أصدرت دائرة الإيجارات – بمحكمة النقض – حكما يهم ملايين الملاك والمستأجرين، رسخت فيه لـ 5 مبادئ قضائية حول إجراءات إخلاء الشقة وإنهاء العقد وعدم امتداده، قالت فيه: "عدم وجوب اختصام جميع ورثة المستأجر فى دعوى الإخلاء لانتهاء العقد بوفاته أو تركه العين، واستمرار عقد إيجار المسكن بعد وفاة المستأجر الأصلى مشروط بإقامتهم مع المستأجر بالعين المؤجرة وليس باعتبارهم ورثة".
صدر الحكم في الطعن المقيد برقم 18178 لسنة 89 قضائية، برئاسة المستشار عبد الرحيم الصغير زكريا، وعضوية المستشارين عبد الصمد محمد هريدى، وعبد الناصر عبداللاه فراج، ووليد ربيع السعداوى، وصلاح الدين فتحى الخولى.
الوقائع.. نزاع حول إقامة الورثة في الشقة بعد وفاة المستأجر الأصلى
تتحصل وقائع النزاع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق – في أن المطعون ضدهم أقاموا على الطاعنة الدعوى رقم 1525 لسنة 2013 أمام محكمة شمال القاهرة الابتدائية بطلب الحكم بإنهاء العلاقة الايجارية الصادر بشأنها الحكم رقم 2747 لسنة 1978 شمال القاهرة الابتدائية امتدادا لعقد ايجار عين النزاع المؤرخ 1 نوفمبر 1970 والإخلاء والتسليم، وقالوا بيانا لذلك: أن والد زوج الطاعنة كان يقيم مع ابنته وزوجها – المستأجر الأصلى – الذى ترك له عين النزاع، وقد تحصل الأول على الحكم سالف البيان قبل مورثة المطعون ضدهم بأحقيته في امتداد عقد الايجار المؤرخ 1 نوفمبر 1970 وتحرير عقد ايجار له، وقد استمر في الإقامة بعين النزاع ونجله زوج الطاعنة إلى أن توفى الأخير في عام 2013، وإذ لم يكن للطاعنة حق في امتداد إقامتها فقد أقاموا الدعوى.
في تلك الأثناء – وجهت الطاعنة دعوى فرعية بثبوت العلاقة الايجارية فيما بين مورثها ومورثة المطعون ضدهم وبأحقيتها في الامتداد القانوني لعقد الايجار، وإلزامهم بتحرير عقد ايجار لها بذات شروط عقد الايجار، ثم ندبت المحكمة خبيرا وبعد أن أودع تقريره حكمت بتاريخ 31 مارس 2018 بالطلبات في الدعوى الأصلية وبعدم قبول الدعوى الفرعية شكلا، ثم استأنفت الطاعنة هذا الحكم بالاستئناف رقم 5952 لسنة 22 قضائية القاهرة، وبتاريخ 26 يونيو 2019 قضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف، ثم طعنت الطاعنة هذا الحكم بطريق النقض.
مذكرة الطعن تستند على القصور في التسبيب
مذكرة الطعن استندت على عدة أسباب لإلغاء الحكم حيث ذكرت أن ما تنعى به الطاعنة بالسبب الرابع من أسباب الطعن على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب، وفى بيان ذلك تقول إنها تمسكت بدفاع حاصله عدم قبول لرفعها على غير ذي كامل صفة لعدم اختصام ورثة زوجها – نهال وانجى – اللتين كانتا تقيمان معه حتى وفاته، إذ لا يتصور انتهاء العقد بالنسبة لها دون باقى الورثة، إلا أن الحكم المطعون فيه التفت عن هذا الدفع مما يعيبه ويستوجب نقضه.
