أصدر مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء، تقريراً جديداً تناول خلاله موضوع الحماية الاجتماعية على المستويين العالمى والمحلى فى ضوء الأزمات العالمية، أشار خلاله إلى سعى دول العالم جاهدةً لتوفير أنظمة حماية، وأُطر تشريعية واضحة للحماية الاجتماعية بغرض حماية مواطنيها ومساعدتهم على مواجهة الأزمات والصدمات.
وأوضح المركز أنه على الرغم من التوسع غير المسبوق فى الحماية الاجتماعية بجميع أنحاء العالم، خاصة أثناء أزمة كوفيد-19، فإنه ما يزال هناك أكثر من أربعة مليارات شخص دون حماية على الإطلاق، كما أن هناك اختلافاتٍ صارخةً بين الدول فى تطبيق الحماية الاجتماعية، وفى إطار ذلك؛ تطرق التقرير إلى تعريف الحماية الاجتماعية وهدفها، والوضع الحالى للحماية الاجتماعية عالميًّا، بالإضافة إلى التطرق إلى وضع الحماية الاجتماعية فى مصر، والتعرف على أهم السياسات التى اتخذتها الحكومة المصرية لتعزيز تدابير الحماية الاجتماعية، مع استعراض لتجارب بعض الدول وأنظمة الحماية الاجتماعية التى يتم تطبيقها فيها.
أشار التقرير إلى أن مفهوم الحماية الاجتماعية اختلف فى العديد من المنظمات الدولية، فعلى حين عرفته منظمة الإسكوا بأنه "نظم الضمان الاجتماعى الحكومى، بالإضافة إلى النظم الخاصة أو غير الرسمية التى من شأنها تحقيق الأهداف ذاتها، مثل جمعيات التأمين التعاضدية وأنظمة التقاعد المهنى، عرفته منظمة العمل الدولية الحماية الاجتماعية بأنها "برامج تُقدَّم بهدف تقديم إعانات أو مزايا، سواء كانت نقدية أو عينية، للتأمين من عدم كفاية الدخل المرتبط بالعمل الناتج عن المرض والعجز والأمومة وإصابات العمل والبطالة والشيخوخة أو وفاة أحد أفراد الأسرة؛ وكذلك الافتقار إلى الحصول على الرعاية الصحية أو عدم تحمل تكلفتها؛ فضلاً عن عدم كفاية الدعم الأسرى، ولا سيما للأطفال والكبار المعالين؛ وأخيراً الفقر العام والاستبعاد الاجتماعي".
وعلى الرغم من أن نسبة الأفراد الذين يتمتعون بإعانة واحدة على الأقل من الحماية الاجتماعية بلغت نحو 46.9%على مستوى العالم فى 2020. فإن هناك اختلافاتٍ صارخةً بين الدول، حيث بلغت هذه النسبة فى أوروبا وآسيا الوسطى نحو 83.9%، والأمريكيتين نحو 64.3%، وآسيا والمحيط الهادئ نحو40%، وأفريقيا نحو 17.4%. كما بلغت نسبة الأمهات اللاتى لديهن رضع ويتمتعن بالحماية الاجتماعية عالميًّا ما يقرب من 45%، فى المقابل نجد انخفاض نسبة الحماية الاجتماعية للأفراد العاطلين عن العمل، حيث بلغت هذه النسبة نحو 18.6% على المستوى العالمى، كما أن 77.5% من كبار السن على مستوى العالم مشمولون بالحماية الاجتماعية.
أشار التقرير إلى ما شهدته أنظمة الحماية الاجتماعية من تطور ملحوظ خلال القرن الماضى، حيث أصبحت لدى معظم الدول فى الوقت الراهن أنظمة حماية مطبقة، وأُطر تشريعية واضحة للحماية الاجتماعية. وعلى الرغم من التقدم الذى تم إحرازه فى العديد من مجالات الحماية الاجتماعية، فإنه لا تزال هناك فجوات كبيرة بين الدول، خاصة فى إفريقيا وآسيا.
