الجمعة، 22 نوفمبر 2024 08:27 م

ارتكب جريمة فى الخارج وفر هربا عائدا لـ مصر.. هل له عقوبة؟.. 4 شروط لخضوعه لمحاكمة.. أهمها توصيف جريمته بجناية أو جنحة

ارتكب جريمة فى الخارج وفر هربا عائدا لـ مصر.. هل له عقوبة؟.. 4 شروط لخضوعه لمحاكمة.. أهمها توصيف جريمته بجناية أو جنحة محكمة - أرشيفية
الخميس، 19 مايو 2022 09:12 ص
كتب علاء رضوان

أحيانا ما يرتكب شخص مصري يقيم خارج البلاد جريمة في البلد الأجنبي المقيم فيها، وكانت هذه الجريمة غير معاقب عليها في مصر، فيتبارد إلى الأذهان السؤال.. ما هو وضعه في حالة عودته لمصر؟ هل لن يعاقب على ما ارتكبه من جرائم في الخارج باعتبار أنه أصبح داخل مصر والجريمة غير معاقب عليها في مصر؟ أم سيتم عقابه حتى في حالة عودته؟ وغيرها من الأسئلة المتعلقة وضعية المصري المرتكب الجريمة على أراضي أجنبية حال عودته.

 

وفى الحقيقة المشرع المصري وضع مبدأ الاختصاص الشخصي للتشريع الجنائي تلافيا لثغرات أخرى في التطبيق الإقليمي للقانون، فقد يعود إلى مصر مواطن ارتكب جريمة في الخارج دون أن يلقى جزاءه في تلك البلدة التي ارتكب بها جريمته ويحول الدستور دون إجابة طلب تسليمه إلى دولة أجنبية، فقد يجد مبدأ الإقليمية أساسه في أن قانون العقوبات يعتبر من أهم مظاهر سيادة الدولة على إقليمها، فلما كانت سيادة الجدولة تتحدد بحدود إقليمها ولا تتعداه إلى إقليم دولة أخرى، فإنه يتعارض مع هذه السيادة أن يطبق قانون عقوبات أجنبي داخل إقليمها.   

 

3

 

ارتكب جريمته في الخارج، وفر هربا عائداَ لـ"مصر".. هل له عقوبة؟

 

في التقرير التالي، يلقى "برلماني" الضوء على تلك الإشكالية – سالفة الذكر – حيث أن مبدأ الإقليمية أن قانون العقوبات ينطبق على كافة الجرائم التي ترتكب على إقليم الدولة سواء أكان الجاني أو المجنى عليه فيها وطنيا أو أجنبياَ، وسواء أكانت الجريمة قد هددت مصالح الدولة وصاحبة السيادة على الإقليم أو هددت مصالح دولة أجنبية، ولمبدأ الإقليمية شقان: الشق الأول: إيجابي ويعنى خضوع الجرائم التي ترتكب في إقليم دولة معينة لقانونها، أما الشق السلبى يعنى تطبيق قانون الدولة على الجرائم التي ترتكب خارج إقليمها ولو كان مرتكبوها أو المجنى عليهم فيها من مواطني الدولة – بحسب الخبير القانوني والمحامي طاهر علي ديغم.

 

في البداية - للإجابة على هذا التساؤل نتعرض أولا لنص المادة "3" من قانون العقوبات المصري: "كل مصري ارتكب وهو في خارج القطر فعلا يعتبر جناية أو جنحة في هذا القانون يعاقب بمقتضي إحكامه إذا عاد إلى القطر وكان الفعل معاقبا عليه بمقتضي قانون البلد الذي ارتكبه فيه"، والغرض من هذا النص أن المشرع وضعه حتى يحول بين مرتكب الجريمة المصري والذي عاد للبلاد للفرار من المحاكمة والعقاب إذا عاد إلي وطنه – مصر - فإذا لم يحاكم في مصر يكون بذلك قد أفلت من العقاب، وتكون بذلك قاعدة يسرى عليها كل مرتكب جريمة في الخارج لوجود مفر له من محاكمته، وذلك لأنه لا يجوز لمصر تسليم رعاياها إلى الدول الأجنبية على نحو ما نصت عليه الدستور المصري بنصه:  "لا يجوز ابعاد أي مواطن عن البلاد أو منعه من العودة إليها" – وفقا لـ"ديغم".  

