وجه النائب مصطفى سالم، ممثل حزب مستقبل وطن، ووكيل لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب، الشكر للرئيس عبدالفتاح السيسى على منحه البدء للحوار الوطنى الذى كنا بحاجة إليه لتحديد الكثير من الأمور وسماع كافة الآراء السياسية والاقتصادية وإتاحة الفرصة لكل اطياف المجتمع للمشاركة الفعالة فى حوار يمثل الوطن والمواطنة.
وأضاف سالم، خلال كلمته بالجلسة الأولى للجنة الدين العام وعجز الموازنة والإصلاح المالى والتى تناقش "شمولية الموازنة وترشيد الإنفاق وتعزيز الإيرادات"، أنه بطيبعة الحال لا صوت يعلو على صوت الاقتصاد فى هذه المرحلة الهامة ليس فى مصر فقط بل فى العالم كله حيث تسببت عدة أزمات متلاحقة بدأت بأزمة كورونا ثم الحرب الروسية الأوكرانية فى وجود ظروف استثنائية، وهو الأمر الذى يتطلب أن يكون لدينا أفكار وقرارات استثنائية وغير تقليدية.
وأوضح سالم، أن السياسة المالية والتى تمثل عمود الخيمة فى المشهد الاقتصادي، والحقيقية أن الحكومة وقفت بشكل متوازن فى وجه الأزمات التى جاءت متلاحقة، و التى أثرت فى أسعارالطاقة والنقل وسلاسل الشحن و السلع الغذائية الأساسية وأدت الى ارتفاعها بشكل مبالغ فيه، وكذلك ترتب عليها رفع الفائدة غير المسبوق على الدولار من قبل البنك الفيدرالى الأمريكى ليصل إلى ٥٪ ليمتص كافة الإستثمارات الدولارية من الدول الناشئة مثل مصر و كذلك التأثير المباشر و الغير مباشر للحرب الروسية الأوكرانية وانسحاب عشرات المليارات الدولارية من الاستثمارات الأجنبية فى مصر وتراجع برامج الدعم المباشر والاستثمار العربى فى مصر .
وتابع: "أن الحكومة واجهت تلك الأزمات بشجاعة وعلينا أن نقدر موقفها ولكن هناك العديد من الحلول التى تجعل هذا المشهد المضطرب نسبيا أكثر استقرارا، منها ما طرحه الرئيس عن سعر الصرف معتبرا أنه أمن قومى وبالتالى لن يتم المساس به ثانية حتى تستقر الأوضاع، ودعونا نتفق أن أزمة مصر الحالية هى أزمة دولار بالدرجة الأولى وحتى تنفرج هذه الأزمة يجب أن يتم تنشيط مصادر الدخل بالدولار مثل السياحة والصناعة والتصدير، أيضا لابد من مساندة القطاع الخاص الذى يمثل ٨٠٪ من الناتج المحلى الإجمالي".
واستكمل: "عندما نتحدث عن مشاكلنا الاقتصادية نظن أننا وحدنا الذين تشغلنا هذه المشاكل وفى الحقيقة هذا الظن خاطئ إذ يتابع الشارع المصرى بكل فئاته الأحداث الاقتصادية وينتظر رد الفعل عنها لأنها تؤثر عليه بشكل مباشر، لذا فإن مشاكلنا الاقتصادية المعروفة للجميع تتمثل في" ارتفاع عجز الموازنة العامة للدولة ليصل إلى ٨٢٤ مليار جنيه بموزنة 23/24وهو عجز ضخم نتج عن زيادة المصروفات الإضافية الناجمة عن حزمة الإجراءات الإجتماعية الأخيرة، وارتفاع أسعار الفائدة على أوراق الدين الحكومية وزيادة الإستثمارات وغيرها من الموضوعات التى تضع قيودا على صنع الموازنة العامة".
واستطرد :" تراجع سعر صرف الجنيه مما أدى إلى مزيد من التكلفة فى الاستيراد للسلع الأساسية، وزيادة التضخم بشكل كبير ليتجاوز ٤٠٪ وبالتالى انخفاض القوة الشرائية للمواطن المصري، وتراجع الاستثمارات الأجنبية نتيجة عدم استقرار سعر الصرف".
وأوضح أن هذه النقاط السريعة تمثل أزمة حقيقة فى جسد الاقتصاد وعلينا إذا ما أردنا الحل أن تكون لدينا رؤية واضحة محددة المعالم للوصول إلى مفاتيح الخروج من الأزمة، لافتا إلى أن الديون تظل مشكلة كبيرة وخاصة بعد أن تم رفع سعر الفائدة الأمريكية أكثر من مرة وهو مازاد من تكلفة الديون الخارجية، حيث سجل الدين الخارجى للدولة كما سبق ذكرة حوالى 2.5 ترليون جنية وذلك دين الموازنة العامة للدولة بعيدا عن دين البنوك ودين البنك المركزى وديون الهيئات العامة الاقتصادية وديون شركات القطاع العام وقطاع الاعمال العام وهذه لا تسدد اعباءها الخزانة العامة للدولة ولكن يسددونها من موارده .
