها مثل خلالها المستأنفة بوكيل عنها محام، وقدم حافظتي مستندات طالعتها المحكمة، وطلب الحكم والمستأنف ضدها بشخصها رفقة محام، وقدمت الأخيرة مذكرة حافظة مستندات طالعتهما المحكمة، وآلمت بهما والمحكمة قررت حجز الاستئناف للحكم.
المحكمة في حيثيات الحكم قالت عن موضوع الاستئناف والدفع المبدئ من المستأنف ضدها أمام محكمة أول درجة بعدم اختصاص المحكمة نوعياً بنظر الدعوى واختصاص محكمة الأسرة بنظرها فإنه ولما كانت المادة 232 من قانون المرافعات قد نصت على أنه: "الاستئناف ينقل الدعوى بحالتها التي كانت عليها قبل صدور الحكم المستأنف بالنسبة لما رفع عنه الاستئناف فقط"، كما نصت المادة 233 من ذات القانون على أنه: "يجب علي المحكمة أن تنظر الاستئناف على أساس ما يقدم لها من أدلة ودفوع وأوجه دفاع جديدة وما كان قد قدم من ذلك إلى محكمة الدرجة الأولي"، وحيث نصت المادة 163 من القانون المدنى على أنه: "كل خطأ سبب ضررا للغير يلزم من إرتكبه بالتعويض".
المحكمة تستند لأحكام محكمة النقض
واستندت المحكمة على عدة أحكام لمحكمة النقض أبرزها الطعن المقيد برقم 280 لسنة 49 قضائية، الصادر بجلسة 22 ديسمبر 1979، والذى جاء في حيثياته: ولما كان قضاء محكمة النقض وقد استقر على أن الاستئناف لا يعدو أن يكون مرحلة ثانية أتاحها القانون المحكوم عليه في المرحلة الأولى ليعاود الدفاع عن حقه الذي لم يرتض الحكم الصادر في شأنه، وقد أجاز للمحكوم عليه تدارك ما فاته في المرحلة الأولى من التقاضي من أسباب الدفاع عن حقه بأن يتقدم إلى محكمة الدرجة الثانية بما يتوافر له من أدلة وأوجه دفاع جديدة وأوجب على تلك المحكمة أن تنظر الاستئناف على أساس ما يقدم إليها منها فضلاً عما سبق تقديمه إلى محكمة الدرجة الأولى.
وكذلك الطعن المقيد برقم 15034 لسنة 90 قضائية، الصادر بجلسة 24 فبراير 2024، والذى جاء في حيثياته: وحيث أنه من المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن محاكم الأسرة التي أنشئت بالقانون رقم 10 لسنة 2004 تختص دون غيرها بنظر جميع مسائل الأحوال الشخصية التي ينعقد الاختصاص بها للمحاكم الجزئية والابتدائية طبقاً لأحكام قانون تنظيم بعض أوضاع وإجراءات التقاضي في مسائل الأحوال الشخصية الصادر بالقانون رقم 1 لسنة 2000، ذلك أن المشرع أراد القانون رقم 10 لسنة 2004 إدخال نظام متكامل المحكمة الأسرة في التنظيم القضائي المصري بتخصيص محكمة لنظر جميع الأحوال الشخصية للولاية على النفس والولاية على المال، غير أنه خلا من النص على اختصاص تلك المحاكم بنظر طلب التعويض عن تلك المسائل ومن ثم ينحسر الاختصاص بنظر تلك الدعاوى عن محاكم الأسرة وينعقد للمحاكم الابتدائية، لما كان ذلك وكان النزاع في الدعوى موضوع التداعي يدور حول طلب التعويض عن عدم تنفيذ حكم الرؤية - وهو الأمر الذي نظمه المشرع في المادة 163 من القانون المدني - فإن الاختصاص بنظرها ينعقد للمحكمة الابتدائية التي يراد التنفيذ في دائرتها دون محاكم الأسرة، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون معيباً بالخطأ في تطبيق القانون بما يعيبه ويوجب نقضه.
والحيثيات تؤكد: نص المادة 162 من القانون المدنى حسم النزاع
وهديا على ما تقدم - ولما كان الثابت للمحكمة من مطالعة مدونات الحكم المستأنف أنه قد شيد قضائه وأقام بنائه على سند من أن دعوى التعويض الراهنة والناتجة عن عدم تنفيذ حكم الرؤية الصادر من محكمة الأسرة تختص بنظرها المحكمة مصدرة ذلك القضاء على سند من نص الفقرة الرابعة من المادة 4 من القانون 1 لسنة 2000 والمادة 3 من القانون رقم 10 لسنة 2004، حيث أنه ولما كان ذلك وكان الثابت للمحكمة من مطالعة أوراق الدعوى ومستنداتها أن المدعية قد أقامت دعواها الراهنة بغية القضاء لها بالتعويض المطلوب على سند من أحكام المسئولية التقصيرية الواردة بالقانون المدنى والتي انتظمت بنص المادة 162 من القانون المدنى الأمر الذى يكون معه الاختصاص بنظر الدعوى الراهنة منعقداً للمحاكم المدنية دون غيرها.
وبحسب "المحكمة": ولا ينال من ذلك اختصاص محكمة شئون الأسرة بنظر المنازعات المتعلقة بمسائل رؤية الصغير، حيث إن ذلك الاختصاص ينصب على الفصل في منازعات الأحقية في رؤية الصغير وتوقيت رؤيته والفترة الزمنية لتلك الرؤية وأماكن أنعقادها دون أن يمتد ذلك الاختصاص إلى الفصل في المنازعات الناتجة عن تنفيذ الأحكام الصادرة عن تلك المحكمة من عدمه وما ينتج عنها من أخطاء أضرار تحكمه أحكام المسئولية التقصيرية الواردة بالقانون المدنى بنصوص عامة لم يقيدها نص خاص صريح الدلالة على ختصاص محكمة الأسرة بذلك النزاع، ومن ثم فلا مجال لتخصيص ما جاء بنص عام دون مخصص الأمر الذي يكون معه دفع لمستأنف ضدها أمام محكمة أول درجة على غير سندا من القانون جديراً بالرفض.
ولما كان الحكم المستأنف قد خالف ذلك المنظور وقضى بعدم اختصاص المحكمة نوعياً بنظر الدعوى واختصاصي محكمة الأسرة بنظرها الأمر الذي يكون معه الحكم المستأنف قد جانبه الصواب فيما قضى به جديراً بالألغاء، ومن ثم تقضى المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف والقضاء مجدداً بإعادة الدعوى لمحكمة أول درجة للفصل في موضوعها وذلك على نحو ما سيرد بالمنطوق، وحيث أنه عن مصاريف الاستئناف شاملة أتعاب المحاماة فالمحكمة ترجأ البت فيهما لحين صدور حكم منه للخصومة.
فلهذه الأسباب: حكمت المحكمة:-
أولاً: بقبول الاستئناف شكلاً.
ثانياً: - وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف والقضاء مجدداً بإعادة الدعوى لمحكمة أول درجة للفصل في موضوعها، وحددت جلسة لنظرها واعتبرت النطق بالحكم إعلاناً للخصوم الحاضرين بالمنطوق والجلسة وكلفت قلم الكتاب ‘علان الغائب منهم وأبقت الفصل.
المحامى محمد الشرقاوى - مقيم الاستئناف