 

1

 

الشرط الأول: أن يكون الجاني مصريا

 

لكن هذا النص حتى يطبق لابد من عدة شروط لتطبيقه علي الشخص المصري الذي يرتكب جريمة في خارج البلاد حال عودته وهي: الشرط الأول: أن يكون الجاني مصريا: فهذا الشرط هو أساس هذا النص سالف الذكر لأنه إذا كان أجنبيا وفر إلي مصر فإنه من الممكن إبعاده أو تسليمه إلى الدولة التى ارتكبت الجريمة في إقليمها والعبرة بجنسية الجاني وقت ارتكاب الجريمة فلو اكتسب الجنسية المصرية بعد ارتكاب الجريمة لا يجوز رفع الدعوى عليه، كما لا يجوز ابعاده، ويلاحظ أنه في حالة الشخص مزدوج الجنسية أي أنه يحمل الجنسية المصرية بالإضافة لجنسيته أو جنسيات أخري أجنبية، فيحق لمصر في هذا الفرض محاكمته وفقا لصحيح مبدأ الشخصية إذا ترجح جنسيته المصرية على ما عداها من جنسيات أخري – الكلام لـ"ديغم".  

 

الشرط الثاني: أن يكون الفعل المرتكب في الخارج موصوف بأنه جناية أو جنحة

 

أما الشرط الثاني: أن يكون الفعل المرتكب في الخارج موصوف بأنه جناية أو جنحة، فلابد أيضا أن تكون الجريمة التي وقعت في الخارج توصف بوصف الجناية أو الجنحة، كما هو معروف في القانون المصري علي النحو الوارد في المادتين 10 و11 من قانون العقوبات المصري المعدل بالقانون 95 لسنة 2003 فإذا كانت الواقعة تشكل مخالفة وفقا لنص المادة 12 من ذات القانون أو لا تشكل جريمة على الإطلاق فلا يطبق في هذه الحالة نص المادة 3 من قانون العقوبات سالف الذكر، ويستوى أن تكون الجريمة قد وقعت ضد مواطن مصري أو شخص أجنبي أو أن تكون الجريمة في حالة شروع إذا كان معاقبا عليها في القانون المصري بالنسبة للجنح حيث أنه معاقب عليه في الجنايات بصفة عامة، ويستوى أن يكون المتهم هو الفاعل الأصلي أو شريك في الجريمة. 

 

4

 

الشرط الثالث: تجريم الفعل في مكان ارتكابه  

 

فلابد أن يكون الفعل الواقع من المصري فعلا معاقبا عليه في البلد الذي ارتكب الفعل فيها بمقتضي قوانينها اي يكون الجريمة مؤثمة قانونا في البلد الذي ارتكبت فيه الجريمة، ولا يشترط التصنيف السابق بالنسبة للفعل - جناية أو جنحة - فيكفي أن يكون الفعل معاقب عليه فقط، ومن ثم فإذا كان غير معاقب عليه في البلد التي وقع فيها التي وقع فيها الفعل المادي للجريمة، ولكن يشكل جريمة ولو كانت جناية في مصر، فإنه لا عقاب عليه طالما كان ملتزما بقانون البلد التي وقع فيها هذا الفعل اي أن فعله مباح فيها.

 

وفي هذه الحالة يجب على النيابة العامة أن تثبت أن الفعل الذي ارتكبه المتهم معاقبا عليه بمقتضي قانون البلد الذي ارتكب فيه، إذ أن ما يشترطه القانون هو أن يكون نفس الفعل معاقبا عليه في تشريعي البلدين، وليس بشرط أن يوجد بين التشريعين تماثل في العقوبة التي يعاقبان بها عليه، ويكون علي القاضي أيضا أن يتحقق من أن الجريمة معاقب عليها في خارج الجمهورية.

 

فإذا اتهم شخص بارتكاب جريمة في الخارج، فإنه أثناء محاكمته في مصر يجب علي المحكمة أن تتحقق من أن الفعل معاقب عليه في الدولة التي وقعت الجريمة فيها، ويجب أن تتأكد المحكمة من ذلك يقينيا ولا يجب علي القاضي أن يتأكد من ذلك عن طريق شهادة صادره من سفارة البلد التي وقعت الجريمة فيها، وجرت بعض أحكام القضاء المصري علي وجوب  أن يطلب القاضي  القانون الخاص بالدولة التي وقعت فيها الجريمة، وفقا للتعديلات الحاصلة عليه وقت وقوع الجريمة، وأن يقوم بالاطلاع علي هذا القانون، وبيان ما إذا كانت الواقعة معاقبا عليها وقت ارتكابها أو غير معاقب عليها ويبني علي ذلك قضائه.

