تسعى الحكومة المصرية دائمًا، إلى تعزيز مرونة الاقتصاد المصرى وتنوعه وزيادة إنتاجيته، وفى هذا الإطار بدأت الدولة منذ عام 2016 بتنفيذ برنامج وطنى شامل للإصلاح الاقتصادى والاجتماعى معًا عملت من خلاله على تحقيق إصلاح اقتصادى كمرحلة أولى يتبعه إصلاح هيكلى كمرحلة ثانية بما يضمن تفعيل واستدامة مكتسبات المرحلة الأولى من الإصلاح الاقتصادى، وهذه الإصلاحات أكسب الاقتصاد مرونة بشكل أكبر جعلته قادرًا على تجاوز التحديات.
وقد حرصت الدولة منذ بدء تنفيذ برنامجها للإصلاح الاقتصادى الشامل على جانب يعد من أهم جوانب الاقتصاد، وهو الاستثمار، والذى تبنت الدولة مؤخراً له خطة إصلاحية طموحة ومعالجة لأى خلل بالقطاع، بهدف دعم وتشجيع المستثمرين المصريين وجذب الاستثمار الأجنبى، واشتملت خطة الدولة لدعم المستثمرين العديد من الجوانب سواء على مستوى الإصلاحات التشريعية بتعديل القوانين الخاصة بالاستثمار وجعلها أكثر مرونة وإضافة المزيد من الحوافز بها، أو على مستوى إصدار القرارات الحكومية التى من شأنها التيسير على المستثمرين سواء فى الإجراءات أو الضرائب وغيرها.
وعلى الرغم من أن دعم الحكومة للمستثمرين مستمر ودائم منذ إطلاق خطة الإصلاح الاقتصادى فى عام 2016، إلا أنه شهد جهد مكثف هذا العام، فقد شهد عام 2022 العديد من القرارات والتيسيرات التى صدرت لصالح المستثمرين والاستثمار فى مصر، إذ يعتبر هذا العام "عام المستثمرين" نظرًا لأهمية ما صدر خلاله من قرارات هامة تساهم بشكل كبير فى دعم وتشجيع الاستثمار، كان من أبرزها الرخصة الذهبية التى أعلن الرئيس عبد الفتاح السيسى منحها للمستثمرين، والتى كانت بمثابة "هدية" لهم، خاصة لما تمنحه تلك الرخصة من مزايا.
حيث تُمكن الرخصة الذهبية المستثمر من الإسراع فى البدء بنشاطه الاستثمارى أو الإنتاجى دون الحاجة لموافقات من جهات متعددة مثلما يحدث فى الرخصة التقليدية، فالرخصة الذهبية هى رخصة واحدة شاملة كافة الموافقات، سيتم منحها للمشروعات الجديدة التى ستتقدم خلال 3 أشهر من وقت إعلان الرئيس منحها للمستثمرين خلال انعقاد فعاليات الملتقى والمعرض الدولى الأول للصناعة فى أكتوبر الماضى 2022، كما تتميز بالقدرة على التعامل الفورى مع كل التحديات التى تواجه تأسيس الشركات والمشروعات الاستثمارية الجديدة من إجراءات.
فيما جاءت التعديلات المقدمة من الحكومة للبرلمان على قانون الاستثمار الصادر برقم 72 لسنة 2017، من أهم وأبرز الإصلاحات التى اتخذتها الدولة هذا العام أيضَا لدعم الاستثمار، خاصة لما تتضمنه تلك التعديلات من حوافز للمستثمرين وإجراءات تشجيعية لجذب الاستثمار الأجنبى، حيث اشتملت تعديلات هذا القانون والتى وافق عليها مجلس الشيوخ فى جلسته العامة المنعقدة يوم الأحد الماضى "13 نوفمبر 2022"، على عدد من الحوافز، أبرزها، مد العمل بالحوافز الضريبة حتى عام 2029، ومنح المشروعات الصناعية حوافز ضريبية تصل نسبتها لـ 55%.
ولم تقتصر القرارات والخطوات التى اتخذتها الدولة تجاه دعم المستثمرين هذا العام على الرخصة الذهبية وتعديلات قانون الاستثمار التى تنتظر موافقة مجلس النواب الآن، ولكن اشتملت على قرارات أخرى متعددة تمثل أهمها فى 10 قرارات – شاملة الرخصة الذهبية وتعديل قانون الاستثمار- جاءت كالتالى:
اعتمد مجلس الوزراء فى شهر أكتوبر الماضى 2022، عددًا من قرارات اللجنة الوزارية لتسوية منازعات عقود الاستثمار، والتى جاء أبرزها اتفاقية التسوية المزمع إبرامها مع شركة "فيوتشر بايب بي في"، والتي سوف تسهم في حماية الاستثمارات المتبادلة بين جمهورية مصر العربية والمملكة الهولندية، واتفاق التسوية المزمع إبرامه بين شركة الصناعات الكيماوية المصرية (كيما) وشركة "تكنيمونت الإيطالية، علاوة على، "اتفاقيات التسوية المزمع إبرامها بشأن المنازعات الناشئة عن مشروع تطوير منطقة "حكر أبو دومة".
