الجمعة، 22 نوفمبر 2024 01:21 م

"محمد بتاع الكشرى" بين التنمر والنقد.. المشرع فرَّق بين الأمرين.. الأول "مُجرَّم" والثانى "جائز".. حرية التعبير والنقد تكون لغرض إحداث تغيير مطلوب.. وعقوبة التنمر تصل للحبس 5 سنوات و200 ألف جنيه غرامة

"محمد بتاع الكشرى" بين التنمر والنقد.. المشرع فرَّق بين الأمرين.. الأول "مُجرَّم" والثانى "جائز".. حرية التعبير والنقد تكون لغرض إحداث تغيير مطلوب.. وعقوبة التنمر تصل للحبس 5 سنوات و200 ألف جنيه غرامة محمد بتاع الكشرى - أرشيفية
الخميس، 17 نوفمبر 2022 03:00 م
كتب علاء رضوان

من عامل نظافة مغمور إلى ترند من مشاهير مصر تلاحقه الكاميرات والأقلام والبوستات عبر مواقع التواصل الإجتماعى، هذا هو حال "محمد"، عامل النظافة، الشهير بصاحب واقعة "الطرد من محل الكشرى"، الذى أخلت الأجهزة الأمنية بمديرية أمن الجيزة سبيله، منذ يومين، وذلك بعد تقدمه بمعارضة على الحكم الصادر ضده، بعدما ألقى القبض عليه أثناء مروره بأحد الأكمنة، وبتوقيع الكشف على صحيفته الجنائية تبين أنه مطلوب ضبطه في قضية تبديد في أبو النمرس بعد صدور حكم غيابي غير نهائي ضده.

 

وفى الحقيقة لم يكن عامل النظافة "محمد" يعلم أن الإساءة إليه بالتنمر  وطرده من  مطعم كشري في العاصمة المصرية القاهرة بسبب ملابسه التي كان يلبسها والتي تعبر عن مهنته، ستكون بوابة للشهرة يتسابق للأكل معه في أفخم المطاعم عدد من المشاهير، وتلاحقه أضواء الكاميرات في كل مكان، وكان آخرها عندما جاء معزياً في وفاة المحامي فريد الديب، وكانت قد أثارت حادثة عدم السماح لعامل نظافة بتناول الطعام داخل أحد المطاعم في مصر، غضبا واسعا عبر مواقع التواصل الاجتماعي وتعاطفا ومبادرات للتعويض عليه. 

 

3

 

"محمد بتاع الكشرى" بين التنمر والنقد

في التقرير التالى، يلقى "برلماني" الضوء على إشكالية في غاية الأهمية تتمثل في التنمر من التجريم إلى الإباحية، خاصة بعد مشاهد الفرحة العارمة بعد القبض على "محمد"، صاحب واقعة الكشرى، من قبل رواد مواقع التواصل الاجتماعى، وتوجيه السواد الأعظم من المتابعين النقد للشاب "محمد" لدرجة وصلت لوصف البعض بأن التنمر في مثل هذه الحالة فضيلة وليس جريمة، لأن الغرض منها هو نقد الشاب "محمد" فيما يقوم به من أفعال تستفز المواطنين، وأنه يجب على الإنسان أن يتوقف عن أفعاله عند مرحلة ما – بحسب الخبير القانوني والمحامى جوزيف عيسى.

 

في البداية – يجب أن نعى تماما أن الإنسان قد يلقى تعاطفا من قبل المحيطين به جراء فعل قد وقع عليه، ذلك التعاطف يجب أن ينتج عنه أفعال منضطبة ولا يؤخذ ذريعة لاستغلال الناس واستفزازهم، وهو ما فعله الشاب "محمد"، ما أدى به إلى إنقلاب السحر على الساحر فبعد أن كان الكل متعاطف معه كونه إنسان بسيط مجرد عامل نظافة وأصبح من المشاهير وخلع الرداء الطاهر عاد تنمر المتابعين له من جديد، وأصبح سبب غضب لكثير من العامة بعد أن انكشف أمر عامل النظافة، ففي لحظة وبسبب موقف ما أصبح مثار للأحاديث، دخل ليس بعالمه، وتعرف على النجوم ورأى عيشتهم وتوهم أنه أحدهم، وحلم وتعامل مع نفسه كنجم كبير وأصيب بوهم العظمة – وفقا لـ"عيسى".  

