قرر الرئيس التركى رجب طيب أردوغان منح يمنح صهره بيرات البيرق، وزير المالية، سلطة غير محدودة يتصرف بموجبها كيف ما يشاء فى أموال صندوق الثروة السيادى التركى والذى أنشئ فى نهاية عام 2016 ويعد أهم جهاز اقتصادى فى البلاد تصل قيمة أمواله إلى نحو 100 مليار ليرة (20 مليار دولار).
وتعد خطوة جديدة مثيرة للجدل، يراها مراقبون بأنها قرار يأتى فى إطار تعزيز سلطة زوج إبنته الكبرى رغم فشله فى إدارة ملف الأزمة الاقتصادية وتهاوى قيمة الليرة التركية الأشهر الماضية وفساده، وبعدما شهد نفوذه فى السنوات الأخيرة تناميا لافتا داخل الدولة والحزب الحاكم العدالة والتنمية، وينظر إلى القرار بأنه خطوة تدفع البيرق نحو نفوذ سياسى أكبر لإعداد الرجل لخلافة أردوغان فى الحكم.
وفى يوليو الماضى دفع الرئيس التركى بصهره بيرات البيرق وهو الشخص النافذ فى النظام إلى الأضواء من جديد فى لباس وزير المالية ليعبد بذلك الطريق أمامه للصعود إلى سلم الحكم، بعد أن كان يتولى وزارة الطاقة منذ 2015.
بحسب صحيفة زمان التركية، تأتى هذه الخطوة بعدما قام أردوغان بتعيين نفسه رئيسًا لصندوق أصول البلاد وصهره البيرق نائبًا له، بالإضافة إلى تعيين 6 أعضاء من حزب العدالة والتنمية فى إدارة الصندوق، الأمر الذى اعتبره مراقبون تحويلا لهذه المؤسسة إلى ما يشبه شركة تجارية عائلية تتحكم فى الموارد العامة.
واتخذ مجلس إدارة صندوق الأصول فى تركيا قرارًا فوّض وزير المالية صهر أردوغان البيرق بتمثيل الشركات التابعة للصندوق لمدة 3 سنوات قادمة، ونشر القرار والتوجيه الداخلي المتعلق به فى جريدة السجل التجاري بتاريخ 29 نوفمبر المنصرم من العام الجارى.
ويفوض قرار مجلس إدارة صندوق الأصول وزير المالية البيراق بتمثيل الصندوق ويتصرف فى جميع الأموال والشركات العامة العملاقة التابعة له “فى جميع الظروف ودون أى قيد حتى 11 سبتمبر2021”.
من هو البيرق؟
البيرق هو ابن المؤلف والكاتب التركى صادق البيرق ذو التوجهات الإسلامية والذى تربطه بأردوغان علاقة صداقة قوية قديمة منذ عام 1980، فى يوليو2018 تعيينه وزيرا للمالية والخزانة إضافة إلى تنصيبه وزير المالية أيضا فى مجلس الشورى العسكرى الأعلى وفقا لمرسوم رئاسى، نظر مراقبون إلى صهر أردوغان الوسيم ذو الكاريزما القوية على أنه خليفة أردوغان بعد عام 2028، والوريث للنظام الأردوغانى الجديد، حيث يستمد البيرق قوته من والد زوجته، وعليه تعاظم نفوذ السنوات الماضية، كما أنه حاول إقصاء السياسيين الذين كانوا يرافقون أردوغان للصعود على أكتافهم.
فساد ونفوذ قوى فى الحزب الحاكم
ويبلغ البيرق من العمر 40 عاما ومتزوج من إسراء، الابنة الكبرى لأردوغان، منذ عام 2004 وقد شهد نفوذه فى السنوات الأخيرة تناميا لافتا فى النظام، ويتورط البيرق فى قضايا فساد كبرى، فالعام الماضى كشفت محاكمة تجرى فى إيران لرجال أعمال تورطوا فى ملف فساد نفطى شارك فيها أيضا رجل أعمال تركى يدعى رضا ضراب، ومسئولين أتراك، أحداث مثيرة حيث اتهمت الشركة الوطنية الإيرانية للنفط "استيلاء صهر الرئيس التركى رجب طيب أردوغان على أموال النفط الإيرانية"، وخلال إحدى جلسات المحاكمة فى يوليو 2017 اتهم الممثل عن الشركة الوطنية الإيرانية للنفط مهدوى، صهر أردوغان بالاستيلاء عن أموال النفط الإيرانية، بدلا من إعادتها إلى خزانة الدولة، موضحًا أن أموال النفط الإيرانية تم إنفاقها فى شراء مصنع للألمونيوم باسم سيدة، وشراء شركة نقل لصهر أردوغان.
