تصريحات تصدر من هنا وأخرى من هناك حول طبيعة "زواج المختلعة من أخر" حال عدم رضا المخلوع أو فى حال إذا كان "الإعلان أمريكانى" يكون زواجها من أخر "زنا"، وهو الأمر الذى أثار أزمة كبيرة داخل المجتمع المصرى، خاصة بين رواد موقع التواصل الاجتماعى "فيس بوك، وتويتر" وغيرها من الأدوات الموجودة على محركات البحث – جوجل – وأبرز هذه التصريحات الشاذة التي جاءت في هذا المضمار تصريحات المحامي الشهير في قضايا الأحوال الشخصية عصام عجاج حول الخلع وعدم شرعيته الجدل، حيث أكد في تصريحات متلفزة أن الزوجة التي تتزوج بقانون الخلع الحالي بغير رضا الزوج على الخلع يعتبر خلعها "باطلًا"، وأن الخلع يطبق خطأ في القانون المصري لأن الرجل يخلع من الزوجة رغمًا عنه وبحكم المحكمة.
وقال المحامي عصام عجاج، إن "الخلع يطبق بشكل خاطئ، وزواج الزوجة من زوج آخر بعد الخلع يعد زنا، والزوجة التي تتزوج بقانون الخلع الحالي بغير رضا الزوج على الخلع، يعتبر خلعها باطل، ومفتي الديار المصرية لم يوافق على الخلع سنة 2000، لأن أصلًا مفيش حاجة اسمها خلع، الخلع استحدث عشان مسؤول يتجوز السكرتيرة بتاعته، أنا لا أتحدث في الشريعة، أنا بتكلم في القانون، ومفتي الديار المصرية وشيخ الأزهر والشيخ محمد متولي الشعراوي لم يوافقوا على الخلع، الخلع يطبق لدينا في القانون غلط، لأن الرجل يخلع من الزوجة رغمًا عنه بحكم محكمة" – إلى هنا انتهت تصريحات عجاج.
حديث الساعة.. هل زواج الزوجة بعد الخلع زنا؟
تلك التصريحات أقامت الدنيا ولم تقعدها حيث أن الخلع يُطبق في مصر منذ عام 2001 – أي ما يقرب منذ 23 سنه – والذى لجأت له معظم البيوتات المصرية عند الحاجة للإنفصال حال رفض الزوج التطليق وبذلك يكون لذلك التصريح أثر كبير على الأسر المصرية وعلى سمعتها، إذ أن الزوج إذا ما رضى على الخلع، وقال لزوجته "انتى طالق"، تبدأ في رفع أمرها للقاضى وهو يقوم بتطليقها لأن القاضى ولى أمر من لا ولى له وتعتد بحيضة واحده ثم تتزوج أخر بعد ذلك إن أرادت الزواج، والقاضى يمضيها امامه فى الجلسة، ويسألها: "هل انتى كارهة زوجك"، فترد عليه: " أيوة كارهاه وأخشى ألا أقيم حدود الله"، والقاضى يسألها: "اتردين عليه المهر وهو المؤخر والمقدم؟"، فترد وتقول: "نعم".
طريقة إجراءات تطبيق حكم الخلع
وبعد ذلك - القاضى ينظر للمقدم الموجود فى قسيمة الزواج، ثم تدفعه الزوجة أمام القاضى والمؤخر الذى لم تأخذه اصلا من زوجها تتنازل عنه أمام القاضي، وتتنازل عن نفقة العدة ونفقة المتعة، وبذلك تكون الزوجة قد تنازلت عن جميع حقوقها فليس هناك محل للقول بأنها "أكلت حقوقه"، أما قائمة المنقولات فالعلاقة لها بالخلع لأنها قانونا كإيصال الأمانة الزوج يوقع على أنه مؤتمن علي المنقولات مع استعمالها خلال الزواج على أن يرد ما تمت كتابته، التوقيع عليه من الزوج وقت مالزوجة تطالبه برد الإمانة وهى المنقولات، هذا هو المتعارف عليه في إجراءات الخلع وشروط صحته، إلا أن هناك من يرى أن هناك حيل وألاعيب من قبل الزوجة تؤدى إلى بطلان ذلك الخلع.. وهنا نتسائل حول مشروعية قانون الخلع وعما إذا كان الزواج بعده يعد زنى؟
أراء قانونية متخصصة تصف زواج المختلعة بآخر "زنا" لهذه الأسباب
في البداية - طالب خبراء قانونيون بإلغاء قانون الخلع وتعديل قانون الأحوال الشخصية وسنّ التشريعات اللازمة لذلك في البرلمان في دورته المقبلة وفى مناقشات مشروع القانون المقرر طرحه، مؤكدين إن قانون الخلع رقم 1 لسنة 2001 قد صدر في عهد الرئيس الأسبق حسنى مبارك وإن تشريع الخلع ذاته استند الى واقعة شاذة ولا يجوز القياس على ذلك لأنه في حكم المعدوم، وذكروا أن الخلع أدى الى تدمير الأسرة المصرية، كما دعوا أيضاً الى تعديل قانون الأحوال الشخصية لكي تتماشى وفق أحكام الشريعة الاسلامية.
