ما أكثر الحديث هذه الأيام عن مدى صحة وقانونية زواج المدمن أو السكران من عدمه، وذلك في الوقت الذى يثور على السطح من وقت لأخر هذا الطرح المتعلق بشروط صحة العقود بصفة عامة والآثار المترتبة على بطلانها، رغم أننا في العادة ما نسمع عن طلاق السكران أو المدمن وهل يقع أم لا يقع؟ والذى اختلفت فيه أراء العلماء والمذاهب الفقهية بين الوقوع من عدمه، ولكن مسألة زواجه، فهى من الإشكاليات التي قد تكون غير مطروحة في المجتمعات العربية رغم وجودها منذ القدم، فقد اتناولتها العديد من الأعمال الفنية والسينمائية، ولكن من الناحية القانونية قد لا تكون مثارة بشكل واضح.
ومسألة زواج المدمن أو الكسران تتعلق بشكل كبير بمدى صحة "العقود" من عدمها، وهل يبطل زواجه أم يصح؟، وهو ما يجعلنا نتطرق إلى "دعوى بطلان الزواج"، والتي هي في حقيقة الأمر هي واحدة من الدعاوى المثارة أمام محاكم الأسرة و هي أحد الطرق التي تنتهي بها العلاقة الزوجية، وهى عبارة عن دعوى يرفعها الزوج أو الزوجة للحصول على حكم ببطلان عقد الزواج وفسخه وتجنب ما قد يترتب على عقد الزواج من آثار فيما عدا النسب في حالة وجود مولود نتيجة العلاقة الزوجية.
مدى صحة عقد زواج المدمن أو السكران من عدمه
في التقرير التالى، يلقى "برلماني" الضوء على إشكالية في غاية الأهمية تتعلق بمدى صحة عقد زواج المدمن والسكران من عدمه من الناحية الشرعية والقانونية، والفرق بين البطلان المطلق والبطلان النسبي، والحالات التي يكون فيها العقد قابلا للإبطال، خاصة وأن الزواج من أهم التصرفات التي يقوم بها الإنسان في حياته، ولهذا كانت حاجة العلاقة الزوجية للعقد ملحة و ضرورية من أجل ضمان سلامة الأسرة و بناءها عن طريق الإرادة الحرة، فلا يعقد الزواج إلا بوجود طرفين وهما الزوج و الزوجة على أن تنطبق إرادة كل منهما مع الآخر – بحسب الخبير القانوني والمحامى المتخصص في الشأن الأسرى عبد الحميد رحيم.
في البداية - نظرا للأهمية التي يكتسيها الرضا في عقد الزواج، أولته الاتفاقيات الدولية اهتماما بالغا بتأكيدها على حق الزواج بالنسبة للجنسين، ونصت هذه الاتفاقيات بصفة خاصة على حق المرأة في الزواج برضاها الحر و الكامل، كما نص قانون الأسرة المصرى على التراضي في عقد الزواج إلا أن رضا المرأة في الزواج في قانون الأسرة، وفى الحالة التي نحن بصددها الآن المتمثلة في مدى صحة عقد زواج المدمن أو السكران، فإن هناك العديد من الحالات التي يشوبها البطلان لوجود عيب من عيوب الإرادة، بينما هناك حالات أخرى تصح ولا يشوبها البطلان رغم وجود حالة السكر أو الإدمان – وفقا لـ"رحيم".
المشرع اعتبر زواجه "باطل" حال وصوله لمرحلة "مسلوب الإرادة"
فالإرادة المعيبة في حقيقة الأمر هي إرادة موجودة، ولكنها صدرت من شخص غير حر في إرادته أو على غير بينة من أمره، فإرادته تعلقت بمحلها تعلقاً حقيقياً، ومن ثم فهي موجودة ولكنها ما كانت تتعلق به لو أنها كانت على هدى أو كانت مختارة ومن ثم فهي معيبة، أما الإدمان الذي لا يغيب العقل ولا يوثر في تصرفات الشخص لا يسلب الإرادة، فمتي ثبت أن الشخص أوقع تصرف وهو في حالة فقدان العقل أو تأثير عامل علي إرادته يبطل التصرف، والإرادة الحرة السليمة شرط لكافة التصرفات القانونية، فمن تزوج تحت وطأة الإكراه فزواجه باطل – الكلام لـ"رحيم".
