لازالت الأزمة مستمرة حول تداول أحد رواد مواقع التواصل الاجتماعي، صور لتمثال أبو الهول ادعى مروجها كذباً أن الصور تم التقاطها حديثا، وتظهر تمثال أبو الهول يغمض عينيه، لم يكتف مروج الشائعة بذلك بل قام بالتعديل على هذه الصور القديمة بتقنيات الفوتوشوب في منطقة العين والأنف، وهو ما تسبب في حالة من الفزع والخوف بين المواطنين، وراح البعض ينسجوا من خيالهم كذباً إن الأمر يتعلق بأمر خطير سوف يحدث، ما أثار معه حالة من السخرية على مواقع التواصل الاجتماعي تارة وبين الفزع والهلع تارة أخرى.
وقامت وزارة السياحة والأثار بنفي هذه الشائعة، وأكدت أن كل الصور المنشورة عبارة عن فوتوشوب واضح جدا، وكل ما يتردد في هذا الصدد مجرد ترهات لا أساس لها من الصحة، وفى الحقيقة يرى البعض أن هذه الواقعة تُعد جريمة نشر الأكاذيب والشائعات من الجرائم التى تمثل خطورة شديدة فى مجتمعنا وقد تؤثر فى بعض الأحيان على الأمن القومى، خاصه إذا كانت تمس أخبار كاذبة وشائعات تتعلق بالأمن القومي للبلاد، بينما يرى البعض الأخر أن الشائعة تسببت في تنشيط سياحة الأهرامات حيث شهدت منطقة الأهرامات زحاما أمس يقارب ازدحام أيام الأعياد والمناسبات.
عيون أبو الهول النائمة بين ترويج الشائعات وتنشيط السياحة
في التقرير التالى، يلقى "برلماني" الضوء على كيفية تصدى المشرع المصري لهذه الأزمات المتتالية عبر السوشيال ميديا، باعتبار أن ما تم تداوله مجرد تخاريف وخزعبلات، وهي مجرد شائعات، لأن تمثال أبو الهول لم تتغير ملامحه منذ آلاف السنين، ولم يتأثر بأي شيء، كما أن هناك العديد من الأساطير ارتبط ذكرها بالفراعنة مثل لعنة الفراعنة، والزئبق الأحمر، كما نجد منها أيضا حلم أبو الهول عندما نام أبو الهول، حيث أن هذا التمثال منذ القدم مثار للجدل والأقاويل والشائعات، وذلك نظرا لغموضه وندرته في الحضارة المصرية القديمة، ويعتبر من السمات الهامة والمميزة للحضارة المصرية القديمة، وتمثال أبو الهول في الجيزة هو أكثرها شهرة، تم نحته في صخر بالمنطقة نفسها في عهد الأسرة الفرعونية الرابعة 2613-2494 ق.م. مما يجعله الأقدم على مر العصور – بحسب الخبيرالقانونى والمحامى بالنقض هانى صبرى.
في البداية - يقصد بنشر الأخبار أو البيانات الكاذبة إعلان وقائع أو أحداث جارية أو جديدة أو قديمة غير معلومة للجمهور قبل النشر وتقديمها علي أنها حقيقة أو ثابتة أو مطابقة للواقع، فلا يدخل في مجال التجريم التعليق علي أخبار نشرت، فالتعليق يتميز عن الخبر في أنه لا يكشف عن جديد فهو مجرد إبداء رأي في مسألة باتت معلومة لدي الجمهور فلا يسأل صاحب الرأي ولو كان رأيه خاطئاً، أما إذا جمع بين الخبر والتعليق عليه فقد يسأل إذا كانت الأخبار أو البيانات كاذبة، فلا شك أن من ينشر أخباراً كاذبة مع علمه بذلك يكون مروجاً للباطل ومضللاً للرأي العام ويكون قد أساء استعمال حرية الرأي والتعبير ونشر الأخبار المكفولة بنص المادة ( 65 ) من الدستور الحالي – وفقا لـ"صبرى".
أبو الهول
مروج الشائعة يعرض نفسه للحبس والغرامة طبقا لقانون تقنية المعلومات
ولا يتناول القانون تجريم الأخبار الكاذبة إلا إذا كان من شأنه أن ينال بالاعتداء أو يهدد بالخطر مصلحة معينة أما إذا كان الخبر يمثل عدوان علي الحقيقة فحسب دون أن يمس ثمة مصلحة فلا يكون محل تأثيم جنائي، وإذا كان القانون يعاقب علي القذف الذي يفترض نشر وقائع غير حقيقية ماسة بالغير، فإن الشارع حرص علي تشديد العقوبة في الحالات التي يكون من شأنها تهديد استقرار وأمن المجتمع وتكدير السلم العام، والجدير بالذكر إن نشر أخبار وشائعات كاذبة عن طريق وسائل الإعلام المسموعة والمقروءة والمرئية أو من خلال وسائل التواصل الاجتماعي، من شأنها التأثير على الأمن والسلم العام، وتعتبر جريمة يعاقب عليها قانون العقوبات؛ إعمالا لنصوص المواد (80 د، و102 مكرر، و188) من قانون العقوبات – الكلام لـ"صبرى".
