عقدت المنظمة المصرية لحقوق الإنسان، بالتعاون مع الفيدرالية العربية لحقوق الإنسان، اليوم الأربعاء، مؤتمرا صحفيا تحت عنوان "الدعم القانونى لضحايا العمليات الإرهابية" بأحد فنادق الجيزة.
وحمل المؤتمر الحقوقى رسائل واضحة وموجهة للمجتمع الدولى بضرورة التصدى للدول الراعية للإرهاب ومواجهتها، كما حمل مطالب أيضا لمجلس النواب المصرى بإصدار تشريع يُلزم الدول الراعية للإرهاب بتعويض ضحاياه على غرار قانون "جاستا" الأمريكى.
وكشف المؤتمر عن بدء المنظمة المصرية لحقوق الإنسان بالتعاون مع الفيدرالية العربية لحقوق الإنسان فى تشكيل هيئة من المحامين المحترفين على المستوى الدولى لملاحقة الدول الراعية للإرهاب فى المحكمة الجنائية الدولية، وتعويض الضحايا.
من جانبه طالب الدكتور ضياء رشوان، رئيس الهيئة العامة للاستعلامات مجلس النواب المصرى بإصدار تشريع قانونى لتفعيل النص الدستورى الذى يقضى بإلزام الدولة بتعويض ضحايا الإرهاب، مطالبا الدول العربية بسن تشريعات مماثلة بهدف الحد من مخاطر الإرهاب على الدول العربية.
وأوضح رشوان أن المشاركين فى مؤتمر المنظمة المصرية لحقوق الإنسان والفيدرالية العربية لحقوق الإنسان إزاء تحرك بحثى وعلمى لإلزام الدول الداعمة للإرهاب بتعويض ضحايا العمليات الإرهابية، مؤكدا أن التحرك البحثى والعلمى هو أصل عمل المنظمات الحقوقية من أجل الدفاع عن المبادئ والحقوق، التى من أهمها الحق فى الحياة.
وأضاف رشوان أن قضايا تعويض ضحايا الإرهاب تتضمن الحق الجنائى والمدنى، الذى يجب الحصول عليه من الداعمين للجماعات الإرهابية من خلف الستار بدعوى حرية الرأى والتعبير، مشيرا إلى ضرورة التحرك العاجل من خلال قيام عدد من القانونيين لإقرار مبادئ لتفعيل تلك القوانين فى حالة تطبيقها لملاحقة الأفراد والدول الداعمة للإرهاب.
وقال النائب علاء عابد، رئيس لجنة حقوق الإنسان بمجلس النواب، إن اللجنة كان لها تحركات داخلية وخارجية لدعم قضايا مكافحة الإرهاب، لافتا إلى أن هناك دولا سبقت مصر بسن قوانين وتشريعات للحصول على تعويضات لضحايا العمليات الإرهابية من الدول الراعية للإرهاب، مشيرا إلى أن اللجنة قدمت للمجتمع الدولى سجلا عن ماذا فعلت جماعة الإخوان خلال الثورة، وهو ما شمل عمليات حرق الكنائس وقتل المدنيين ومجندى وضباط القوات المسلحة والشرطة.
واستطرد: "كما شكلت لجنة حقوق الإنسان لجنة من كبار المحامين الدوليين فى مصر للدفاع عن ضحايا الإرهاب"، مؤكدًا أن اللجنة ستكون داعمة لأى تحرك أو خطوة تساهم فى إنصاف ضحايا العمليات الإرهابية وملاحقة الدول والأنظمة المسئولة عن تمويل تلك التنظيمات أو مساعدتها لوجيستيا.
ومن ناحيته أعلن الدكتور حافظ أبو سعدة، رئيس مجلس أمناء المنظمة المصرية لحقوق الإنسان عن تشكيل هيئة من المحامين المحترفين على المستوى الدولى لملاحقة الدول الراعية للإرهاب فى المحكمة الجنائية الدولية، وتعويض الضحايا، مطالبا البرلمان ببلورة تشريع مصرى لتعويض ضحايا الإرهاب أسوة بـ"جاستا" الأمريكى.
وأوضح أبو سعدة أنه لا يمكن وصف العمليات الإرهابية بأنها معارضة سياسية أو أنها فى إطار حرية الرأى والتعبير.
وأشار: "أصبح الإرهاب من بين أخطر الظواهر التى تهدد أمن واستقرار المجتمعات المعاصرة، فالإرهاب سلوك مهدد للبشرية يتسم بعدوانية بشعة تطول الأفراد والجماعات والمؤسسات على حد سواء، يتصاعد بمعدل رهيب، آثاره واضحة على فئات واسعة من البشر بل وعلى المصير البشرى برمته وهنا تكمن خطورة الظاهرة، حيث تترك ظاهرة الإرهاب مخلفات عديدة تشكل خطرا على البناءات المختلفة للمجتمع الذى تنتشر فيه".
