العديد من الأعمال الدرامية والتلفزيونية والسينمائية بدأت تناقش إشكالية استئجار الأرحام الذي تدخلت فيه الكثير من الدول الأوربية خلال الفترة الماضية لتقنين الممارسات الطبية على جسد الإنسان، محاولة قدر المستطاع التوفيق بين مقتضيات التطور العلمي الطبي للتخفيف من آلام البشرية، وبين ضرورة وضع آليات قانونية للسيطرة على هذه التقنيات الجديدة، وضمان توجيهها نحو غايات وأهداف المجتمع، وتخضع عمليات نقل الأعضاء والأنسجة البشرية للمعايير الأخلاقية والضوابط المنصوص عليها في التشريعات واللوائح المنظمة لذلك وخاصة عمليات التلقيح الصناعي وأطفال الأنابيب لتنظيم الإنجاب أو بمعنى آخر التلقيح داخل الجسم وخارجه في الأنابيب.
وجاءت هذه القوانين مختلفة الفلسفة والأحكام، فالبعض آثر التقييد بما استطاع إليه سبيلا من تطبيقات العلوم الطبية الحديثة علي جسد الإنساني، وعلى العكس من ذلك انطلق البعض الآخر نحو الإباحة المطلقة لكل شيء يمس هذا الجسد ما دام وجد التراضي والمصلحة المشروعة من وجهة نظره، وأخلاقيات مهنة الطب تعني الممارسة المحترمة للمهنة وهذه الممارسة تنظم ذاتيا علاقة الأطباء مع بعضهم البعض، وتحدد علاقة الطبيب بالمريض ثم علاقة الطبيب بالمجتمع، وفى مصر نظم ذلك لائحة آداب المهنة وفق قرار وزير الصحة رقم 238 لسنة 2003.
المشرع الدولي أطلق عليها "سياحة الانجاب الصناعي"
في التقرير التالي، يلقى "برلماني" الضوء على إشكالية في غاية الأهمية تتمثل في تأجير الأرحام بين التحريم والتجريم، وذلك مع انتشار هذه المسألة في العالم خاصة الأوربي منه، إزاء التضارب بين التقنيات الأوربية التي تعالج التطبيقات العلمية الحديثة على جسد الإنسان، ووقوع حالات عديدة أنتقل فيها الأطراف من الدولة التي تقيد الوسيلة إلي الدولة المجاورة التي تبيح الوسيلة، ثم العودة للأولي والمطالبة بالاعتراف بالأمر الواقع فيما عرف "بسياحة الإنجاب الصناعي" – بحسب الخبير القانوني والمحامي بالنقض صالح حسب الله.
توصيات الجمعية البرلمانية للمجلس الأوروبي
في البداية - جاءت توصية الجمعية البرلمانية للمجلس الأوربي وتحمل رقم 160 لسنة 1991 لإعداد اتفاقية حول هذه التقنيات، وتشكلت على الفور لجان العمل واستطلعت التشريعات الأوربية المختلفة، وتمت المداولات والمناقشات لتتوج بالاتفاقية الأوربية لحماية حقوق الإنسان وكرامة الكائن البشري في مواجهة التطبيقات البيولوجية والطبية، وقد فتحت للتوقيع عليها في 21 أبريل سنة 1997 من جانب الدول الأعضاء أو من غير أعضاء المجلس الأوربي في "اسبانيا"، ويعمل بها في أول يوم من الشهر الثالث التالي لتوقيع 5 دول علي الأقل عليها، علي أن يكون من بينهم أربع أعضاء في المجلس الأوربي، وبالفعل أتمت 22 دولة التوقيع عليها "من بينها عشر دول من المجلس" حتى يونيه 1998 ودخلت في حيز التنفيذ – وفقا لـ"حسب الله".
