وفي مقدمة صور التكنولوجيا تقوم العديد من الشركات والمؤسسات والأسواق التجارية والمطاعم ودور السينما في الوقت الحاضر بوضع كاميرات مراقبة كوسيلة أمنية لللإطمئنان على سير العمل ومراقبة الموظفين في القيام بمهام عملهم هذا من جانب ومن جانب أخر فان استخدام هذه الكاميرات أصبح أداة للرقابة فقد آثار شكوى الموظفين في انتهاك خصوصيتهم بسبب وجود تلك الكاميرات، فكاميرات المراقبة لم تعد وظيفتها امنية فقد تحولت الى أداة للرقابة على اداء الموظفين، فالبعض يعتبرها اعتداء على الخصوصية واساءة الى كرامة الموظفين والبعض الآخرينظر الى أنها ضرورة فرضتها حاجة العمل والرغبة في قياس جودة الاداء وللتأكد من عدم انشغال الموظفين بغير العمل.
خطورة كاميرات المراقبة بعد أن أصبحت بين أداة للأمان وأنتهاك للخصوصية، فقد تطورت تقنيات التكنولوجية الحديثة في السنوات القليلة المنصرمة في ظل التقدم التقني والرقمي الكبير الذي حدث على شتى مناحي الحياة العملية والعلمية، وزاد الاهتمام بمجال التصوير والكاميرات بشكل كبير بسبب الحاجة الملحة لها في مختلف الاعمال الترويجية والاعلانية ونقل الاخبار المصورة المرئية وغيرها من المجالات.
كاميرات المطاعم والكافيهات بين تعزيز الثقة وانتهاك الخصوصية
في التقرير التالى، يلقى "برلماني" الضوء على إشكالية كاميرات المطاعم بين تعزيز الثقة وانتهاك الخصوصية، خاصة وأن كاميرات المراقب صارت لها جانب مهم جداً في الحماية الأمنية ومدى حاجة مختلف المؤسسات والمراكز والأنظمة الأمنية لها، فهي بمثابة العين الساهرة على تصوير ومراقبة كل شيء يحدث في أماكن العمل والمناطق المختلفة للمراكز والمؤسسات من الداخل والخارج، لذلك زاد الاهتمام بهذا الجانب التقني بشكل كبير وتم تطوير أنظمة مراقبة بشكل مستمر من أجل مواكبة المتطلبات والحاجات الأمنية لمختلف المؤسسات والأنظمة في كافة المجتمعات في مختلف أنحاء العالم - بحسب أستاذ القانون الجنائى والخبير القانوني الدولى محمد أسعد العزاوي.
في البداية - أقر قانون المحال العامة المصرى ضرورة تركيب كاميرات مراقبة في مختلف الأنشطة التجارية، من محلات ومطاعم ومقاهي وورش وخلافه، ومن الاشتراطات التي أقرها قانون المحال التجارية بشأن تركيب كاميرات مراقبة ما يلي: "1-التركيز على مداخل ومخارج المحال التجارية، 2-التركيز على أماكن التعامل مع الجمهور، 3-جميع أماكن التعاملات المالية (الخزينة – الكاشير)، 4-واجهة المحال التجارية – وفقا لـ"العزاوى".
وتُلزم الأجهزة المعنية أصحاب المطاعم والمقاهي بتركيب كاميرات مراقبة في المطابخ والمخازن، تعرض بثاً مباشراً لصالات الزبائن، وذلك خلال مدة أقصاها 15 يومًا، وهذه الخطوة، التي تهدف إلى تعزيز ثقة المستهلكين وضمان معايير النظافة والجودة، والتي عادة ما تُثير نقاشًا واسعًا بين مؤيد يرى فيها وسيلة شفافة لطمأنة الزبائن، ومعارض يعتبرها انتهاكًا لخصوصية العاملين وربما حتى للزبائن أنفسهم، وسنتحدث هنا عن ثلاثة مطالب نتناول في المطلب الأول، بين مبررات القرار وتداعياته، بينما سنتحدث في المطلب الثاني عن الأساس القانوني لإلزام المطاعم والمقاهي بتركيب كاميرات المراقبة في العراق بينما سنتكلم أخيرًا في المطلب الثالث عن التوازن بين الشفافية والخصوصية – الكلام لـ"العزاوى".
المطلب الأول: بين مبررات القانون والقرارات وتداعياتها
تبرر السلطات المحلية هذا القرار بضرورة رفع مستوى الرقابة على المطاعم والمقاهي، خاصة مع تزايد الشكاوى حول مستوى النظافة وسلامة الأغذية، ويُعتقد أن وجود بث مباشر يتيح للزبائن رؤية ما يجري خلف الكواليس قد يكون رادعًا لأي تجاوزات، ما يعزز من جودة الخدمات المقدمة، وفي المقابل، يطرح المعارضون تساؤلات جدية حول مدى قانونية هذا الإجراء وأثره على خصوصية العاملين، فهل يحق لأصحاب المطاعم، بموجب القانون، فرض رقابة مباشرة على العاملين بهذه الطريقة؟ وهل يمثل هذا الإجراء سابقة قد تُستغل لاحقًا في بيئات عمل أخرى؟ - طبقا لأستاذ القانون الجنائى الدولى.