 

1

 

المشرع فرق بين الأمرين وجرم الأول وأجاز الثانى 

ولكن الحقيقة عاجلا؛ سيستيقظ الشاب "محمد" من الوهم ويواجه عالمه الحقيقي بعد أن ظن أنه ترقى اجتماعيا، سيصطدم بواقعه المؤلم؛ وبعد ما كان راضي في الماضي سيعيش ناقم ساخط ما تبقى له من عمر، فهو أصبح ظلم نفسه؛ واستغله آخرون، وهذا الأمر يجعلنا نتطرق للتفريق بين حق النقد وجريمة التنمر أو إن صح التعبير قل "التنمر بين التجريم والإباحة"، والتعرف على حق النقد وجرائم التعبير، والإجابة على السؤال.. ما هى معايير الفصل والتفرقة بين أسباب الإباحة والتجريم في فعل التنمر؟ وذلك في الوقت الذى يعرف فيه النقد المباح، بأنه إبداء الرأي في أمر أو عمل دون المساس بشخص صاحب الأمر أو العمل بغية التشهير به والحط من كرامته - الكلام لـ"عيسى".

 

ومعايير النقد هنا التمييز بين ما يعد من جرائم الرأي وما يعد ممارسة لحرية التعبير وحق النقد التي نصت عليها الدساتير والمواثيق الدولية صراحة أو ضمنا من خلال إطلاق الحريات العامة مقترنة بضابط النظام العام والآداب العامة، ولما كانت الدساتير والقوانين لا تتضمن عادة تفصيلاً لمثل هذه المعايير وأن الدستور واجب التنفيذ والاحترام، ومثل هذه الأفكار تتطور بفعل الزمن وأنه ليس من الحكمة حصرها في نصوص قد لا تتطابق مع التطورات المتسارعة والمذهلة في حياة البشر فترك أمرها لحسن تقدير ونظر الفقه والقضاء، ايماناً منه بان القضاء المستقل هو من يتولى خط الدفاع الاول عن الحقوق والحريات العامة ضد كل اعتداء يرد عليها من أية جهة كانت – هكذا يقول "عيسى".

 

received_654964639632727

 

حرية التعبير والنقد تكون لغرض إحداث تغيير مطلوبا

لحرية الرأي والتعبير قيمة عليا في حياة الناس، وهي من مصادر الخلق والإبداع وتنمية الخيال الأدبي والفني في كل الاتجاهات الممكنة، فضلاً عن أنها تعطي الأمل والثقة للناس في قيام نظام اجتماعي وسياسي سليم يحترم الفرد ويقدر مشاعره وضميره الأدبي، وتعطي حرية التعبير للإنسان قدرة المشاركة بإخلاص وفعالية في الحياة الاجتماعية العامة والمساهمة في دفع التقدم الاجتماعي إلى الأمام مما لا يفسح المجال أمام نمو النفاق الاجتماعي وطغيان الانتهازية وسيادة العلاقات المزيفة القائمة على المصالح الشخصية البحتة التي تجد ضالتها في عهود الظلام وكبت الحريات.

 

وحرية التعبير لا تعني تعليق الحرية على صحة التعبير أو على مدى مطابقته لمعايير جامدة لا يمكن أن تتطور بتطور المجتمع، وانسجاما مع ذلك ذهبت المحكمة الدستورية العليا في حكم لها بشأن حرية الرأي بشكل عام إلى القول: "... حق الفرد في التعبير عن الآراء التي يريد إعلانها، ليس معلقاً على صحتها، ولا مرتبطاً بتمشيها مع الاتجاه العام في بيئة بذاتها، ولا بالفائدة العملية التي يمكن أن تنتجها، وإنما أراد الدستور بضمان حرية التعبير أن تهيمن مفاهيمها على مظاهر الحياة في أعماق منابتها بما يحول بين السلطة العامة وفرض وصايتها على العقل العام فلا تكون معاييرها مرجعاً لتقييم الآراء التي تتصل بتكوينه ولا عائقاً دون تدفقها". 

 

T1668585471a448f5715b670c20326d271a8891094aimage.jpg&w=1200&h=675&q=95&img

 

حرية التعبير لا يجوز تقييدها

ومن المقرر كذلك إن حرية التعبير ، وتفاعل الآراء التي تتولد عنها، لا يجوز تقيدها بأغلال تعوق ممارستها، سواء من ناحية فرض قيود مسبقة عليه نشرها، أو من ناحية العقوبة اللاحقة التي تتوخي قمعها، بل يتعين أن ينقل المواطنون من خلالها - وعلانية - تلك الأفكار التي تجول في عقولهم، فلا يتهامسون بها نجيا، بل يطرحونها عزماً ولو عارضتها السلطة العامة - إحداثا من جانبهم - وبالوسائل السلمية - لتغيير قد يكون مطلوبا، فالحقائق لا يجوز إخفاؤها ، ومن غير المتصور أن يكون النفاذ إليها ممكنا في غيبة حرية التعبير .