استنساخ النعجة "دوللى" ومحاولة استنساخ البشر
ومن جانب آخر - فإن الإعلان عن نجاح أول استنساخ للنعجة "دوللى" في معهد أبحاث "روزلين" بإسكتلندا علي يد العالم الانجليزي "الان ويلموت" في فبراير سنة 1997 م، وما تلاه من قلق وذعر من محاولات استنساخ البشر ما دفع الأمم المتحدة ممثلة في "اليونسكو"، لأن تدعو لعقد اتفاقية دولية لحماية الجين البشري من خطر التقدم العلمي في هذا الاتجاه، هذه الدعوة هي التي بناءا عليها قامت اللجنة الدواية "للأخلاق الطبية و البيولوجية" والتي أنشأتها اليونسكو في عام 1993 لمتابعة الدراسات والأبحاث في هذا المجال وسبل توجيهها بعمل الدراسات اللازمة للسيطرة علي هذه التقنيات وخصصت دورتها الثالثة المنعقدة بتاريخ 27 ،28 ، 29 سبتمبر 1995 م لدراسة هذا المشروع في 1996 م لعرضه علي الدول الأعضاء في المجموعة الدولية لإبداء الرأي والملاحظات حوله – الكلام لـ"حسب الله".
وفي الدورة التاسعة والعشرين لليونسكو، والمنعقدة في باريس بتاريخ 11 نوفمبر 1997 م تبنت اليونسكو هذا المشروع نهائياَ، فما دام أن التدخل على جسد الإنسان بات أمرا لا محالة، فلا مفر من وضع قواعد تدور في فلكها كل القوانين الوطنية للدول المنظمة للاتفاقية، ويمكن أن نجمل هذه الأسس في أربعة:
الشرط الأول: مجانية التدخل على جسد الإنسان
فهذا هو المحور الأول للتعامل علي جسد الإنسان، إذ إن أي تدخل هنا عليه لنقل عضو منه أو أحد مشتقاته لن يسمح به إذا كان هناك مقابل مادي لهذه العملية، فجسد الإنسان يجب أن لا ينزل لمرتبة الأشياء، كما أن مبدأ السمو والكرامة التي نادت به المواثيق الدولية يتنافى بكل تأكيد مع البيع والشراء لأعضاء الجسد أو مشتقاته، إذاَ فأي عملية من هذا القبيل يجب أن تكون تبرعية من جانب المستقطع منه "المعطى"، والمنقول إليه "المتلقي"، وهذا ما جاء في الفصل السادس من الاتفاقية الأوربية الذي ترجم حظر المقابل أو الاستفادة من الجسد الإنساني أو أحد مكوناته، وزيادة في الحرص علي ذلك نصت الاتفاقية علي عدم جواز استعمال العضو المستقطع في أي غرض آخر غير المتفق عليه إلا بموافقة صاحب الشأن "المعطي".
ومن جانب آخر فقد نص الإعلان العالمي للجين البشري في المادة الرابعة منه على أن الجين البشري يجب ألا يكون بطبيعته مصدرا للمكاسب المادية - وجدير بالذكر - أن الأساس القانون لدخول الجسد منطقة التعامل القانوني عليه حُسمت سلفا بإقرار كل القوانين الأوربية وبعض قوانين الدول الأخرى، وأقرت مبدأ قابلية الجسد للتعامل عليه، وبقيت قضية المقابل المادي لهذا التعامل، وهل يجب أن يتم بشكل تبرعي أم بمقابل؟
نص المادة 1128 من القانون الفرنسي
ما نصت عليه المادة 1128 من القانون الفرنسي من أن الأشياء هي فقط محل التعامل القانوني، وبات محل شك كبير خاصة مع عمليات نقل الأعضاء، والمنتجات والأنسجة البشرية التي تتم كل يوم أغلبها بمقابل وبعضها بدون مقابل، وهذا ما حدا البعض للإقرار بأن الجسد الإنساني، وإن كان لا يعد شيئا تجاريا إلا أنه يقع في منطقة التعامل القانوني، وأن فكرة الأشياء التي تقع خارج التجارة القانونية تتنوع طبقا لنوع العقد، فقد يعتبر شيئا التجارة بالنسبة لعقد ما، ولا يعتبر كذلك بالنسبة لعقد آخر، وقد ركزت الفتوى الصادرة عن الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع بمجلس الدولة المصري علي هذه المبادئ.