وفى هذا الشأن يقول – الخبير القانوني والمحامى بالنقض محمد عادل – أن الخلع طبقا للقانون الحالي هو مخالف للشرع تماماَ، وهو سلب لولاية الرجل إذ تم ولم يكن متوافقا مع ما قاله رسول الله للمرأة التي جاءت تشتكي إليه من أنها لم تعد قادرة علي العيش مع زوجها وقال: "اتردين إليه حديقته؟"، فردت وقالت: "بل وازيد"، فقال له النبى: "أقبل الحديقة وطلقها تطليقا"، أي أنه أعطي كامل الحرية للرجل فلو كان مثل ما هو موافق لصحيح القانون ويكون المهر الحقيقي يرد الى الرجل فيصبح موافق لصحيح الشريعة، والتطليق خلعا طبقا للقانون يجوز متماشيا مع رغبة الزوجة وهي طالبة للخلع، ولكن من ناحية الشرع "فيه نظر" كما أن نظام التقاضي علي درجتين وفى الخلع درجة واحدة، وهنا يصبح فيه عوار دستوري أخر فنحن أمام مسألة فيها مخالفة واضحة للشرع.
"الإعلانات الأمريكانى" تثير أزمة
وبحسب "عادل" في تصريح لـ"برلماني": هناك تناقض في هذه المسألة ما بين الشرع والقانون وأن الشرع الأرجح والأصح أو المفروض الذى يتم تطبيقه لأنك لو نظرت لحالة الخلع والاعلانات التي تتم فيما يسمي بـ"الإعلان الأمريكاني" أو الإعلان علي عنوان خطأ، وتحكم المحكمة بالخلع، ثم يفاجئ الزوج أنه "مخلوع" وهو يعيش مع زوجته، فأنت هنا أمام تناقض القاضي يطلب الاعلان فى إعادة اعلان وتتم َوفقا لصحيح القانون وهي إعلان مع جهة الادارة ويحكم حينما تكتمل القضية شكلا وموضوعا وبناء علي ماتم من الخطأ في الاجراءت يجد الزوج نفسه "مخلوعا".
وفي المقابل، رفضت ناشطات مصريات المساس بقانون الخلع، وذكرن أن الحقوق التي حصلت عليها المرأة جاءت نتيجة نضال سياسي وفكرى وليس لجهود حاكم أو حرمه، وطالبن بتكرار تجربة تونس في الطلاق الذي يمتلكه القاضي فقط وليس الزوج، ودعون إلى إصلاح المجتمع سياسياً واقتصادياً لتقليل أرقام الطلاق والخلع في المجتمع، فالخُلْع هو أن تطلق الزوجة نفسها أو يطلقها القاضي بشرط أن تعيد ما أعطاها الزوج من مهر، كما أن الزوج في هذه الحالة يكون دون عيوب أو دون أن تصدر منه إساءة إليها، ولكن في حالة كانت الزوجة متضررة من الزوج فإنها تعطى كل حقوقها، وهنا يتم الطلاق وليس الخلع، وهو يطبق في دول كثيرة منها مصر الذي بدأ فيها في عام 2001.
الخبير القانونى والمحامى محمد عادل
الأصل عدم وقوع الخلع إلا بموافقة الزوج
وفى هذا الشأن تقول الخبير القانوني والمحامية هيام قدرى الحمدى، المتخصصة في الشأن الأسرى – أن الأصل عدم وقوع الخلع إلا بموافقة الزوج، واستثنى بعض الفقهاء قديمًا وحديثًا من هذا الأصل بعض حالات الشقاق، والنزاع المستحكم بين الزوجين، فأجازوا الخلع بغير موافقة الزوج، إما من خلال حكم القاضي الشرعي إذا ثبت لديه ما يوجب الخلع، جاء في كشاف القناع للبهوتي: وقال في الاختيارات: والتحقيق أنه يصح ممن يصح طلاقه بالملك، أو الوكالة، أو الولاية، كالحاكم في الشقاق، وكذا لو فعله الحاكم في الإيلاء، أو العنة، أو الإعسار، وغيرها من المواضع التي يملك الحاكم فيها الفرقة.
وتضيف "الحمدى" في تصريحات خاصة - إما من خلال حكم الحكمين مباشرة إذا كانت المرأة سببًا في الشقاق، واتفقا على الخلع، وهو مذهب المالكية في المشهور عنهم، وأحمد في أرجح الروايتين، والشافعي في أحد قوليه، قال الإمام القرطبي: والصَحيحُ الأوّل، وأن لِلْحَكَمَيْنِ التَّطْلِيقَ دُونَ تَوْكِيلٍ، وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ، وَالْأَوْزَاعِيِّ، وَإِسْحَاقَ، وَرُوِيَ عَنْ عُثْمَانَ، وَعَلِيٍّ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَعَنِ الشَّعْبِيِّ، وَالنَّخَعِيِّ، وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ: فَابْعَثُوا حَكَماً مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَماً مِنْ أَهْلِها ـ وَهَذَا نَصٌّ مِنَ اللَّهِ سُبْحَانَهُ بِأَنَّهُمَا قَاضِيَانِ، لَا وَكِيلَانِ، وَلَا شَاهِدَانِ.
