أصدرت محكمة "تلا" لشئون الأسرة للولاية على النفس، حكما يهم الأزواج المضررين، بسبب طلب الزوجات الطلاق لزواجهم الثانى عليهن، رسخت فيه لعدة مبادئ قضائية، قالت فيه: زواج الزوج بأخرى لا يُعد بذاته ضررا موجبا للطلاق، وإنما يتعين أن يلحق بالزوجة ضررا جراء الزواج بأخرى"، وتقضى برفض دعوى طلاق للضرر للزواج بأخرى، وبذلك تنتهج محاكم الأسرة القاعدة التي أرستها محكمة النقض في الطعن المقيد برقم 916 لسنة 74 القضائية – أحوال شخصية – الذى قالت فيه: "الزواج بأخرى في حد ذاته لا يعد ضرراً مفترضاً يجيز للزوجة طلب التطليق، وعلة ذلك استبعاد المشرع الأضرار التي مرجعها المشاعر الإنسانية في المرأة تجاه ضرتها للتزاحم بين امرأتين على رجل واحد".
صدر الحكم في الدعوى رقم 1930 لسنة 2020 أسرة تلا – برئاسة المستشار أحمد أبو فدان، وعضوية المستشارين، إبراهيم الغول، وإسلام إبراهيم، وبحضور كل من محمد خالد، وكيل النائب العام، وسكرتارية محمد يونس.
الوقائع.. سيدة تطلب الطلاق للضرر بسبب زواج زوجها بأخرى
تتحصل وقائع الدعوى حسبما بين من مطالعة سائر أوراقها أن المدعية أقامتها صحيفة إستوفت شرائطها القانونية، وأعلنت قانونا طلب في ختامها الحكم بتطليق المدعية طلقة بائنة للضرر، وذلك على سند من القول أن المدعية تزوجت من المدعى عليه بصحيح العقد الشرعى، ودخل بها إلا أنه قد أساء معاملتها وطردها من مسكن الزوجية وهجرها وتركها بلا نفقة ولا منفق، ودبت الخلافات بينهما بما لا يستطاع معه دوام العشرة، مما حدا بها لإقامة الدعوى الراهنة بغية الحكم لها بالطلبات المشار إليها.
وتداولت الدعوى بالجلسات – مثلت خلالها المدعية والمدعى عليه بوكيل عنه – محام – والمحكمة عرضت الصلح دون جدوى، وبجلسة 18 مايو 2021 قضت المحكمة بإحالة الدعوى للتحقيق لإثبات ما ورد بمنطوق ذلك القضاء، والذى تحيل إليه منعا للتكرار ونفاذا لذلك الحكم استمعت المحكمة إلى شاهدى المدعية، وبجلسة 29 مارس 2022 قضت المحكمة بإحالة الدعوى للتحقيق لإثبات ما ورد بمنطوق ذلك القضاء.
المحكمة تستمع لشهادة الشهود
استمعت المحكمة إلى شاهدى المدعية "أيمن. س"، و"أحمد. ج"، وقد شهد الأول بأن المدعى عليه لم يتعدى عليها بالضرب وأنه تزوج عليها بأخرى وعلمت بزواجه بعد أسبوع وأنه هجرها منذ 4 سنوات، وأضاف أن المدعى عليه سلمها أعيان جهازها وأنه ينفق عليها، فيما شهد الثانى بأنه لم يشاهد المدعى عليه يتعدى عليها بالضرب وأنه تزوج عليها بأخرى وهجرها من مده لا يعلمها، وأضاف بأن المدعى عليه سلمها أعيان جهازها، وأنه لا ينفق عليها، وأنه طردها من منزل الزوجية.
كما استمعت المحكمة إلى شاهدى المدعى عليه "أحمد. س"، و"محمد. م"، وقد شهدا بأمانته عليها نفسا ومالا وعدم تعديه عليها وزواجه بأخرى وعند علمها بذلك طلبت الطلاق وتركت منزل الزوجية، وذهب للإقامة بمنزل والدها منذ 3 سنوات، والمدعى عليه حاول الصلح إلا أنها رفضت وأنه يقوم بالانفاق عليها، وبجلسة المرافعة الأخيرة مثلا طرفى التداعى وطلب وكيل المدعى عليه رفض الدعوى، والنيابة فوضت الرأي للمحكمة، وإذ قررت المحكمة إنهاء حكم التحقيق، وحجز الدعوى للحكم.
المحكمة تطمئن لشهادة شهود الزوج
المحكمة في حيثيات الحكم قالت عن موضوع الدعوى، فالمحكمة تمهد لقضائها بما نصت عليه المادة رقم 6 من المرسوم بقانون رقم 25 لسنة 1929 المعدل بالقانون رقم 100 لسنة 1985 من أنه: "إذا ادعت الزوجة أضرار الزوج بها بما لا يستطاع معه دوام العشرة بين امثالهما لها أن تطلب من القاضي التفريق وحينئذ يطلقها القاضي طلقة بائنة إذا ثبت الضرر وعجز عن الإصلاح بينهما"، وحيث أنه لما كان حكم التطليق للضرر مأخوذ من مذهب الامام مالك ومثله في مذهب الإمام أحمد بن حنبل – رضى الله عنهما – وخالف في هذا المبدأ الإمامان أبو حنيفة والشافعى – رضى الله عنهما – والأصل في ذلك قوله تعالى: ﴿ وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا خَبِيرًا ﴾ - السورة ورقم الآية: النساء "35" – وقوله تعالى: "فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ".
