قررت محكمة كفر الزيات الجزئية، إحالة دعوى محو وشطب إشهاد وثيقة طلاق لدار الإفتاء لدراستها وإصدار فتوى لأجل الحكم فيها، بتعديل الوصف في اشهاد الطلاق تحقيقا لطلب الزوج الذى استند في دعوته أنه قام بالطلاق بطريقة غير مباشرة عند غضبه، وأن والد زوجته اكرهه على توثيق ذلك الطلاق من خلال إيصال أمانة كان قد حرره له على بياض.
تتلخص وقائع الدعوى المقدمة من المحامى محمد يسرى باظة، أن المدعى عليها الأولى كانت زوجة الطالب بصحيح العقد الشرعى 9 نوفمبر 2015 ورزقت على فراش الزوجية بطفلين ولخلافات أسرية بينهما، قام الطالب بتطليق زوجته طلقتين وحتى تعود زوجته لمنزل الزوجية اشترط والدها شرط وهو أن يوقع الطالب على إيصال أمانة على بياض، وقام الطالب بالتوقيع على إيصال أمانة على بياض لوالد الزوجة، وتراكمت عليه الديون، وفى ظل هذه الظروف المالية الصعبة على الزوج علم أن زوجته حامل، فغضب غضبا شديدا، وقال لوالدته "تبقى طالق لو لمستها تانى"، وكان ذلك في وقع غضبه وعصبيته وكان لا يقصد الطلاق حينما تلفظت بتلك الجملة لأمه وبعد هدوئه استقر الحياة بينه وبين زوجته لمدة 3 أشهر.
الزوج يقيم دعوى محو وشطب للطلقة الثالثة من الدفاتر الرسمية
وفى تلك الأثناء - وقام بسؤال بعض المشايخ عما حدث بينه وبين زوجته، فقالوا له أنها: "محرمة عليك ولا ينقصك إلا وثيقة الطلاق"، وعندما علم والد زوجته بذلك قاله له: "تعالى بهدوء علشان نخلص الموضوع ده، وإن مجتش حيبقى فيه محاكم"، وأنه في ذلك الوقت في ظنه أن سوف يقوم بشكايته بإيصال الأمانة الذى وقعته له على بياض لكى تعود زوجته لمنزل الزوجية، وذهب مع والد الزوجة مكرها ليوثق الطلقة الثالثة وهو مكرها على ذلك، وقيدت الطلقة بوثيقة اشهاد طلاق رقم 7 بتاريخ 4 ديسمبر 2020 وقيدت بالدفتر رقم 59710 وقيدت بسجل الأحوال المدنية برقم 532 بتاريخ 5 ديسمبر 2020.
الأمر الذى اضطر الزوج أن يتقدم بدعواه طالبا باسقاط هذه الطلقة، وذلك لحزمة من الأسباب الأتية: أولا: أن الطالب تلفظ بتلك الجملة لأنه "تبقى طالق لو لمستها تانى"، وهو في حالة غضب شديد وعصبيه، وحيث أن طلاق الغضبان لا يقع وفقا لنص المادة 280 من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية: "أن طلاق الغضبان لا يقع إذا بلغ به الغضب مبلغا لا يدرى معه ما يقول أو يفعل، أو وصل إلى حالة من الهذيان يغلب عليه فيها الاضطراب في أقواله وأفعاله"، والمعمول به في الديار المصرية إفتاء وقضاء أنه لا يقع طلاق الغضبان إذ وصل به الأمر إلى "الإغلاق" الذى ورد في قول النبى صلى الله عليه وسلم – من حديث أم المؤمنين عائشة رضى الله عنها – لا طلاق ولا عتاق في اغلاق – وهو حديث ثابت.
الزوج يستند على أن الطلقة الأخيرة كانت "معلقة"
والأمر الثانى: عدم الإملاك وهو أن يغلب عليه الاضطراب بالخلل في أقواله وأفعاله فيسبق اللفظ منه بلا قصد له إليه، أو من غير تفكير في معناه أو استيعاب لمآل ما يقول أو يسيطر عليه الغضب بحيث لا يستطيع منع نفسه من التلفظ بالطلاق، فيخرج منه رغما عنه، أو يبلغ به الغضب مبلغا يملك عليه اختياره، أو يمنعه من التثبت والتروى ويخرجه عن حال اعتداله، فالمطلق طلاقا صريحا إما أن يكون مدركا مالكا، فطلاقه واقع بالاتفاق، وإما أن يكون غير مالك ولا مدرك، فطلاقه غير واقع بالاتفاق، وإما أن يكون مردكا غير مالك، فقد اختلف في وقوع طلاقه، والذى عليه العمل والفتوى، عدم الوقوع.
