أصدرت الدائرة 12 مدني – بمحكمة استئناف القاهرة – حكما قضائياَ فريدا من نوعه في مسائل الأحوال الشخصية بإلغاء الحكم المستأنف والقضاء مجدداً بالاعتداد بحجية حكم طلاق صادر بدولة خليجية بين زوج مصري وزوجة من جنسية عربية، وتذيله بالصيغة التنفيذية وجعله بمثابة واجب التنفيذ في جمهورية مصر العربية.
صدر الحكم في الاستئناف المقيد برقم 2364 لسنة 138 قضائية القاهرة، لصالح المحامي حسام الموافى، برئاسة المستشار سمير غانم الفولى، وعضوية المستشارين أكثم عبد الوارث، وطارق محمود، وبحضور أمانة سر محمد فاروق.
رأى محكمة النقض في النزاع
أيدت المحكمة في حكمها ما ورد في صحيفة الدعوى من أن المستقر عليه بقضاء النقض أن: "تنفيذ الحكم الأجنبي في مصر لا يكون إلا بعد الأمر بتنفيذه، إلا أنه يتعين التفرقة بين تنفيذ ذلك الحكم الأجنبي في مصر وبين الاعتداد بحجيته فلا يلزم فيه أن يصدر أمراً بالتنفيذ بل يكفى أن تتحقق المحكمة المصرية التي يحتج به أمامها أنه صادر من جهة ذات ولاية في إصداره طبقاً لقواعد الاختصاص القضائي الدولي الواردة في قانون هذه الجهة عملاً بنص المادة 22 من القانون المدني، وبحسب قواعد اختصاص القانون الدولي الخاص وليس فيه ما يخالف النظام العام في مصر ، ولم يصدر في مصر حكم واجب النفاذ في نفس الموضوع وبين ذات الخصوم ، فمتى تحققت المحكمة المصرية من توافر هذه الشروط كان عليها الأخذ بحجية الحكم الأجنبي"، وذلك طبقا للطعن رقم 2950 لسنة 68 ق - جلسة 12 مارس 2012.
الوقائع.. نزاع بانهاء العلاقة الزوجية بين زوج مصري وزوجة من جنسية عربية
تتحصل وقائع الدعوى في أن المدعية قد أقامت دعواها بموجب صحيفة موقعه من محام، أودعتها قلم كتاب المحكمة، وطلبت في ختامها بالاعتداد بحجية الحكم الأجنبي الصادر من الدائرة القضائية الثالثة بمحكمة الاسرة الكلية بالدوحة، والمرفق أصله ملف الدعوى، والقاضي بالطلاق بينهما، وذلك على سند من القول أن المدعية صدر لها الحكم بإنهاء العلاقة الزوجية وفسخ عقد الزواج بينها وبين المدعى عليه – الزوج – وحيث أنه لم يصدر حكم قضائى في مصر عن ذات النزاع وبين ذات الخصوم حيث أن الحكم المطلوب الاعتداد به حكم نهائي، الأمر الذى حدا بالمدعية لإقامة دعواها الراهنة للقضاء لها بطلباتها.
وفى الأثناء – تداولت الدعوى حيث أن وقائع الدعوى ومستندات الخصوم ودفاعهم ودفوعهم سبق وان أحاط بها وفصلها في كفاية تغنى عن البيان الحكم المستأنف رقم 4770 لسنة 2019 مدنى كلى أكتوبر أسبابا ومنطوقا والذى تحيل إليه المحكمة عزوفا عن التكرار أن المستأنفة أقامت الدعوى سالفة الإشارة بطلب في ختامها بتزيل الحكم الأجنبى رقم 1558 لسنة 2018 الصادر من محكمة الأسرة الابتدائية بالدوحة بالصيغة التنفيذية، وحيث أن الحكم الصادر في بلد أجنبى يجوز الأمر بتنفيذه وفق لأحكام المصرية إلا أن محكمة أول درجة حكمت بعدم قبول الدعوى في 27 يناير 2021.