ويأتى اعتماد هذه القرارات، وفقًا لما أكده مجلس الوزراء، في إطار جهود الحكومة المصرية في التوصل إلى اتفاقات متكافئة لتسوية المنازعات الاستثمارية والتجارية، وذلك في ضوء التوجه نحو إنهاء تلك المنازعات والدعاوى التحكيمية بالتسويات الودية، لتحقيق المزيد من الجذب للاستثمارات الأجنبية المباشرة، وضخها في الاقتصاد المصرى، وخلق بيئة مواتية للاستثمار.
حيث وافق مجلس الوزراء فى سبتمبر الماضى 2022، على مشروع قرار بتحديد أسعار الأراضى الصناعية للمستثمرين، وذلك بهدف إتاحة المزيد من التيسيرات للمستثمرين وجذب الاستثمارات المحلية والأجنبية فى مختلف القطاعات، وقد نص هذا المشروع بقرار على، أن تتولى اللجنة المشكلة بموجب قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 2067 لسنة 2022 تجميع ودراسة واتخاذ الإجراءات اللازمة للتخصيص الفورى للأراضى الصناعية المرفقة للمستثمرين بعد استيفائهم الاوراق والمستندات المطلوبة.
وأن يكون التصرف فى الأراضى الصناعية بنظام (التملك – حق الانتفاع)، وذلك وفقًا لمجموعة من الضوابط، فعلى مستوى نظام التملك، نص مشروع القرار على أن يكون تمليك الأراضى الصناعية بالأسعار التى تم تحديدها استرشادًا بنصيب المتر المربع من تكلفة أعمال الترفيق، أما فيما يتعلق بنظام حق الانتفاع، فيكون حق الانتفاع سنويًا، ويتم تحديد المقابل بواقع 5% من سعر متر التمليك، وأن يتم تثبيت مقابل حق الانتفاع السنوى لأول 4 أعوام من التعاقد، على أن يتم احتساب زيادة سنوية تراكمية بواقع 7 % للسنة الخامسة والسادسة، وتزيد إلى 10 % سنويا طوال باقى مدة حق الانتفاع.
وهو قرار اتخذه مجلس الوزراء فى شهر أغسطس الماضى 2022، بهدف دعم شباب المستثمرين والشركات الناشئة وريادة الأعمال، بما يسهم في تشجيع فرص الاستثمار، وقد تضمن القرار، تخفيض قيمة الحد الأدنى لرأس مال شركة الشخص الواحد ليصبح ألف جنيه فقط بدلاً من خمسين ألف جنيه، وذلك بعد موافقة مجلس الوزراء على تعديل اللائحة التنفيذية لقانون شركات المساهمة وشركات التوصية بالأسهم والشركات ذات المسئولية المحدودة وشركات الشخص الواحد الصادرة بالقانون رقم 159 لسنة 1981 والتي تحدد الحد الأدنى لرأس مال شركة الشخص الواحد عند تأسيس الشركة.
صدر هذا القرار من مجلس الوزراء فى شهر أغسطس الماضى 2022 أيضًا، والذى تضمن إعفاء 19 نشاطًا صناعيًا من سداد الضريبة العقارية لمدة 3 سنوات تبدأ من يناير 2022، ولكن بشرط أن يكون النشاط من بين الأنشطة التى تضمنها القرار وأن يتم استخدام العقار فى النشاط الصناعى، وأن يكون ضمن الاقتصاد الرسمى للدولة لكى يتمكن من الاستفادة من القرار.
وجاء الهدف من هذا القرار متمثلًا فى استهداف الدولة دعم الأنشطة الصناعية نحو الانطلاق مجددا والتعافى من الانعكاسات السلبية لجائحة كورونا وآثار الحرب الروسية الأوكرانية، خاصة فى ظل ما تسعى إليه لتكريس التصنيع المحلى وتعميقه فى النشاط الاقتصادى.
