أصدرت الدائرة الجنائية "و" – بمحكمة النقض – حكماَ فى غاية الأهمية بالنسبة لقائدى السيارات حيث وضعت فيه عدة ضوابط لإجراء تحليل المخدرات، كما حسمت الخلاف حول شروط القبض والتفتيش، وحددت ضوابط استيقاف رجال الضبط القضائى لسائقى السيارات، وأخذ عينات من البول لتحليلها، وبيان ما إذا كان السائق يتعاطى المواد المخدرة من عدمه، مؤكدة بطلان القبض على السائقين وأخذ عينات البول منهم لتحليلها "لمجرد الاشتباه" فى تعاطيهم المخدرات، دون توافر شروط حالة التلبس أو صدور إذن قضائى، وعدم بيان الحكم للإمارات التى أدت للقبض على الطاعن يعتبر قصور.
ملحوظة
أصدر الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء، العام الماضى، نشرة حصر المركبات المرخصة وكانت أهم مؤشراتها ما يلى: "بلغ إجمالى عدد المركبات المرخصة بمحافظات الجمهورية 10.8 مليون مركبة فى 2020/12/31 مقابل 11.5 مليون مركبة فى 2019/12/31 بنسبة انخفاض قدرها 6.1%".
صدر الحكم فى الطعن المقيد برقم 14045 لسنة 88 قضائية، برئاسة المستشار نبيه زهران، وعضوية المستشارين أحمد الخولى، ووائل عبد الحافظ، وأشرف خيرى، وأحمد الغرباوى.
الوقائع.. القبض على شخص يقود سيارة بعد اجراء تحليل المخدرات له
اتهمت النيابة العامة الطاعن فى القضية رقم 321 لسنة 2016 جنايات مركز أبو حمص والمقيدة برقم 2132 لسنة 2016 كلى وسط دمنهور، بأنه فى يوم 13 من إبريل 2016 بدائرة مركز أبو حمص – محافظة البحيرة، أولاَ: أحرز بقصد التعاطى عقار "الترامادول" المخدر فى غير الأحوال المصرح بها قانوناَ، ثانياَ: قاد مركبة آلية تحت تأثير مخدر.
النيابة العامة أحالت المتهم إلى محكمة جنايات دمنهور لمحاكمته طبقا للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة، والمحكمة المذكورة قضت حضورياَ فى 26 من فبراير سنة 2018 عملاَ بالمواد 1، 2، 37/1 من القانون رقم 182 لسنة 1960 بشأن مكافحة المخدرات وتنظيم استعمالها والاتجار فيها المعدل بالقانونيين رقمى 61 لسنة 1977، 122 لسنة 1989، والبند رقم 152 من القسم الثانى من الجدول رقم 1 الملحق بالقانون الأول، والمواد 1، 3، 4، 66، 87 من القانون رقم 66 لسنة 1973 المعدل بالقوانين أرقام 210 لسنة 1980، 155 لسنة 1999، 121 لسنة 2008 مع إعمال المادة 17 من قانون العقوبات، وبمعاقبته بالحبس لمدة ستة أشهر وتغريمه مبلغ 10 ألاف جنيه عما أسند إليه.
محكمة أول درجة تقضى عليه بالحبس 6 أشهر.. والمتهم يطعن
فى تلك الأثناء – طعن المحكوم عليه أمام محكمة النقض لإلغاء الحكم حيث استندت فيه مذكرة الطعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمتى تعاطى عقار الترامادول المخدر، وقيادة مركبة آلية تحت تأثير مخدر قد شابه الخطأ فى تطبيق القانون والفساد فى الاستدلال، ذلك أنه أطرح ما دفع به من بطلان الاستيقاف لانتفاء مبررات وبطلان القبض عليه وتفتيشه بما لا يسوغ مما يعيبه بما يستوجب نقضه.
المحكمة فى حيثيات الحكم قالت إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما مفاده أنه وأثناء قيام الضابط لفحص قائدى السيارات وضبط متعاطى المواد المخدرة منهم لقيادتهم السيارات وهم تحت تأثير هذا التعاطى قام باستيقاف السيارة قيادة المتهم، وبمناقشته له بدت عليه علامات وقوعه تحت تأثير المخدر، فطلب منه إجراء التحليل اللازم، فوافق على ذلك وبإجراء ذلك التحليل الذى أثبت تعاطيه لمادة الترامادول المخدر، وبعد أن حصل الحكم واقعة الدعوى على السياق المتقدم، وأورد مؤدى الأدلة التى تساند إليها فى قضائه عرض للدفع المبدى من الطاعن ببطلان القبض وانتفاء مبررات الاستيقاف واطرحه بقوله:
"أنه حال قيام الضابط بحمله مرورية للوقوف على وقوع قائدى السيارات تحت تأثير المخدر، فطلب منه إجراء تحليل عينة بول، فوافق وتبين من التحليل انها إيجابية لمخدر الترامادول، فإن ما قام به ضابط الواقعة قد تم وفق صحيح القانون وتكون حالة التلبس قائمة وجاز لرجل الضبط الحق فى استيقافه، ويكون الدفع ببطلان الاستيقاف والقبض لا يسانده واقع أو القانون".