وتعمد النظام التركى اعتقال الصحفيين الذين فضحوا فساد البيرق، وفى يوليو العام الماضى اعتقلت السلطات التركية الصحفى تونجا أوكرتان بعد نشره أخبارا حول تسريبات المراسلات الإلكترونية لـ البيرق، قال الصحفى المعتقل آنذاك: "أخبرنى المحامى أن قرار احتجازى جاء بسبب نشرى مقتطفات من مراسلات البيرق، ثم كشف أن مذكرة الاعتقال بحقى صدرت بتهمة الانتماء لتنظيم إرهابى". واعتقل النظام أيضا مراسلها فى تركيا دنيز يوجل بسبب مقالات كتبها حول اختراق البريد الإلكترونى الخاص بـ بيرات البيرق صهر الرئيس رجب طيب أردوغان بحسب تقرير لصحيفة دى فيلت الألمانية فى فبراير 2017.
ومع تعاظم نفوذه داخل الحكم حاول إقصاء رجال أردوغان عن المشهد السياسى، ففى عام 2016 كشفت وسائل إعلام أجنبية، أن البيرق وأخيه سيرحات كانا وراء تقديم داود أوغلو، رئيس الحكومة التركية السابق استقالته وإقصائه من المشهد السياسى التركى وتنحيه عن رئاسة حزب العدالة والتنمية فى 22 مايو من العام نفسه، حيث نظما هجوم سياسى وإعلامى ضده، لأنه رأى أن خروجه من المشهد السياسى يفسح المجال أمام أردوغان لتعزيز سلطته، كما أنه سيفسح للأخير المجال للدفعه به إلى الأضواء بحسب تقرير نشرته فايننشال تايمز مايو 2016.
يمتلك علاقت سرية بتنظيم داعش الإرهابى الذى اشترى من التنظيم النفط السنوات الأخيرة، فقد نشرت ويكيليكس مجموعة كبيرة من الرسائل الإلكترونية لبرات تغطى الفترة ما بين عامى 2000 إلى أواخر 2016، وفضحت روسيا عائلة أردوغان واتهمتهم بالإتجار بالنفط المنتج فى مناطق داعش، فقد قال نائب وزير الدفاع الروسى، أناتولى أنطونوف، أواخر 2016 أن ابن أردوغان بلال وصهره يتاجران بالنفط الذى تبيعه داعش إلى وسطاء ينتهى فى آخر المطاف فى تركيا.
وتربط البيرق علاقات بدولة الاحتلال الإسرائيلى، ففى أعقاب تطبيع العلاقات بين البلدين سلمه أردوغان ملف التطبيع، وسافر إلى إسرائيل فى عام 2016 وعقد لقاءات مع نظيره الإسرائيلى، يوفال شتاينت، تطرقت إلى تعاون البلدين فى مجال نقل الغاز المستخرج من حقول الغاز الإسرائيلية فى البحر المتوسط إلى تركيا والقارة الأوروبية.
ويعد البيرق من المقربين وشخص مرافق دائم لأردوغان وأشارت تقارير إلى أنه كان يرافقه أثناء محاولة الإطاحة ليلة الـ 16 يوليو 2016، وكان يرافقه أيضا فى رحلة العودة إلى اسطنبول فى الطائرة التى نقلته هو ومرافقيه والتى استمر تحليقها لساعات بعد أن تمكن من إجهاض محاولة الإطاحة بحكمه، وكان بجوار أردوغان عقب الإعلان عن القضاء على الانقلاب فى مطار أتاتورك.