9 يناير 2018، تنعقد الجلسة المقبلة فى فضحية بنك باركليز لندن، لمحاكمتهم فى قضية تورط أربعة مسئولين من البنك مع رئيس وزراء قطر الأسبق حمد بن جاسم، فى جرائم فساد تعود وقائعها إلى عام 2008 خلال الأزمة المالية العالمية.
وفى هذه القضية تواجه إمارة قطر، الراعى الأول للإرهاب فى الشرق الأوسط والوطن العربى فضحية جديدة أمام ساحة القضاء البريطانى، بعد تأكيد مراقبون إن ثبوت تورط المسئول القطرى السابق فى القضية سيكون بمثابة بداية تدقيق ومراجعة حقيقية فى قانونية الإستثمارات القطرية التى تسللت إلى المملكة البريطانية على مدار السنوات الطويلة الماضية.
وتقترب قطر من إدانة مدوية أمام ساحات القضاء البريطانى بعد الكشف عن تورط رئيس وزرائها السابق حمد بن جاسم فى قضية فساد مدوية كشفت خيوطها قبل أكثر من عام الصحافة البريطانية، بعد نشر تقارير عن محاولات الدوحة التسلل إلى بنك باركليز البريطانى والسيطرة عليه، مستغلة فى ذلك أجواء الأزمة المالية العالمية التى وصلت ذروتها 2008، ألقت بظلالها على العديد من الكيانات الاقتصادية والمصرفية ومن بينها البنك البريطانى الشهير.
وبهذه القضية تقترب بريطانيا من وضع حد لفضائح مسئولو الدوحة وجرائم الفساد التى ارتكبوها على أراضيها، وبحسب ما نشرته صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية فى تقرير سابق لها، قرر القاضى أندرو إيدس تحديد تاريخ الجلسة المقبلة عقب الإنتهاء من جلسة الإستماع التى عقدت فى محكمة "ساوثوارك" فى لندن، والتى مثل خلالها المتهمين الأربعة أمام القضاء، للمرة الثانية الشهر الجارى، وبعدما أجريت أولى جلسات الإستماع فى الرابع من يوليو الماضى أمام محكمة "ويستمنستر".
ويواجه جون فارلى، الرئيس التنفيذى السابق لبنك باركليز، وثلاثة من كبار المديرين السابقين، مجموعة من الإتهامات الجنائية المتعلقة بتلقى أموال من قطر عام 2008 بشكل مخالف للقوانين البريطانية، وهو ما يمثل القضية الجنائية الأولى فى بريطانيا ضد بنك بسبب الإجراءات التى إتخذها خلال الأزمة المالية.
ويواجه بنك باركليز ومسئوليه الأربعة السابقين تهما بالتآمر والاحتيال وتقديم مساعدات مالية غير مشروعة تتعلق بجمع رأسمال طارئ للبنك من قطر، حيث تلقى المصرف نحو 15 مليار دولار من الدوحة بين يونيو وأكتوبر 2008، لتجاوز آثار الأزمة المالية العالمية التى عصفت بالمصارف البريطانية فى ذلك الوقت.
ووجهت إلى فارلى، وروجر جينكينز، المصرفى الكبير فى البنك فى مجال الاستثمار، وتوماس كالاريس، المدير التنفيذى السابق فى قسم الثروة، وريتشارد بواث، المدير الأوروبى السابق للمؤسسات المالية، تهم بالتآمر للاحتيال فى يونيو 2008 لزيادة رأس مال البنك. واتهم فارلى وجينكينز، أيضا بالتهم نفسها فيما يتعلق بزيادة رأس مال البنك فى أكتوبر 2008، وبتوفير مساعدات مالية غير مشروعة من قطر.
وبحسب موقع سى.إن.إن عربية، فإن العقوبة القصوى لتهمة الغش الجنائية فى بريطانيا هى السجن 10 سنوات. أما تهمة المساعدة المالية غير المشروعة فتحمل عقوبة السجن سنتين كحد أقصى.
وبحسب وسائل إعلام غربية، فإن فارلى، أحد المصرفيين الكبار فى بريطانيا، إذ عمل مديراً تنفيذياً فى باركليز لمدة 6 سنوات، ستصيب التهم الموجهة إليه مجال المصارف بالصدمة، وهو أول مصرفى بريطانى بارز يواجه تهماً جنائية فى أعقاب الأزمة المالية.