 

لذلك وجب علينا تعريف التنمر وما هى أشكاله وآثاره وعقوبته

والتنمر هو شكل من أشكال العنف والإيذاء والإساءة التي تكون موجهة من فرد أو مجموعة من الأفراد إلى فرد أو مجموعة من الأفراد حيث يكون الفرد المهاجم أقوى من الأفراد الباقين، ويكون التنمر عن طريق التحرش أو الاعتداء اللفظي أو البدني أو غيرها، ومن الأساليب العنيفة التي يتبعها الأشخاص المتنمرون سياسة الترهيب والتخويف والتهديد، إضافة إلى الاستهزاء والتقليل من شأن الشخص. 

 

28780-حكم-محكمة_المحامي-علي-محسن-زاده-مكتب-محاماة

 

 أشكال التنمر 

يقسم التنمر إلى ثلاثة أشكال رئيسية وهي:

• التنمر اللفظي: ويشمل الإغاظة والسخرية والاستفزاز والتعليقات غير اللائقة والتهديد.

• التنمر الجسدي: ويشمل الضرب والعنف والصفع والطعن وغيرها من طرق الإيذاء البدني.

• التنمر العاطفي: من خلال الإحراج الدائم للشخص ونشر الشائعات حوله. 

 

ز

 

كما يقسم التنمر إلى فئتين وهما:

• التنمر المباشر:  الذي يتمثل بالضرب والدفع وشد الشعر والطعن والصفع والعض والخدش، وغيرها من الأفعال المؤذية.

• التنمر غير المباشر : وهو الذي يتضمن تهديد الشخص بالعزل الاجتماعي عن طريق نشر الشائعات، ورفض الاختلاط معه ونقده من حيث الملبس والعرق واللون و الدين، وغيرها من الأمور إضافة إلى تهديد كل من يختلط معه أو يدعمه.

 

download

 

ما هي أسباب التنمر؟

قد يعيش الشخص ظروفاً أسرية أو مادية أو اجتماعية معينة أو يتأثر بالإعلام أو قد يعاني من مرض عضوي ما أو نقص ما في الشكل الخارجي، أو ربما مجموعة من هذه العوامل كلها، والتي قد تؤدي في النهاية إلى أن يعاني من الأمور التالية، والتي ستكون بدورها مسبباً لتحوله إلى شخص متنمر:

• اضطراب الشخصية ونقص تقدير الذات.

• الإدمان على السلوكيات العدوانية.

• الاكتئاب والأمراض النفسية.

 

ما هي أنواع التنمر؟

• التنمر في أماكن الدراسة: وهو الذي يحدث في المدارس الابتدائية والإعدادية والثانوية والجامعات.

• التنمر في أماكن العمل: وهو الحاصل بين زملاء العمل أو ما يمارسه الرؤساء على المرؤوسين.

• التنمر الإلكتروني: ويحدث عن طريق وسائل التواصل الاجتماعي والبريد الإلكتروني أو من خلال الرسائل النصية عبر الهواتف النقالة.

• التنمر الأسري: وهو الذي يحصل من قبل الوالدين على الأبناء، أو بين الإخوان، أو  الزوجين أو الأقارب.

 

ممي

 

آثار التنمر

ينعكس التنمر Bullying بشكل سلبي على الأفراد المتعرضين له، فما هي آثار التنمر؟

1- يؤدي التنمر إلى مشاكل نفسية وعاطفية وسلوكية على المدى الطويل كالاكتئاب والشعور بالوحدة والانطوائية والقلق.

2- يلجأ الفرد للسلوك العدواني نتيجة للتنمر، فقد يتحول هو نفسه مع الوقت إلى متنمر أو إلى إنسان عنيف.

3- يزداد انسحاب الفرد من الأنشطة الاجتماعية الحاصلة في العائلة أو المدرسة، حتى يصبح إنساناً صامتاً ومنعزلاً.

4- قد يوصل التنمر الضحية إلى الانتحار، حيث أثبتت الدراسات أن ضحايا الانتحار، بسبب التنمر في ازدياد مستمر وخاصة بعد دخول التنمر الإلكتروني إلى الصورة.

5- من آثار التنمر قلة النوم أو النوم أو النوم بكثرة.

 

التنمر الإلكتروني

أصبحت ظاهرة التنمر الإلكتروني منتشرة بكثرة في مجتمعاتنا العربية في الآونة الأخيرة وخاصة بين الشباب في المدارس والجامعات، فما هو التنمر الإلكتروني؟ فالتنمر الإلكتروني  هو استغلال التكنولوجيا والإنترنت وتقنياته لإيذاء أشخاص آخرين بطريقة متعمدة ومتكررة وعدائية.

