أصدرت دائرة الإيجارات "أ" – بمحكمة النقض – حكما يهم ملايين الملاك والمستأجرين، رسخت فيه لـ 5 مبادئ قضائية بشأن ترك العين وامتداد عقد الايجار، قالت فيه:
1- التارك لا يعود أبدًا حيث أن تارك العين المؤجرة لا يحق له التمسك بما أسقط حقه فيه".
2- تخلى المستفيد عن الإقامة بالعين المؤجرة جوازه صراحة أو ضمناً باتخاذ موقف لا تدع ظروف الحال شكاً فى انصراف قصده إليه.
3- استخلاص ترك العين المؤجرة والتخلى عنها تعتبر مسألة واقع، ويكون استقلال محكمة الموضوع بتقديرها مشروط بإقامة قضائها على أسباب سائغة.
4- امتداد عقود إيجار الأماكن سببها إقامة أبناء المستأجر الأصلى بالعين المؤجرة إقامة مستقرة حتى تاريخ الوفاة، أما ترك المستفيد العين بنية التخلى عنها لغيره من المستفيدين يكون أثره لا يحق له التمسك بما أسقط حقه فيه.
5- ثبوت هجر المطعون ضده "نجل المستأجر الأصلي" الإقامة بعين النزاع منذ زواجه تاركاً إياها لوالدته التى أقامت فيها بمفردها حتى وفاتها يكون مؤداه توفر الترك بعنصريه فى حقه، ومخالفة الحكم المطعون فيه هذا النظر مستخلصاً من عودة المطعون ضده للإقامة بعين النزاع بعد وفاة والدته وسداده أجرتها عدم ثبوت نية الترك لديه فيه فساد.
ملحوظة:
يشار إلى أن هذا الحكم فيه تباين وتضارب بشأن جواز امتداد عقد الايجار الخاضع للقانون المدنى لورثة المستأجر دون شرط الإقامة معه، حيث نصت المادة 601 من القانون المدنى على أن عقد الايجار لا ينتهى بموت المؤجر ولا بموت المستأجر، كما بين المشرع فى القانون المدنى بالمادة 598 القاعدة العامة لانتهاء عقد الايجار، فبين أنه ينتهى بانتهاء المدة المعينة فى العقد دون حاجة الى تنبيه بالإخلاء مع أحكام النقض المتعلقة بهذا الموضوع.
فقد نصت المادة 601 من القانون المدنى على أن عقد الايجار لا ينتهى بموت المؤجر ولا بموت المستأجر، والسبب فى ذلك أن الايجار ليس من العقود التى يراعى فيها الاعتبار الشخصى عند التعاقد، وبالتالى فإن العقد يستمر بين أحد الطرفين وورثة الطرف الأخر، ومؤدى ما سبق فإنه يكون لورثة المستأجر حق الاستمرار فى الانتفاع بالعين المؤجرة مقابل دفع الأجرة المحددة فى العقد، ويظل حق الورثة المشار إليه قائما حتى تنتهى مدة العقد الاتفاقية بين مورثهم والمؤجر.
صدر الحكم فى الطعن المقيد برقم 6436 لسنة 78 قضائية، برئاسة المستشار عبد الرحيم الصغير زكريا، وعضوية المستشارين عبد الصمد محمد هريدى، وعبد الناصر عبداللاه فراج، ووليد ربيع السعداوى، وصلاح الدين فتحى الخولى.
الوقائع.. نزاع بين المالك والوارث حول امتداد عقد الإيجار من عدمه
الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق – تتحصل فى أن الطاعنة أقامت على المطعون ضده الدعوى رقم 2026 لسنة 2005 أمام محكمة شمال القاهرة الابتدائية بطلب الحكم بإنهاء عقد الإيجار المؤرخ 30 ديسمبر 1966 وإخلاء عين النزاع والتسليم، وقالت بيانًا لذلك إنه بموجب هذا العقد استأجر والد المطعون ضده عين النزاع لاستعمالها سكنًا خاصًا وأقام بها وزوجه وأولاده ومن بينهم المطعون ضده الذى ترك الإقامة بالعين قبل وفاة والده، وإذ توفى المستأجر الأصلى ومن بعده زوجه دون أن يقيم بالعين من يستحق الامتداد القانونى فأقامت الدعوى.
وفى تلك الأثناء – تم ندب المحكمة خبيرًا، وبعد أن أودع تقريره وجه المطعون ضده دعوى فرعية بطلب امتداد العلاقة الإيجارية عن شقة النزاع وإلزام الطاعنة بتحرير عقد إيجار له، وأدخلت الطاعنة نجلة المطعون ضده خصمًا فى الدعوى، وأضافت سببًا جديدًا هو ترك المطعون ضده عين النزاع عقب زواجه بتاريخ 31 يوليو 2007 ثم حكمت المحكمة بالطلبات فى الدعوى الأصلية وبرفض الدعوى الفرعية، ثم استأنف المطعون ضده هذا الحكم، وبتاريخ 2 مارس 2008 قضت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف وبرفض الدعوى، ثم طعنت الطاعنة فى هذا الحكم بطريق النقض.
