على الرغم من محاولات تضييق الغرب على الحجاب باعتباره زى إسلامى، ودعوات أحزاب اليمين لحماية مجتماعاتهم الليبرالية من تفشى ظاهرة الحجاب، تلك الأصوات التى تعالت بشكل خاص بعد موجات اللجوء العنيفة من بعض مواطنى الدول العربية التى تعانى حروبا وأزمات مثل سوريا، إلا أن هناك نماذج كثيرة مشرفة للمرأة المحجبة التى استطاعت غزو أعتى البرلمانات العربية وحجز مقعد لها.
وخلف تلك المقاعد التى شغلتها سيدات محجبات قصص ملهمة، تحكى عن لاجئات من أصول عربية وإسلامية استطعن محاربة الفكر المناهض لهن، ورغم ذلك استطعن محاربة تلك العوائق وتحقيق نجاحات احبطت الروايات والمغالطات عن الإسلام والمسلمين فى الدول الغربية.
ومن أحدث تلك النماذج فاطمة بيمان المسلمة من أصل أفغانى والتى فازت مؤخرا بمقعد غرب أستراليا السادس والأخير في مجلس الشيوخ ، لتصبح أول مسلمة ترتدي الحجاب في البرلمان.
أول نائبة محجبة بالبرلمان الاسترالى
وبايمان هي السناتور الجديد الوحيد للولاية ، بعد إعادة انتخاب عضوات مجلس الشيوخ عن حزب العمال سو لاينز وجلين ستيرل ، إلى جانب السناتور الليبراليين ميكايليا كاش ودين سميث.
وفازت بايمان على حساب الليبراليين، وكانت مبتهجة بعد فوزها يوم الاثنين، وقالت عبر صفحتها بموقع فيسبوك"فزنا !!!! أنا فخورة بأن أعلن أنه تم انتخابي رسميًا كعضو في مجلس الشيوخ عن أستراليا الغربية ، شكراً لكم جميعاً على حبكم ودعمكم لقد فعلنا ذلك!"
وسارع رئيس الوزراء أنطوني ألبانيز إلى تقديم تهنئته على تويتر بعبارة بسيطة "مبروك السناتور بايمان".
ووصلت بايمان كلاجئة من أفغانستان عندما كانت طفلة مع والديها وثلاثة من أشقائها ، قبل أن تكبر في الضواحي الشمالية لبيرث.
في سنواتها الأولى ، عمل والدها على مدار الساعة كطباخ وحارس أمن وسائق سيارة أجرة، اعتنت والدتها بالعائلة قبل أن تبدأ مشروعها التجاري الصغير الخاص بتقديم دروس في القيادة.
وأصبحت بايمان منظمة لاتحاد العمال المتحد، وبعد أن فقدت والدها بسبب سرطان الدم في عام 2018 ، قررت أنها تريد تمثيل الأستراليين الذين يعملون بجد مثله والذين سعوا جاهدين لتدبير أمورهم.
البرلمان الأسترالى هو الأحدث ولكنه ليس الأول حيث سبقه برلمانات آخرى شهدت دخول نائبات محجبات من أوسع أبوابه، فى مقدمتهم الكونجرس الأمريكى والذى شهد فى 2018 انضمام إلهان عمر أول مسلمة محجبة تفوز بمقعد في الكونجرس الأمريكي.
وكانت إلهان عمر قد فازت بمقعد في الكونجرس الأمريكى عن ولاية مينيسوتا في الانتخابات النصفية لمجلس النواب الأمريكى، وهى مسلمة محجبة من أصول صومالية وتخرجت من كلية العلوم السياسية والدراسات الدولية في جامعة «نورث داكوتا» الأمريكية في عام 2011.
إلهان عمر أول محجبة بالكونجرس الأمريكى
وتعرضت إلهان عمر إلى حالات تنمر كثيرة وعنصرية من النواب الأمريكيين منذ دخولها المجلس، كان آخرها وصف النائبة لورين بويبرت، لها ب"الجهادية".
واستدعت هذه التصريحات انتقادات واسعة في الكونجرس وخارجه، ما دفع بويبرت إلى الاعتذار رسميا أمام "أي عضو في المجتمع الإسلامي أهانته بتعليقها عن عمر".