الخلع من الناحية القانونية
هذا من الناحية الشرعية أما من الناحية القانونية – تؤكد "الحمد": قانون الأحوال الشخصية رقم 1 لسنة 2000 نص في المادة 20 منه على أنه للزوجين أن يتراضيا فيما بينهما على الخلع، فإن لم يتراضيا عليه، وأقامت الزوجة دعواها بطلبه، وافتدت نفسها وخلعت زوجها بالتنازل عن جميع حقوقها المالية الشرعية، وردت عليه الصداق الذى دفعه لها، حكمت المحكمة بتطليقها، يمكن للقاضي أن يحكم بالخلع دون حضور الزوج إلى المحكمة، فـعدم حضور الزوج جلسات قضية الخلع ليس سببًا لتأجيل الحكم ولا يؤثر على سير القضية؛ وذلك لأن الزوجة تتقدم بدعوى الخلع بسبب رفض الزوج الطلاق عن تراضٍ؛ لذا يقع الخلع قانونيًا نظير تنازل الزوجة عن مستحقاتها المالية وكافة حقوقها الشرعية فيما عدا حقوق الأطفال إن وجد، مثل حق الحضانة وحق نفقة الصغار.
وتشير الخبير القانوني أن الخلع الأصل فيه الرضا والتوافق بين الطرفين وفي حالة عدم الاتفاق فيما بينهم علي ذلك يرفع الأمر الي القاضي ليحكم بما يقدم إليه من أدلة إثبات في مقدم الصداق، وحكم القاضي هنا حكم كاشف لحقيقة الأمر، وتتحمل الزوجه وزر كذبها في حالة إخفاء مقدم الصداق، ولكن الطلاق خلعا صحيح شرعا وقانونا، والخلع هو فداء بعوض من المرأة للزوج، تملك بموجبه أمرها، ولا يجوز للزوجة أن تلجأ إليه إلا إذا تضررت من زوجها ولم تقدر على الطلاق منه، أو خافت ألا تقوم بحقوقه الشرعية، وهو جائز بإتفاق أهل العلم لقول الله تعالى: فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ يُقِيمَا حُدُودَ اللّهِ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ {البقرة:229} ولم يخالف في ذلك إلا من لا يعتد بخلافه فيه، ولا يتوقف العمل بالخلع على الحاكم أو القاضي، بل كلما اتفق الطرفان على الخلع فإنه يمضي وتملك المرأة بموجبه أمرها.
الخبير القانونى والمحامية هيام قدرى الحمدى
الخلع لا يجوز إلا بموافقة الزوجين
والأصل أن الخلع لا يجوز إلا بموافقة الزوجين، لأن المرأة فيه هي الباذلة للمال، ولا يجوز حملها على دفع مالها في الخلع بغير رضاها، كما أن الرجل هو المالك للعصمة ولا يصح حمله على تركها بغير رضاه، ولكن هذا الأصل قد يعدل عنه في بعض الأحوال كما إذا حصل شقاق بين الزوجين ولم يمكن إصلاحه، فقد أمر الله ببعث الحكمين في هذه الحال، قال الله تعالى: وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُواْ حَكَمًا مِّنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِّنْ أَهْلِهَا إِن يُرِيدَا إِصْلاَحًا يُوَفِّقِ اللّهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلِيمًا خَبِيرًا. {النساء:35}، والخلع هو نوع من أنوع التطليق عن طريق المحكمة، وتقوم الزوجه فيه برد مقدم الصداق أو المهر إلى زوجها، إضافة إلى التنازل عن نفقتى العدة والمتعة، ومستمد من اراء فقهية متعددة بإنه لاغضاضة فيه ولايتنافى مع الشرع، وإنه يطلق حرية المراة فى العيش برغبتها مع من تحب، وما يروجه البعض بأن الخلع غير قانونى أو مخالف للشريعة ويعد زنا امور متزايد فيها ولا داعى لها، كما أن الزوجة بعد خلع زوجها يحق لها الزواج من آخر بعد إتمام شهور العدة المقررة فى الشريعة الإسلامية، والعدة تبدء من أول يوم حصلت فيه على الخلع
ومثل هذا ما إذا تضررت المرأة بالبقاء في حبال الزوج وكرهته فيجوز للقاضي حينئذ أن يوقعه عليه إذا ثبت لديه بالقرائن حاجة الزوجة له، ولكن لا يجوز للمرأة أن تسارع إلى الخلع دون سبب فقد ورد الحديث بالزجر الشديد عن ذلك قال صلى الله عليه وسلم: إن المختلعات والمنتزعات هن المنافقات - رواه الطبراني وصححه الألباني - وعلى هذا فإن ما دامت المرأة قد رفعت أمرها للقاضي طالبة للخلع وحكم القاضي لها بذلك فقد حصل الخلع وانحلت عقد النكاح بين الزوجين، وصار كل منهما أجنبياً عن الآخر، وذلك لأن القاضي لا يحكم بالخلع إلا إذا ثبت عنده موجب ذلك ولو بمجرد قول الزوجة إنها قد كرهت زوجها وصارت لا تطيق الحياة معه فإن هذا سبب كاف لإيقاعه والحكم به.