رأى مجلس الدولة المصرى في "الرضا" بالتعامل في جسم الانسان
سجلت الفتوى الصادرة عن الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع بمجلس الدولة المصري أن "الرضا" بنقل عضو لا يعتبر من التصرفات التي ترد علي محل قابل للتعامل فيه، لأن جسم الإنسان وأي شيء منه لا يرد عليه القابلية للتعامل واعملا للمادة"81" من القانون المدني فإن جسم الإنسان وعضو خارج عن دائرة التعامل، ومن ثم فإن الرضا في شأن الجسم الآدمي لا يقوم به تصرف لازم مما يمكن أن يجبر عليه التصرف بالقضاء، لأنه لا يتعلق بحق مالي يدخل في دائرة القابلية للتعامل، وإنما هو إذن و إجازة تتعلق بحق من الحقوق اللصيقة بالشخص بموجب إنسانيته و ليس بموجب شخصيته القانونية .
ويلاحظ وجود قوائم أسعار للأعضاء المرغوب نقلها، هذه الأسعار خرافية ولا تمت بصلة لنفقات حفظ العضو ونقله، فكل ما يقال بصدد التبرع هو من جانب المستقطع منه والذي لا يحصل علي شيء يذكر أما المتلقي فيدفع مبالغ طائلة للمؤسسة المعالجة نظير إتمام العملية، وتحت بنود شتي والمعروف أن هناك تجارة دولية لنقل الأعضاء سواء بطريق مشروع أو غير مشروع.
الشرط الثاني: ضرورة الحصول علي رضا الشخص
وهذا شرط أولي وأساسي لصحة جسد الإنسان، إذ يجب أن يعلم الشخص المعطي "المتبرع" بكافة تفاصيل ومخاطر العملية، لكي يستطيع أن يعطي رضاؤه عن إدراك تام بجوانب العملية، كما يجب أن يستبعد أي إكراه مادي أو معنوي في هذا الصدد ولاكتمال الشكل القانوني، فيجب أن يتم كتابة وأمام جهة رسمية، وقد ترجمت هذه الشروط في الاتفاقية الأوربية في الفصل الخامس منها.
أما بالنسبة للأشخاص غير المؤهلين لإعطاء رضائهم بالعملية لنقص أو انعدام أهليتهم فقد نصت الاتفاقية علي أصل عام هو عدم جواز استقطاع أعضاء أو أنسجة من جسد أي من هؤلاء لصالح أشخاص آخرين، واستثناء على هذا الأصل انه يجوز استقطاع الأنسجة المتجددة تحت نظر القانون الوطني باجتماع الشروط الآتية: عدم وجود متبرع آخر قادر علي إعطاء الرضاء ومناسب "متوافق الأنسجة" للتبرع بالعضو، ويجب أن يكون المتلقي أخ أو أخت للمتبرع، وأن يكون من شأن إتمام عملية التبرع حفظ حياة المتلقي، وأخيرا الحصول علي الموافقات والترخيصات اللازمة المنصوص عليها في المادة 6 فقرة 2، 3 و المتعلقة برضا النائب القانوني عنهم كتابة.
ونص الإعلان على جواز التدخل على جينات القاصر أو عديم الأهلية بشرط الحصول على الرضا والإجازة ممن له هذا الحق قانونا، وأن تتم للمصلحة العليا له، فإذا استوفي الشكل القانوني له فلا يعني ذلك عدم مقدرة مصدره الرجوع عنه، بل أن مبدأ الرجوع وارد دائما وفي أي لحظة وبدون مسئولية عليه وفقا لنص الفصل الرابع من الاتفاقية.
الشرط الثالث: وجود ضرورة لنقل العضو
فمبدأ حرمة جسد الإنسان لا يهتز لمجرد الرغبات، بل لابد من ضرورة تبرر ذلك، هذه الضرورة التي يجب النص عليها وحصر حالتها حتى لا تخضع لتأويلات كثيرة من أجل ذلك جاء نص الاتفاقية بأن أي عملية استقطاع من متبرع حتى لا تتم إلا بهدف علاجي محض للمتلقي، بشرط عدم وجود ذات العضو من جثة متوفى، وعدم وجود وسيلة علاجية أخري عير ذلك.
