حركة "طالبان" الإرهابية، كانت هى كلمة السر، فى اشتعال حرب الاتهامات بين الولايات المتحدة الأمريكية، وباكستان، حول دعم وإيواء الجماعات المتطرفة والمتشددين على الأراضى الباكستانية والأفغانية، وكذلك المسئولية عن الخسائر الكبيرة التى تواجهها كل من القوات الأمريكية، والأفغانية، والباكستانية، فى حربها ضد عناصر طالبان، المتمركزة داخل أراضى الدولتين الآسيويتين المتاخمتين حدوديًا.
البداية كانت بهجوم شنه الرئيس الأمريكى، دونالد ترامب، منتصف الأسبوع الماضى، على باكستان، حيث قال "إن باكستان، ستخسر كثيراً، إذا استمرت فى إيواء إرهابيين"، وأضاف أن القوة العسكرية وحدها لا يمكن أن تحقق السلام فى أفغانستان، ولكن القوة التى يتم تطبيقها بشكل استراتيجى تهدف إلى توفير الظروف المناسبة كى تحقق العملية السياسية سلاما دائما، مؤكدا أن الانسحاب من أفغانستان سيخلق "فراغًا" يستفيد منه "الإرهابيون".
وحاول ترامب الضغط على باكستان، قائلا أنها "غالبا ما تشكل ملجأ لعناصر الفوضى والعنف والترهيب"، وقال الرئيس الأمريكى، فى كلمة تلفزيونية، إن موقفه الجديد يهدف إلى الحيلولة دون تحول أفغانستان إلى ملاذ آمن للمتشددين المصممين على مهاجمة الولايات المتحدة، وعرض أيضا نهجا أكثر تشددا للسياسة الأمريكية تجاه باكستان.
وقال فى كلمته، "حدسى الأصلى يدفعنى للانسحاب"، ولكنه أضاف أن "مستشاريه للأمن القومى أقنعوه بتعزيز القدرة الأمريكية على منع حركة طالبان من الإطاحة بالحكومة التى تدعمها الولايات المتحدة فى كابول".
باكستان تحتج على اتهامات ترامب
وجاء رد الفعل سريع من الجانب الباكستانى، حيث شدد وزارة الخارجية الباكستانية، على رفضها تصريحات الرئيس الأمريكى، التى اعتبر فيها أن باكستان شكلت ملاذا للإرهابيين الذين يهددون أمن أفغانستان.
وقالت الخارجية الباكستانية، فى بيان لها، وفقًا لقناة "سكاى نيوز" بالعربية، "ليس هناك بلد فى العالم عانى من آفة الإرهاب كما عانت باكستان، وغالبا عبر أعمال منظمة تتجاوز حدودنا، لذا فمن المخيب للآمال أن تتجاهل التصريحات الأمريكية التضحيات الجسام للأمة الباكستانية".
كما قال مسئولون باكستانيون، إنه لا ينبغى للولايات المتحدة أن تجعل باكستان "كبش فداء"، واتهموا الجيش الأمريكى بالفشل فى القضاء على ملاجئ المتشددين داخل أفغانستان.
باكستان تلغى زيارة مسئولة بالخارجية الأمريكية ردًا على اتهامات ترامب
ولم يقتصر رد فعل باكستان عند هذا الحد، بل أرجأت، زيارة القائمة بأعمال مساعد وزير الخارجية الأمريكى، التى كانت مقررة إلى إسلام آباد، وذلك بعد اندلاع احتجاجات محدودة ضد الرئيس الأمريكى، بسبب اتهاماته لباكستان بأنها تطيل أمد الحرب فى أفغانستان.
وكانت زيارة أليس ويلز، القائمة بأعمال مساعد وزير الخارجية الأمريكية لشئون جنوب ووسط أسيا، ستصبح الأولى، لمسئول أمريكى كبير لباكستان منذ خطاب ترامب، عن سياسة بلاده تجاه أفغانستان يوم 21 أغسطس.
وقال متحدث باسم السفارة الأمريكية فى باكستان، فى تصريح لـ"رويترز"، إنه "بناء على طلب حكومة باكستان تأجلت زيارة "ويلز"، القائمة بأعمال مساعد وزير الخارجية حتى موعد مناسب للطرفين".
كما نشرت وزارة الخارجية الباكستانية، بيانا بصيغة مشابهة، فيما لم يقدم أى من الطرفين سببا للتأجيل، لكن مسئولين أمريكيين يعملون فى باكستان فى حالة تأهب منذ خطاب، يوم الاثنين الماضى.
باكستان تقلب معركة الاتهامات على أمريكا وتلقى اللوم على أفغانستان
وامتد الأمر إلى أكثر من ذلك، حيث قلبت باكستان، موازين معركة الاتهامات، واتهم وزير الخارجية الباكستانى، خواجة عاصف، الجنود الأفغان بأنهم كانوا يبيعون الأسلحة الأمريكية إلى متمردى حركة طالبان.
وأشار عاصف - فى تصريحات تلفزيونية نقلتها صحيفة (ذا نيوز إنترناشونال) الباكستانية - إلى أن 40% من الأراضى الأفغانية لا تزال تحت سيطرة طالبان، وأن 90% من الهجمات على باكستان تم تنفيذها من الجانب الأفغانى.
وقال إن الولايات المتحدة لا يجب أن تلوم باكستان على فشلها فى أفغانستان على مدى الـ 16 عاما الماضية، مضيفًا أن باكستان تكبدت خسائر هائلة بعد أن أصبحت حليفة لأمريكا، لكن إسلام آباد، تعتزم الحفاظ على علاقاتها مع واشنطن لإزالة سوء التفاهم.
وطالب عاصف بإيجاد حل للأزمة الأفغانية، قائلًا إن باكستان تسعى للحصول على مساعدة الولايات المتحدة لإغلاق الحدود مع أفغانستان بالسياج، مشيرًا إلى أن ذلك يرجع إلى فشل كابول فى تنصيب نقاط تفتيش على طول الحدود الممتدة على مسافة 650 كيلو مترًا.
وتابع أنه إذا كانت الولايات المتحدة تفتقد الثقة فى باكستان، فإن عليها إعادة توطين الملايين من اللاجئين الأفغان الذين يعيشون فى باكستان منذ عقود بعد أن بدأوا فى الهروب عبر الحدود بعد احتلال الاتحاد السوفيتى لأفغانستان فى عام 1979.
وأكد عاصف، أن السلام الذى يعد فى مصلحة باكستان يمكن استعادته فى أفغانستان، لافتًا إلى أن نحو 200 ألف جندى باكستانى تم نشرهم للتعامل مع الإرهاب.