وتكررت قصص النجاح مرة آخرى فى مارس 2021 عندما أصبحت كوثر بوشالخت، رئيسة مؤسسة المسلم الأخضر، أول برلمانية هولندية محجبة تدخل البرلمان الهولندي.
والنائبة كوثر من أصل مغربي، ولدت في أمستردام، ومعروفة بالدرجة الأولى كناشطة بيئية، شاركت في العديد من الفعاليات الداعمة للبيئة في هولندا، وهي كاتبة لها قلم حاد، وتعرضت إلى حملات عنصرية وحملات من الساعين لتشويه الإسلام وإثارة الخوف منه (الإسلامو فوبيا).
كوثر بوشالخت أول محجبة بالبرلمان الهولندى
عندما أعلن حزب اليسار الأخضر الهولندي أنه سيرشح ناشطة المناخ الشابة في الانتخابات المقبلة، كوثر بوشالخت، استهدفها اليمين المتطرف على الفور وشوهها معتبرا أنها إسلامية خطيرة.
ومن ضمن ما تعرضت له من حملات تشويه، نشر صورة لها حين كانت في تظاهرة عام 2014 ضد العدوان الاسرائيلى على غزة، بحجة أن متظاهرين قريبين منها كانوا يحملون شعارات “معاداة السامية”.
وفى الكنيست ذاته استطاعت النائبة إيمان الخطيب فى مارس 2020 أن تظفر بمقعد لتصبح أول عضو فى البرلمان الإسرائيلى ترتدى الحجاب، بعد أن حققت الأحزاب العربية أفضل نتيجة لها فى تلك الانتخابات.
إيمان خطيب نائبة الكنيست
وفازت إيمان ياسين خطيب (55 عاما) بمقعد على لائحة القائمة المشتركة التى فازت بخمسة عشر مقعدا فى الكنيست المؤلف من 120 عضوا.
وتستمد القائمة معظم أصواتها من الأقلية العربية فى إسرائيل التى تشكل 21 فى المئة من السكان وهم فلسطينيون فى الأصل لكنهم إسرائيليون بالمواطنة.
وكانت إيمان، وهى أم لأربعة أطفال، تعمل مديرة لمركز اجتماعى فى قرية يافة الناصرة فى الجليل بضواحى الناصرة، وهى المدينة التى نشأ فيها السيد المسيح، قبل أن تدخل معترك السياسة الوطنية.
وقالت وهى تتقبل التهانى وتسمح بالتقاط الصور الذاتية (السيلفي) معها بأحد شوارع الناصرة إن من المستحيل ألا يجتذب الحجاب اهتمام الناس لكن الأهم من ذلك هو ما فى داخل الإنسان من قدرات ومؤهلات تمكنه من الإسهام فى النهوض بالمجتمع.
وتأتى تلك النجاحات المتوالية لنماذج المرأة المسلمة فى البرلمانات العالمية، بعد أن كانت الواقعة الأولى فى 2009 عندما حصلت ماهينور أوزدمير غوكتاش على عضوية البرلمان الهولندى.
وماهينور هى سياسية بلجيكية من أصل تركى حاصلة على شهادة البكالوريوس في العلوم السياسية والإدارة العامة من جامعة بروكسل تعتبر أول برلمانية بلجيكية ترتدي الحجاب.
ماهينور أول محجبة بلجيكية من أصل تركى تدخل البرلمان
ومن أشهر أقوالها بعد الفوز بالمقعد :"أحجب شعري ولا أحجب فكري ولن يكون غطاء الرأس الإسلامي عائقا أمام نشاطي وعملي السياسي، ولا يجب أن يتحول الأمر إلى نقطة خلاف، وأنصح الذين ينتقدون الحجاب أن يذهبوا إلى طبيب عيون لتنقيتها من الإجحاف".
كلها نماذج مشرفة للمرأة المسلمة المحجبة التى واجهت ظروف صعبة فى مجتمعات حصرتها فى نظرة متدنية، ولكنها استطاعت أن تثبت بالتجربة العملية خطأ تلك النظرة، وتصدت للعنصرية الغربية على أكمل وجه.