واتهم الدكتور صلاح سلام، رئيس وحدة سيناء بالمجلس القومى لحقوق الإنسان إمارة قطر وعدد من الدول بالوقوف وراء العمليات الإرهابية فى سيناء ومصر بشكل عام، وأنه لابد من تقديم تلك الدول تعويضات ليست مادية فقط لضحايا العمليات الإرهابية لمن تضرروا من تلك العمليات من الذين أغلق مصانعهم وجرفت مزارعهم.
وأكد سلام أن الهدف من مؤتمر المنظمة المصرية لحقوق الإنسان بالتعاون مع الفيدرالية العربية لحقوق الإنسان، هو بحث كافة السبل لتقديم الدعم القانونى لضحايا الإرهاب فى مصر بحيث تتولى المنظمة المصرية لحقوق الإنسان تشكيل فريق دفاع قانونى يمكن من خلاله تدويل قضايا تعويض ضحايا الإرهاب عربيا ودوليا أمام محكمة العدل الدولية على غرار قضية "لوكيربى" وقانون "جاستا" الأمريكى.
وأضاف سلام خلال كلمته بالمؤتمر: "لابد أن يكون هناك تنسيقا للدعم القانونى لضحايا العمليات الإرهابية وتصعيد الأمر دوليا بالمشاركة مع محامين عرب ودوليين وتصعيدها لمحكمة العدل الدولية".
وتابع: "نريد أن يكون التحرك على أساس صلب لنصل لنتائج مرضية، لتعوض أسر الشهداء، ولردع كل من تسول له نفسه شر لهذا الوطن".
وعلى المستوى العربى فقد أكد الدكتور أحمد بن ثانى الهاملى رئيس الفيدرالية العربية لحقوق الإنسان، أن الأزمة القطرية الراهنة تكشف عن المشاكل التى تنجم عن عدم تعاون الدول فى مكافحة الإرهاب، ولاسيما مع جيرانها المباشرين، وأن سلوك قطر لا يتعارض مع الجهود الإقليمية لمكافحة الإرهاب والتطرف فقط، بل يتعارض أيضًا مع الجهود العالمية، مما يعرض الجهود الرامية لمكافحة الإرهاب للخطر.
وأضاف الهاملى خلال كلمته لمؤتمر المنظمة المصرية لحقوق الإنسان والفيدرالية العربية لحقوق الإنسان أنه لم يكن من المفاجئ فقد جيران قطر لصبرهم إزاء سياسات قطر الداعمة للإرهاب، موضحا إن قطر لا تخالف فقط نظام الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب، بل إنها لا تلتزم بالاتفاقيات التى وقعتها مع دول مجلس التعاون الخليجى، التى تلزم جميع الموقعين عليها بمكافحة مصادر التطرف والإرهاب.
وتابع: "لقد مر أكثر من (50) يومًا على مقاطعة الدول الأربع (السعودية والإمارات والبحرين ومصر) لقطر، والتى بدأت بعد استمرار تورط (قطر) فى عمليات دعم وتمويل الإرهاب، وتم التأكيد على أن موقف الدول الأربع يقوم على أهمية الالتزام بالاتفاقيات والمواثيق والقرارات الدولية والمبادئ المستقرة فى مواثيق الأمم المتحدة وجامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامى واتفاقيات مكافحة الإرهاب الدولى مع التشديد والالتزام بمكافحة التطرف والإرهاب بكافة صورهما ومنع تمويلهما أو توفير الملاذات الآمنة، وإيقاف كافة أعمال التحريض وخطاب الحض على الكراهية أو العنف، والالتزام الكامل باتفاق الرياض لعام 2013 والاتفاق التكميلى وآلياته التنفيذية لعام 2014 فى إطار مجلس التعاون لدول الخليج العربى، وشددت الدول الأربع المقاطعة على أن التدابير المتخذة والمستمرة من قبلها هى نتيجة لمخالفة دولة (قطر) لالتزاماتها بموجب القانون الدولى وتدخلاتها المستمرة فى شؤون الدول العربية ودعمها للتطرف والإرهاب وما ترتب على ذلك من تهديدات لأمن المنطقة بل والعالم أجمع".
كما شدد على أن دعم (قطر) للإرهاب، ليس وجهة نظر خليجية وعربية، بل أدلة شاملة تتهيأ معها الدول المقاطعة لقطر، لتجهيز ملف يحمل كل البراهين التى تثبت تورط (قطر) وخروجها لمدارات تدعم الإرهاب وتقوّض الاستقرار فى دول جيرانها ومن هم خارج محيطها أيضا، ولذا، لا مجال أمام الدوحة إلا العودة الى محيطها الخليجى والعربى، ووقف تمويل الإرهاب والتدخل فى شئون دول المنطقة وتنفيذ المطلوب منها.
