الرجعة بعد الطلاق الرجعة: هي إرجاع الرجل زوجته بعد طلاقها طلقة أولى أو ثانية طلاقاً غير بائن - خلال فترة العدّة - دون عقد ولا مهر جديدَين؛ للمحافظة على الزواج، قال الله - تعالى - : "الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ وَلَا يَحِلُّ لَكُمْ أَن تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا إِلَّا أَن يَخَافَا أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّـهِ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّـهِ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّـهِ فَلَا تَعْتَدُوهَا وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّـهِ فَأُولَـٰئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ"، وقد شرَع الله -سبحانه وتعالى- للزوج الحقّ في إرجاع زوجته إلى عصمته خلال فترة العدّة برضاها أو بغير رضاها؛ وذلك لأحقّيته في ذلك؛ حيث ذُكِر في القرآن الكريم قوله -تعالى-:"وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَٰلِكَ إِنْ أَرَادُوا إِصْلَاحًا".
تسأل إحداهن في كثير من الأحيان: طلقني زوجي طلقة واحدة، وبعد عشرة أيام قال: راجعتك إلى عصمتي، قلت له: ولو أني لا أريدك؟ قال: أنت زوجتي، تقول السائلة: ما حكم الشرع في هذه الحالة؟ - نعم - يقول الفقهاء: إن الرجل إذا طلق زوجته في المرة الأولى طلقة واحدة حسبت طلقة رجعية أي: من حق الزوج أن يعيدها إلى عصمته من غير عقد ولا مهر ما دامت في العدة، وإذا طلقها للمرة الثانية طلقة واحدة أيضاً، حسبت تلك الطلقة الرجعية الثانية، وللزوج أن يراجعها بالطريقة التي أتبعت في المرة الأولى، لقول الله تعالى: "..وبعولتهن أحق بردهن في ذلك إن أرادوا إصلاحا".
مدى جواز رفض الزوجة الرجوع بعد الطلقة الأولى أو الثانية
ولو طلقها للمرة الثالثة طلقة واحدة، فإنها تكون المكملة للثلاث، ولا يحق له أن يراجعها لا في العدة ولا بعد العدة، إلا إذا تزوجت بآخر وطلقها الزوج الثاني بإرادته، فيجوز أن يعود إليها بعقد ومهر جديدين كالمرة الأولى لمّا تزوجها، والطلقات الثلاث لا تحسب عليها طالما تزوجت وطلقت من الزوج الثاني، والرجعة تتحقق بإحدى الصيغتين: إما بالقول فيقول لها: راجعتك إلى عصمتي، وإما بالفعل كأن يجامعها بنية الرجعة، وهو الأمر الذى يجعلنا نتطرق إلى الإجابة على السؤال مدى جواز رفض الزوجة الرجوع بعد الطلقة الأولى أو الثانية.
وفى هذا الشأن – يقول الخبير القانوني والمحامى محمد عادل - يستطيع الرجل إرجاع زوجته بعد أن قام بطلاقها سواء كانت الطلقة الأولى أوالطلقة الثانية وكان هذا الطلاق غير بائن، وبالتالي فإن هذه الفترة تكون فترة العدة للزوجة ولا تحتاج فيها إلى المهر أو العقد الجديد، وقام الفقهاء بتعريف الرجعة بعد الطلاق بأنها قيام الرجل برجوع زوجته مرة أخرى بعد أن طلقها، ويحدث هذا الأمر في خلال فترات العدة، وبالتالي لا ينبغي عليه أن يقوم بالمهر أو بالعقد الجديد حتى يحافظ على الزواج، وهذا ما قاله الله عز وجل في كتابه الكريم حيث قال تعالى:
"الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ وَلَا يَحِلُّ لَكُمْ أَن تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا إِلَّا أَن يَخَافَا أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّـهِ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّـهِ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّـهِ فَلَا تَعْتَدُوهَا وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّـهِ فَأُولَـٰئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ".
متى يجوز أخذ موافقة الزوجة في الرجعة؟
وبحسب "عادل" في تصريح لـ"برلماني": وبالإضافة إلى ذلك فإن - الله عز وجل - قد شرع في الزواج حق الرجوع في حالة حدوث الطلاق، وبالتالي يستطيع أن يقوم الرجل بإرجاع زوجته مرة أخرى إلى عصمته في خلال الفترات المحددة له سواء كان هذا الأمر برضاها أو كان بغير رضاها، لأنه له الحق في هذا الأمر، وذكر ذلك أيضا في كتاب - الله عز وجل - حيث قال الله تعالى: "وبعولتهن أحق بردهن في ذلك إن أرادوا إصلاحا"، وبناء على ذلك فإن رفض الزوجة الرجوع بعد الطلقة الأولى أو الثانيه وقبل أنقضاء العده لا يجوز لها القيام بذلك.
ووفقا لـ"عادل": المراجعة التي تحدث في الزواج أو ما يسمى بالطلاق الرجعي ورفض الزوجة الرجوع بعد الطلقة الأولى أو الثانية، فهذا الطلاق لا يوجد للزوجة إرادة فيه، لأن الزوجة في هذا الوقت لا تزال على حكم زوجها، وبالتالي فلا ينبغي أخذ موافقتها في هذا الأمر ، ولا يحق للزوجة أن تعترض عندما يريد زوجها أن يراجعها مرة أخرى في خلال فترات العدة أو الطلاق الرجعي، وهنا يأتي السؤال.. أليس من حق الزوجة أن تعترض على الرجوع إلى زوجها مرة أخرى؟ والإجابة هي – نعم - من حقها تعترض ولكن ليس في هذه الحالة، لها أن تعترض عندما تنقضي فترة العدة، واذا أرادت المرأة الزواج من طليقها بعد انقضاء العدة، فيجب على الزوج أن يقوم بتقديم المهر والعقد الجديد.