ثم ما دامت الزوجة قد وصل بها الحال إلى أن ترفع أمرها إلى المحاكم تطلب من القضاة التفريق بينها وبين زوجها فلا شك أنها مبغضة له كارهة للبقاء معه، فأي مصلحة للرجل بعد ذلك في أن يمسك امرأة لا تحبه، وهل هذا إلا مناقضة لمقصود الشارع من الزواج حيث جعله سكناً ورحمة ومودة، وقد ألزم بعض الحكام الفضلاء الأزواج بالخلع في مثل هذه الحالات، جاء في الإنصاف للمرداوي: وإذا كانت المرأة مبغضة للرجل وتخشى أن لا تقيم حدود الله في حقه فلا بأس أن تفتدي نفسها منه، فيباح للزوجة ذلك والحالة هذه على الصحيح من المذهب وعليه أكثر الأصحاب وجزم الحلواني بالاستحباب، وأما الزوج فالصحيح من المذهب أنه يستحب له الإجابة إليه وعليه الأصحاب. واختلف كلام الشيخ تقي الدين رحمه الله في وجوب الإجابة إليه. وألزم به بعض حكام الشام المقادسة الفضلاء.
رأى دار الإفتاء في الأزمة
هذا وقد سبق لدار الإفتاء التصدي لمثل هذه الأزمة حيث أوضح الشيخ محمود شلبي، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية في وقت سابق: "أنه يوجد شيء يسمى خلع صحيح وخلع غير صحيح، ويكون الخلع الصحيح لو حكم القضاء على ذلك، لأنه يكون صدر ممن يملك الخلع، فلو وجد سبب لطلب الخلع، يجب على الزوجة ان تطلب الخلع، لأن هذا من حقها، وورد عن ابن عباس أن (امرأة ثابت بن قيس) جاءت إلى النبي ﷺ قائله: (يا رسول الله ثابت بن قيس، ما أعْتِبُ عليه في خُلُقٍ ولا دِيْنٍ، ولكني أكره الكفر في الإسلام، فقال رسول الله ﷺ: (أتردين عليه حديقته؟) قالت: نعم، قال رسول الله ﷺ (اقبل الحديقة وطلقها تطليقة)".
وتابع محمود شلبي: الخلع الغير صحيح من الممكن أن تأثم الزوجة، وذلك لو طلبت الخلع بلا أي سبب، وهذا الإثم ليس يكون بمعنى أن الزوجة تأخذ ذنوب، ولكن ورد عن رسول الله ﷺ: "أيما امرأة سألت زوجها الطلاق من غير بأس فقد حرم الله عليها الجنة"، وجاء هذا الحديث لعدم طلب الطلاق "عمال على بطال" للحفاظ على الاسرة، وعدم الشقاق والتفرق، كما إن الخلع نافذ ظاهرا وباطنا سواء علم الزوج أو لم يعلم طالما تم عن طريق المحكمة، كما أن للمرأة التي كرهت الحياة مع زوجها ولا تستطيع استمرار الحياة معه أن تطلب الطلاق منه كما هو الحال بالنسبة للزوج الذي كره زوجته أن يطلقها.
رأي مفتي الجمهورية السابق علي جمعة في خلع الزوجة للزوجها
أكد الدكتور علي جمعة، مفتي الجمهورية السابق: "أن الطلاق مشتق من الإطلاق، وهو الإرسال والترك، ومعناه في الشرع حَل رابطة الزواج، وإنهاء العلاقة الزوجية، أما الخلع فإنه مشتق من خلع الشيء ونزعه وإزالته أو من خلع الثوب لأن كلًا من الزوجين لباس للآخر، وقال الله تعالى: "هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنّ"، وعرف الفقهاء الخلع بأنه فراق الرجل زوجته ببدل يحصل له.
وأضاف علي جمعة: "من خلال هذه التعريفات للطلاق والخلع نلاحظ أن هناك فرق بينهما، وهو أن الطلاق فراق بغير عوض، ويستطيع الزوج أن يراجع مطلقته المدخول بها ما لم تخرج من العدة أو يطلقها ثلاث، وأما الخلع فهو حل للعصمة بعوض مالي، وأن ترد إليه ما أعطاه لها"، مشيرا إلى أن: "الخلع في مصر يعتمد على حكم القاضي النهائي وليس الابتدائي، وتبدأ فترة من وقت صدور الحكم النهائي وتظل 3 أشهر أو 3 حيضات، ثم يجوز لها أن تتزوج مرة أخرى، حتى لو زوجها قال لها أنتي مازلتي زوجتي، تتركه يتحدث مع نفسه وتتزوج، لأنها لم تصبح زوجته، منبهًا على أن حكم القاضي ينفذ أمام الناس في الظاهر، وأمام الله عز وجل في الباطن".