المطلب الثاني: الأساس القانوني لإلزام المطاعم والمقاهي بتركيب كاميرات المراقبة
حددت المادة (23) من القانون رقم 151 لسنة 2019 الخاص بالمحال العامة المصرى، تفاصيل تقنين تركيب كاميرات المراقبة، والتى لا يختلف حول أهميتها أحد، حيث تنص المادة 23 من القانون رقم 151 لسنة 2019 الخاص بالمحال العامة:
1-تلتزم المحال العامة بتركيب كاميرات مراقبة داخلية وخارجية وفقًا للاشتراطات التي يصدر بها قرار من اللجنة.
2-تحدد اللجنة الأنشطة والاشتراطات الواجب توافرها لتركيب الكاميرات المشار إليها بالفقرة السابقة، والأماكن والأنشطة التي يُحظر فيها تركيب هذه الكاميرات.
3-ويهدف القانون للقضاء على ظاهرة المحال غير المرخصة، من خلال حزمة من الإجراءات الميسرة والتسهيلات والإجراءات المبسطة لحل هذا الملف وتقنين الأوضاع بصورة سلسلة، وفيما يلي نستعرض النص الخاص بإلزام المحال العامة بتركيب كاميرات مراقبة وكيفية التركيب والاشتراطات والمحظورات وفقا للتشريع.
يذكر أن المحل العام، يشمل كل منشأة تستخدم لمباشرة أى عمل من الأعمال التجارية أو الحرفية أو لتقديم الخدمات أو التسلية أو الترفيه أو الاحتفالات للمواطنين بجميع الوسائل بقصد تحقيق ربح، وسواء كانت منشأة من البناء أو الخشب أو الألواح المعدنية أو الخيام أو أى مادة بناء أخرى، أو كانت فى أرض فضاء أو فى العائمات أو فى أى وسيلة من وسائل النقل النهرى أو البحري، وذلك عدا المنشآت السياحية والفندقية والصناعية، وبالتالى يشمل المقاهى والكافيهات والمطاعم والأكشاك والمعارض والملاهى، وغيرها.
الأساس القانوني لإلزام المطاعم والمقاهي بتركيب كاميرات المراقبة العراقى
يستند قرار إلزام أصحاب المطاعم والمقاهي بتركيب كاميرات المراقبة إلى قرار مجلس الوزراء العراقي رقم 434 لسنة 2019. هذا القرار يُلزم مجموعة من المنشآت، بما في ذلك المطاعم والمقاهي، بتركيب كاميرات تصوير مع أجهزة تسجيل فيديوية، ويحدد أماكن تثبيتها ومواصفاتها الفنية ومدة تسجيلها بموجب ضوابط تصدر عن وزارة الداخلية.
بموجب قرار مجلس الوزراء العراقي (434 لسنة 2019)، فإن المطاعم أصبحت ملزمة بتركيب كاميرات تصوير وأجهزة تسجيل فيديوية، ولكن الهدف الأساسي من هذا القرار هو تعزيز الأمن والمراقبة العامة وليس بالضرورة مراقبة كيفية تحضير الطعام داخل المطبخ، فعادةً، ما تُركز هذه الضوابط على تغطية المداخل والمخارج والأماكن العامة داخل المطعم لضمان الأمن، وليس على المطبخ أو أماكن التحضير الداخلية، إلا إذا اشترطت الجهات الرقابية ذلك لغايات أخرى مثل السلامة الصحية – هكذا يقول "العزاوى".
المطلب الثالث: التوازن بين الشفافية والخصوصية
من الناحية الأخلاقية والقانونية، يجب أن يكون هناك توازن بين تعزيز الشفافية وضمان حقوق الأفراد في الخصوصية، ربما يكون الحل الأمثل هو تفعيل الرقابة الصحية المستمرة من قبل الجهات المختصة، بدلًا من فرض بث مباشر قد يحمل في طياته أبعادًا أخرى غير تلك المعلنة، كما أن هناك بدائل تقنية يمكن أن تحقق نفس الغرض دون المساس بخصوصية العاملين، مثل تركيب كاميرات مراقبة تخضع لإشراف الجهات الرقابية بدلاً من عرضها للزبائن، كذلك، يمكن تحسين معايير النظافة من خلال دورات تدريبية وإجراءات تفتيش دورية ومفاجئة بدلًا من الاكتفاء بالمراقبة المرئية، وتفعيل التقييم من قبل الزبائن، ناهيك عن توضيح الإطار القانوني لاستخدام الكاميرات، وتحسين الشفافية بوسائل غير تقنية.
خلاصة القول:
وفى الأخير يقول "العزاوى": بينما يهدف القرارات والقوانين إلى تعزيز ثقة الزبائن، فإنه يفتح الباب أمام نقاش أوسع حول مفهوم الشفافية وحدودها، وحقوق العاملين في بيئة عمل خالية من الرقابة المفرطة، إن معالجة مشكلات قطاع المطاعم لا ينبغي أن تقتصر على الرقابة المباشرة، بل تتطلب إصلاحات شاملة تشمل التوعية، والتشريعات، والمساءلة الفعالة.
أستاذ القانون الجنائى والخبير القانوني الدولى محمد أسعد العزاوي