أقر مجلس النواب 30 أغسطس الماضى مشروع قانون بناء وترميم الكنائس المصرية، وهو أول قانون يختص ببناء دور عبادة للأقباط منذ أكثر من قرن ونصف القرن من الزمن، إذ كانت الكنائس تُبْنَى بما يعرف بـ"الخط الهمايونى" وهو مرسوم يعود لزمن الدولة العثمانية، حين كانت مصر ولاية تابعة لها، الأمر الذى جعل بناء الكنائس فى مصر طوال العصور الفائتة أمرًا صعبًا.
ونتج عن ذلك المرسوم العثمانى بناء مئات الكنائس دون ترخيص، وبتفاهمات وموافقات حكومية، وهى نفس الكنائس التى جاء القانون الجديد لتقنين أوضاعها ومنحها صفة الرسمية، إذ يضمن القانون تقنين أوضاع أية كنيسة ثبت إقامة الشعائر فيها لمدة 3 سنوات قبل صدوره، بموجب لجنة وزارية تشكلت العام الماضى لهذا الغرض، وما زالت حتى اليوم تستقبل الأوراق الثبوتية والرسوم الهندسية للكنائس المراد ترخيصها.
ورأى رؤساء الطوائف المسيحية فى القانون تصحيح لخطأ استمر أكثر من 100 عام، مثلما قال البابا تواضروس الثانى بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية لشعب كنيسته حين سأل عن القانون، حين اعتبر البابا أن قانون تنظيم بناء وترميم الكنائس جاء ليفتح صفحة جديدة منذ أيام قانون الخط الهمايونى فى الدولة العثمانية".
وقال البابا تواضروس عن القانون فى تصريحاتٍ له "جاء ليضمد جراحات استمرت طويلاً من أجل الاستقرار والمواطنة، ولقد كان هناك إجماعًا فى مجلس النواب على إقرار القانون فيما عدا أفراد قلائل، وقد علت الهتافات يحيا الهلال مع الصليب".
وكَلَّفَ البابا الأنبا إيلاريون أسقف غرب الإسكندرية، برئاسة اللجنة القانونية المكلفة بمراجعة تراخيص بناء الكنائس قبل تقديمها للجنة الوزارية، مستفيدًا من خبرته القانونية كمحام قبل أن يدخل سلك الرهبنة، إذ أكد الأسقف فى تصريحاتٍ لـ"اليوم السابع"، أن اللجنة ما زالت تتلقى الأوراق من الأساقفة فى الإيبراشيات المختلفة حيث تجرى عمليات الحصر لكل الكنائس غير المرخصة.
الأنبا إيلاريون أوضح أن الـ26 من سبتمبر المقبل، هو نهاية المهلة التى حددتها اللجنة الوزارية المشكلة من الحكومة لتلقى طلبات ترخيص الكنائس معلقًا:نرسل أوراق الكنائس الجاهزة أولًا بأول وهناك بعض الإيبراشيات احتاجت اللجنة لفحص الكنائس فيها ومعاينتها قبل تسلم الأوراق منها.
ومازلات تعانى بعض الكنائس غير المرخصة فى قرى صعيد مصر، من أزمة التراخيص مثلما جرى فى قرية الفرن بمركز أبو قرقاص، واضطر الأقباط للصلاة فى الشارع وسط ترحيب من جيرانهم المسلمين، الأمر الذى استوجب ضرورة السعى نحو تطبيق قانون بناء الكنائس.
أما الطائفة الإنجيلية، ثانى أكبر طائفة فى مصر بعد الأرثوذكس، فإن القس الدكتور أندريه زكى رئيس الطائفة قد وصف قانون بناء الكنائس بالنقلة الحضارية التى ترسخ مبدأ المواطنة التى نادى بها الدستور المصرى.
وقال "زكى" إن صدور القانون بالصيغة التى توافقت عليها الكنائس والحكومة معًا، يحتاج إلى دعم من الجميع حتى يمكن أن يحقق الهدف المرجو منه، ويزيل الكثير من المشكلات التى كانت تظهر بين الحين والآخر بسبب إجراء أى تعديلات تقوم بها الكنائس على مبانيها وملحقاتها، وبخاصة فى القرى.
وتعمل الطائفة الإنجيلية حاليًا على توفيق أوضاع ما يقرب من 800 كنيسة غير مرخصة مثلما كشف مصدر رفيع بالطائفة، إذ تتقدم الطائفة بأوراقها الثبوتية للجنة الوزارية المشكلة لهذا الغرض أولًا بأول.
ولم يختلف الوضع فى الكنيسة الكاثوليكية عن باقى الطوائف المسيحية، فالمستشار جميل حليم محامى الكنيسة اعتبر القانون حلًا للكثير من مشكلات بناء الكنائس فى القرى والمدن ولفت إلى أن كنيسته تتلقى أوراق الكنائس غير المرخصة من الإيبراشيات المختلفة على مستوى الجمهورية لكى تقدمها للجنة الوزارية المختصة.
أما فيما يتعلق بالكنائس الجديدة، فإن الجريدة الرسمية المصرية قد نشرت ما يقرب من عشر قرارات جمهورية لتخصيص أراضى جديدة لبناء كنائس فى المدن الجديدة، حيث أكد القس أندريه زكى رئيس الطائفة الإنجيلية، أن الدولة تخصص قطعة أرض فى كل مدينة جديدة لبناء كنيسة لكل طائفة مسيحية، وهو ما حدث فى عدد من المدن الجديدة مثل القاهرة الجديدة والسادس من أكتوبر وغيرها.