 

ومن الأمثلة على التنمر الإلكتروني:

1- الاتصالات والرسائل التي تسعى للترهيب والإيذاء والتخويف والتلاعب والقمع وتشويه السمعة أو إذلال المتلقي.

2- تعديل صور الأشخاص على الإنترنت ونشرها.

3- قد يكون التنمر الإلكتروني من خلال انتحال الشخصية، أو استبعاد الشخص من مجموعة إلكترونية.

 

عقوبة التنمر فى القانون المصرى

تنص المادة (309 مكرر «ب») من قانون العقوبات على: "يعد تنمرا كل قول أو استعراض قوة أو سيطرة للجاني أو استغلال ضعف للمجنى عليه أو لحالة يعتقد الجاني أنها تسيء للمجنى عليه كالجنس أو العرق أو الدين أو الأوصاف البدنية أو الحالة الصحية أو العقلية أو المستوى الاجتماعي بقصد تخويفه أو وضعه موضع السخرية أو الحط من شأنه أو إقصائه من محيطه الاجتماعي.  

 

ومع عدم الإخلال بأي عقوبة أشد منصوص عليها في أي قانون آخر يعاقب المتنمر بالحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر وبغرامة لا تقل عن عشرة آلاف جنيه ولا تزيد على ثلاثين ألف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين.  

 

وتكون العقوبة الحبس مدة لا تقل عن سنة وبغرامة لا تقل عن عشرين ألف جنيه ولا تزيد على مائة الف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين إذا وقعت الجريمة من شخصين أو اكثر أو كان الجاني من أصول المجنى عليه أو من المتولين تربيته أو ملاحظته أو ممن لهم سلطة عليه أو كان مسلما إليه بمقتضي القانون أو بموجب حكم قضائي أو كان خادما لدى الجاني، أما إذا اجتمع الظرفان يضاعف الحد الأدنى للعقوبة. وفي حالة العود، تضاعف العقوبة في حديها الأدنى والأقصى.

 

وتنص الفقرة «ج» من المادة السابقة بشأن عقوبة التنمر، على «تكون العقوبة الحبس مدة لا تقل عن ثلاث سنوات ولا تزيد عن خمس سنوات وغرامة لا تقل عن مائة ألف جنيه ولا تزيد على مائتي ألف جنيه، أو إحدى هاتين العقوبتين، إذا وقعت الجريمة من شخصين أو أكثر، أو كان الفاعل من أصول المجني عليه أو من المتولين تربيته أو ملاحظته أو ممن لهم سلطة عليه أو كان المجني عليه مسلمًا إليه بمقتضى القانون أو بموجب حكم قضائي أو كان خادمًا له، أما إذا اجتمع الظرفان يضاعف الحد الأدنى للعقوبة».

 

302016476_10160298092613554_415636430264217670_n
الخبير القانونى والمحامى جوزيف عيسى 
 

موضوعات متعلقة :

زواج "السكران" باطل.. المشرع اعتبر زواج السكران والمُدمن "باطل" حال وصوله لمرحلة "سلب الإرادة".. الإرادة الحرة السليمة شرطا أساسيا لكافة التصرفات القانونية.. وخبير يجيب عن الأسئلة الشائكة

لملايين المتعاقدين.. كيف يحمى القانون المستهلك من "الاحتكار".. المشرع تصدى لـ"عقود الإذعان" بمنح "المذعن" حق اللجوء للقضاء للتعديل أو الإعفاء من الشروط .. وخبير يوضح : الشك في العقود لصالح الطرف الأضعف

مفاجأة .. تسجيل العلامات التجارية لا يعنى ملكيتها .. المشرع لم يعتبرها دليل ملكية.. والعبرة بأسبقية الاستعمال وليس التسجيل ..القانون وضع 4 شروط لإثبات الملكية.. والنقض تتصدى للأزمة

غش "التفويلة" في ميزان العدالة بعد تثبيت سعر البنزين والسولار والمازوت.. المشرع اعتبر البنزين من السلع جبرية التسعير.. وقنن له القانون رقم 163 لسنة 1950.. وعقوبة التلاعب تصل للحبس 5 سنوات وغرامة مالية

الظالم والمظلوم في أزمة شيرين.. هل حجز الفنانة للعلاج النفسي صحيح قانونًا؟..المشرع أجازه.. وتواجه دار الرعاية الصحية العقوبة حال إخراجها بدون إتمام العلاج إلا بموافقة كتابية من أهلها.. و6 شروط للاحتجاز القانوني


الأكثر قراءة



print