رأى المحكمة الدستورية العليا في الأزمة
هذا وقد سبق للمحكمة الدستورية العيا التصدي لهذه الإشكالية في القضية رقم 201 لسنة 23 قضائية المحكمة الدستورية العليا "دستورية"، حيث جاءت واقعات الدعوى على ما يبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق تتحصل في أن المدعى عليها الثالثة كانت قد أقامت الدعوى رقم 532 لسنة 2000 أمام محكمة الإسكندرية الابتدائية للأحوال الشخصية بطلب الحكم بخلعها من زوجها المدعي؛ طلقة بائنة مقابل ردها عاجل الصداق والشبكة، وتنازلها عن مؤخر الصداق، على سندٍ من أن المدعي كان قد تزوجها بصحيح العقد الشرعي المؤرخ 25/7/1997، وقد دب الخلاف بينهما إلى حد لم تعد تطيق الحياة معه وأصبحت تخشى من أن تغضب الله إزاء كراهيتها لزوجها وعدم رغبتها في معاشرته.
ثم عرضت محكمة الموضوع الصلح على الطرفين فرفضته المدعى عليها الثالثة وقبله المدعى، فقررت المحكمة ترشيح حكمين، وإذ باشرا مهمتهما، وقدما تقريرا يوصي بخلعها منه بعد أن تبين لهما استحالة العشرة بينهما، واستعدادها للتنازل عما لها من حقوق لديه، دفع المدعي بعدم دستورية القانون رقم 1 لسنة 2000 المشار إليه، والمادة 20 منه، وإذ قدرت محكمة الموضوع جدية دفعه وصرحت له بإقامة الدعوى الدستورية، فقد أقام الدعوى الماثلة، وحيث إن المدعي ينعى على القانون رقم 1 لسنة 2000 المشار إليه عدم عرض مشروعه على مجلس الشورى باعتباره من القوانين المكملة للدستور، مما يخالف أحكام المادتين 194 و195 من الدستور.
عرض مشروع قانون الخلع على مجلس الشورى
المحكمة في حيثيات الحكم ردت على هذا الدفع بقولها: أن هذا النعي غير صحيح، ذلك أنه وأيا كان وجه الرأي في اعتبار القانون الطعين من القوانين المكملة للدستور فالثابت أن مشروعه قد عرض على مجلس الشورى؛ وتمت الموافقة عليه بعد أن جرت مناقشته في دور الانعقاد الحادي والعشرين للمجلس؛ أولا: بجلستيه التاسعة والعاشرة المعقودتين بتاريخ 25 ديسمبر 1999 ثم بجلستيه الحادية عشرة والثانية عشرة المعقودتين بتاريخ 26 ديسمبر 1999، حسبما جاء بمضابط تلك الجلسات وكتاب المستشار أمين عام مجلس الشورى رقم 100 بتاريخ 10 ديسمبر 2000.
وبحسب "المحكمة": حيث إن المادة 20 من القانون رقم 1 لسنة 2000 المشار إليه تنص على أن: "للزوجين أن يتراضيا فيما بينهما على الخلع، فإن لم يتراضيا عليه وأقامت الزوجة دعواها بطلبه وافتدت نفسها وخالعت زوجها بالتنازل عن جميع حقوقها المالية الشرعية وردت عليه الصداق الذي أعطاه لها، حكمت المحكمة بتطليقها عليه، ولا تحكم المحكمة بالتطليق للخلع إلا بعد محاولة الصلح بين الزوجين، وندبها لحكمين لموالاة مساعي الصلح بينهما، خلال مدة لا تجاوز ثلاثة أشهر، وعلى الوجه المبين بالفقرة الثانية من المادة (18) والفقرتين الأولى والثانية من المادة (19) من هذا القانون، وبعد أن تقرر الزوجة صراحة أنها تبغض الحياة مع زوجها وأنه لا سبيل لاستمرار الحياة الزوجية بينهما وتخشى ألا تقيم حدود الله بسبب هذا البغض.
قواعد ومبادئ لتطبيق أحكام الخلع
ووفقا لـ"المحكمة": ولا يصح أن يكون مقابل الخلع إسقاط حضانة الصغار، أو نفقتهم أو أي حق من حقوقهم ويقع بالخلع في جميع الأحوال طلاق بائن، ويكون الحكم في جميع الأحوال غير قابل للطعن عليه بأي طريق من طرق الطعن"، وحيث إن المدعي ينعى على المادة 20 المطعون عليها مخالفتها للدستور؛ لمناقضتها لأحكام الشريعة الإسلامية التي تشترط قبول الزوج للخلع، فضلا عن أن ما قررته من عدم قابلية الحكم الصادر بالخلع للطعن بأي طريق؛ فيه إهدار لحق التقاضي الذي كفله الدستور للناس كافة.