وتنص المادة 188 من قانون العقوبات على أن: "يعاقب بالحبس مدة لا تجاوز سنة وبغرامة لا تقل عن خمسة آلاف جنيه ولا تزيد على عشرين ألف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من نشر بسوء قصد بإحدى الطرق المتقدم ذكرها أخبارًا أو بيانات أو إشاعات كاذبة أو أوراقًا مصطنعة أو مزورة أو منسوبة كذبًا إلى الغير، إذا كان من شأن ذلك تكدير السلم العام أو إثارة الفزع بين الناس أو إلحاق الضرر بالمصلحة العامة"، كما نصت المادة رقم 80 (د) من قانون العقوبات على: يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر ولا تزيد على خمس سنوات وبغرامة لا تقل عن 100 جنيه ولا تجاوز 500 جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين كل مصرى أذاع عمدًا فى الخارج أخبارًا أو بيانات أو إشاعات كاذبة حول الأوضاع الداخلية للبلاد وكان من شأن ذلك إضعاف الثقة المالية بالدولة أو هيبتها واعتبارها أو باشر بأية طريقة كانت نشاطًا من شأنه الإضرار بالمصالح القومية للبلاد – هكذا يقول "صبرى".
المادة 102 تحدد العقوبة
وتنص المادة 102 مكرر والتى تنص على: "يعاقب بالحبس وبغرامة لا تقل عن خمسين جنيهاً ولا تجاوز مائتى جنيه كل من أذاع عمداً أخباراً أو بيانات أو إشاعات كاذبة إذا كان من شأن ذلك تكدير الأمن العام أو إلقاء الرعب بين الناس أو إلحاق الضرر بالمصلحة العامة. وتكون العقوبة السجن وغرامة لا تقل عن مائة جنيه ولا تجاوز 500جنيه إذا وقعت الجريمة فى زمن الحرب، كما نص القانون رقم 175 لسنة 2018، فى شأن مكافحة جرائم تقنية المعلومات في المادة (27 ) منه علي ما مؤداه أنه فى حالة إنشاء أو إدارة أو استخدام أى من المواقع أو الحسابات الخاصة على الشبكة المعلوماتية، لنشر وترويج تلك الأخبار والبيانات والإشاعات الكاذبة أو تسهيل ذلك؛ فإن العقوبة تصل إلى الحبس الذى لا يقل عن سنتين والغرامة التى لا تقل عن 100 ألف جنيه، ولا تزيد على 300 ألف جنيه.
فضلًا عن العقوبات التبعية من مصادرة الأدوات والآلات والمعدات والأجهزة المُستخدَمة فى ارتكاب الجريمة إعمالًا لنص (المادة 38) من القانون المُشار إليه، وإذا ثبت وقوع ذلك بغرض الإخلال بالنظام العام أو تعريض سلامة المجتمع وأمنه للخطر أو الإضرار بالأمن القومى للبلاد أو بمركزها الاقتصادى أو منْع أو عرقلة ممارسة السلطات العامة لأعمالها أو تعطيل أحكام الدستور أو القوانين أو اللوائح أو الإضرار بالوحدة الوطنية والسلام الاجتماعى، فإن العقوبة تكون السجن المشدد؛ إعمالًا لنص (المادة 34) من هذا القانون.
موقف قانون تنظيم الصحافة والإعلام من الأزمة
وقد تعرض قانون تنظيم الصحافة والإعلام رقم 180 لسنة 2018 لنشر الأخبار الكاذبة في المادة ( 19 منه ) غير أنه لم ينظم عقوبة في الفصل الخاص بالعقوبات بالقانون مكتفياً بالعقوبة التي قررها قانون العقوبات لهذه الجريمة، ويأتي نص المادة 19 بقيود حظر علي الصحفية أو الوسيلة الإعلامية أو الموقع الإلكتروني الذي ينشر أو يبث أخبار كاذبة حيث يلتزم بأحكام هذا النص كل موقع إلكتروني شخصي أو مدونة إلكترونية شخصية أو حساب إلكتروني يبلغ عدد 5 آلاف متابع أو اكثر، حيث ينتقد هذا النص المتقدم ان معيار التجريم أو الحظر هو بعدد المتابعين للحساب الذي يبث الأخبار الكاذبة وليس بفداحة الجرم الذي نشر وبث الأخبار الكاذبة أو ما يدعو أو يحرض علي مخالفة القانون ونشر العنف والكراهية أو ما ينطوي علي التمييز بين المواطنين، أو يدعو إلى العنصرية أو يتضمن طعنا في أعراض الأفراد، ويجب على المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام اتخاذ الإجراء المناسب حيال المخالفة، وله في سبيل ذلك وقف أو حجب الموقع أو المدونة أو الحساب.
نناشد الجميع تغليب المصلحة العليا للبلاد وعدم نشر أخبار كاذبة أو الشائعات التي تضر السلم العام ويجب الحفاظ علي أمن واستقرار وسلامة المجتمع.