وطالب سالم، الحكومة أن تتحرك على مستويين، الأول على المدى القصير ويتضمن إجراءات عاجلة أهمها التقشف وخفض الإنفاق الحكومي، وهو ما بدأته الحكومة بالفعل على المدى القصير، حيث أصدرت الحكومة قرارا بالبدء فى ترشيد الإنفاق أو ما يعرف بإجراءات التقشف فترة وتضمن تأجيل تنفيذ أى مشروعات جديدة "لها مكون دولارى واضح"، وحظر السفر لأى مسؤول حكومى إلا فى حالات الضرورة القصوى، والاستغناء عن المستشارين فى الهيئات الحكومية، وغيرها من الإجراءات التى تستهدف خفض الإنفاق، وهذا لا يكفى إذ ينبغى أن تتخذ الحكومة حزمة من القرارات تستهدف تحفيز الاستثمار التى يتوقع أن تستغرق وقتا حتى تتحقق أهدافه، وتوفير فرص تمويلية فى ظل سياسات التشديد النقدى المطبقة حاليا، ومنع الدولرة، ومراقبة الأسواق.
وأشار سالم إلى، أن هناك نقطة أخرى علينا أن نعرضها ونحن نتحدث عن السياسات المالية وهى شمولية الموازنة فإذا كان الحديث عن الموازنة العامة دائما ما يأخذنا الى المصروفات والإيرادات والعجز الكلى فإن هناك شق آخر لابد أن نتطرق إليه وهو شمولية الموازنة حيث تعتبر الصناديق والحسابات الخاصة من أهم مصادر الإيرادات فرغم أن نشأتها كانت فى خمسينيات القرن الماضى بإنشاء صندوق دعم الغزل والنسيج وبعد عام 1967 فإن التنظيم القانونى لها قد جاء أساسا وفقا لقانون الموازنة العامة للدولة والذى سمح بإنشاء مثل هذه الكيانات، وهى صناديق أنشئت لتحقيق أغراض معينة ولها كيانات إدارية مستقلة، وتمول نفسها ذاتيا من خلال الموارد التى تحددها قرارات إنشائها أو لوائحها الخاصة بها.
وتابع :" ثم جاء التوسع الأكبر الذى تم بموجب قوانين مثل قانون الإدارة المحلية وقانون تنظيم الجامعات وقانون التعليم والبعض الآخر بموجب قرارات جمهورية أو وزارية أو قرارات من المحافظين وتطور الأمر من نحو 5564 صندوقا عام 2002 ووصل إلى 6451 فى نهاية يونيو.2021، والحسابات والصناديق الخاصة إما أنها حسابات وصناديق مستقلة بذاتها، أى انها تمثل فى حد ذاتها كيانا إداريا يدخل فى الموازنة العامة للدولة بمسماه، مثل صندوق التنمية الثقافية، وصندوق السجل العينى، وصندوق دعم وتمويل المشروعات التعليمية، وصندوق أبنية دور المحاكم، والشهر العقارى، وصندوق دعم وتطوير خدمات الطيران وغيرها.أو انها تتبع الوحدات الإدارية التى أنشئت بداخلها سواء فى الجهاز الإدارى أو المحافظات أو الهيئات الخدمية والإقتصادية، من أمثلة ذلك حساب الخدمات والتنمية المحلية بالمحافظات، وحساب الإسكان الإقتصادى بالمحافظات وحساب استصلاح الأراضى، وكذلك الحسابات الخاصة التى تمول من الرسوم والأنشطة بالمدارس وصناديق تحسين الخدمة وغيرها".
وبشأن زيادة إيرادات الدولة، دون إضافة أى أعباء جديدة على المواطن للقضاء على عجز الموازنة و إرتفاع الدين العام، اقترح سالم ثلاثة محاور وهم :" إعادة صياغة و هيكلة الإدارة المالية للأفراد و المجتمع بما يعظم من كفاءة الإدارة المالية للدولة و كنت قد طرحت هذا الموضوع فى البرلمان عند مناقشة تعديلات قانون مكافحة غسيل الأموال و تمويل الإرهاب و أعيد طرحه لخطورته و أهميته، والمحور الثانى تحويل المبادرات الرئاسية الإقتصادية و الإجتماعية إلى خطط متكاملة العناصر و الموارد و الأهداف يسهل إدارة حوار مجتمعى حولها و مراقبة تنفيذها و برامجها الزمنية، والمحور الثالث، يشمل التنمية البشرية و علاقتها بإيرادات الدولة من العملات الحرة و زيادة الدخل القومي.
