تتجه الدولة المصرية لإغلاق ملف الغارمين والغارمات في إطار المبادرة الرئاسية "مصر بلا غارمين"، التي انطلقت لمعالجة جذور الظاهرة وتوفير آليات الحماية والتمكين الاجتماعي لفئات الغارمين، وفى الحقيقة ظاهرة الغارمات ذات أبعاد اجتماعية خطيرة، تسلط الضوء على معدلات الفقر بين النساء، والنساء المعيلات للأسر، وتؤدى عواقب الظاهرة إلى تفاقم معدلات التفكك الأسري وتشرد الأطفال، لذلك تأسست مبادرة "مصر بلا غارمات" بتوجيه من الرئيس عبدالفتاح السيسى منذ عام 2018، وذلك في محاولة للتصدى لهذه الظاهرة.
لا تمر مناسبة دون أن يوجه الرئيس بإنهاء هذا الملف كان أخرها، المؤتمر الاقتصادى الأخير، وأيضا حفل إفطار الأسرة المصرية، والذى يأتى امتدادًا لمسيرة متصلة من دعم واهتمام الرئيس عبدالفتاح السيسي بالغارمين والغارمات، وسط كل مشاغله واهتماماته، حيث حملت تلك المبادرة عدة فوائد مُهمة للمجتمع المصري "إنسانية، ودينية، وأمنية"، وأولى صندوق تحيا مصر اهتماماً خاصاً لهذا الملف، حيث عمل على تنفيذ عدة محاور رئيسية منها: الدعم الاجتماعى، والرعاية الصحية، والتمكين الاقتصادى، ودعم التعليم والتدريب، لتلك الفئات الأكثر احتياجًا.
مقترحات بتعديل المادة341 من قانون العقوبات
في التقرير التالى، يلقى "برلماني" الضوء على إشكالية المادة 341 من قانون العقوبات والتي تُعد بمثابة سيفا مسلطا على رقاب الفقراء، حيث أن هناك عوارًا قانونيا يشوب هذه المادة تحول دون حل أزمة "السيدات الغارمات" التي تفاقمت مؤخرًا بإزدياد الأعداد التي تواجه مثل تلك القضايا، وذلك انطلاقا من مبادرة "مصر بلا غارمات" التي أطلقها رئيس الجمهورية سنة 2018، ويأتي هذا انطلاقا من مبادرة سداد ديون الغارمين والغارمات وهم المحبوسين بسبب دين تعثروا في سداده نتيجة للظروف الاقتصادية – بحسب الخبير القانوني والمحامى بالنقض صالح حسب الله.
"مصر بلا غارمات" و"سجون بلا غارمين أو غارمات"
في البداية - تأسست مبادرة "مصر بلا غارمين" في 2018 برعاية صندوق تحيا مصر، بقيمة 42 مليون جنيه بإجمالي عدد مستفيدين 6400 حتى 2019، فقد سبقت المبادرات الرئاسية، الإفراج عن الغارمين والغارمات ضمن المفرج عنهم في المناسبات الوطنية والأعياد الدينية، وانطلقت أولى جهود الدولة في فك كرب الغارمين والغارمات بالتحديد في 2015، ممن تعثروا في سداد ديونهم جراء تجهيز أبناء وبناتهم للزواج في أغلب الحالات، وهو الأمر الذى كان بمثابة الحالات الإنسانية التي كان يجب على الدولة التحرك بشكل سريع لإنهاء الأمر – وفقا لـ"صالح".
وفي 2016 رصدت الدولة 12 مليون جنيه من صندوق تحيا مصر تحت مظلة مبادرة "سجون بلا غارمين أو غارمات" للإفراج عن 1400 غارم وغارمة، وكلف رئيس الجمهورية بتجهيز 2000 فتاة أولى بالرعاية، إلا أن تلك الجهود لم تسهم في حل جذور الأزمة التي خلّفت نحو 30 ألف شخص خلف القضبان، رغم وصول عدد المستفيدين من مبادرة مصر بلا غارمين حتى عام 2019 إلى 6400 حالة، بتكلفة وصلت 42 مليون جنية، وفي 17 إبريل 2022 وجه رئيس الجمهورية بحصر الغارمين في السجون وتوفير قواعد بيانات كاملة عنهم تتضمن توزيعهم الجغرافي وأسباب الغُرم لتحديد المستحقين وتوفير آليات أمنة للاستدانة – الكلام لـ"حسب الله".
التعديلات تقلم أظافر المادة 341 من قانون العقوبات
وانطلاقا من مبادرة "مصر بلا غارمات" التي أطلقها رئيس الجمهورية سنة 2018، فهناك مقترح لسد ثغرة الغارمات في مصر من البداية قبل وصول الحالة الإنسانية إلى غياهب السجن، ثم نتطرق بعد ذلك لحل الأزمة، هذه الثغرة تتمثل في المادة 341 من قانون العقوبات، ويأتي الحل كالتالى – هكذا يقول "حسب الله":
1- أن المادة 341 من قانون العقوبات هي السيف المسلط على رقاب الفقراء، وحيث أن هناك عوارًا قانونيا يشوب هذه المادة تحول دون حل أزمة "السيدات الغارمات" التي تفاقمت مؤخرًا بزيادة الأعداد التي تواجه مثل تلك القضايا.
2- نصت المادة 151 من دستور 2014، على أن: "يمثل رئيس الجمهورية الدولة في علاقتها الخارجية ويبرم المعاهدات، ويصدق عليها بعد موافقة مجلس النواب وتكون لها قوة القانون بعد نشرها وفقًا لأحكام الدستور.....".
