من الثوابت أن الأموال المتروكة لا تصلح محلا للسرقة إذ يشترط في المال محل السرقة أن يكون مملوك للغير وهو لا يعتبر كذلك متي استغني صاحبه عنه بإسقاط حيازته، وتري محكمة النقض أن العبرة في ذلك بواقع الأمر من جهة المتخلي وليس بما يدور فى خلد الجاني، وفي ذلك قضت بأنه لما كانت اللوحات المعدنية محل جريمة السرق مملوكة "..." وسرقت من سيارته، كما أورد الحكم المطعون فيه أي أنها مملوكة لغير الطاعن وليست مالاً مباحاً أو متروكاً.
إذ إن الشيء المتروك هو الذي يستغني صاحبه عنه بإسقاط حيازته وبنية إنهاء ما كان له من ملكية عليه وإلى ذلك أشارت المادة 871 من القانون المدني في فقرتها الأولى يصبح المنقول لا مالك له إذا تخلى عنه مالكه بقصد النزول عن ملكيته، فيغدو بذلك ولا مالك له فإذا استولى عليه أحد فلا يعد سارقاً ولا جريمة في الاستيلاء عليه لأنه أصبح غير مملوك لأحد، والعبرة في ذلك بواقع الأمر من جهة المتخلي وليس بما يدور في خلد الجاني، وهذا الواقع يدخل تحريه واستقصاء حقيقته في سلطة قاضى الموضوع الذى له أن يبحث الظروف التي يستفاد منها أن الشيء متروك أو مفقود، ولا يكفى لاعتبار الشيء مفقود أن يسكت المالك عن المطالبة به، أو أن يقعد عن السعي لاسترداده أو أن يحرر محضراً بذلك، بل لا بد أن يكون تخليه واضحاً من عمل إيجابي يقوم به مقروناً بقصد النزول عنه .
وبحسب "المحكمة": لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه أثبت ركن الاختلاس في حق الطاعن وباقي المتهين وأن غرضهم انصرف إلى تملك اللوحات المعدنية غشاً واستدل على ذلك استدلالاً سائغاً ورد على ما ذهب إليه الدفاع من تبرير فعلة الطاعن، فإن ما يثيره الطاعن من أن المال المسروق هو مال متروك لا يكون سديداً - الطعن رقم 20627 لسنة 5 جلسة 2013/11/28 - وهذا القضاء صحيح بوجه عام ولكن يقتضي الضبط والتحديد حتي لا يسوء فهمه، إذ أنه ولئن كان صحيحا أن اعتقاد الجاني بأن المال المختلس كان متروكا لا شأن له في توصيف المال، فإن عدم علم الجاني بأن للمال صاحب أو اعتقاده بأن مالكة تركه من شأنه أن ينفي القصد الجنائي لديه القائم علي العلم بملكيه الغير للمال المختلس فلا تتحق السرقة لأنتفاء ركن العلم.