عن النعي بمخالفة النص الطعين لأحكام الشريعة الإسلامية، فإن المقرر في قضاء هذه المحكمة، أن المادة الثانية من الدستور بعد تعديلها في سنة 1980 إذ نصت على أن مبادئ الشريعة الإسلامية هي المصدر الرئيسي للتشريع، فإن مقتضى ذلك أنه لا يجوز لنص تشريعي يصدر في ظله أن يناقض الأحكام الشرعية القطعية في ثبوتها ودلالتها، باعتبار أن هذه الأحكام وحدها هي التي يمتنع الاجتهاد فيها لأنها تمثل من الشريعة الإسلامية ثابتها التي لا تحتمل تأويلا أو تبديلا، وليست كذلك الأحكام الظنية في ثبوتها أو دلالتها أو فيهما معا، فهذه تتسع دائرة الاجتهاد فيها تنظيما لشئون العباد، وضمانا لمصالحهم التي تتغير وتتعدد مع تطور الحياة وتغير الزمان والمكان، وهو اجتهاد وإن كان جائزا ومندوبا من أهل الفقه، فهو في ذلك أوجب وأولى لولي الأمر، يبذل جهده في استنباط الحكم الشرعي من الدليل التفصيلي، ويعمل حكم العقل فيما لا نص فيه؛ توصلا لتقرير قواعد عملية يقتضيها عدل الله ورحمته بعباده.
مسألة اجتهاد ولى الأمر في حكم الخلع
وتسعها الشريعة الإسلامية التي لا تضفي قدسية على آراء أحد من الفقهاء في شأن من شئونها، ولا تحول دون مراجعتها وتقييمها وإبدال غيرها بها بمراعاة المصلحة الحقيقية للجماعة التي لا تناقض المقاصد العليا للشريعة، ويكون اجتهاد ولي الأمر بالنظر في كل مسألة بخصوصها بما يناسبها؛ إخمادا للثائرة، وإنهاء للتنازع والتناحر، وإبطالا للخصومة، مستعينا في ذلك كله بأهل الفقه والرأي، وهو في ذلك لا يتقيد بالضرورة بآراء الآخرين، بل يجوز أن يشرع على خلافها، وأن ينظم شئون العباد في بيئة بذاتها تستقل بأوضاعها وظروفها الخاصة، بما يرد الأمر المتنازع عليه إلى الله ورسوله؛ وكان حقا عليه عند الخيار بين أمرين مراعاة أيسرهما ما لم يكن إثما، فلا يضيق على الناس، أو يرهقهم من أمرهم عسرا؛ وإلا كان مصادما لقوله تعالى "وما جعل عليكم في الدين من حرج" الآية رقم 78 من سورة الحج.
وتابعت "المحكمة": حيث إنه لما كان الزواج قد شرع في الأصل ليكون مؤبدا، ويستمر صالحا، وكانت العلاقة الشخصية بين الزوجين هي الصلة التي تجعل الحياة الزوجية صالحة فيبقى الزواج بها، لذلك فقد حرص الشارع عز وجل على بقاء المودة وحث على حسن العشرة، ولكن عندما تحل الكراهية محل المودة والرحمة، ويشتد الشقاق ويصعب الوفاق، فقد رخص سبحانه وتعالى للزوج أن ينهي العلاقة بالطلاق يستعمله عند الحاجة وفي الحدود التي رسمها له الشارع الحكيم، وفي مقابل هذا الحق الذي قرره جل شأنه للرجل فقد كان حتما مقضيا أن يقرر للزوجة حقا في طلب التطليق لأسباب عدة، كما قرر لها حقا في أن تفتدي نفسها فترد على الزوج ما دفعه من عاجل الصداق وهو ما عرِف بالخلع.
حق الزوجة في مخالعة زوجها وافتداء نفسها مقابل الطلاق
وفي الحالتين، فإنها تلجأ إلى القضاء الذي يطلقها لسبب من أسباب التطليق، أو يحكم بمخالعتها لزوجها، وهي مخالعة قال الله تعالى فيها: "الطلاق مرتان فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان ولا يحل لكم أن تأخذوا مما أتيتموهن شيئا إلا أن يخافا ألا يقيما حدود الله، فإن خفتم ألا يقيما حدود الله فلا جناح عليهما فيما افتدت به، تلك حدود الله فلا تعتدوها، ومن يتعد حدود الله فأولئك هم الظالمون" الآية رقم 229 من سورة البقرة بما مؤداه أن حق الزوجة في مخالعة زوجها وافتداء نفسها مقابل الطلاق قد ورد به نص قرآني كريم قطعي الثبوت، ثم جاءت السنة النبوية الكريمة لتنزل الحكم القرآني منزلته العملية، فقد روى البخاري في الصحيح عن عكرمة عن ابن عباس رضى الله عنهما قال: جاءت امرأة ثابت بن قيس بن شماس إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله، ما أنقم على ثابت في دين ولا خلق، إلا أنى أخاف الكفر في الإسلام، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "فتردين عليه حديقته؟" قالت: نعم وأزيد، فقال لها أما الزيادة فلا، فردت عليه حديقته، فأمره؛ ففارقها، وقد تعددت الروايات في شأن أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم، منها الرواية السابقة ومنها أنه أمره بتطليقها، وفي رواية أخرى أنه طلقها عليه، وكان ثابت بن قيس غير حاضر، فلما عرف بقضاء رسول الله قال: رضيت بقضائه. فالخلع إذا في أصل شرعته من الأحكام قطعية الثبوت لورود النص عليه في كل من القرآن والسنة.