 

2

الشرط الرابع: أن يعود الجاني إلى مصر  

 

وهذا الشرط هو الذي يحقق النتيجة التي أرادها الشارع وهو أن يحول بين رغبة المتهم وهي فراره من العقوبة، ويفهم من هذا النص على أن عودة المتهم يجب أن تكون باختياره فإذا جاء الي مصر مقرها كان سلمته الدولة التي كان بها أو ضبط في أثناء مروره بالبلد في طريقه إلى بلد أخر فلا تصح محاكمته غيابيا إلا أن الآراء الحديثة رأت أن العودة سواء أكانت إجبارية أو اختياريا فإنه في جميع الحالات يجوز محاكمة الشخص في مصر.

 

رأى قضاة محكمة النقض في الأزمة 

 

ويري بعض الفقهاء أنه لا يشترط أن تكون عودة الجاني إلي الإقليم المصري بمحض اختياره فسواء عاد مختارا أو جبرا فإن علة النص تكون متوافره، وشرط التواجد في الاقليم المصري بعد ارتكاب الجناية أو الجنحة في الخارج يكون متوافرا، ويري المستشار هشام الجميلي، نائب رئيس محكمة النقض أن الوضع الظاهر من قراءة نص المادة "3" في قولها: "إذا عاد إلي القطر فهذه العبارة تدل علي أن عودته يجب أن تكون عودة، وليست اعاده أو ترحيل أو ابعاد علي حسب الظاهر من النص فوفقا لعبارة إذا عاد يجب أن تكون العودة اختيارية، لأنه المشرع حين وضع هذا النص لم يكن في حاجة إلي عدم وضع مثلا عبارة أو إذا اعيد أو عبارة إذا ادخل البلاد أو غير ذلك من العبارات.

 

لكن النص على هذا المجال يجعل فرص المجرم من الافلات من العقاب متوافرة في بعض الجوانب، وتنتفي الحكمة من نص المادة "3"، ومن ادراجها في القانون حيث أنها بالأصل تخدم الدول الأخرى في محاكمة المصري المرتكب جريمة على أرضها إلا أنه تحقيقا للعدالة ولسيادة القانون ولأحكام عدم فرار مجرم من العقاب، وهو الأساس في المحاكمات العادلة، فإنه يجب محاكمة الجاني سواء عاد باختياره أو أبعد أو تم ترحيله اي سواء دخل الاقليم بأية طريقه. 

 

الخلاصة:

 

ولكن ماذا عن إذا عاد المتهم للبلاد وتمت محاكمته، ثم يغادر الاقليم أثناء ذلك فهنا إذا بدأت اجراءات المحاكمة صحيحة فهي لا تبطل بعد ذلك بمغادرته الإقليم لأن الشارع يشترط مجرد العودة وقد تحققت ولا يشترط بقاء المتهم حتى تنتهي محاكمته، فخلاصة الأمر أن المشرع المصري وضع الضوابط اللازمة لمنع وقوع الجرائم حتي ولو كانت خارج البلاد وغير معاقب عليها حتي لا يكون العودة للوطن ملجئا، ووسيلة للراغبين في الفرار من جرائمهم التي ارتكبوها في الخارج.    

 

نص قانون العقوبات، على أن تسرى أحكامه على كل من يرتكب فى القطر المصرى، جريمة من الجرائم المنصوص عليها فيه.

كما نصت المادة الثانية منه، على أن تسرى أحكام قانون العقوبات أيضاً على الأشخاص الآتى ذكرهم:

 

أولاً: كل من ارتكب فى خارج القطر فعلاً يجعله فاعلاً أو شريكاً فى جريمة وقعت كلها أو بعضها فى القطر المصرى.

 

ثانياً: كل من ارتكب فى خارج القطر جريمة من الجرائم الآتية:

 

أ- جناية مخلة بأمن الحكومة، مما نص عليه فى البابين الأول والثانى من الكتاب الثانى من هذا القانون.

 

ب-جناية تزوير مما نص عليه فى المادة 206 من هذا القانون.

 

ج -جناية تقليد أو تزييف أو تزوير عملة ورقية أو معدنية، مما نص عليه فى المادة 202 أو جناية إدخال تلك العملة الورقية أو المعدنية المقلدة أو المزيفة أو المزورة إلى مصر، أو إخراجها منها أو ترويجها أو حيازتها، بقصد الترويج أو التعامل بها، مما نص عليه فى المادة 203، بشرط أن تكون العملة متداولة قانوناً فى مصر.

 

ونصت أيضا المادة الثالثة، كل مصرى ارتكب وهو فى خارج القطر فعلا يعتبر جناية أو جنحة فى هذا القانون يعاقب بمقتضى أحكامه، إذا عاد إلى القطر، وكان الفعل معاقبا عليه بمقتضى قانون البلد الذي ارتكبه فيه. 

 

6

الخبير القانوني والمحامي طاهر علي ديغم

الأكثر قراءة



print