الشرط الرابع: حرمة الحياة الخاصة
فليس معني استيفاء الشروط السابقة إمكانية التدخل على جسد الإنسان بدون ضمانات لحماية الحياة الخاصة، أي لسرية المعلومات التي لا يرغب الشخص لأن يعلنها لأحد، أو حتى حرمانه من حقه في تعويض الأضرار التي تلحقه من جراء هذا التدخل.
الحق في التعويض عن الأضرار
ومن هذا المنطلق جاء نص المادة "7" من الإعلان ليؤكد علي سرية المعطيات العلمية المكتسبة من التدخل علي الجين البشري و بصرف النظر عن هدف التدخل – علاجي أم علمي أم غير ذلك – فأي معلومة تصل لعلم المختص بهذا التدخل تحميها سرية تامة ينص علي حدودها القانون الداخلي و تحت رقابة القانون الدولي لحقوق الإنسان، أما عن الحق في التعويض عن الأضرار فقد نصت المادة "8" من الإعلان، حيث ذكرت أن لكل فرد الحق في التعويض عن الأضرار التي تحملها أو أصابته بسبب التدخل المباشر والمحدد علي جيناته و ذلك طبقا للقانون الدولي والقوانين الداخلية .
وكان المجلس الأوربي أضاف 4 بروتوكولات للاتفاقية الأوربية يتعلق أولها بالأبحاث العلمية، وثانيها بنقل الأعضاء، وثالثها بحماية البويضات المخصبة والجنين، ورابعتها بالجينات، والحقيقة أن هذه المبادئ والأسس التي ارستها كلا من الاتفاقية الأوربية لحماية حقوق الإنسان وكرامته في مواجهة تطبيقات البيولوجي والطب، والإعلان العالمي لحماية الجين الإنساني، تعتبر حجر الزاوية ومحور الارتكاز لكل قوانين الدول المنضمة للاتفاقية بل ولكل المجتمع الدولي.
هذه المبادئ والأسس تشكل نواة صالحة تحكم التعامل على جسد الإنسان، ويجب العمل علي صقلها وبيان أحكامها وحدودها، وذلك علي غرار النظريات القانونية المعروفة والعتيقة حتى تتضح المعالم ونحمي جسد الإنسان، حيث إن التقدم العلمي يجب أن يواكبه تقدم في الأفكار والقوالب القانونية، حتى يتمكن السيطرة عليه وتوجيهه لمصلحة الإنسانية.
قوانين الصين والهند وتأجير الأرحام
وتحظر القوانين في الصين عمليات تأجير الأرحام، وهو ما يدفع الأثرياء إلى اللجوء للولايات المتحدة التي تتيح قوانينها ذلك، كما أن مستشفياتها وأجهزتها الصحية تتيح أيضاً تقديم خدمات جيدة في هذا المجال، ويوجد في الولايات المتحدة وكالات متخصصة لتأمين الأرحام وتأجيرها، حيث تقوم بالتعامل مع زبائنها بسرية تامة، حيث يعتبر الفقر من إحدى الأسباب التي دفعت النساء بتأجير أرحامهن في الهند وفي حال كانت الأم حامل بتوأم، فهي تتقاضى نظير ذلك أجراً مضاعفاً يصل إلى 10 آلاف دولار، وإن حدث إجهاض خلال ثلاثة أشهر، تتقاضى 600 دولار ويدفع الزوجان نحو 28 ألف دولار نظير الحمل الذي ينتهي بنجاح.
تأجير الأرحام في أوكرانيا
وفى الحقيقة الدوافع عديدة، ولكن أهمها الفقر، فهناك العديد من الإناث المحتاجات في الهند، فالغذاء والمأوى والملبس والدواء والرعاية الصحية ليست مجانية للجميع في الهند، ويجب على الناس أن يدعموا أنفسهم، ومئات النساء في أوكرانيا يتم استئجار رحم كل منهن بثلاثين ألف يورو من أجل الحمل والولادة، وذلك من قِبَل أزواج وزوجات من بلدان أخرى عديدة لم يحالفْهم التوفيق في إنجاب طفل أو طفلة، علما بأن تأجير الأرحام النسائية ممنوع في دول أوروبية عديدة كألمانيا وفرنسا، لكنه مسموح به ومزدهر في أوكرانيا، التي تعتبر من أفقر البلدان الأوروبية.
