قال الدكتور شوقي علام، مفتي الجمهورية، رئيس الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم، إن رحلة الإسراء والمعراج لم تكن فقط معجزة، بل كانت أيضا تعزية للنبي صلى الله عليه وسلم فقد وقعت بعد وفاة السيدة خديجة ووفاة عمه أبي طالب، وكلاهما كان نصيرا للنبي.
وأضاف خلال لقائه مع الإعلامي حمدي رزق، ببرنامج نظرة، المذاع على قناة صدى البلد، أن رحلة الإسراء والمعراج، كانت خلال تلك الأيام الشديدة التي حلت برسول الله صلى الله عليه وسلم تكريما وتشريفا وتسرية عن قلبه، فكأن الله سبحانه وتعالى يقول لنبيه صلى الله عليه وسلم: يا محمد، لئن ضاقت عليك الأرض فلن تضيق عليك السماء، وفي هذا بُشرى عظيمة لكل إنسان بأن بعد العسر يسرا وأن الفرج يعقب الضيق والكرب.
وتابع المفتي أن المعراج ثابت قطعا كالإسراء؛ ويدل عليه قوله تعالى: ﴿وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى (13) عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى (14) عِنْدَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَى (15) إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَى (16) مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى (17) لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى﴾ [النجم: 13 - 18]. والمقصود بالرؤية في الآية الكريمة: رؤية سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم لجبريل في المعراج، فضلا عن أن سدرة المنتهى في السماء وليست في الأرض.
وأشار المفتي إلى أن الإسلام دين علمي يشتمل على قواعد الفهم وأسس الاستنباط ومناهج التطبيق، كما أنه يتَّسق مع المفاهيم العقلية؛ لأن العقل من خلق الله تعالى، فهو يؤمن بكل وسائل العلم المختلفة ما دام أنها توصل إلى اليقين، فإذا حصل اليقين فهو مقدم على النتائج الظنية، ولكنه في نفس الأمر لا يقصر العلم على التجريبيات فقط، بل يتعداها إلى كل ما من شأنه أن يؤدِّي إلى نتيجة صحيحة حتَّى لو لم تكن حسية، ويعتقد المسلمون أن الإيمان بالغيب لا يخالف العقل؛ لأنه جاء بما يفوق العقل، ولم يأت بما يستحيل في العقل.
ولفت فضيلة مفتي الجمهورية النظر إلى أن المؤمنين بالقرآن وصحيح السنة يؤمنون ويصدقون كل ما جاء بهما من قصص وأحداث حدثت مع الأنبياء، فضلا عن الإيمان بالغيب، وهي من صفات المتقين التي جاءت في القرآن الكريم؛ وذلك في قوله تعالى: ﴿هُدًى لِلْمُتَّقِينَ ۞ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ﴾ [البقرة: 2-3].
واختتم حواره برده على ظن البعض أن دار الإفتاء ترد على شخص معين أنكر الإيمان بالمعراج عند إصدارها بيانا إعلاميا بخصوص ذلك قائلا: نحن نصدر أغلب البيانات والفتاوى ردا على تساؤلات الناس وفقا لما يثار مجتمعيا، وعند الرد لا نقصد شخصا بعينه، ولكن نرد على المسألة المثارة لتصحيحها، كما أن من الأفضل ألا تطرح مناقشة الغيبيات أو المسائل الخلافية الكبرى التي قد لا تهم كثيرا من الناس على الملأ، فمكانها الجلسات العلمية كما يتدارس ذلك طلاب العلم والعلماء على مر العصور، كما أن الحكم بتكفير أي إنسان لا يكون إلا عن طريق القضاء، ولا يتم إلا بعد التحقق الدقيق من الأمر، ولا يجوز لأحد من الأفراد أن يكفر أحدا.