واستطرد: "إننا إذ نجدد إدانتنا الشديدة لجميع مظاهر الإرهاب الداعشى وأخواتها من قوى الإرهاب، أينما حلت وأياً ما شملت من بشر، نكرر مطالبتنا الأمم المتحدة والدول صاحبة القرار فى عالمنا والمجتمع الدولي، اعتماد استراتيجية أكثر فاعلية فى مواجهة الإرهاب أينما حل، وفى تجفيف منابعه، ومعاقبة الدول والمنظمات الداعمة له.. استراتيجية تعتمد تصفية بؤر التوتر فى العالم وحل وتسوية المنازعات بالوسائل السلمية ووفقا لمبادئ العدالة والقانون الدولى، والتصدى للقمع والقضاء على الفقر وتعزيز النمو الاقتصادى المتواصل والتنمية المستدامة والازدهار العالمى، واحترام حقوق الإنسان للجميع وسيادة القانون، وتحسين التفاهم فيما بين الثقافات وكفالة احترام جميع الأديان أو القيم أو المعتقدات الدينية أو الثقافات، واحترام حق الشعوب التى لا تزال تحت السيطرة الاستعمارية أو الاحتلال الأجنبى فى تقرير مصيرها، والتعاون الدولى فى حل المشاكل الدولية ذات الطابع السياسى أو الاقتصادى أو الاجتماعى أو الثقافى أو الإنسانى، والوفاء بشكل قاطع ودون تمييز بالالتزامات التى قطعتها الدول على نفسها وفقا للمواثيق الدولية لحقوق الإنسان".
وأضاف أن الأعمال الإرهابية التى تصاعدت وتيرتها فى السنوات الأخيرة، تمثل تهديدا خطيرا على أمن وحياة البشر وحضارتهم، كما تمثل اعتداء صارخا على حزمة الحقوق والحريات التى أقرتها جميع المواثيق والاتفاقيات الدولية، وأهمها الحق فى الحياة والحرية والأمان الشخصى، إضافة إلى أن الإرهاب يكتسح العديد من الحقوق والحريات الأخرى كالحق فى التملك والتنقل والسكن والثقافة والتعليم وغيرها من الحقوق المدنية والسياسية والاقتصاديةوالثقافية والاجتماعية، وبديهى، أن الإرهاب يتنافى مع تعاليم الأديان وخاصة تعاليم الدين الإسلامى السمحة، كما يُعد انتهاكا لسيادة حكم القانون وللقوانين الدولية الإنسانية.
وأوضح أنه استنادا للقانون الدولى، يعد الإرهاب جريمة دولية كونه يتسبب فى المساس بحقٍ أساسى وجوهرى من حقوق الإنسان، فالجريمة التى ترتكب بحق الإنسانية فى القانون الدولى هـى الجرائم التى تتمثل فى انتهاك حقوق الإنسان، التى تعرف اليوم بحقوق (الجيل الأول) الواردة فى الإعلان العالمى لحقوق الإنسان والعهد الدولى للحقوق المدنية والسياسية الصادر سنة 1966، لآنها حقوق أساسية لا يمكن التـنازل عنها ولا يُسمح بالانتقاص من قدرها.
واستطرد: "وانطلاقا من ذلك، تصبح مسئولية مكافحة الإرهاب، بالضرورة، مسئولية جماعية لا تقتصر على دولة دون أخرى أو مجتمع دون آخر، ولذا وجب التنسيق والتكثيف للجهود الدولية المشتركة للتصدى ومحاربة الإرهاب باعتباره جريمة منظمة عابرة للحدود، على المستويات الأمنية والفكرية والثقافية والإعلامية، والعمل الجاد والمضنى فى إطار بوتقة واحدة هدفها الأول والأخير القضاء على هذه الجريمة الفتاكة، أو على الأقل الحد من تداعياتها وتأثيراتها السلبية، إننا فى الفيدرالية العربية لحقوق الإنسان، مع كل إنسانٍ حُرٍ فى العالم، مأخوذين بفداحة الخسائر الهائلة فى صفوف الأبرياء جراء الجرائم الإرهابية، ونشعر بالحزن الممتزج بالغضب الشديد على استمرار نزيف الدم وما يخلفه من اضطراب وقلق وفقدان للأمان. ونطالب دول العالم الحر وكل قوى المجتمع المدنى أن تتحد وتتضافر فى مكافحتها وتصديها للإرهاب باعتباره معركة الإنسانية كلها، وباعتباره ظاهرة تمس كل الدول والشعوب وتؤثر على السلم والأمن الدوليين وتتطلب تفعيل التضامن الدولى فى مواجهته".