انطلقت سفينة البناء والتنمية فى العراق عقب هزيمة تنظيم "داعش" الإرهابى، وحصر تواجد المتطرفين على حدود البلاد مع سوريا، وتكثف الحكومة العراقية، برئاسة حيدر العبادى، جهودها لإعمار الدولة من الدمار الذى خلفه التنظيم الإرهابى، بالتوازى مع إعادة بناء مؤسسات الدولة المختلفة، التشريعية والتنفيذية.
وفى خضم الجهود الحكومية المكثفة لعودة الجمهورية العراقية لسابق عهدها قبل الغزو الأمريكى، وضربها بورم الإرهاب الخبيث الذى تمكنت أخيرًا من استئصاله، ظهر فلول التنظيم الإرهابى مرة أخرى متسللين فى ثوب جديد لاختراق المحافظات المحررة من أيديهم، معتمدين فى خطط عودتهم على الفاسدين وأصحاب النفوس الضعيفة الساعين وراء المصالح الشخصية دون المصلحة العامة للوطن الذى ينخر الإرهاب فى أوصاله كالسوس.
وكانت البوابة الخلفية لمرور عناصر "داعش" إلى بعض المحافظات العراقية المحررة، التخفى وسط النازحين العائدين إلى منازلهم أو الاعتماد على تقديم الرشاوى لضعاف النفوس الذين بوسعهم تمرير تلك العناصر الإرهابية ودسهم وسط العائدين من المخيمات، ولم يكتف الإرهابيين المتخفين على العودة إلى المناطق المحررة والعمل على تنفيذ العمليات المسلحة، بل سعوا أيضًا للتسلل إلى المؤسسات الوطنية المنتخبة عبر التقدم كمرشحين وطنيين مستغلين فى ذلك جنسيتهم التى لم يعتبروا لها ليحافظوا على أمن وسلامة وطنهم الذى خرب بأيديهم وبسلاح التنظيم الإرهابى المنتمين إليه.
الكشف عن ترشح عناصر من "داعش" للانتخابات البرلمانية العراقية فى الأنبار
وفى هذا الصدد، كشف رئيس مجلس إنقاذ الأنبار، الشيخ حميد الهايس، فى تصريح خاص لوكالة "سبوتنيك" الروسية، اليوم الأحد، عن ترشح عناصر من تنظيم "داعش" الإرهابى، للانتخابات المزمع إجرائها فى شهر مايو المقبل، حيث أقر مجلس الوزراء العراقى موعد الانتخابات التشريعية العراقية، وصادق عليه مجلس النواب وصدر مرسوم جمهورى، فى 22 يناير الماضى، بإجرائها فى 12 مايو المقبل.
وأضاف الهايس، رصدنا ترشح نحو 6 إلى 8 شخصيات للانتخابات البرلمانية، وهم من الذين كانوا ينتمون لتنظيم "داعش"، وبينهم من المؤيدين للتنظيم فى الأنبار، غرب العراق، وتابع الهايس، "نحن نعمل على جرد الأسماء، ونعد العدة لهؤلاء العناصر "الدواعش"، وسنزود الحكومة الاتحادية بأسمائهم"، وعن صحة المعلومات التى علمت بها مراسلة "سبوتنيك"، نقلاً عن مصادر أمنية ومحلية حول عودة عناصر من تنظيم "داعش" إلى مناطق فى الأنبار، أكد الهايس، بأنها صحيحة، موضحًا أن العشرات من "الدواعش" عادوا إلى المحافظة من خلال الفساد، وبين النازحين.
وأوضح رئيس مجلس إنقاذ الأنبار، فى ختام حديثه، أن عائلات عناصر وقادة تنظيم "داعش"، عادت إلى مختلف مناطق الأنبار بعد تحررها من سيطرة التنظيم، أما العناصر قسم منهم عاد بعد إطلاق سراحه لعدم كفاية الأدلة المتوفرة، وقسم بوساطة تزكية، أو الفساد، وتحررت الأنبار، المحافظة التى تشكل وحدها ثلث مساحة العراق، غربًا، بالكامل من سيطرة تنظيم "داعش"، بتقدم كبير للقوات الأمنية بدعم من التحالف الدولى ضد الإرهاب، منذ عام 2015 وحتى أواخر السنة الماضية.
