ذهبت سيدة مصرية وطفلتها إلى محل كشري شهير في سراي القبة الساعة 5:50 مساءً لتناول وجبة طعام لها ولطفلتها مقابل سداد ثمن قيمة هذه الوجبات، إلا أن إدارة المحل رفضت انعطاطيهما الوجبات ورفضوا استقبالهما في صالة المحل بحجة إن المكان مغلق فى هذا الوقت وممنوع الأكل لحين آذان المغرب والإفطار، وذلك بحجة الحفاظ على مشاعر المسلمين.
وفى تلك الأثناء - أصدرت إدارة محل الكشري بيان تتناقض فيه مع نفسها مرة تُزعم أن العميلة طلبت "تيك أوي"، وليس من حقها الجلوس في المحل، وفِي نفس البيان تُزعم رواية أخري، وتقرر إذا حدث غير ذلك فهو خطأ فرد وليس منظومة، وسوف يتم معاقبة المخطئ على الخطأ المرتكب، وهذه الروايات المتناقضة تؤكد مما لا يدع مجالاً للشك عدم صحة مزاعمهم وأنهم امتنعوا عن تقديم خدمات للمواطنين بدون وجه حق، مما يعرضهم للمساءلة القانونية التي قد تصل عقوبتها للغلق والغرامة والحبس.
محل كشرى يمنع تناول الطعام في نهار رمضان بين التأويل والتطبيق
تلك الواقعة – جعلت أثارت حالة من الاستياء بين رواد مواقع التواصل الاجتماعي منهم شخصيات عامة وفنانين، حيث هاجمت الفنانة سمية الخشاب المطاعم التي تفتح للعمل قبل الإفطار في شهر رمضان، وتفرض على مرتاديها عدم تناول الطعام إلا بعد الإفطار، واصفة ذلك بأنه أكبر مظاهر "التخلف"، وطالبت بعدم فرض الطقوس والمعتقدات على أحد، فيما دون المفكر الدكتور طارق حجي على صفحته الشخصية قائلا: "امتناع بعض المطاعم والمحال عن بيع الطعام أثناء نهار رمضان هو من معالم (دعشنة) المجتمع"، باعتبار أن هذا السلوك غير الإنساني من إدارة المحل ضد المرأة وطفلتها أحدث حالة من الغضب والاستياء الشديدين لدي المصريين علي مواقع التواصل الاجتماعي وتصاعدت دعوات تطالب بمقاطعة المحل.
أسلوب جديد لـ"دعشنة" المجتمع
من جانبه – يقول الخبير القانوني والمحامى بالنقض هانى صبرى - مثل هذه التصرفات الغير مسؤولة من إدارة المحل تضر المجتمع ومخالفة للدستور والقانون، ويجب أن نعلم أنه لا توجد عقوبة في القانون المصري تجرّم المجاهرةُ بالفطرِ نهار رمضان، ونتساءل من نصب هؤلاء أولياء وأوصياء علي الناس، وهل من الإنسانية والرحمة إن يمتنعوا عن تقديم الطعام للمرأة وطفلتها، ونؤكد أن المجاهرةُ بالفطرِ في شهر رمضان ليس مجرما بالقانون المصري، والمصريون يصوموا منذ أكثر من الف عام ولا توجد مشاكل، فلماذا التحريض إذن على عقاب غير الصائم ، وعدم مراعاة المرأة والأطفال وكبار السن وغيرهم.
وبحسب "صبرى" في تصريح لـ"برلماني": فالصيام علاقة خفية بين الإنسان وربه، فالعبادات في غالبها ممارسة بارزة وظاهرة، أما الصوم فهو سر بين العبد وربه لا يعلمه ولا يراه إلا هو، وقال القرطبي أن الصوم لا يقع فيه الرياء كما يقع في غيره، والصوم لا يطلع عليه بمجرد فعله إلا الله، والعذر في الصيام إنما هو أمر بين العبد وربه ولا يعلمه الناس كافة، فلماذا يحاول البعض تنصيب أنفسهم أوصياء علي البشر للتحكم في ظروفهم وحياتهم والاطلاع علي أسرارهم لمعرفة هذا المسوغ مقبول من وجهة نظرهم ام لا ، وهذا يجعل الكثيرين يتدخلوا في شؤون الآخرين وربما تحدث خلافات وصراعات بينهم نحن في غني عنها، ناهيك عن وجود ديانات أخري، واللادينيين لا يصوموا شهر رمضان.