واستندت الدعوى على حكم محكمة النقض المقيد برقم 28 لسنة 48 قضائية، الذى ذكر في حيثيات الحكم أنه جرى قضاء محكمة النقض على أن المقرر فقه الحنفية – الواجب العمل به وفقا لنص المادة 280 من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية – أن طلاق الغضبان لا يقع إذا بلغ به الغضب مبلغا لا يدرى معه ما يقول أو يفعل، أو وصل إلى حالة من الهذيان يغلب عليه فيها الاضطراب في أقواله وأفعاله، وذلك لافتقاده الإرادة والإدراك الصحيحين.
ويستند على إجبار زوج والدته له على توثيقها
وذكرت "الدعوى": أن المطلق بحسب البينات والقرائن والشهود - لم يكن يعى ما يقول ولا ما يفعل أثناء الطلاق، أو كان يعى ذلك ولكنه غلب عليه الإضطراب والخلل في أقواله وأفعاله فسبق اللفظ منه بلا قصد له غليه، ومن غير تفكير في معناه، واستيعاب لمآل ما يقول، وسيطر عليه الغضب بحيث لم يستطيع منع نفسه من التلفظ بالطلاق فخرج منه رغما عنه، وبلغ به الغضب مبلغا ملك عليه اختياره، ومنعه من التثبت والتروى وأخرجه عن حال اعتداله حيث يحق له في تلك الحالة المطالبة بإسقاط الطلقة محل الدعوى.
أما السبب الثانى الذى استندت عليه الدعوى، تمثل في أن الطالب علق الطلاق على أمر مستحيل وهو عدم ملامسة الزوجة، فقالت هذا وقد نصت المادة الثانية من قانون الأحوال الشخصية رقم 25 لسنة 1929 وتعديلاته بأنه: "لا يقع الطلاق غير المنجز إذا قصد به الحمل على فعل شيء أو تركه لا غير..."، وقد جاء بالمذكرة الأإيضاحية للمرسوم بقانون المذكور أنه: "ينقسم الطلاق إلى منجز وهو ما قصد به إيقاع الطلاق فورا وإلى مضاف كأنت طالق غدًا، وإلى يمين نحو: عليَّ الطلاق لا أفعل كذا، وإلى معلَّق كإن فعلت كذا فأنت طالق، والمعلَّق إن كان غرض المتكلم به التخويف أو لحمل على فعل شيء أو تركه، وهو يكره حصول الطلاق ولا وطر له فيه، كان في معنى اليمين بالطلاق، واليمين في الطلاق وما في معناه لاغٍ".
والمحكمة تحيل الدعوى لدار الإفتاء
والمعلق إن كان غرض المتكلم به التخويف أو الحمل على فعل شيء أو تركه وهو يكره حصول الطلاق ولا طر له فيه كان في معنى اليمين بالطلاق وإن كان يقصد به حصول الطلاق عند حصول الشرط لأنه لا يريد المقام مع زوجته عند حصوله لم يكن في معنى اليمين، وقد تواترت أحكام محكمة النقض أن مفاد نص المادة الثانية من الرسوم بقانون 25 لسنة 1929 على أن تعليق الطلاق أن أريد به التخويف أو الحمل على فعل شيء أو تركه وقائله بكره حصول الطلاق ولا طر له فيه كان في معنى اليمين بالطلاق ولا يقع به الطلاق.
أما السبب الثالث الذى استندت عليه "الدعوى" – تمثل في اكراه الزوج الطالب من والد الزوجة توثيق هذه الطلقة، حيث أن المطلق قد صدرت منه الطلقة الثالثة الموثقة محل الدعوى تحت إكراه من والد زوجته حيث أن الطالب أن لم يقم بتطليق زوجته وتوثيق هذه الطلقة سيسبب له ضررا لا يمكنه تحمله حيث يقوم والد الزوجة بشكايته بإيصال الأمانة الذى وقعته له على بياض لكى تعود الزوجة لمنزل الزوجية، حيث قال بالحرف الواحد: "تعالى بهدوء علشان نخلص الموضوع ده، وإن مجتش حيبقى فيه محاكم"، فضلا عن أنه قد ضلل من بعض الشيوخ الذين لا علم لهم بأمور الفقه والقانون ويفتون بما لا يعلمون بأن قالوا له بأن زوجته أصبحت محرمة عليك ولا ينقصك إلا وثيقة الطلاق.
طلبات الزوج في دعواه
وطالب الزوج في نهاية دعوته بالتحقيق في مدى صحة الطلاق من عدمه وسماع كل ما يلزم شهادته، واستصدرا فتوى من دار الإفتاء المصرية عما إذا كانت الطلقة الثالثة التي وقعت من الزوج على زوجته ومدى صحة الطلاق من عدمه – على أن يمثل طرفا التداعى أمام دار الإفتاء المصرية بالجلسة التي تحددها المحكمة، والحكم بشطب وسقوط الطلقة الثالثة ومحوها وإثبات ذلك بالسجلات والدفاتر الرسمية.