النقض تضع ضوابط إجراء تحليل المخدرات
ووفقا ل"المحكمة": لما كان ذلك ولئن كان من حق مأمور الضبط القضائى إيقاف سيارة الطاعن أثناء سيرها فى الطرق العامة للتحقق من عدم مخالفة أحكام قانون المرور إلا أنه إذا كان ضابط الواقعة قد استوقف الطاعن أثناء قيادته للسيارة للتحقق من تعاطيه للمخدر من عدمه حسبما سطره الحكم، فإنه فى هذه الحالة يستلزم للاستيقاف شروط ينبغى توافرها قبل اتخاذ هذا الاجراء وهى أن يضع نفسه طواعية منه واختياراَ فى موضع الشبهات والريبة، وأن ينبئ هذا الوضع عن صورة تستلزم تدخل المستوقف للكشف عن حقيقته، وكان الحكم المطعون فيد قد خلص إلى مشروعية استيقاف الضابط للطاعن لمجرد أنه وبمناقشته – بدت عليه علامات وقوعه تحت تأثير المخدر – دون أن يبين ما هى هذه العلامات التى بدا عليها الطاعن.
لما كان ذلك – وكان المقرر أنه لا يضير العدالة إفلات مجرم من العقاب بقدر ما يضيرها الافتئات على حريات الناس والقبض عليهم بغير وجه حق، وكان الدستور قد كفل هذه الحريات باعتبارها أقدس الحقوق الطبيعية للإنسان بما نص عليه فى المادة 54/1 منه، أن الحرية حق طبيعى وهى مصونة لا تمس وفيما عدا حالة التلبس لا يجوز القبض على أحد أو تفتيشه أو حبسه أو تقييد حريته بأى قيد إلا بأمر قضائى مسبب يستلزمه التحقيق، ومؤدى هذا النص أن أى قيد يرد على الحرية الشخصية بوصفها حقا طبيعيا من حقوق الإنسان لا يجوز إجراؤه إلا فى حالة من حالات التلبس.
النقض تؤكد: لابد من تلبس قائد المركبة أو وجود إذن قضائى
كما هو معرف قانوناَ إعمالاَ لنص المادة 66 من قانون المرور المعدل بالقانون رقم 121 لسنة 2008 – المنطبق على واقعة الدعوى – أو صدور إذن من السلطة المختصة، وكانت المادة 66 من قانون المرور رقم 66 لسنة 1973 المعدل بالقانون رقم 121 لسنة 2008 تنص على أن: "يحظر قيادة آية مركبة على من كان واقعاَ تحت تأثير خمر أو مخدر، لمأمورى الضبط القضائى عند التلبس بمخالفة الفقرة الأولى من هذه المادة فى إحدى الحالات المنصوص عليها فى المادة 30 من قانون الإجراءات الجنائية أن يأمر بفحص حالة قائد المركبة بالوسائل الفنية التى يحددها وزير الداخلية بالاتفاق مع وزير الصحة.
وكان من المقرر ان التلبس وصفاَ يلازم الجريمة ذاتها بغض النظر عن شخص مرتكبها ويكفى لتوافرها أن يتحقق مأمور الضبط القضائى من قيام الجريمة بمشاهدتها بنفسه أو أدرك وقوعها بأى حاسة من حواسه – يستوى فى ذلك حاسة النظر أو السمع أو الشم – على أنه ينبغى أن تتحرز المحاكم فلا تقر القبض أو التفتيش الذى يحصل على اعتبار أن المتهم فى حالة تلبس إلا إذا تحققت من أن الذى أجراه قد شهد الجريمة أو أحس بوقوعها بطريقة يقينية لا تحتمل شكاَ أو تأويلاَ ولا يغنيه عن ذلك تلقى نبأها عن طريق النقل من الغير شاهداَ أم متهماَ يقر على نفسه ما دام لم يشهدها أو يشهد آثراَ من آثارها ينبئ بذاته عن وقوعها، وكان تقدير الظروف التى تلابس الجريمة وتحيط بها وقت ارتكابها ومدى كفايتها لقيام حالة التلبس أمر موكولاَ إلى محكمة الموضوع إلا أن ذلك مشروط أن تكون الأسباب والاعتبارات التى تبنى عليها المحكمة تقديرها صالحة لأن تؤدى إلى النتيجة التى انتهت إليها.
الحيثيات: أخذ عينات البول لتحليلها "لمجرد الاشتباه" دون توافر شروط مخالف للدستور
وكانت الوقائع على ما جاء بالحكم المطعون فيه على النحو السالف البيان، تتحصل فى أن ضابط الواقعة قبض على الطاعن وآخذ عينة بول منه لتحليلها لمجرد اشتباه فى تعاطيه مخدر، فإن الواقعة على هذا النحو لا تعتبر من حالات التلبس المبينة بطريق الحصر فى المادة 30 من قانون الإجراءات الجنائية ولا تعد فى صورة الدعوى من المظاهر الخارجية التى تنبئ بذاتها عن توافر جريمة متلبس بها تجيز لمأمور الضبط القضائى القبض على المتهم وتفتيشه، الأمر الذى يضم إجراءات الاستيقاف والقبض على الطاعن وتفتيشه بالبطلان، لأنها لم تتم بناء على إجراءات مشروعة وصحيحة ومتفقة وأحكام القانون بل مشوبة بالانحراف فى استعمال السلطة ووليدة عمل تعسفى مشوب بالبطلان فلا يعتد به ولا بالأدلة المترتبة عليه ويكون ما أسفر عنه هذا الإجراء وشهادة من أجراه قد وقعت باطلة لكونها مرتبة عليه، ولا يصح التعويل على الدليل المستمد منه فى الإدانة، ويكون الحكم المطعون فيه قد تعيب بالخطأ فى تطبيق القانون.