كتبت إيمان علي
أكدت دراسة للمركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية أن القاهرة استضافت النسخة الثانية من مؤتمر دعم وتعزيز “الاستجابة الإنسانية لقطاع غزة” الدولي، وذلك تحت عنوان “عام على الكارثة الإنسانية في غزة: احتياجات عاجلة وحلول مستدامة”، بمشاركة مجموعة من وزراء وممثلي عدد من الدول الإقليمية والدولية ومنظمات دولية وهيئات الأمم المتحدة المعنية.
ويأتي المؤتمر في وقت بالغ الأهمية، حيث تدخل الحرب شهرها الثاني من عامها الثاني في ظل استمرار العمليات العسكرية التي أدت إلى تدهور الوضع الإنساني إلى أدنى مستوى، حيث أصبح وصول المساعدات الإنسانية محصورًا بيد إسرائيل، التي تتحكم في دخولها، مما يجعلها غير كافية لتلبية احتياجات المتضررين في قطاع غزة، وبالتالي يبرز أهمية الدور المصري في الوقت الحالي في الدعوة لهذا المؤتمر الدولي من أجل الاتفاق على آلية دولية لإنفاذ المساعدات بضغط دولي على إسرائيل.
وفي ذلك الإطار تسعى الورقة إلى تسليط الضوء على دلالات عقد المؤتمر الدولي من حيث التوقيت والقضايا التي سيناقشها وأيضًا أهميته السياسية والإنسانية.
ويعكس انعقاد المؤتمر الوزاري في مصر حرصها المستمر على تحمل مسؤولياتها تجاه القضايا العربية، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية التي تضطلع بدور تاريخي في دعمها، ويؤكد أولوياتها في التخفيف من حدة الأزمة الإنسانية في غزة، كما يمكن القول بأنه من خلال استضافة النسخة الثانية من هذا المؤتمر، تبرز دلالات متعددة تعكس الدور المحوري الذي تلعبه مصر في دعم حقوق الشعب الفلسطيني، والتي يمكن تناولها على النحو التالي:
أولًا: التحرك المصري في توقيت بالغ الأهمية: يأتي انعقاد المؤتمر في القاهرة في توقيت بالغ الحساسية، إذ يشهد قطاع غزة تدهورًا حادًا في الوضع الإنساني، حيث أكدت تقارير الأمم المتحدة وبرنامج الأغذية العالمي أن الأعمال العدائية المستمرة تُعرِّض المدنيين في غزة لخطر جسيم، مع تفاقم أزمة الجوع وارتفاع أسعار المواد الغذائية بشكل غير مسبوق، فضلًا عن نقص حاد في المأوى لآلاف النازحين، والتي تتزامن هذه الأوضاع مع بداية فصل الشتاء، مما يزيد من معاناة السكان المدنيين، بالإضافة إلى تحكم إسرائيل في وصول المساعدات كمًّا وكيفًا.
ثانيًا: جهود سياسية مصرية متجددة لحلحلة جمود المفاوضات: يأتي المؤتمر بالتزامن مع التحركات السياسية المصرية الأخيرة المتمثلة في استضافة قيادات الحركات الفلسطينية من حماس وفتح خلال الأيام الماضية، بهدف بحث آليات “إدارة قطاع غزة في اليوم التالي” للحرب.
ثالثًا: استمرار الدور المصري الإغاثي لقطاع غزة: يأتي هذا المؤتمر كانعكاس لالتزام مصر بدورها الإغاثي البارز في قطاع غزة كأحد أبرز الجهود الإقليمية الإنسانية، حيث تُعد مصر أكبر المساهمين في تقديم الدعم الإنساني للقطاع منذ بداية العدوان الإسرائيلي، فقد وفرت مصر أكثر من 87% من المساعدات التي وصلت إلى غزة، بما في ذلك 72% من حجم المساعدات البرية التي قدمتها 50 دولة مجتمعة على مدار عشرة أشهر، حتى فرضت إسرائيل السيطرة على معبر رفح من الجانب الفلسطيني في مايو 2024، ما أعاق دخول المزيد من المساعدات.