وجه الرئيس عبد الفتاح السيسي للحكومة أثناء احتفالية "عيد الأم"، بحزمة من الإجراءات ومنها تغليظ عقوبة عدم تسجيل المواليد، حيث تقدم هشام الجاهل، عضو مجلس النواب بمشروع قانون لتغليظ عقوبة عدم تسجيل المواليد، حيث نص قانون الأحوال المدنية لسنة 1994 وفقا لأخر تعديلاته لـ 2018، على ضرورة التبليغ عن وقائع الميلاد خلال 15 يوما من تاريخ حدوث الواقعة.
ويكون التبليغ من المكلفين به على نسختين من النموذج المعد لذلك ومشتملا على البيانات والمستندات التي تحددها اللائحة التنفيذية والتي تؤكد صحة الواقعة، ويُسأل عن عدم التبليغ في المواعيد المقررة المكلفون به بالترتيب السابق، ولا يجوز قبول التبليغ من غير الأشخاص السابق ذكرهم، ونص القانون على أن العقوبة تتمثل في توقيع غرامة تصل لـ 200 جنيه، تلك الغرامة التي يعتبرها الكثيرين هزيلة ولا تتناسب مع الجرم المرتكب في حق الأطفال.
مشروع قانون لتغليظ عقوبة عدم تسجيل المواليد
في التقرير التالي، يلقى "برلماني" الضوء على إشكالية في غاية الأهمية بعد التقدم بمشروع قانون لتغليظ عقوبة عدم تسجيل المواليد، تتمثل في الإجابة على حزمة من الأسئلة أبرزها الهدف من تلك التعديلات، وما هي تلك التعديلات؟ ومن له حق تسجيل المولود فى حالة غياب الأب؟ متي يجب التبليغ عن وقائع الميلاد؟ ما هي عقوبة التأخير في تسجيل المولود في القانون الحالي؟ هل يشترط وجود عقد زواج موثق لتسجيل الطفل؟ هل يحق للطفل مجهول الأب في استخراج شهادة ميلاد؟ هل قيد الطفل المولود في ذاته ومنحه شهادة الميلاد الدالة على ذلك يعد في ذاته حجة في أثبات النسب؟ - بحسب الخبير القانوني والمحامي بالنقض حسام حسن الجعفرى.
في البداية - لا بد لبلدان العالم من معرفة أعداد المواليد والوفيات التي تحدث كل عام - فضلاً عن أسباب الوفاة الرئيسية – وذلك من أجل الاستفادة من نُظم صحية تفي بالغرض، والسبيل الوحيد لتقييد جميع الناس واقتفاء أثر كل الولادات والوفيات هو ما يُعرف بـ"التسجيل المدنى"، فذلك النظام يوفر الأساس اللازم لإعطاء هوية قانونية للأفراد، كما أنّه يمكّن البلدان من تحديد أكثر القضايا الصحية إلحاحاً بالنسبة لها، ولا شك أن مسألة التأخير في الإبلاغ عن واقعة الولادة من الأمور التي تتسبب في العديد من المشكلات خاصة أن هناك آلاف من المواطنين فى القرى والأرياف والنجوع لا يعلمون مدى خطورة هذا الأمر، حيث ينتج عنه أحياناَ سقوط قيد المولود لعدم الالتزام بالمدة المحددة – وفقا لـ"الجعفرى".
ما هي تلك التعديلات والهدف منها؟
الهدف من هذه التعديلات معالجة هذه المشكلة من جذروها سواء عدم الابلاغ عن المواليد أو مشكلة ساقطي القيد أو الزواج دون السن القانوني "تسنين الأطفال"، أما هذه التعديلات تتمثل في التالى – وفقا لـ"الجعفرى" - فقد نص شروع القانون على:
1-أنه يختص مديرو إدارات الأحوال المدنية بفحص طلبات قيد ساقطي قيد الميلاد والوفاة وإصدار قرار القيد إذا قدم الطلب خلال ستة أشهر من تاريخ الواقعة.
2-يعاقب جميع الأشخاص المكلفون بالتبليغ والمذكورين تفصيلا بنص المادة 20 من القانون، على مخالفة هذه المادة بالحبس مدة لا تقل عن ثلاث سنوات، وبغرامة لا تقل عن عشرون ألف جنيه.