3- وحيث أنه في سنة 1981 صدر القرار الجمهوري رقم 536 لسنة 1981 م بشأن الموافقة علي الاتفاقية الدولية للحقوق المدنية والسياسية التي أقرتها الجمعية العامة للأمم المتحدة في 16 ديسمبر 1966 م، والتي وقعت عليها جمهورية مصر العربية في 4 أغسطس 1976 م، ثم صدر القرار الجمهوري رقم 536 لسنة 1981 م باعتبارها قانونا من قوانين الدولة المصرية.
ملحوظة: وحيث أن هذه الاتفاقية نصت في المادة "11" على أنه: "لا يجوز سجن إنسان علي أساس عدم قدرته علي الوفاء بالتزام تعاقدي فقط".
حتى لا تكون المادة 341 عقوبات سيف مسلط على رقاب السيدات الغارمات
ويضيف الخبير القانوني: ووفقا لنص المادة 151 من دستور مصر أصبح نص المادة "11" من هذه الاتفاقية الدولية والتي وقع عليها الرئيس الراحل محمد أنور السادات سنة 1981 مادة من القانون المصري وحيث أن هذه المادة لاحقة للنص المادة 341 من قانون العقوبات وهو ما يعنى إلغاء نص المادة الأخيرة من قانون العقوبات سالفة الذكر عملا بنص المادة "3" من القانون المدني الخاص ببيان كيفية إلغاء تقنين لاحق لتقنين سابق.
4- والاتفاقية التي وقعت عليها مصدر وصدر بها القرار رقم 536 لسنة 1981، فقد نصت في الفقرة "2" من المادة "2" علي أنه: "تتعهد كل دولة طرف في الاتفاقية الحالية عند غياب النص في إجراءاتها التشريعية القائمة أو غيرها من الإجراءات باتخاذ الخطوات اللأزمة لتحقيق الحقوق المقررة الحالية".
5- والمقنن المصري للأسف الشديد من سنة 1981 م لم يتخذ التدابير القانونية لكفالة إعمال المادة "11" من الاتفاقية التي صدر بها القرار الجمهوري باعتبارها قانونًا من قوانين الدولة من سنة 1981 م، وزج بكل مواطن لا يقدر علي أداء ما عليه من ديون في غياهب السجن واستمر في تطبيق المادة 341 من قانون العقوبات، ثم سمحت الدولة بالتصالح في تلك العقوبة ولو بعد نهائية الحكم فيها، وحولتها إلي نوع من الإكراه البدني والمجرم دوليا أيضا، لأن حرية الإنسان مرهونة بسداد ما عليه من دين وهو نوع من أنواع الرق والعبودية – الحرية مقابل المال.
الاتفاقية الدولية للحقوق المدنية والسياسية حسمت النزاع
وينتج عن تجاهل المادة "3" والمادة "11" من الاتفاقية المذكورة والتي أصبحت قانون من قوانين الدولة النيل من استقلال السلطة القضائية، وكذلك مخالفة نص المادة الأولي من الدستور والتي تنص على أن: ".... نظامها جمهوري يقوم علي أساس المواطنة وسيادة القانون"، والمادة 94 من الدستور والتي تنص علي أن: "سيادة القانون أساس الحكم في الدولة"، ونص المادة 95 من ذات الدستور سالف الذكر والتي نص على أن: "لا جريمة ولا عقوبة إلا بناء علي قانون".
بناء عليه:
وفقا لنص المادة 85 من الدستور نصت علي أنه: لكل فرد حق مخاطبة السلطات العامة كتابة وبتوقيعه".
متى تصبح إيصالات الأمانة بمثابة شهادة زور؟
6- أن إيصالات الأمانة تخالف الواقع ربما يمكن حدوث توقيع فى زمن الملك فاروق إما الأن وبعد التكنولوجيا يمكن ارسال الأموال دون أن يكون هناك طرف وسيط بمجرد الضغط على زر الهاتف أما ما كان يحدث من قبل من أن يرسل شخص أموال مع شخص أخر كان يرسل أب يسكن فى الصعيد مبلغ لإبنه الذى يدرس فى القاهرة مثلا فهذا كان جائز حدوثه أيام الملك فاروق أما فهى هذا العصر فهذا الأمر يصعب تصديقه عقلا ومنطقيا، وفى هذه الحالة تصبح إيصالات الأمانة بمثابة شهادة زور.
تعديل تشريعي لاستبدال عقوبة الغارمات واحالتها من الجنح إلى المحاكم المدنية
يشار إلى أن العديد من الدستوريين والتشريعين يرون أن مكافحة ظاهرة الغارمات لا تتطلب نص تشريعى وحسب بل إجراء دراسات اقتصادية واجتماعية لبحث أسباب هذه الظاهرة ودراسة كافة جوانبها وأطرافها ليكون هناك معالجة شاملة لها، ولا بد من دراسة حالاتهم وإعداد رؤية متكاملة للقضاء على ظاهرة الغُرم، من خلال توافر إجراءات تكون بمثابة تدخلات استباقية تمنع وقوع الغارمات تحت طائلة التجار المستغلين، وألا يقعوا فريسة لأشخاص تستغلوا الفقر والعوز والذي يقوم منهم بمضاعفة قيمة السلعة مرتين في قيمة الأقساط؟
فضلا عن النظر فى تعديل تشريعي لاستبدال عقوبة الغارمات ونطلب احالتها من الجنح إلى المحاكم المدنية، وأن يستبدل قضائها لتكون فى خدمة عامة يستفيد بها المجتمع بدلا من السجون، والتصدي للظاهرة وجشع التجار الذي يستغلون حاجة البعض بإيصالات أمانة مضاعفة من خلال مراجعة بيانات هؤلاء وفحص ما إذا كان عملهم يتم في إطار الاقتصاد الرسمي من عدمه، ومتابعة مدى التزامهم الضريبي ومحاسبة من يتهرب ضريبيا .