واقترح سالم، عدة توصيات يمكن أن تسهم فى تحسين الوضع الاقتصادى للبلاد ومواجهة التحديات، وهم "يجب إستنفار كل قدرات البلاد و مقدراتها لزيادة تصدير كل ما يمكن تصديره و خاصة المنتجات ذات القيمة المضافة المرتفعة و تشجيع كل منتج له أسواق خارجية على التوسع و زيادة التصدير، والبدء فوراً فى ما سبقتنا إليه دول المنطقة من تسجيل ثروتنا العقارية القابلة للتصدير على تطبيق إلكترونى يحمل قاعدة بيانات واضحة يسهل من خلالها شراء العقار و تسجيله و سداد ثمنه فى زمن قياسى و بضمان كامل من الدولة للمشتري.
وتضمنت: "الإسراع فى برامج طرح أسهم الشركات و الأصول المملوكة للدولة بشكل إحترافى و ذلك لمئات الشركات و ليس فقط لثلاثين منها و بما يدر عوائد ضخمة يتم إعادة تدويرها فى بناء مزيد من المشاريع بغرض إعادة البيع مرة أخرى و هكذا بما يكفل سرعة إنجاز المشاريع فى إطار خطة إستراتيجية لما تحتاجه مصر من مشاريع قد يتردد القطاع الخاص فى إتخاذ الخطوة الأولى فى إنشائها و الإستثمار فيها، وحسن إدارة الثروة البشرية و تعظيم الإستفادة من مخرجاتهم بتأهيل من يصلح منهم للتصدير بالعمل فى الخارج سواءاً بالسفر أو بالتوسع فى خدمات التعهيد و ذلك لتعظيم تحويلات المصريين بالخارج و ليكن هدفاً لنا الوصول إلى ١٠٠ مليار دولار إيرادات من تحويلات المصريين و إعطاء حوافز للشرائح الأكثر تحويلاً للنقد الأجنبى منهم.
وتابع: "استحداث آليات مميكنة لزيادة كفاءة التحصيل الضريبى و منع التهرب و ضم كافة عناصر الإقتصاد الموازى و فعالية تطبيق الضريبة العقارية بإستخدام قواعد بيانات شركات المرافق و ربطها بالرقم القومى و إلزام كافة الشركات و الكيانات الإقتصادية بالإفصاح عن حساباتها البنكية لمطابقتها بالإقرارات الضريبية"، وإحداث نهضة سياحية شاملة بسرعة إفتتاح المتحف الكبير و إستكمال شبكات المواصلات العامة الحضارية و تحفيز إنشاء الفنادق و الغرف السياحية و فتح المجال للإستثمار فى شركات الطيران الإقتصادى و فتح كافة المطارات لها و ذلك لمضاعفة الدخل السياحى من العملات الأجنبية والتركيز على السياسات الاقتصادية التى تكفل تحقيق استقرار المستوى العام للأسعار، بما يضمن الحفاظ على الدخول الحقيقية للمواطنين، مع العمل على تفعيل الدور الإدارى للدولة فى مراقبة الأسعار والتحكم فى معدلات التضخم مع التركيز على دور كل من جهاز حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية وجهاز حماية المستهلك لتحقيق النتائج المرجوة من إنشائهما".
واختتم: "التوسع فى تمكين القطاع الخاص المحلى والأجنبى فى تنفيذ المشروعات الاستثمارية للدولة بالمشاركة باعتبار أن القطاع الخاص المحلى شريكا أصيلا فى تعزيز التنمية الشاملة المستدامة، والعمل على زيادة الاستثمارات العربية والأجنبية المباشرة إلى مصر وتشجيعها التوجه نحو الاستثمار فى القطاعات الإنتاجية سواء الزراعية أو الصناعية، بهدف توسيع قاعدة الإنتاج للعمل على زيادة الصادرات السلعية غير البترولية والحد من الواردات، فضلا عن دراسة الوسائل التى تكفل إيجاد فرص استثمارية لاستيعاب رءوس الأموال المصرية بدلاً من اتجاهها للاستثمار فى الخارج والعمل على تقويم السياسات التى يتم تطبيقها لعلاج الخلل الهيكلى المتزايد والمستمر فى الميزان التجاري، والمتمثل فى العجز السنوى الذى يسفر عنه المعاملات السلعية، وهو ما يعنى وضع سياسة تصديرية واقعية تنهض بالصادرات السلعية المصرية باعتبارها المحرك الأساسى لعملية التنمية وأساسا لمعالجة الخلل فى الميزان التجارى عن طريق حصر المعوقات التى تعوق تحول الإنتاج الزراعى والصناعى فى مصر من سياسة تصدير الفائض إلى سياسة الإنتاج للتصدير والعمل على تلاقيها".