الدستور أعلى قدر الحرية الشخصية
ووفقا لـ"صبرى": إن الدستور أعلى قدر الحرية الشخصية، فاعتبرها من الحقوق الطبيعية الكامنة في النفس البشرية، الغائرة في أعماقها، والتي لا يمكن فصلها عنها، ومنحها بذلك الرعاية الأوفى والأشمل توكيدا لقيمتها، وبما لا إخلال فيه بالحق في تنظيمها، وبمراعاة القوانين، ولا يجوز أن تفرض عقوبة ليس لها من صلة بفعل أتاه فيعقاب لمجرد أنه تناول الطعام في نهار رمضان، فبالتالي تنفصل العدالة الجنائية عن مقوماتها التي تكفل لكل شخص حدا أدنى من الحقوق التي لا يجوز النزول عنها أو التفريط فيها.
ويضيف: إن النصوص العقابية، تصاغ في حدود ضيقة جرمها المشرع، وحدد ماهيتها، لضمان ألا يكون التجهيل بها موطئا للإخلال بحقوق كفلها الدستور للمواطنين، حيث إن الأصل العام كوّن التجريم والعقاب بيد السلطة التشريعية، حيث إن الدستور المصري الحالي ينص في المادة 95 علىّ "العقوبة شخصية، ولا جريمة ولا عقوبة إلا بناء على قانون، ولا توقع عقوبة إلا بحكم قضائى، ولا عقاب إلا على الأفعال اللاحقة لتاريخ نفاذ القانون".
لا توجد عقوبة للمجاهرة بالإفطار
إن مبدأ شرعية الجرائم والعقوبات، غدا أصلاً ثابتاً كضمان ضد التحكم فألا يؤثم القاضي أفعالا ينتقيها، ولا يقرر عقوبتها وفق اختياره إشباعا لنزوة أو انفلاتاً عن الحق والعدل، ومن ثم يكون التأثيم ، عائداً إلى المشرع الذي اتخذ من ضمان الحرية الشخصية بنيانا لإقراره توكيده، إلا أن هذه الحرية ذاتها هي التي تقيد من محتواه ، فلا يكون إنفاذ هذا المبدأ لازما إلا بالقدر وفي الحدود التي تكفل صونها ولا تفسرها بما يخرجها عن معناها أو مقاصدها، ولا مد نطاق التجريم ، وبطريق القياس ، إلى أفعال لم يؤثمها المشرع.
بالتأكيد نقدر المشاعر الدينية للجميع ونحترم معتقداتهم والشعب المصري يحتفل في كل أعياده ومناسباته الدينية والوطنية المختلفة معنا بمنتهي المحبة والاحترام والتقدير والمودة ، ويشهد الجميع علي بذلك، لكن مثل هذه التصرفات غير المسؤولة يجب التصدي لها بكل حزم وفقاً للقانون، ويجب على المتضررين الإبلاغ عن مثل هذه الأمور لتفعيل الرقابة المجتمعية، كما يجب إن تعمل الجهات المعنية ومنها جهاز حماية المستهلك علي اتخاذ كافة الإجراءات القانونية ضد المخالفين عند حجب السلع أو الامتناع عن بيعها بالمخالفة للقانون، وضبط الأسواق لتفعيل الدور الرقابي لحماية المواطنين.
دور جهاز حماية المستهلك في ضبط المسألة
إن جهاز حماية المستهلك يهدف إلى توفير الحماية الكاملة للمستهلك وإلزام كل تاجر بتطبيق بنود القانون وإلا تعرض كل من يخالفه للعقوبات والغرامات التي أقرها قانون حماية المستهلك، وصون وحماية المستهلكين منها حقه في الصحة والسلامة وفي الكرامة الشخصية، والجهاز يملك كل الصلاحيات للدفاع عن حقوق المستهلكين، ويعتبر جهاز حماية المستهلك وفقاً للقانون رقم 67 لسنة 2006 هو الوكيل عن المواطنين والمدافع عنهم في مواجهة كل ما يخل بحقوقهم الاستهلاكية، وبناء عليه نطالب جهاز حماية المستهلك التحقيق في هذه الواقعة، وإحالتها للنيابة لاتخاذ شؤونها، ونناشد الجميع تفعيل الرقابة المجتمعية في إطار متوازي مع الرقابة المؤسسية التي تستهدف ضبط مثل هذه الممارسات الخاطئة لحماية حقوق المواطنين، وبالقانون هذا التصرف غير المسؤول يعرضهم للمساءلة القانونية وجريمة يعقاب عليها القانون، ونطالب بايقاف المصري اليوم وإحالة رئيس ومدير والمحل للمحاكمة الجنائية – الكلام لـ"صبرى".