شقة النزاع مستأجرة منذ 56 سنه
مذكرة الطعن استندت على عدة أسباب لإلغاء الحكم حيث ذكرت إن حاصل ما تنعاه الطاعنة على الحكم المطعون فيه الخطأ فى تطبيق القانون والفساد فى الاستدلال، وفى بيان ذلك تقول إن الحكم المطعون فيه أقام قضاءه برفض دعوى الإخلاء تأسيسًا على خلو الأوراق من ثبوت نية الترك لدى المطعون ضده واستدل على ذلك بعودته للإقامة بعين النزاع بعد وفاة والدته وقيامه بسداد الأجرة فى حين أن ذلك لا يؤدى إلى ما انتهى إليه الحكم من نتيجة، وثبوت توفر ترك العين بعنصريه المادى – بالانتقال إلى الإقامة بمسكن الزوجية بأسوان، والمعنوى بعدم سداد أى التزامات على العين حتى وفاة والدته وذلك حسبما هو ثابت من تقرير الخبير وشهادات ميلاد أولاده وتحرير إيصالات الأجرة باسم زوجة المستأجر الأصلى، مما يعيب الحكم المطعون فيه بما يستوجب نقضه.
المحكمة فى حيثيات الحكم قالت إن هذا النعى سديد، ذلك بأن المقرر – فى قضاء هذه المحكمة – أن تعبير المستفيد عن إرادته فى التخلى عن الإقامة بالعين المؤجرة كما يصح أن يكون صريحًا يصح أن يكون ضمنيًا، بأن يتخذ موقفًا لا تدع ظروف الحال شكًا فى انصراف قصده إلى إحداث هذا الأثر القانونى، وأن استخلاص ترك العين والتخلى عنها هو من مسائل الواقع التى تستقل بها محكمة الموضوع متى أقامت قضاءها على أسباب سائغة تكفى لحمله وتؤدى إلى النتيجة التى انتهت إليها.
5 مبادئ قضائية بشأن انتهاء عقد الإيجار
وبحسب "المحكمة": وكان من المقرر أن أسباب الحكم تعتبر مشوبة بالفساد فى الاستدلال إذا انطوت على عيب يمس سلامة الاستنباط، ويتحقق ذلك إذا استندت المحكمة فى اقتناعها إلى أدلة غير صالحة من الناحية الموضوعية للاقتناع بها أو إلى عدم فهم العناصر الواقعية التى تثبت لديها أو وقوع تناقض بين هذه العناصر كما فى حالة عدم اللزوم المنطقى للنتيجة التى انتهت إليها المحكمة بناء على تلك العناصر التى تثبت لديها بأن كانت الأدلة التى قام عليها الحكم ليس من شأنها أن تؤدى عقلًا إلى ما انتهى إليه أو استخلص من الأوراق واقعة لا تنتجها، وكان امتداد عقد إيجار الأماكن الخاضعة لقوانين الإيجار الاستثنائية منوطًا بثبوت إقامة أبناء المستأجر الأصلى بالعين المؤجرة إقامة مستقرة حتى تاريخ وفاته، إلا أنه ليس ثمة ما يمنع قانونًا من أن يترك المستفيد العين المؤجرة بنية التخلى عنها لغيره من المستفيدين ، وأن يتخذ لنفسه موطنًا آخر يعول عليه فى مراحه ومغداه، فلا يحق له – من بعد – أن يعود إلى التمسك بما أسقط حقه فيه ، ذلك لأن التارك لا يعود أبدًا.
النقض: التارك للشقة لا يعود أبدًا
لما كان ذلك - وكان الحكم المطعون فيه قد استخلص من عودة المطعون ضده للإقامة بعين النزاع بعد وفاة والدته فى 31 يناير 2005 وقيامه بسداد أجرتها عدم ثبوت نية الترك لديه، وهو ما لا يؤدى عقلًا إلى ما انتهى إليه، وكان البين من الأوراق وتقرير الخبير حسبما حصله الحكم أن المطعون ضده قد هجر الإقامة بعين النزاع منذ زواجه متخذًا له موطنًا جديدًا بشقة يمتلكها بأسوان تاركًا عين النزاع لوالدته التى أقامت فيها بمفردها حتى وفاتها، وعدم وفائه بأية التزامات عليها فى تلك الفترة، بما يتوفر معه الترك بعنصريه، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون مشوبًا بالفساد فى الاستدلال بما يوجب نقضه – ولما تقدم – وإذ انتهى الحكم المستأنف إلى فسخ عقد الإيجار المؤرخ 30 ديسمبر 1966 وإخلاء شقة النزاع، وهو ما يتساوى وإنهاء العقد، فإنه يكون قد أصاب صحيح القانون، ومن ثم يتعين القضاء فى موضوع الاستئناف برفضه وتأييد الحكم المستأنف.
تطورات جديدة فى ملف الإيجار القديم
يشار إلى أن ملف الايجار القديم يشهد فى الوقت الحالى تطورات جديدة وهامة تحت قبة البرلمان من مناقشات واقتراحات، بعد اعلان الحكومة تشكيل لجنة مشتركة تمثل الملاك والمستأجرين بهدف العمل على صياغة مشروع قانون، يتم طرحه أولا على الرأى العام.
ويأتى ذلك بهدف إجراء حوار مجتمعى بشأنه، قبل إقراره من البرلمان، وأيضا بهدف الوصول إلى صيغة تعيد التوازن بين المالك والمستأجر، وفى الوقت نفسه مراعاة البعد الاجتماعى، باعتباره أحد أهم القضايا التاريخية المعقدة، وهو ملف الإيجارات القديمة، حيث تعتبر أزمة الإيجار القديم من الأمور التى ستظل تشغل بال الملايين بين المالك – المؤجر – والمستأجر فى الوقت الذى لا تزال تتوالى ردود الأفعال حول مشروع القانون، الأمر الذى يزيد معه الحالة ترقبا لما سوف تقره اللجنة المشتركة المرتقبة من تشريعات جديدة خلال الفترة المقبلة، مع مراعاة أهمية وحساسية وخطورة هذا القانون، فضلاَ عن مراعاة التوازن بين مصلحة الطرفين المالك والمستأجر.