تأجير الأرحام في عدة دول أوربية
أما في بريطانيا، فيعتبر تأجير الأرحام قانونيًا بالنسبة لمواطني المملكة المتحدة إذا انطوى على دوافع إنسانية، في حين تسمح البرتغال أيضًا بتأجير الأرحام للأزواج من جنسين مختلفين إذا كانا يعانيان من مشكلات صحية تتعلق بالقدرة على الإنجاب، ففي إيطاليا وإسبانيا وفرنسا وألمانيا يحظر فيها جميع أشكال تأجير الأرحام، وفي إيرلندا وهولندا وبلجيكا وجمهورية التشيك، تعتبر هذه العملية "باطلة"، وهذا يعني أنه لا يوجد تشريع يعترف بتأجير الأرحام.
تأجير الأرحام في إيران
عملية تأجير واستئجار الرحم ازدهرت داخل إيران قبل عشرات السنوات أو يزيد تحت مسمى قانون "الرحم البديل"، فقد كان اليأس يكتنف الأزواج من الإنجاب إذا عدمت المرأة الرحم أو تعاني أمراض مزمنة، فيقومون بتبني أحد الأطفال أو تأجير رحم، يكون بمثابة وعاء للبويضة الملقحة في المختبرات.
تأجير الأرحام في المغرب
ووضعت الحكومة المغربية حداً فاصلاً، حيث أصبح في إمكان الأزواج المغاربة، الذين يواجهون صعوبة في الإنجاب، "تأجير الأرحام"، طبقاً لمشروع قانون، أعلنت عنه وزارة الصحة المغربية، من جانبها أعلنت وزارة الصحة المغربية أن هدف المشروع يتمثل في وضع إطار يستجيب إلى التساؤلات الأخلاقية والقانونية والدينية، التي يطرحها التقدم المتلاحق للعلوم الطبية والتقنيات "البيوطبية"، في ظل الفراغ القانوني الذي تعرفه المساعدات الطبية على الإنجاب في المغرب، وحصر المشروع الحكومي اللجوء إلى المساعدة الطبية على الإنجاب لفائدة امرأة ورجل متزوجين فقط، وعلى قيد الحياة، وبواسطة أمشاج متأتية منهما فقط، شريطة الحصول على الموافقة الحرة والمتنورة للزوجين كتابة.
وشددت الوزارة في مشروع القانون على ضرورة احترام سرية الخصوصيات والمعطيات الخاصة بالأمر، مجرِّمة كل مَنْ يقدم على ممارسات قد تشكِّل مساً بالكرامة، وبسلامة الجنس البشري، وتهدف إلى استغلال الوظائف التناسلية البشرية لأغراض تجارية، أو صناعية، أو بهدف الاتجار بها وعمل التجارب عليها، مؤكدة وضع عقوبات بالسجن من 10 سنوات إلى 20 سنة، وبغرامة من 500 ألف درهم إلى مليون درهم، لمن يقوم بإحدى الممارسات الممنوعة في القانون، أو باستحداث " لقيحة بشرية " لأغراض تجارية، أو صناعية، أو لأغراض غير المساعدة الطبية على الإنجاب، بحسب المشروع ذاته.