3-يعاقب جميع الأشخاص المكلفون بالتبليغ والمذكورين تفصيلا بنص المادة 20 من القانون، وذوي الشأن المنصوص عليها في الفقرة الثانية من المادة (5) من هذا القانون على مخالفة أحكام المواد 19، 21، 22، 24، 31 (فقرة أولى) 35، 41، (فقرة أولى) 53، 54 (فترة أولى) 58، 60 بالحبس مدة لا تقل عن سنة، وبغرامة لا تقل عن خمسة آلاف جنية.
من له حق تسجيل المولود فى حالة غياب الأب؟
1- والدة الطفل شريطة إثبات العلاقة الزوجية على النحو الذي تبينه اللائحة التنفيذية.
2- مديرو المستشفيات والمؤسسات العقابية ودور الحجر الصحي وغيرها من الأماكن التي تقع فيها الولادات.
3- العمدة أو الشيخ.
4- كما يجوز قبول التبليغ ممن حضر الولادة من الأقارب والأصهار البالغين حتى الدرجة الثانية.
5- يسأل عن عدم التبليغ فى المواعيد المقررة المكلفون به بالترتيب السابق.
متي يجب التبليغ عن وقائع الميلاد؟
نصت المادة 19 من قانون الأحوال المدنية تنص على أنه: "يجب التبليغ عن وقائع الميلاد خلال 15 يومًا من تاريخ حدوث الواقعة (الميلاد)، ويكون التبليغ من المكلفين به على نسختين من النموذج المعد لذلك، ومشتملًا على البيانات والمستندات التي تحددها اللائحة التنفيذية والتي تؤكد صحة الواقعة".
ما هي عقوبة التأخير في تسجيل المولود في القانون الحالي؟
نصت المادة 66 من قانون الأحوال المدنية على أن العقوبة تتمثل في توقيع غرامة تصل لـ200 جنيه، وجاء نص المادة كالتالي: "يعاقب على مخالفة أحكام المواد (19) بغرامة لا تقل عن مائة جنيه ولا تزيد على مائتي جنيه".
هل يشترط وجود عقد زواج موثق لتسجيل الطفل؟
لا - يجوز الاحتجاج بعدم وجود عقد زواج موثق رسميا لحرمان الأم التي التصق بها طفلها من حقها الطبيعي في رعاية طفلها بل وحرمان طفلها من حقه الدستوري في تمتعه بأدلته الثبوتية لشخصيته، حتى ولو كان هذا الزواج العرفي موضوع لخلافات بين الزوجين من حيث انعقاده، فلا يجب أن يتخذ من ذلك سبيلا لحرمان الطفل في أن يكون له وثيقة ميلاد دالة على إنسانيته وتضمن له ممارسة حياته الطبيعية في المجتمع، طالما لم يثبت بدليل قاطع عكس ما تدعيه والدته من نسبته لأبيه في عقد زواجها العرفي وذلك بموجب حكم نهائي صادر من المحكمة المختصة.
هل يحق للطفل مجهول الأب في استخراج شهادة ميلاد؟
نعم - يجوز قيده بسجلات مصلحة الأحوال المدنية باسم أب وهمي - وليس منسوب لشخص طبيعي - وذلك حماية لوضع ظاهر يميز المولود مجهول الأب، فالمشرع الدستوري قد ألزم الدولة بكافة أجهزتها الإدارية والتنفيذية والتشريعية تغليب مصلحة الطفل الفضلى في جميع الإجراءات التي تتخذ حياله، والتي يأتي على قمتها حقه أن يكون له الاسم الدال على شخصيته القانونية، وذلك تقديرا منه أن الاسم ليس مجرد بطاقة شخصية أو رقم قيد، وإنما هو علامة مميزة للمولود تعطيه مظهرا من مظاهر الوجود والحياة، وبهذه المثابة فان حرمان الأم من ان يكون لطفلها وثيقة ميلاد للطفل في حالة الميلاد سفاحًا يعد نوعا من الإيذاء البدني والنفسي للام وعدوانا على اخص ما منحه لها الدستور من حقوق، كما أن حرمان الطفل من حمل شهادة ميلاد تثبت فيها البيانات الخاصة به، دون ان يرد بها ما يحقر من شأنه أو يتسبب له في المهانة على المستوى الشخصي والاجتماعي، هو أعظم هدرًا لحقوقه المصونة دستوريًا.