وتجدر الإشارة هنا إلى أن تنظيم "داعش"، كان استولى على أغلب مدن الأنبار، فى مطلع عام 2014، قبل أن يجتاح نينوى ومركزها الموصل، وكذلك صلاح الدين، ونفذ مجازر وجرائم طالت المدنيين والأجهزة الأمنية، حتى تقهقر وهزم على يد القوات العراقية.
الهجرة العراقية: إعادة 320 أسرة نازحة فى الأنبار وصلاح الدين
واستغل الدواعش عودة النازحين إلى منازلهم فى المحافظات المحررة للتسلل بينهم والعودة خلسة من المناطق النائية التى هربوا إليها، وكانت أخر الدفعات العائدة إلى محافظة الأنبار ضمن ما أعلنته وزارة الهجرة والمهجرين العراقية، يوم الخميس الماضى، عن عودة 320 أسرة نازحة لديارها فى القائم وعزيز بلد بمحافظتى الأنبار وصلاح الدين.
وقالت الوزارة، فى بيان أوردته قناة (السومرية نيوز)، "إن الوزارة أعادت 242 أسرة نازحة من مخيم عويريج إلى مناطقهم الأصلية فى قضاء القائم بمحافظة الأنبار، و78 أسرة نازحة من مخيم التكية الكسنزانية إلى مناطقهم الأصلية فى الرفيعات وعزيز بلد بمحافظة صلاح الدين".
رئيس وزراء العراق: أعدنا نصف النازحين داخليا إلى مدنهم
كما سبق لرئيس الوزراء العراقى حيدر العبادى، أن قال يوم الأربعاء الماضى، إنه تمت إعادة نصف النازحين داخل العراق الذين يزيد عددهم عن 5 ملايين نازح، مضيفًا أن العراق لن يتوقف أيضا عن "محاربة الفساد الذى لا يقل خطورة عن الاٍرهاب".
وتصريحات رئيس الوزراء العراقى، تؤكد تخوفه وأجهزة الدولة من الفساد الذى هو مدخل لعودة الإرهاب، بل يمثل خطورة أكبر على مستقبل الدولة الساعية لإعادة الاعمار عقب الهزيمة العسكرية لتنظيم "داعش"، فيما أضاف العبادى، أن بلاده تتوقع دعما من قبل الشركاء لإعادة بناء البلاد التى دمرتها الحرب وما سببته من تراجع فى البنية التحتية للخدمات الأساسية، داعيًا لدعم إعادة الاستقرار فى المناطق المحررة، مؤكدًا أن عودة النازحين تتم طوعية، وأن إعادة تأهيل الخدمات الأساسية بمشاريع سريعة فى البلاد ستشجع النازحين على العودة إلى مدنهم.
رئيس الوزراء العراقى: قضينا على "داعش" عسكريا ويجب محو ثقافته بالدول الأخرى
وخلال كلمته فى مؤتمر "ميونخ" للأمن، أمس السبت، قال حيدر العبادى، رئيس الوزراء العراقى، إن تنظيم "داعش" الإرهابى ما زال قريبا من الحدود العراقية فى سوريا، داعيا جميع دول العالم بحشد الجهود ضد هذا التنظيم الذى يمثل عدوًا خطيرًا للدول والإنسانية.
وأضاف العبادى، خلال كلمته بالمؤتمر المنعقدة بمدينة ميونخ الألمانية، أن الدولة العراقية استطاعت القضاء على تنظيم "داعش"، عسكريا بداخلها، ويجب القضاء على وجود وانتشار هذا التنظيم فى جميع الدول الأخرى، لأن هذا أفكاره لا تمثل الدين الإسلامى، كما يجب ملاحقة بقايا داعش التى تنتهز الفرصة للقيام مرة أخرى، بمحو ثقافته ومخلفاته وتأهيل المجتمعات التى كانت تحت سلطة دولة "الخرافة"، وأوضح رئيس الوزراء العراقى، أنه العراق يشجع الحوار كسبيل وحيد لحل النزاعات الداخلية بالدول الأخرى، مشيرا فى السياق ذاته، إلى رؤية العراق التى تتمثل فى العمل المشترك من أجل بناء مصالحه واقتصاده.