رأى القانون في الاعتداء على الجسم
والقانون يعاقب كل من يعتدي على جسم الإنسان سواء كان الاعتداء بالضرب أو القتل بالاغتصاب وسوى ذلك من الأفعال، حيث قد يكون استئجار الأرحام اعتداء بالمعنى لا يتم وقوع العقاب إذا قبل صاحب العلاقة استئجار الرحم لكون القانون لا يتدخل إلا عندما يكون هناك شكوى ولا يمكن أن يكون هناك رادع دون تقديم شكوى، وكثرة القضايا المثارة أمام المحاكم، الناشئة عن إخلال بعض أطراف العلاقة في تأجير الأرحام بالالتزامات المترتبة عن هذه العلاقة، بالإضافة إلى إشكالات اجتماعية وقانونية، مثل: ثبوت نسب الولد الناشئ عن هذه العملية إلى أب وأم، وتحديد علاقته بأفراد أسرة كل من أطراف العلاقة في تأجير الرحم للحمل.
أزمة التخلي عن طفل الرحم المؤجر حال ولادته معاقاَ
وتم رصد عشرات القضايا في العديد من الدول حول هذا النزاع، بين الأم البديلة والمرأة صاحبة البويضة الملقحة من زوجها، ليس لنسبة المولود إلى أحدهما فقط، – كما هو معتاد – وإنما لرفض كل منهما نسبه، حيث استأجر زوجان أميركيان امرأة أميركية متزوجة، وكانت المفاجأة أن المولود طفل معاق ومصاب بنقص بالغ في حجم الدماغ، وسيبقى طوال حياته متخلفاً عقلياً، فرفضت كل من المرأتين الاعتراف بالطفل، وحكمت المحكمة بإثبات بنوّة الطفل لزوج المرأة صاحبة البويضة بناء على التحاليل الطبية واختبار الجينات، ومع هذا رفض الزوج استلام الطفل وأودعه داراً للأيتام وأهمله حتى مات.
وفي حادثة أخرى جرت في ألمانيا، حيث فشلت عملية استمرار حمل الأم البديلة بالبويضة الملقحة، فحملت من زوجها من دون علم من قاموا باستئجار رحمها، وكانت المفاجأة أنه بعد تمام مدة الحمل وُلدت طفلة، وتم تسليمها الى أبويها وفقاً لما هو متفق عليه، وقبضت الأم البديلة المبلغ الذي حدّده الطرفان، ولم يشكك أي طرف في نسب الطفلة، إلا أن إجراء تحليل دم للطفلة بعد عام على ولادتها، كشف أن الطفلة نتجت من العلاقة العادية بين الأم البديلة وزوجها، وحكمت المحكمة بعدم أحقية الأم صاحبة الرحم بالطفلة.
والإسلام يحرص على وضع النقاط على الحروف في قضايا الحمل والإنجاب، بعيداً من أي نزاعات أو شكوك، وإلا كيف نفسر قول الله تعالى: "وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَاناً حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهاً وَوَضَعَتْهُ كُرْهاً وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلاثُونَ شَهْراً..." (آية 15 سورة: الأحقاف)، وبناء علي ما سبق سوف نتقدم باقتراح قانون لتجريم تأجير الارحام.
رأى دار الإفتاء والازهر الشريف في "تأجير الرحم"
هذا وقد تصدى علماء الأزهر الشريف لأزمة "تأجير الرحم" من خلال التصدي لأحد الأسئلة قالوا فيه: أن الإسلام يحرم ذلك طبقا لقول الله تعالي "وبالوالدين إحسانا"، والوالدان هنا هما الأب والأم، وقال المولى عز وجل في تعريف الأب والأم "فَلْيَنظُرِ الإنسان مِمَّ خُلِقَ خُلِقَ مِن مَّاءٍ دَافِقٍ يَخْرُجُ مِن بَيْنِ الصلبِ والترائب"، والصلب يعني صلب الرجل والترائب تعني ترائب المرأة "، وبالتالي يكون الأب الحقيقي هو صاحب الماء الدافق وهي النطفة والأم هي صاحبة البويضة والرحم لأن الجنين يتغذى في رحم أمه ومن دمها فيصير ابنها بالدم وبالغذاء.