هل قيد الطفل المولود في ذاته ومنحه شهادة الميلاد الدالة على ذلك يعد في ذاته حجة في أثبات النسب؟
لا - أن قيد الطفل المولود في ذاته ومنحه شهادة الميلاد الدالة على ذلك لا يعد في ذاته حجة في أثبات النسب وإنما مجرد قرينة بسيطة عليه قابلة لإثبات العكس على النحو السالف بيانه، فحرمان الطفل من حمل شهادة ميلاد تثبت فيها البيانات الخاصة به، دون أن يرد بها ما يحقر من شأنه أو يتسبب له في المهانة على المستوى الشخصي والاجتماعي، هو أعظم هدرًا لحقوقه المصونة دستوريًا.
العقوبات المقررة في القانون الحالى
وأما عن إشكالية شروط الابلاغ عن واقعة الولادة والإجراءات التي يجب اتباعها والأثار المترتبة حال عدم قيد المولود حيث يعود التسجيل المدني بفوائد عديدة، وحق الفرد فى أن يُقيّد في بداية حياته ونهايتها من الأمور الأساسية لضمان اندماجه في المجتمع، فقد أجاب بشكل واضح وصريح في الطعن رقم 260 لسنة 1960 بشأن الأحوال المدنية، وتحديداَ المواد 26 و29 و34 و35 من قرار وزير الداخلية رقم 120 لسنة 1965 باللائحة التنفيذية للقانون رقم 260 لسنة 1960 بشأن الأحوال المدنية، حيث أكد أن المشرع أوجب الإبلاغ عن واقعة الميلاد خلال 15 يوماَ من تاريخ حدوث الواقعة، واعتبر المواليد الذين لم يبلغ عنهم ساقطى القيد – كما أنه لم يجز المشرع قيد المواليد الذين بلغ عن ميلادهم بعد سنة من تاريخ الميلاد إلا بناء على قرار يصدر من لجنة ساقطى القيد – هكذا يقول "الجعفرى".
ولا يجوز الطعن على القرار بعد مرور 7 أيام
واعتبر المشرع قرار اللجنة نهائياَ بعدم الاعتراض عليه خلال 7 أيام من تاريخ الإعلان – فبمضى مدة الاعتراض تكون اللجنة قد استنفذت ولايتها ولا يجوز المنازعة أو مخالفة ما تضمنه قرارها إلا بالطعن عليه قضائياَ – لا يجوز لهذه اللجنة أن تعاود النظر في قرارها أو تعيد إصدار هذا القرار على نحو مخالف لما سبق أن تضمنه قرارها السابق – القرار الجديد الصادر بناء على مخالفة القواعد السابقة يعتبر معدوماَ لا يرتب أي أثر قانونى، والمادة "15" من قانون الأحوال المدنية رقم 260 لسنة 1960 المعدل بالقوانين أرقام 11 لسنة 1965، 158 لسنة 1980 تنص على: "يجب التبليغ عن المواليد خلال 15 يوماَ من تاريخ حدوث الولادة.."، وتنص المادة "36" على أنه: "لا يجوز إجراء أى تغيير أو تصحيح فى قيود الأحوال المدنية المدونة فى سجلات الواقعات والسجل المدنى إلا بناء على قرار يصدر من اللجنة المنصوص عليها فى المادة 41".
وتنص المادة "40" على أن: "تتبع فى شأن من يبلغ عن ميلاده أو وفاته بعد الميعاد المحدد لذلك فى القانون وقبل نهاية السنة الأولى من تاريخ الميلاد أو الوفاة الإجراءات التى تحدد لذلك فى اللائحة التنفيذية ولا تقييد المواليد أو الوفيات التى بلغ عنها بعد نهاية سنة من تاريخ الميلاد أو الوفاة فى السجلات المخصصة لذلك إلا بناء على قرار يصدر من اللجنة المنصوص عليها فى المادة 41"، وتنص المادة "41" على أن: "تشكل فى دائرة كل محافظة، وتختص هذه اللجنة بالفصل فى طلبات تصحيح قيود الاحوال المدنية فى سجلات الواقعات وفى السجل المدني وفى طلبات قيد المواليد والوفيات المنصوص عليها فى المادة السابقة، وتحدد اللائحة التنفيذية الاجراءات الخاصة بتقديم هذه الطلبات والفصل فيها".