أصدرت الدائرة المدنية "د" – بمحكمة النقض – حكما في غاية الأهمية بشأن ضياع الصيغة التنفيذية، رسخت فيه لعدة مبادئ قضائية، قالت فيه: "دعوى تسليم صيغة تنفيذية ثانية حال ثبوت ضياع الأولى هى دعوى عادية وليست منازعة تنفيذ موضوعية، وسقوط الحق الثابت بالحكم محل طلب الصيغة التنفيذية الثانية بالتقادم الطويل هو دفاع جوهرى، إذ يترتب على ثبوت صحته رفضها".
صدر الحكم في الطعن المقيد برقم 16389 لسنة 83 القضائية، لصالح المحامى أحمد أبو المعاطى جمعة، برئاسة المستشار يحيي جلال، وعضوية المستشارين عبد الصبور خلف الله، ومجدى مصطفى، ورفعت هيبه، وأحمد فاروق، وبحضور كل من رئيس النيابة أحمد العنانى، وأمانة سر منتصر صلاح.
الوقائع.. نزاع حول استخراج صيغة تنفيذية ثانية
تتحصل وقائع النزاع – حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق – في ان المطعون ضدهم أقاموا الدعوى 674 لسنة 2010 مدنى كلى طنطا على الطاعنات – وآخرين غير مختصمين في الطعن – بطلب الحكم بتسليمهم صورة تنفيذية ثانية من الحكم الصادر في الدعوى 3021 لسنة 1971 مدنى كلى طنطا المؤيد بالاستئناف رقم 628 لسنة 38 قضائية طنطا، وقالوا شرحا لدعواهم أنهم حصلوا على الحكم سالف الذكر بتثبيت ملكيتهم للعين محل التداعي، وإذ تسلم وكيلهم الصورة التنفيذية الأولى إلا أنه توفى ولم يعثروا على صورة الحكم، ومن ثم أقاموا دعواهم.
وفى تلك الأثناء – حكمت المحكمة برفض الدعوى بحكم استأنفه المطعون ضدهم برقم 1059 لسنة 61 قضائية طنطا، وبعد أن أحالت الدعوى للتحقيق وقدمت النيابة مذكرة دفعت فيها بعد قبول الطعن إذا أقعد الطاعنون عن إدخال باقي المحكوم عليهم بعد تكليفهم بذلك، وأيدت رأيها في الموضوع برفض الطعن، وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة، فحددت جلسة لنظره وفيها اختصمت الطاعنات باقي المحكوم عليهم، والتزمت النيابة برأيها في موضوع الطعن.
محكمة أول درجة ترفض طلب استخراج الصيغة التنفيذية لهذا السبب
مذكرة الطعن استندت على عدة أسباب لإلغاء الحكم حيث ذكرت أن مما تنعاه الطاعنات على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والقصور في التسبيب إذ تمسكن في دفاعهن أمام محكمة الموضوع بتقادم الحق موضوع الحكم الذي يطالب المطعون ضدهم بصورة تنفيذية ثانية منه بانقضاء ما يزيد عن 15 سنه من تاريخ صيرورة الحكم نهائيا بما يتعين معه رفض طلبهم، إلا أن الحكم المطعون فيه اطرح هذا الدفاع قولا منه بأن دعوى تسليم صورة تنفيذية ثانية منه لا تتسع لبحثه، وقضى للمطعون ضدهم بطلبهم، مما يعيبه ويستوجب نقضه.
المحكمة في حيثيات الحكم قالت أن هذا النعى في محله، ذلك بأنه لما كان النص في المادة 181 من قانون المرافعات على أنه: تختصم صورة الحكم التي يكون التنفيذ بموجبها بخاتم المحكمة ويوقعها الكاتب بعد أن يزيلها بالصيغة التنفيذية، ولا تسلم إلا للخصم الذى تعود عليه منفعة من تنفيذ الحكم ولا تسلم له إلا إذا كان الحكم جائزا تنفيذه"، وفى المادة 183 منه على أنه: "لا يجوز تسليم صورة تنفيذية ثانية لذات الخصم إلا في حال ضياع الصورة الأولى، وتحكم المحكمة التي أصدرت الحكم في المنازعات المتعلقة بتسليم الصورة التنفيذية عند ضياع الأولى بناء على صحيفة تعلن من أحد الخصوم إلى خصمه الأخر".
وبحسب "المحكمة": يدل على أن الشروط المنصوص عليها في المادة 181 سالفة الذكر لتسليم الصورة التنفيذية الأولى أو إجابة طلب تسليم صورة تنفيذية ثانية يتسع لبحث أي دفع أو دفاع يبديه المدعى عليه من شأنه ألا يحكم للمدعى بطلبه باعتبار أن تحقيقه والفصل فيه من إجراءات الخصومة ذاتها، إلا إذا كان هذا الدفاع يثير مسألة تخرج عن اختصاص المحكمة المرفوع إليها الدعوى، وكانت معارضة المحكوم عليه في تسليم صورة ثانية من الحكم تأسيسا على انقضاء الحق الثابت به بمضى 15 سنه من تاريخ صيرورته نهائيا يعد دفاعا جوهريا يترتب على قبوله رفض طلب تسليم صورة تنفيذية لحكم لا يمكن تنفيذه.
محكمة النقض تنصف الطاعنين.. وتضع ضوابط لاستخراج الصيغة التنفيذية
ووفقا لـ"المحكمة": ولا محل للقول بأن دعوى تسليم الصورة التنفيذية الثانية لا تتسع لبحث انقضاء الحق موضوع الحكم بالتقادم على سند من أن هذه المسألة تعتبر منازعة موضوعية في التنفيذ يختص بالفصل فيها قاضى التنفيذ، ذلك بأن اختصاص قاضى التنفيذ مقصور على المنازعات المتعلقة بالتنفيذ دون غيره والتي تنصب على إجراء من إجراءاته أو مؤثرة في سيره، فهو يختص بمنازعات التنفيذ الموضوعية ولو كان مبناها مسألة لا تدخل في اختصاصه كطلب بطلان إجراءات التنفيذ لانقضاء الحق بالتقادم باعتبار أن المسألة الأخيرة مسألة أولية يتوقف الفصل فيها على الحكم في الطلب الأصلي وهو بطلان إجراءات التنفيذ، أما إذا رفعت الدعوى بطلب انقضاء الحق بالتقادم أو بطلب مستقل لا يرتبط به طلب ينصب على إجراء من إجراءات التنفيذ فإنه لا يُعد منازعة تنفيذ موضوعية ولا يدخل في اختصاص قاضى التنفيذ.
وتضيف "المحكمة": وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر واطرح دفاع الطاعنات بتقادم الحق الثابت بالحكم المطالب بصورة تنفيذية ثانية منه بانقضاء ما يزيد عن 15 سنة من تاريخ صيرورة الحكم نهائيا قولا منه بأن دعوى تسليم صورة تنفيذية لا تتسع لبحث هذا الدفاع برغم أنهن لم يبدين أي طلب مرتبط به يتعلق بإجراء من إجراءات التنفيذ، فإنه يكون قد خالف القانون وتحجب بهذه المخالفة عن بحث مدى توافر شرائط هذا الدفع، مما يعيبه أيضا بالقصور في التسبيب، بما يوجب نقضه دون حاجة لبحث باقى أسباب الطعن.