المحكمة في حيثيات الحكم قالت إن هذا الدفع في غير محله، ذلك بأن من المقرر – في قضاء هذه المحكمة – أن النص في الفقرة الأولى من المادة 29 من القانون رقم 49 لسنة 1977 يدل على أن المشرع عدد حالات استمرار عقد ايجار المسكن الخاضع لتشريعات ايجار الأماكن بعد وفاة المستأجر الأصلي أو تركه العين حصرا جاعلا القاعدة، فيمن يستمر العقد لصالحه من ذويه الذين أوردهم تحديدا هي الإقامة مع المستأجر الأصلي، ولم يجعل ركيزة هذه القاعدة علاقة الإرث بين المستأجر الأصلي وورثته، مما مفاده أن دعوى الإخلاء لانتهاء العقد بوفاة المستأجر أو تركه العين هي دعوى لا تتعلق بتركته التي تكون محلا للتوريث، ومن ثم فلا يكون ثمة محل لوجوب اختصام ورثته.
محكمة النقض تضع شروط الطرد والاخلاء
وبحسب "المحكمة": كما أن الإقامة المستقرة المعتادة هي المناط في استمرار عقد الايجار لأقارب المستأجر الذين عددتهم المادة المشار إليها، ومن ثم فإن النزاع يكون بطبيعته قابلا للتجزئة، إذ أن الفصل فيه يحتمل القضاء لأحدهم دون الأخرين ممن لم يتحقق بالنسبة لهم شرط الإقامة، لما كان ذلك، وكان البين من الأوراق أن الدعوى قد أقيمت قبل الطاعنة لإنهاء العلاقة الايجارية بوفاة زوجها "مورثها" وعدم توافر الامتداد القانوني لها، وهو نزاع قابل للتجزئة، إذ أن العقد يمتد لمن تثبت إقامته دون الآخرين، فهذه الدعوى لا تتعلق بتركته التي تكون محلا للتوريث، ومن ثم فلا يكون ثمة محل لوجوب اختصام ورثته.
ووفقا لـ"المحكمة": حاصل ما تنعى به الطاعنة على الحكم المطعون فيه بأسباب الطعن الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع، وفى بيان ذلك تقول إنها تمسكت بدفاع حاصله أن زوجها امتد إليه عقد الايجار عن والده المستأجر الأصلي لعين النزاع بالترك منذ عام 1994 وليس بوفاة الأخير عام 2004، ومن ثم يعد زوجها مستأجرا أصليا عملا بنص المادة 29/1 من القانون رقم 49 لسنة 1977 منذ التاريخ الأول، وقد طلبت إحالة الدعوى للتحقيق لإثبات ذلك إلا أن الحكم المطعون فيه أغفل هذا الدفاع إيرادا وردا رغم جوهريته، وما ثبت من أقوال الشهود أمام الخبير وشهادة وفاة والد زوجها من ترك العين للأخير عام 1994 وقضى بتأييد الحكم المستأنف بإخلاء وتسليم عين النزاع استنادا إلى وفاة مورثها عام 2013 الذى امتد إليه العقد عام 2004 اللاحق لحكم المحكمة الدستورية العليا رقم 70 لسنة 18 قضائية دستورية، الواجب النفاذ اعتبارا من 14 نوفمبر 2002 لاستنفاد مرات الامتداد القانوني لعقد الايجار سند الدعوى، مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وتوضح حالات وشروط امتداد عقد الايجار من الأبناء للأحفاد
وتضيف: هذا النعي سديد، ذلك بأن من المقرر – في قضاء هذه المحكمة – ان النص في الفقرة الأولى من المادة 29 من القانون 49 لسنة 1977 على أنه: "لا ينتهى عقد ايجار المسكن بوفاة المستأجر أو تركه العين إذا بقى فيها زوجه وأولاده أو أي من والديه الذين كانوا يقيمون معه حتى الوفاة أو الترك"، يدل على أن عقد ايجار المسكن لا ينتهى بالنسبة لهؤلاء بوفاة المستأجر الأصلي أو تركه العين، وتستمر العلاقة الايجارية قائمة مع أي من المستفيدين المشار إليهم متى كانت إقامتهم بالعين مستقرة حتى تاريخ الوفاة أو الترك، وأن قضاء المحكمة الدستورية العليا الصادر بتاريخ 3 نوفمبر 2002 في القضية رقم 70 لسنة 18 قضائية دستورية بعدم دستورية نص الفقرة الثالثة من المادة 29 من القانون رقم 49 لسنة 1977.