وتأجير الأرحام حرام شرعا ولا يثبت به النسب ولا يترتب عليه حق، فالابن لأمه صاحبة الرحم ومن حقها الاحتفاظ به ومخالفة العقد أو الاتفاق غير القانوني مع الأم الأخرى، ومن يقومون بهذه الأفعال آثمون، ومخالفون لتعاليم الدين الإسلامي، كما أنهم يخالفون فطرة الله التي فطر الناس عليها وعليهم ذنب كبير يجب أن يتوبوا عنه حتى يحفظوا حقوق العباد ومن قبلهم حقوق الله، مؤكدين إن تأجير الأرحام تخريب للإسلام وتشويه للدين وهو في ظاهره يحل مشكلة لكن في باطنه يسبب مشكلات عدة كما يلي:
أولا: أنه حرام شرعا ولا يثبت به النسب ولا يحق لصاحبة الرحم أن تتنازل عن ابنها.
ثانيا: أن الأم صاحبة الرحم تكون خلال فترة الحمل محرمة على زوجها لأن الرحم مشغول وهنا مخالفة دينية أخرى فالزوجة لا يمكن لزوجها أن يجامعها في تلك الفترة لأن رحمها به جنين رجل آخر مما قد يؤدي لنزاعات أسرية ربما تؤدي للطلاق.
ثالثا: أن الجنين يتغذى من دم أمه صاحبة الرحم حتى ينتهي تكوينه وولادته، وبالتالي فهو أصبح لحما ودما ينتمي للأم صاحبة الرحم، وعليه فإنها تكون والدته الحقيقية وهنا يختلف الوضع عن المرضعة، فالمرضعة شرعها الله عندما قال: "وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ".
فراغ تشريعى فى القوانين العربية
يشار إلى أنه رغم تحريم مسألة تأجير الأرحام إلا أنه من الناحية التشريعية يوجد "فراغ تشريعي" في القوانين العربية، ما يعطى الفرصة لدخول هذه التجارة الأراضي العربية دون عقاب أو قوانين صارمة للتصدي لها حيث أنّ القانون لا ينصّ على أي مادة تجرّم استئجار الأرحام بشكل مباشر وإنما من الممكن تكييف مثل هذه الوقائع "تعدى على جسم الانسان"، رغم رفضه لهذه الممارسات نظراً لخطورتها وللمشاكل الناتجة عنها، إذ يترتب عليها أمور كثيرة منها اختلاط الأنساب، وعدم وجود علاقة شرعية بين صاحبة الرّحم والرّجل صاحب السّائل المنوي، ما يقتضي القول بعدم مشروعيّة هذا الحمل، ويعتبر القانون أنّ هذه الفكرة تفتح الباب للاتجار بالأطفال وسرقتهم، وانتهاز النّساء خصوصاً الفقيرات والمعدمات منهنّ، وإن أي جرم ينص عليه قانون العقوبات في الدول العربية تنطبق عليه هذه الحالة.
ما هي الشروط والضوابط لإجراء عمليه الاتصال المساعدة؟
وفقا للمادة 44 من لائحة آداب مهنة الطب: "تخضع عمليات الإخصاب المساعدة لبويضة الزوجة من نطفة الزوج داخل جسم الزوجة أو خارجه - تقنيات الإخصاب المعملي أو الحقن المجهري - للضوابط الأخلاقية التي تستهدف المحافظة علي النسل البشرى وعلاج العقم مع الحرص علي نقاء الأنساب وعلي المعايير القانونية الصادرة من الجهات المختصة.
كما نصت المادة 45: "لا يجوز إجراء عمليات الإخصاب المساعد داخل أو خارج جسم الزوجة إلا باستخدام نطفة زوجها حال قيام العلاقة الزوجية الشرعية بينهما، كما لا يجوز نقل بويضات مخصبة لزرعها في أرحام نساء غير الأمهات الشرعيات لهذه البويضات".
ونصت المادة 2: قانون رقم 5 لسنة 2010 بشأن تنظيم زرع الأعضاء البشرية: "لا يجوز نقل أى عضو أو جزء من عضو أو نسيج من جسم إنسان حى بقصد زرعه في جسم إنسان آخر إلا لضرورة تقتضيها المحافظة على حياة المتلقي أو علاجه من مرض جسيم، وبشرط أن يكون النقل هو الوسيلة الوحيدة لمواجهة هذه الضرورة وألا يكون من شأن النقل تعريض المتبرع لخطر جسيم على حياته أو صحته، ويحظر زرع الأعضاء أو أجزائها أو الأنسجة أو الخلايا التناسلية بما يؤدى إلى اختلاط الأنساب".