6 أسباب تتسبب في بطلان عقد الزواج
وتتوقف عقد الزواج على الشروط الآتية ولو زال أحد تلك الشروط أصبح سببا للمطالبة ببطلان عقد الزواج أو فسخه من الزوج أو الزوجة:
1- أن يكون طرفا العقد مسئولا عن تصرفاته أى لا يعاني عيبا عقليا.
2- أن يتم عقد الزواج بالرضا بين الطرفين.
3- أن عقد الزواج قائم على المتعة فإذا استحالت المتعة يبطل العقد.
4- إذا وقع غش وتدليس من قبل أحد الطرفين وكانت هذه الحيل من الجسامة بحيث لولاها لما أبرم الطرف الثاني العقد .
5- إصابة أحد الطرفين بمرض تستحيل معه ممارسة الحياة الزوجية.
6- فقدان الزوجة بكارتها قبل الزواج لسبب أخلاقي.
ويبدأ الحق القانونى لطلب الفسخ من تاريخ العلم بأحد العيوب السابقة حتى ثلاث سنوات من اكتشاف التدليس، دور المحامي في دعوى بطلان الزواج: رفع الدعوى والحصول للزوج أو الزوجة على حكم ببطلان العلاقة الزوجية و فسخ عقد الزواج، ومتوسط المدة المستغرقة في دعوى بطلان الزواج من 3 أشهر حتى 6 أشهر، ذلك وفقا للعيب الذي يعد سببا لبطلان العلاقة الزوجية، وكسبب لفسخ عقد الزواج.
صحة العقود وبطلانها من الناحية الشرعية
ومن الناحية الشرعية، فإن العقل هو مناط التكليف، ومن فقد عقله بسبب نوم أو جنون أو إغماء فإنه لا يؤاخذ بأفعاله وتصرفاته، أما السكران الذي شرب الخمر فإن له حالتان:
الحالة الأولى: أن يكون قد شرب الخمر ولكن عقله حاضر لم يغيب وهو في كامل وعيه وإدراكه لما يقول ويفعل، لأن الخمر لم تؤثر على عقله تأثيرا يفقده أهلية التصرف، وهنا يكون زواجه وبيعه وشراؤه وسائر تصرفاته صحيحة نافذة وبشرط أن يخلو تصرفه من الغش والتدليس أو الغبن الفاحش وما شابهه من الشروط التي يجب توافرها في عقد البيع عمومًا، ولا يضر صحة العقد ونفاذه كون البائع فاسقًا عاصيًا، لأن عقد البيع والشراء مع الفاسق جائز إذا لم يكن هناك موانع أخرى تبطل العقد.
الحالة الثانية: أن يكون قد شرب الخمر وقد أثرت على عقله بحيث غيبته عن الوعي والإدراك وأصبح فاقدا لأهلية التصرف، وفي هذه الحالة قد اختلف الفقهاء في حكم تصرفاته.
الفرق بين البطلان المطلق والبطلان النسبي
التعريف بالبطلان: بطلان العقد هو الجزاء القانوني على عدم استجماع العقود لشروط صحتها أن هذا البطلان يسبب انعدام أثرها.
البطلان المطلق: يكون العقد باطلا مطلقا إذا فقد أحد أركان تكوينه الأساسية - أي الرضا و المحل و السبب - و متى كان من العقود الرسمية - أو الشكلية - إذا لم تراع الشروط الشكلية التي يتطلبها انعقاده أو متى كان مخالفا للنظام العام و الآداب العامة، و لا يرتب القانون أثر لمثل هذا العقد.
الحالات التي يكون فيها العقد قابلا للإبطال
1- في حالة إحداث رهبة في نفس المتعاقد تدفعه للتعاقد .
2- إذا نص القانون لأحد المتعاقدين حقا في إبطال العقد .
3- أن يبرم العقد شخص ناقص الأهلية .
4- في حالة الغلط والتدليس .
5- أن يكون العقد من شخص كامل الأهلية ولكن يكون الرضا غير كامل.