وبدأت القصة عندما أجرى حمد بن جاسم، رئيس وزراء قطر الأسبق صفقات مع بنك باركليز خلال الأزمة المالية العالمية، مستغلاً حاجة البنك للحفاظ على إستقلاليته وتجنب شرائه من قبل حكومة لندن، وحصلت قطر على حصة قدرها 6% من "باركليز"، وحقنته بمليارات الجنيهات الإسترلينية، كما ساعدت البنك البريطانى على تجنب تدخل الحكومة لإنقاذه.
وقالت صيحفة "نيويورك تايمز"، فى تقرير سابق لها، إن المكتب بالفعل منذ نحو خمس سنوات يجرى تحقيقات بشأن ما إذا كانت إتفاقات تجارية بين باركليز ومستثمرين قطريين ضمن عملية لزيادة رأس المال بقيمة إجمالية 12 مليار جنيه إسترلينى، أى ما يساوى "15 مليار دولار" فى ذروة الأزمة المالية شكلت خرقاً للقانون البريطانى.
ويواجه البنك غرامة مقترحة بنحو 50 مليون جنيهاً إسترلينى، بسبب إهماله بعد أن قالت هيئة مراقبة السلوك المالى، إنه لم يفصح عن 322 مليون جنيه إسترلينى تتعلق بـ"اتفاقات الخدمات الإستشارية" لقطر، غير أن الجهة التنظيمية وضعت قضيتها قيد النظر، فى إنتظار نتائج التحقيق الجنائى الذى قام به مكتب مكافحة الاحتيالات الخطيرة فى بريطانيا.
وذكرت وكالة بلومبرج، فى تقرير سابق، أن باركليز، ينوى الإقرار باتهامات بأنه لم يفصح على النحو الملائم عن عملية زيادة رأس المال، وأنه مستعد لغرامة قد تتراوح على الأرجح بين 100 و200 مليون جنيه إسترلينى.
وفى سلسلة أخرى من فساد حمد بن جاسم، تنظر المحاكم البريطانية قضية آخرى متهم فيها بإختطاف مواطن بريطانى من أصل قطرى يدعى فواز العطية، بعد أن اتهم الأخير حمد بن جاسم بخطفه وتعذيبه.
واتهم مكتب محاماة توماس دو لا مار كيو سى، ومقره لندن، الذى يعمل لصالح العطية، بن جاسم بأنه إستثمر المليارات فى بنك باركليز، الذى يتم التحقيق معه من قبل مكتب مكافحة جرائم الاحتيال الخطيرة، كما أنه كان مشتركا فى محاولة قطر الناجحة لاستضافة كأس العام فى 2022.
وقالت صحيفة "الجارديان" البريطانية فى تقرير لها، أن الشيخ بن جاسم، محور دعوى قضائية فى المحاكم البريطانية رفعها ضده فواز العطية، وهو مواطن قطرى ولد فى لندن، وقال: إن عملاء قطريين تابعين لـ"بن جاسم" احتجزوه فى الدوحة لمدة 15 شهراً وعرضوه لظروف ترقى إلى مستوى تعذيب.
وأكد العطية، أنه احتجز قسرًا وحرم من النوم ولم يخرج إلا للاستجواب وهو مكبل، فيما قالت الصحيفة البريطانية: أن محامى بن جاسم، يتحدون الولاية القضائية للمحكمة باعتباره دبلوماسياً يتمتع بحصانة. وتدور الدعوى القضائية حول نزاع بشأن ملكية بين حمد بن جاسم والعطية، الذى يحمل الجنسية البريطانية، وكان جده الأكبر أمير فى قطر، بل كان العطية نفسه الناطق باسم الحكومة بين عامى 1996 إلى 1998.
وتقول الصحيفة، أن محامى العطية- عمران خان وشركائه- قدموا للمحكمة دعوى تقول: أن حمد بن جاسم عرض عام 1997 شراء 20 ألف متر مكعب من أرض قيمة من العطية فى منطقة الريان غرب الدوحة، ولا يظهر المستند قيمة العرض. ويدعى العطية أنه رفض العرض لأنه أقل من قيمة الأرض، مما أغضب جاسم، ودفعه لترك منصبه كناطق باسم الحكومة، كما يتهم رئيس الوزراء السابق باحتجازه وتعريضه لـ"مضايقات وتهديدات ومراقبة".
واستمر العداء بين الطرفين بحسب الجارديان، لقرابة العقد، وفى أواخر عام 2007، سافر العطية إلى دبى للعمل، وحينها حاول حمد بن جاسم القبض عليه.