وعن الإنفاق الحكومى على الحماية الاجتماعية، فنجد أنه يتفاوت تفاوتًا كبيرًا. ففى المتوسط، تنفق الدول نحو 12.9% من الناتج المحلى الإجمالى على الحماية الاجتماعية (باستثناء الصحة)، غير أن الدول مرتفعة الدخل تنفق نحو 16.4%، مقارنة بنحو 1.1% تنفقها الدول منخفضة الدخل على الحماية الاجتماعية كنسبة من الناتج المحلى الإجمالى،
كما أن الفجوة التمويلية (الإنفاق المطلوب لتوفير الحد الأدنى من الحماية الاجتماعية للجميع) قد ارتفعت بنحو 30% منذ بداية أزمة كوفيد-19. ولضمان تغطية الحماية الاجتماعية الأساسية على الأقل، يتطلب من الدول منخفضة الدخل إنفاق مبلغ إضافى قدره 77.9 مليار دولار سنويًّا. ويرتفع هذا المبلغ إلى 362.9 مليار دولار فى الدول ذات الدخل المتوسط الأدنى، وإلى 750.8 مليار دولار فى الدول ذات الدخل المتوسط الأعلى. وهو ما يعادل نحو 15.9%، و5.1%، و3.1% من الناتج المحلى الإجمالى على التوالى،
وعلى الرغم من الضغوط الهائلة التى تقع على الدول للانتقال إلى السياسات التقشفية، وذلك بعد فترة من الإنفاق العام الهائل لمواجهة أزمة كوفيد-19، فإنه ينبغى الأخذ فى الاعتبار أن تخفيض إنفاق الحماية الاجتماعية غير مفيد على الإطلاق. لذا فمن الأهمية بمكان الاستثمار، حيث إن الحماية الاجتماعية أداة مهمة تفيد جميع الدول وتؤتى بثمارها أيًّا كان مستوى تنميتها. فمن خلال الحماية الاجتماعية يمكن تقديم الدعم للوصول إلى مستويات أفضل من التعليم والصحة، وزيادة المساواة، وجعل النظم الاقتصادية أكثر استدامة، ومراعاة الحقوق الأساسية. لذا يُعد بناء نظم تحقق نتائج إيجابية يقتضى مزيجًا من مصادر التمويل وتضامنًا دوليًا أكبر، وخاصة مع الدول الفقيرة.
وقد ألقى التقرير الضوء على أهداف التنمية المستدامة 2030 حيث أقرت هذه الأهداف بضرورة وأهمية الحماية الاجتماعية، وظهر ذلك جليًّا فى نحو 5 أهداف متعلقة بأهمية الحماية الاجتماعية ودورها فى الاستجابة إلى التحديات العالمية وتحقيق مستقبل أفضل وأكثر استدامة للجميع.
وعن وضع الحماية الاجتماعية فى مصر، ذكر التقرير أن مصر توفر حزمة كبيرة من التدابير الحكومية من أجل توفير سبل حماية اجتماعية للأسر والأفراد المصريين إيماناً بمبادئ العدالة الاجتماعية وتكافؤ الفرص، حيث بلغ إجمالى قيمة المصروفات على برامج الحماية الاجتماعية بالموازنة العامة للدولة نحو 293.4 مليار جنيه خلال عام 2022- 2023، مقابل نحو 218.8 مليار جنيه خلال عام 2013-2014، بنسبة زيادة بلغت نحو 34.1%.
وذكر التقرير أنه وفقاً لموازنة عام 2021- 2022 تم تخصيص نحو 321.3 مليار جنيه مصرى لبرامج الدعم بما يمثل نحو 17.5% من إجمالى المصروفات العامة والتى تتكون من أربعة بنود أساسية: الدعم السلعى، الدعم والمنح للخدمات الاجتماعية، الدعم والمنح للتنمية الاجتماعية، والدعم والمنح للأنشطة الاقتصادية. ويتمتع العديد من الفئات من تلك الخدمات مثل، المرأة، والأطفال، والأسر الأكثر احتياجاً، وأسر المقاتلين، ذوى الاحتياجات الخاصة، المتضررون من الكوارث والنكبات، وأسر الشهداء والمصابين.، ويتم تقديم تلك الخدمات عن طريق ثلاث جهات مختلفة، وهي: قطاع الشؤون الاجتماعية، وقطاع التأمينات الاجتماعية، وبنك ناصر الاجتماعى،