فلابد من توافر شروط لإجراء عمليه الإخصاب المساعدة:
1-أن تكون لبويضة الزوجة من نطفة الزوج داخل جسم الزوجة أو خارجه.
2-تقنيات الإخصاب المعملي أو الحقن المجهري.
3-الضوابط الأخلاقية التي تستهدف المحافظة علي النسل البشرى وعلاج العقم, مع الحرص علي نقاء الأنساب.
4-علي المعايير القانونية الصادرة من الجهات المختصة
ما هي المحظورات أثناء إجراء عملية الإخصاب المساعدة؟
هناك حظران أيضا أشارت إليه المادة 45
1-لا يجوز إجراء عمليات الإخصاب المساعد داخل أو خارج جسم الزوجة إلا باستخدام نطفة زوجها حال قيام العلاقة الزوجية الشرعية بينهما.
2-كما لا يجوز نقل بويضات مخصبة لزرعها في أرحام نساء غير الأمهات الشرعيات لهذه البويضات، فتداخل الأنساب حرام شرعًا لأنه يعتبر عمل غير مشروع ويعتبر تجارة في الأعضاء البشرية، فالرحم ليس ملكا لصاحبته ولا يجوز لها تأجيره.
ما هي المدة الزمني التي يحتفظ بها المركز التي تمت به عمليه الإخصاب المساعدة بالبيانات الخاصة بالعملية، وماهي المستندات التي تكون بملف كل حالة؟
نصت المادة 48 لائحة آداب مهنة الطب: "يلزم أن يحتفظ المركز بسجل مفصل عن كل حالة به كافة البيانات على حدة لمدة لا تقل عن 10 سنوات، ويلزم أن يحتوي الملف علي العقد والإقرار من الزوجين".
عقوبات مخالفة المادة 2 من قانون رقم 5 لسنة 2010
بشأن تنظيم زرع الأعضاء البشرية نصت المادة 17: "يعاقب بالسجن وبغرامة لا تقل عن عشرين ألف جنيه ولا تزيد على مائة ألف جنيه كل من نقل عضوا بشريا أو جزء منه بقصد الزرع بالمخالفة لأي من أحكام المواد 2، 3، 4، 5، 7 من هذا القانون، فإذا وقع هذا الفعل على نسيج بشرى حي تكون العقوبة السجن لمدة لا تزيد على 7 سنوات، وإذا ترتب على الفعل المشار إليه فى الفقرة السابقة وفاة المتبرع تكون العقوبة السجن المشدد وغرامة لا تقل عن 100 ألف جنيه ولا تجاوز 200 ألف جنيه".
هل هناك بعض التدابير الأخرى التي يجوز للمحكمة أن تحكم بها علي الطبيب؟
مادة 24: يجوز للمحكمة، فضلاً عن العقوبات المقررة للجرائم المنصوص عليها فى هذا القانون أن تحكم بكل أو بعض التدابير الآتية حسب الأحوال:
1 - الحرمان من مزاولة المهنة مدة لا تقل عن سنة ولا تجاوز 5 سنوات.
2 - غلق المنشأة الطبية غير المرخص لها بإجراء عمليات زرع الأعضاء الذى ارتكب فيها الجريمة مدة لا تقل عن شهرين ولا تجاوز سنة، ويحكم بغلق المكان نهائيا إذا لم يكن من المنشآت الطبية.
3 - وقف الترخيص بنشاط زرع الأعضاء أو أجزائها أو الأنسجة فى المنشأة الطبية المرخص لها بعمليات زرع الأعضاء لمدة لا تقل عن ثلاثة سنوات ولا تزيد عن خمس سنوات.
4 - نشر الحكم فى جريدتين يوميتين واسعتي الانتشار على نفقة المحكوم عليه.
وفى حالة العود تحكم المحكمة بتدبير أو أكثر من التدابير المنصوص عليها فى هذه المادة.