محكمة أول درجة تقضى بعدم القبول.. والزوجة تستأنف
إلا أن ذلك القضاء لم يصادف قبولا لدى المدعية، فطعنت عليه بالاستئناف بموجب صحيفة استئناف موقعه من محام أودعت قلم كتاب المحكمة، وأعلنت قانونا طلبت في ختامها الحكم لها أولا بقبول الاستئناف شكلا، وفى الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف والقضاء مجددا بقبول الدعوى للأسباب الواردة بصحيفة الدعوى، وإلزام المستأنف ضده بالمصروفات ومقابل اتعاب المحاماة عن الدرجتين.
وقد تداول الاستئناف في الجلسات على النحو المبين بمحاضرة مثل المستأنفة وكيل عنها الأستاذ حسام الموافى المحامى وبجلسة 26 يونيو 2022 قررت المحكمة حجز الاستئناف للحكم لجلسة اليوم، وحيث أنه المقرر قضاء أن انضمام مصر إلى اتفاقية تنفيذ الأحكام التى أصدرها مجلس جامعة الدول العربية بق 29 لسنة 1954 أثره هو اعتبار احكام الاتفاقية قانونا واجب التطبيق، يكون واجب النفاذ في مصر متى توافرت الشروط المنصوص عليها في تلك الاتفاقية حتى ولو كانت المحاكم المصرية مختصة بنظر المنازعة التي صدر فيها الحكم.
المحكمة تفرق بين تنفيذ الحكم والاعتداد به
وعن موضوع الدعوى قالت المحكمة في حيثيات حكمها أنه من المقرر قانوناَ وعلى ما جرى به نص المادة 296 مرافعات على أن الأحكام والأوامر الصادرة في بلد أجنبى يجوز الأمر بتنفيذها بنفس الشروط المقررة في قانون ذلك البلد لتنفيذ الأحكام والأوامر المصرية فيه، وجرى نص المادة 297 مرافعات على أن يقدم طلب الأمر بالتنفيذ إلى المحكمة الابتدائية والتي يراد التنفيذ به ودون التقيد بالقانون الأجنبي في تحديده للمحكمة التي تختص بالأمر وجرى نص المادة 298 مرافعات على أنه لا يجوز الأمر بالتنفيذ إلا بعد التحقق مما يلى:
1-أن محاكم الجمهورية غير مختصة بالمنازعة التي صدر فيها الحكم أو الأمر وأن المحاكم الأجنبية التي أصدرته مختصة طبقا لقواعد الاختصاص الدولى المقررة في قانونها.
2-أن الخصوم في الدعوى التي صدر فيها الحكم قد كلفوا بالحضور ومثلوا تمثيلاَ صحيحاَ.
3-أن الحكم أو الأمر حاز قوة الأمر المقضى طبقا لقانون المحكمة التي أصدرته.
4-أن الحكم أو الأمر لا يتعارض مع حكم أو أمر سبق صدوره من محاكم الجمهورية ولا يتضمن ما يخالف النظام.
وبحسب المحكمة: وقد يثار الجدل حول أعمال هذا النص سيما في شرطه الأول إذ أن محاكم جمهورية مصر العربية مختصة بنظر مثل هذا النزاع، ولكن هذا الجدل سرعان ما يزول وفقا لما نصت عليه المادة 301 مرافعات والتي اختص بها المشرع الفصل الخاص بتنفيذ الأحكام والأوامر والسندات الأجنبية والتي تقضى بأن العمل بالقواعد المنصوص عليها في المواد السابقة لا يخل بأحكام المعاهدات المعقودة أو التي تعقد بين مصر وغيرها من الدول، وهو الأمر الذى اعتنقته محكمة النقض المصرية في الحكم الصادر منها بجلسة 21 يونيو 1988 رقم 558 لسنة 55 قضائية.
المحكمة تقضى لصالح الزوجة بالاعتداد بالحكم الأجنبي
وفى جلسة 29 مارس 2022 حكمت المحكمة أولاً بقبول الاستئناف شكلا، وثانياً: وفى الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف والقضاء مجددا بتزييل الحكم الاجنبى محل التداعى رقم 1558 لسنة 2018 الصادر من محكمة الاسرة الابتدائية بالدوحة بالصيغة التنفيذية وجعله بمثابة حكم واجب التنفيذ في جمهورية مصر العربية، وألزمت المستأنف ضده بالمصاريف ومبلغ مائة جنيه مقابل اتعاب المحاماة.