وأشار التقرير إلى قيام الحكومة المصرية بالعديد من التدابير لزيادة الحماية الاجتماعية وحماية الأسر الأكثر احتياجًا من آثار التضخم العالمى، وتعد أهم تلك التدابير؛ إقرار علاوة غلاء استثنائية للمساعدة على غلاء الأسعار بقيمة 300 جنيه شهريًّا تطبق على كل المستويات الوظيفية، لعدد 4.6 ملايين موظف وبتكلفة سنوية تقدر بنحو 16.4 مليار جنيه، وزيادة لأصحاب المعاشات تقدر بنحو 300 جنيهٍ، وسوف يستفيد من تلك الزيادة أكثر من 10.5 ملايين مواطن، وبتكلفة إجمالية سنوية تقدر بنحو 32 مليار جنيه، واستمرار العمل بالحزمة الاجتماعية التى يستفيد منها نحو 10.5 ملايين بطاقة تموينية، وتقدر بمبالغ تتراوح بين 100 و300 جنيه إلى 30 يونيو 2023 القادم، وبتكلفة سنوية تقدر بنحو 8.5 مليارات جنيه.، واستمرار العمل بقرار عدم زيادة أسعار الكهرباء للمنازل لفترة 6 أشهر إضافية حتى 30 يونيو 2023، وبتكلفة إضافية تقدر بنحو 1.9 مليار جنيه، وتكلفة إجمالية تبلغ 3.8 مليارات جنيه عن العام المالى الجارى 2022 /2023.، ورفع الحد الأدنى للأجور من 2700 جنيه لتصبح 3000 جنيه، بزيادة تقدر بنحو 300 جنيه.، كما قامت الحكومة المصرية بصرف معونة للعمالة غير المنتظمة فى عام 2020 قدرها 500 جنيه لمدة ثلاثة أشهر، ومرتبات 900 ألف موظف بقطاع السياحة خلال مواجهة أزمة كوفيد-19. كما تقرر فى 8 مارس 2023 -انطلاقاً من متابعة ملف الحماية الاجتماعية، ومساندة المواطن المصرى فى ظل الأزمات الاقتصادية- اتخاذ حزمة جديدة للحماية الاجتماعية، تكلف الدولة نحو 190 مليار جنيه تضعها الدولة بهدف الانحياز إلى المواطن وضمان زيادة دخول المواطنين وأصحاب المعاشات، وكذا زيادة معاش "تكافل وكرامة"، حيث تم رفع الحد الأدنى للأجور للدرجة السادسة لتصبح 3500 جنيه، و5000 جنيه للدرجة الخامسة، كما تم رفع الحد الأدنى لحاملى الماجستير والدكتوراه، وزيادة المعاشات بنسبة 15%، وزيادة القيمة المالية لبرنامج "تكافل وكرامة" بنسبة 25%. كما تمت زيادة الدعم المقدم للسلع التموينية (وبالأخص الخبز)، حيث ستتم إضافة نحو 54 مليار جنيه مبلغ إضافى، إلى جانب الدعم الذى كان مقدرًا له والبالغ نحو 97 مليار جنيه.
كما سعت الحكومة المصرية إلى إتاحة منظومة حماية اجتماعية عصرية، وزيادة مواردها على نحو مستدام وعادل، حيث قامت بتطبيق سياسات أكثر فاعلية فى استهداف الفئات الأكثر احتياجًا والأولى بالرعاية وتخفيف آثار الإصلاح الاقتصادى على القطاعات الأقل دخلًا، كما قامت بتبنى برامج الدعم النقدى والموجهة بالأساس إلى الفئات الأولى بالرعاية ومنها برنامج تكافل وكرامة. كما رفعت الحكومة مخصصات الإنفاق على العلاج على نفقة الدولة والتأمين الصحى، وتم استصدار قانون التأمين الصحى الشامل بهدف توفير الرعاية الصحية لغير القادرين، كما تم تحديث عدد من برامج الدعم القائمة بالفعل مثل التغذية المدرسية، ودعم المزارعين، ودعم المرأة المعيلة.
وأبرز التقرير الإجراءات التى تبنتها الحكومة المصرية لإصلاح نظام الدعم السلعى، والتى بموجبها تحول هيكل الإنفاق لصالح برامج الدعم المتعلقة بتقوية شبكات الأمان الاجتماعى بما يضمن توجيه الدعم للمستحقين، حيث انخفضت الأهمية النسبية للإنفاق على برامج الدعم السلعى بعد إجراءات الإصلاح من نحو 70.5% من إجمالى الإنفاق على الدعم فى موازنة العام المالى 2017/ 2018 إلى نحو 34% فى موازنة عام 2021/ 2022، فى حين ارتفعت الأهمية النسبية للإنفاق على برامج المنح ودعم الخدمات الاجتماعية والتى تشمل الإنفاق على برامج شبكات الحماية الاجتماعية وما فيها من دعم نقدى ومعاشات من 27% فى موازنة العام المالى 2017/ 2018 إلى نحو 57% فى موازنة عام 2021/ 2022.
كما انخفض الدعم الموجه للمواد البترولية من نحو 33% فى موازنة العام المالى 2017/ 2018، ليصل إلى نحو 5.7% فى موازنة عام 2021 /2022؛ لتفسح المجال لزيادة الدعم النقدى ودعم السلع التموينية ودعـم صناديق المعاشات بدرجة كبيرة والتى ارتفعت فى مجملها من 42.7% فى موازنة العام المالى 2017/2018، إلى نحو 47.9% فى موازنة عام 2021/ 2022.