أما أحكامه التفصيلية فقد سكت عنها العليم الخبير جل شأنه لحكمة قدرها وتبعه الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم في ذلك، ولذا فقد اجتهد الفقهاء في شأن هذه الأحكام، فمنهم من ذهب إلى لزوم موافقة الزوج على الخلع، قولا بأن ما ورد بالحديث الشريف من رد الحديقة والأمر بالمفارقة، كان من قبيل الندب والإرشاد؛ فلا يقع الطلاق بالخلع إلا بموافقة الزوج، على حين ذهب فريق آخر إلى أن الأمر بالمفارقة كان أمر وجوب؛ فيقع الخلع إما برضاء الزوجين، أو بدون موافقة الزوج وذلك بحكم ولي الأمر أو القاضي، فكان لزاما حتى لا يشق الأمر على القاضي أن يتدخل المشرع لبيان أي من الرأيين أولى بالاتباع، وهو ما نحا إليه النص المطعون فيه؛ فأخذ بمذهب المالكية وأجاز للزوجة أن تخالع إذا ما بغضت الحياة مع زوجها وعجز الحكمان عن الصلح بينهما فيخلعها القاضي من زوجها بعد أخذ رأى الحكمين، على أن تدفع إليه ما قدمه في هذا الزواج من عاجل الصداق.
لا يجوز أن تجبر الزوجة على العيش مع زوجها قسرا عنها
وليس ذلك إلا إعمالا للعقل بقدر ما تقتضيه الضرورة بما لا ينافي مقاصد الشريعة الإسلامية وبمراعاة أصولها؛ ذلك أن التفريق بين الزوجين في هذه الحالة، من شأنه أن يحقق مصلحة للطرفين معا، فلا يجوز أن تجبر الزوجة على العيش مع زوجها قسرا عنها؛ بعد إذ قررت أنها تبغض الحياة معه، وأنه لا سبيل لاستمرار الحياة الزوجية بينهما، وأنها تخشى ألا تقيم حدود الله بسبب هذا البغض، مما حدا بها إلى افتدائها لنفسها وتنازلها له عن جميع حقوقها المالية الشرعية وردها الصداق الذي أعطاه لها. والقول باشتراط موافقة الزوج يؤدي إلى إجبار الزوجة على الاستمرار في حياة تبغضها؛ وهو ما يبتعد بعلاقة الزواج عن الأصل فيها، ألا وهو السكن والمودة والتراحم، ويجعل الزوج، وقد تخفف من كل عبء مالي ينتج عن الطلاق، غير ممسك بزوجته التي تبغضه إلا إضرارا بها، وهو إضرار تنهى عنه الشريعة الإسلامية، وتتأذى منه العقيدة الإسلامية فيما قامت عليه من تكامل أخلاقي وسمو سلوكي، ويتنافى مع قاعدة أصولية في هذه الشريعة وهي أنه لا ضرر ولا ضرار.
ولما تقدم، فإن النص الطعين يكون قد نهل من أحكام الشريعة الإسلامية منهلا كاملا، فقد استند في أصل قاعدته إلى حكم قطعي الثبوت، واعتنق في تفاصيله رأي مذهب من المذاهب الفقهية، بما يكون معه في جملته موافقا لأحكام هذه الشريعة السمحة، ويكون النعي عليه مخالفتها ومن ثم مخالفة المادة الثانية من الدستور نعيا غير صحيح بما يوجب رفضه، وحيث إن الأصل في السلطة التي يملكها المشرع في مجال تنظيم الحقوق ومن بينها حق التقاضي المقرر بنص المادة 68 من الدستور هو إطلاقها ما لم يقيدها الدستور بضوابط معينة، منها أن هذا التنظيم ينبغي ألا يؤدي إلى إجراء تمييز تحكمي فيما بين أصحاب المراكز القانونية المتكافئة بلا أساس موضوعي يبرره، كما أنه ليس كل تقسيم تشريعي يعتبر منافيا لمبدأ المساواة، بل يتعين دوما أن ينظر إلى النصوص القانونية باعتبارها وسائل حددها المشرع لتحقيق أغراض يبتغيها.