وتابع: فيما لم يتضمنه من النص على انتهاء عقد الايجار الذى يلتزم المؤجر بتحريره لمن لهم الحق في شغل العين بانتهاء إقامة أخرهم سواء بالوفاة أو الترك وإن كان مقتضاه عدم جواز امتداد عقد الايجار إلى أقارب المستأجر المقيمين معه من زوج وأبناء ووالدين وفقا لحكم الفقرة الأولى من ذات المادة لأكثر من مرة واحدة، إلا أنه لما كانت المحكمة الدستورية العليا قد استشرفت خطر إعمال الأثر الرجعى المقرر للأحكام الصادرة بعدم دستورية القوانين في خصوص هذا الحكم وأعلمت الرخصة التي خولتها لها الفقرة الثالثة من المادة 49 من قانونها، وقضت بسريانه بأثر فورى على الوقائع التالية لتاريخ نشره في الجريدة الرسمية الحاصل في 14 نوفمبر 2002.
عدم وجوب اختصام جميع ورثة المستأجر في دعوى الإخلاء
وكان مفاد سريان هذا الحكم بأثر فورى أن عقد الايجار لا يمتد قانونا لمرة ثانية إذا كان قد سبق وامتد – وفقا لحكم الفقرة الأولى من المادة 29 من القانون 49 لسنة 1977 – في تاريخ لاحق على نشر الحكم وليس في تاريخ سابق على ذلك، بما مؤداه أن جميع العقود التي كانت قائمة في يوم 14 نوفمبر 2002 ولو كانت قد أبرمت إعمالا لأحكام الامتداد القانوني لعقود الايجار وتنزل منزلتها الوقائع التي ترتب عليها قيام التزام على المؤجر بتحرير عقد ايجار للمستفيدين من هذا الامتداد نزولا على أحكامه، فتعد عقودا قائمة حكمها، حيث كان يجب تحريرها وتظل قائمة ومنتجة لأثارها القانونية، وأنه يجوز من بعد هذا التاريخ امتداها إلى أقارب المستأجر ومن أخذ حكمه ممن سبق وامتد إليه العقد من الذين تتوافر لهم الشروط والضوابط المنصوص عليها في المادة 29 السالفة الإشارة إليها على أن يكون هذا الامتداد لمرة واحدة فقط بحيث تنتهى تلك العقود بانتهاء إقامة أخر هؤلاء الأقارب بالعين سواء بالوفاة أو الترك.
تطورات جديدة وهامة سيشهدها ملف الإيجار القديم
يشار إلى أن هناك تطورات جديدة وهامة سيشهدها ملف الإيجار القديم، وذلك بعد اعلان الحكومة تشكيل لجنة مشتركة تمثل الملاك والمستأجرين بهدف العمل على صياغة مشروع قانون، يتم طرحه أولا على الرأي العام، بهدف إجراء حوار مجتمعي بشأنه، قبل إقراره من البرلمان، بهدف الوصول إلى صيغة تعيد التوازن بين المالك والمستأجر، وفي الوقت نفسه مراعاة البعد الاجتماعي، باعتباره أحد أهم القضايا التاريخية المعقدة، وهو ملف الإيجارات القديمة.
وتعتبر أزمة الإيجار القديم من الأمور التي ستظل تشغل بال الملايين بين المالك – المؤجر – والمستأجر في الوقت الذي لاتزال تتوالى ردود الأفعال حول التعديلات المرجوة، الأمر الذي يزيد معه الحالة ترقبا لما سوف تقره اللجنة المشتركة المرتقبة من تشريعات جديدة خلال الفترة المقبلة، مع مراعاة أهمية وحساسية وخطورة هذا القانون، فضلاَ عن مراعاة التوازن بين مصلحة الطرفين المالك والمستأجر.