وبحسب "المحكمة": وحيث لما كان الضرر المقصود من المادة السادسة من القانون آنف البيان هو الضرر الناتج عن إيذاء الزوج زوجته، وهذا الإيذاء إما أن يكون ايجابى أو سلبى، مادى أو معنوى، وهو كل ما يجاوز حق التأديب المباح شرعا، ولا ترى الزوجة الصبر عليه، ويستحيل معه دوام العشرة بين امثالها، ومعيار تضرر الزوجة معيار شخصى يختلف من زوجة لأخرى باختلاف البيئة والثقافة والعمل والوسط الاجتماعى، وتقديره أمر موضوعى لا يشترط تكراره، فيكفى أن يقوم به الزوج مرة واحدة، إلا أنه يشترط في ذلك الضرر شرطين:
1-أن يكون الإيذاء الواقع من الزوج غير لائق بأمثال الزوجة.
2-أن تتضرر منه الزوجة، ولا ترى الصبر عليه ولا يستطاع معه دوام العشرة بينهما.
المحكمة تنصف الزوج وتقضى برفض دعوى الزوجة بالطلاق
ووفقا لـ"المحكمة": هديا بما تقدم ولما كان الثابت للمحكمة من مطالعة سائر أوراق الدعوى ومستنداتها أن المدعية زوجة المدعى عليه بصحيح العقد الشرعى وأنه دخل بها إلا أن المدعية طلب التطليق من المدعى عليه استنادا إلى ما قررته من أسباب السابق سردها، ولما كانت الأوراق قد خلت مما يثبت إضرار المدعى عليه بالمدعية محمولا على دلائل تفرع آذان المحكمة أو تقيم في عقدتها صحة ما إدعته المدعية، إذ استمعت المحكمة إلى شاهدى المدعية، وقد شهدا بماء جاء في السابق، ولذلك تقضى المحكمة برفض الدعوى، مستندة على شهادة الشهود عن المدعى عليه وتطمئن إليها.
تطورات جديدة في تعديلات قانون الأسرة
يشار إلى أن المستشار عمر مروان وزير العدل، أصدر القرار الوزاري رقم 3805 لسنة 2022، بتشكيل اللجنة القضائية القانونية المختصة في قضايا ومحاكم الأسرة، لإعداد مشروع قانون الأحوال الشخصية، وفقا لتوجيهات الرئيس عبد الفتاح السيسي، ويضم تشكيل اللجنة كلا من، المستشار عبد الرحمن محمد عبد الرحمن حنفى رئيس محكمة استئناف طنطا، عضو مجلس القضاء الأعلى الاسبق رئيسا للجنة، وعضوية المستشار أحمد خيرى رئيس الاسئتناف ومساعد وزير العدل لشئون المحاكم المتخصصة، والمستشار يوسف عبد الفتاح مستشار بمحكمة النقض وعضو المكتب الفنى بادارة التشريح والمختص بتشريعات الاسرة، والمستشار اشرف على عبد الهادى رئيس اللجنة الفنية بادارة التفتيش القضائى على محاكم الاسرة، والمستشار أحمد محمد محب وكيل إدارة التشريع بوزارة العدل والمختص بتشريعات الاسرة.
أعضاء اللجنة والبريد الالكترونى للتواصل
كما تضمنت اللجنة، عضوية المستشار محمد محمود عبد الوهاب رئيس بمحكمة استئناف القاهرة شئون الأسرة، والمستشار راضى أبو الفتوح رئيس الاستئناف والقائم بأعمال المحامى العام الأول للنيابة العليا لشئون الأسرة، والمستشارة داليا إبراهيم أحمد رئيس بمحكمة استئناف القاهر شئون الأسرة، والمستشارة أمنية إسماعيل أحمد هوارى نائب رئيس بمحكمة الاستئناف ومساعد رئيس محكمة القاهرة الجديدة الابتدائية وعملت بمحاكم الأسرة، والمستشار شريف أحمد أشرف رئيس أ بمحكمة القاهرة الجديدة والمستشار هشام محمد رئيس أ بمحكمة القاهرة الجديدة، وحددت اللجنة البريد الإلكتروني [email protected] لتلقى المقترحات الخاصة بالتعديلات خلال 15 يوما من تاريخ القرار، ومن المقرر أن تكون هذه اللجنة من القضاة والقاضيات المختصين فى محاكم الأسرة والأحوال الشخصية وكذا اساتذة القانون.
وكان الرئيس عبد الفتاح السيسي وجه المستشار عمر مروان وزير العدل لتشكيل اللجنة القضائية القانونية المختصة في قضايا ومحاكم الأسرة، والتي تكون مهمتها إعداد مشروع قانون الأحوال الشخصية للمسلمين بحيث يراعى المصالح المتعددة لجميع الأطراف المعنية بأحكامه وعلى نحو متوازن يعالج القضايا الأسرية والذي يأتي وفقا لتوجيهات الرئيس عبد الفتاح السيسي، أمس خلال لقائه مع وزير العدل، كما كلف أجهزة الدولة المعنية وبصفة خاصة وزارة الداخلية والنيابة العامة وهيئة الرقابة الإدارية والجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء بإمداد لجنة إعداد القانون بالمعلومات والبيانات الدقيقة اللازمة لدعمها في أداء مهامها بكل مهنية وموضوعية.