قصر التقاضي على درجة واحدة لا يناقض الدستور
فلا يستقيم إعمال مبدأ المساواة أمام القانون المنصوص عليه بالمادة 40 من الدستور إلا على ضوء مشروعية تلك الأغراض واتصال هذه الوسائل منطقيا بها، إذ لا يتصور أن يكون التقسيم التشريعي منفصلا عن هذه الأغراض التي يتغياها المشرع - لما كان ذلك وكان قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن قصر التقاضي على درجة واحدة لا يناقض الدستور، وإنما يدخل في إطار السلطة التقديرية التي يملكها المشرع في مجال تنظيم الحقوق، فإن ذلك مؤداه أن الوقوف بالتقاضي عند درجة واحدة استنادا إلى أسس موضوعية، لا ينتقص من حق التقاضي الذي يكفله الدستور للناس كافة.
وتؤكد "المحكمة": حيث إن التنظيم التشريعي للخلع طبقا للنص المطعون فيه هو تنظيم متكامل ينفرد بكونه وحدة لا تتجزأ في جميع عناصرها ومقتضياتها الشرعية، قصد به المشرع دفع الضرر ورفع الحرج عن طرفي العلاقة الزوجية، إذ يرمي إلى رفع الظلم عن الزوجات اللاتي يعانين من تعنت الأزواج عندما يستحكم النفور ويستعصي العلاج كما يرفع عن كاهل الأزواج كل عبء مالي يمكن أن ينجم عن إنهاء العلاقة الزوجية، فالتنظيم يقوم على افتداء الزوجة نفسها بتنازلها عن جميع حقوقها المالية الشرعية، ورد عاجل الصداق الذي دفعه الزوج لها، المثبت في عقد الزواج أو الذي تقدره المحكمة عند التنازع فيه، وإقرارها بأنها تبغض الحياة مع زوجها وأنه لا سبيل لاستمرار الحياة بينهما، وتخشى ألا تقيم حدود الله بسبب هذا البغض، فإذا لم يوافق الزوج على التطليق، فإن المحكمة تقوم بدورها في محاولة للصلح بين الزوجين ثم تندب حكمين لموالاة ذلك، دون التزام على الزوجة بأن تبدي أسبابا لا تريد الإفصاح عنها، ومن ثم لا تبحث المحكمة أسبابا معينة قانونية أو شرعية، أو تحقق أضرارا محددة يمكن أن تكون قد لحقت بها، فإن لم يتم الوفاق، وعجز الحكمان عنه؛ تتحقق المحكمة من رد الزوجة لعاجل الصداق بعد أن تستوثق من إقراراتها، ثم تحكم بالخلع؛ الذي تقع به طلقة بائنة، أخذا بما أجمع عليه فقهاء المسلمين.
الحكم الصادر بالخلع غير قابل للطعن عليه بأي طريق من طرق الطعن
ومن ثم يكون أمرا منطقيا أن ينص المشرع على أن الحكم الصادر بالخلع في جميع الأحوال يكون غير قابل للطعن عليه بأي طريق من طرق الطعن، تقديرا بأن الحكم يبني هنا على حالة نفسية وجدانية تقررها الزوجة وحدها، وتشهد الله وحده على بغضها الحياة مع زوجها وخشيتها هي دون سواها ألا تقيم حدود الله، ومن ثم تنتفي كلية علة التقاضي على درجتين، حيث تعطى درجة التقاضي الثانية فرصة تدارك ما عساها تخطئ فيه محكمة أول درجة من حصر للوقائع أو استخلاص دلالتها، أو إلمام بأسباب النزاع، أو تقدير لأدلته، أو إنزال صحيح حكم القانون عليه، بما مؤداه أن دعوى التطليق للخلع تختلف في أصلها ومرماها عن أية دعوى أخرى.
حيث تقتضي أن يكون الحكم الصادر فيها منهيا للنزاع برمته وبجميع عناصره، بما في ذلك ما قد يثار فيها من نزاع حول عاجل الصداق الواجب رده، والقول بغير ذلك يفتح أبواب الكيد واللدد في الخصومة التي حرص المشرع على سدها ويهدم التنظيم من أساسه، فلا يحقق مقاصده الشرعية والاجتماعية المنشودة، ومتى كان ما تقدم، فإن النص الطعين فيما قرره من عدم قابلية الحكم الصادر بالخلع للطعن عليه بأي طريق من طرق الطعن يكون قائما على أسس موضوعية تسانده وينهض أيضا مبررا لمغايرته في هذا الشأن عما سواه من أحكام تصدر بالتطليق للضرر أو لغيره من أسباب، ومن ثم فلا يكون النص الطعين، فيما تضمنه من عدم قابلية الحكم الصادر بالخلع للطعن عليه بأي طريق من طرق الطعن، منتقصا من حق التقاضي أو مارقا عن مبدأ المساواة، وحيث إن النص الطعين لا يخالف أي حكم آخر من أحكام الدستور، فلهذه الأسباب حكمت المحكمة برفض الدعوى، وبمصادرة الكفالة، وألزمت المدعي المصروفات ومبلغ مائتي جنيه مقابل أتعاب المحاماة.