وكان قد سبق هذا القرار، قراراً مماثلًا فى شهر مارس من ذات العام بتأجيل دفع الضريبة العقارية لمدة 3 أشهر المستحقة عن المنشآت السياحية والمصانع، والسماح بتقسيط الضريبة عن الفترات السابقة، من خلال أقساط شهرية لمدة 6 أشهر، هذا بالإضافة إلى، قيام الحكومة بحزمة أخرى من القرارات الداعمة للصناعة والمستثمرين لتمكينهم من التعامل مع تداعيات فيروس كورونا، تم إعلانها فى هذا الشهر أيضًا "مارس 2022"، تمثلت فى، خفض سعر الغاز الطبيعي والكهرباء للصناعة، علاوة على، تثبيت وعدم زيادة أسعار الكهرباء لعدد من الاستخدامات الصناعية لمدة من 3 – 5 سنوات قادمة.
أصدرت الحكومة هذا الإجراء التيسيرى فى يونيو الماضى 2022، وذلك بعد الموافقة على مشروع قرار رئيس مجلس الوزراء بتعديل بعض أحكام اللائحة التنفيذية لقانون الاستثمار الصادرة بقرار رئيس مجلس الوزراء رقم 3210 لسنة 2017، وذلك بهدف تحفيز القطاع الخاص وتشجيع الشراكات مع المستثمرين المحليين والأجانب، من خلال زيادة قاعدة الشركات التي يمكن لها الاستفادة من ميزة الموافقة الواحدة، التي تم إعدادها بالتعاون بين صندوق مصر السيادي والهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة.
وقد نص التعديل، على أن تكون استفادة تلك الشركات من ميزة الموافقة الواحدة مرتبطة بالقيام بإقامة مشروعات استراتيجية أو قومية تساهم فى تحقيق التنمية المستدامة وفقاً لخطة التنمية الاقتصادية للدولة، أو مشروعات المشاركة بين القطاع الخاص والدولة، أو القطاع العام أو قطاع الأعمال العام، في أنشطة المرافق العامة والبنية التحتية أو الطاقة الجديدة والمتجددة أو الطرق والمواصلات، أو الموانئ أو الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات.
أعلن مجلس الوزراء هذا القرار خلال عقده مؤتمرًا عالميًا فى مايو الماضى 2022 بمقر الهيئة العامة للاستثمار، لإعلان خطة الدولة المصرية للتعامل مع الأزمة الاقتصادية العالمية، حيث أعلن المجلس إنه تم إتخاذ مجموعة من القرارات التى تتعلق بتيسير إجراءات إصدار التراخيص والموافقات، وذلك بتحديد حد أقصى 20 يوم عمل للانتهاء من كافة الإجراءات، وتحديد جهة واحدة للتعامل مع المستثمرين.
أعلنتها الدولة فى مايو الماضى 2022 أيضًا، حيث أعلنت الانتهاء من ميكنة كافة الإجراءات الخاصة بالإقرارات الضريبية، وإجراءات الترخيص والتسجيل، وكذا ميكنة منظومة الخريطة الاستثمارية، وهو ما يتيح للمستثمر حجز الأراضي وإتمام الإجراءات وهو بالخارج، وذلك فى إطار سعى الحكومة لتيسير الإجراءات على المستثمرين.
وهى مجموعة من الحوافز أقرها مجلس الوزراء فى مايو الماضى، لدعم الاستثمار وتنشيط دور القطاع الخاص، والتشجيع على التوجه نحو المشروعات الصديقة للبيئة للمساعدة على تحقيق أهداف التنمية المستدامة، ومن أبرز تلك الحوافز، حوافز ضريبية لمشروعات الاستثمار فى قطاع الكهرباء والطاقة المتجددة، مثل مشروعات الهيدروجين الأخضر والامونيا الخضراء.
كما تضمنت، تفعيل منظومة الحوافز الإضافية غير الضريبية للمشروعات الاستثمارية الملاءمة وفقا لطبيعة كل مشروع خاصة المشروعات الخضراء، وحوافز للمشروعات الصناعية مثل تصنيع البدائل الآمنة الصديقة للبيئة للمنتجات البلاستيكية أحادية الاستخدام، علاوة على تخفيض المدة الزمنية لاستصدار الموافقات والتراخيص.
جاءت التعديلات المقدمة من الحكومة للبرلمان على قانون الاستثمار الصادر برقم 72 لسنة 2017، من أهم وأبرز الإصلاحات التى اتخذتها الدولة هذا العام أيضَا لدعم الاستثمار، خاصة لما تتضمنه تلك التعديلات من حوافز للمستثمرين وإجراءات تشجيعية لجذب الاستثمار الأجنبى.