كيف يتم الرجوع بعد الطلاق الرجعي؟
ويضيف الخبير القانوني: إذا قام الرجل بطلاق امرأته وكان هذا الطلاق غير بائن ومازالت زوجته في فترة العدة فهذا الأمر يستطيع أن يرجعها، ولكن السنة في ذلك هو الإشهاد على هذه الرجعة، لأن معظم الفقهاء يقولون إنه ينبغي الأشهاد من أجل حدوث الرجعة وتحدث الرجعة من خلال أمرين وهما ما يلي:
-الرجعة بالقول: وتحدث عندما يقول الرجل الذي قام بطلاق زوجته راجعتك أو أن يقول لها رددتك إلى عصمتي، ولكن ينبغي أن تكون هذه الأقوال صريحة أثناء قيام الزوج برجوع زوجته، وذلك لأن الرجعة لا يمكنها أن تكون صحيحة النية، وبالتالي ينبغي أن تكون جميع هذه الأقوال التي ذكرناها تدل على النية في الرجوع، بالإضافة إلى ذلك هناك اتفاق بين جميع العلماء على صحة الرجعة إذا كانت بالقول.
أختلاف الفقهاء والمذاهب في طريقة الرجعة
-الرجعة بالفعل: وهناك اختلاف بين الفقهاء في هذا الأمر ومن بين هذه الاختلافات ما يلي :
-بالنسبة للشافعية: فقد قالوا إن الرجعة لا تجوز أن تكون بالفعل سواء كان من خلال الجماع أو ما يدل على ذلك ولا ينبغي أن تكون إلا من خلال القول فقط.
-بالنسبة للمالكية: فقد قالوا إن الرجعة من الممكن أن تحدث من خلال الفعل سواء كان بجماع بمقدماته ولكن ينبغي أن يكون هناك نية الإرجاع.
-الحنابلة: قالوا إن الرجعة تجوز في حالة الجماع فقط ولا تجوز بالمقدمات الخاصة به أو غير ذلك.
-الحنفية: فقد قالوا بأن الرجعة يمكن أن تحدث من خلال الفعل سواء كان بجماع أو كان بمقدماته.
الشروط الخاصة بـ الرجعة بعد الطلاق :
وأشار "عادل": يستطيع الزوج أن يقوم بإرجاع زوجته بعد أن قام بطلاقها طلقة أولى أو ثانية، وبالتالي لا ينبغي رفض الزوجة الرجوع بعد الطلقة الأولى، ولكن يجب أن يعلم الرجل مجموعة من الشروط الخاصة بالرجعة بعد أن يقوم بالطلاق سواء في حالة الطلقة الأولى أو في حالة الطلقة الثانية، ومن بين هذه الشروط ما يلي:
1-ينبغي أن يكون هذا الزوج بالغ وأن يكون عاقلا، لأن الرجعة لا ينبغي أن تكون من شخص المرتد أو الشخص المجنون أو السكران أو الصبي فجميعهم ليس لديهم القدرة على امتلاك الإرادة الكاملة.
2-ينبغي أن يقوم الزوج بالدخول بطريقة صحيحة بالزوجة في حالة إذا حدث الطلاق بعد الدخول بزوجته، أما إذا كان هذا الطلاق قبل أن يقوم الرجل بالدخول بزوجته فلا يوجد في هذا الطلاق رجعة وذلك لأن المرأة لا يوجد لها عدة قبل أن يقوم الرجل بالدخول بها، والدليل على ذلك قول الله عز وجل: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِن قَبْلِ أَن تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا فَمَتِّعُوهُنَّ وَسَرِّحُوهُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا).
3-ينبغي أن يقوم الرجل بالشروع في الرجعة بالطريقة الفعلية أو بالقول بعد أن يقوم الرجل بالطلاق الرجعي.
4-إذا قام الرجل بالطلقة الثالثة فهذا الأمر لا ينبغي حدوث الرجعة لأن الرجعة تكون بعد الطلاق الرجعي سواء كان الطلقة الأولى والطلقة الثانية فقط ، أما بالنسبة للطلقة الثالثة فهنا يكون الطلاق بائنا وله الأحكام الخاصة به.
5-ينبغي أن يقوم الرجل بإرجاع زوجته خلال فترات العدة فقط سواء كانت في الطلقة الأولى أو الثانية وبالتالي لا ينبغي أن يقوم بإرجاع زوجته بعد الانتهاء من فترة العدة وفترة العدة في ذلك تكون عبارة عن ثلاث حيضات بالنسبة للنساء ذوات الحيض، أما بالنسبة للنساء اللاتي لا يحضن فتكون فترة العدة في ذلك ثلاثة أشهر قمرية.
الخلاصة:
رفض الزوجة الرجوع بعد الطلقة الأولى او الثانية يعتبر نوع من النشوز ، ولا يجوز للزوجة رفض الرجعة إلى بيت زوجها، لأن الرجعة في فترة العدة حق للزوج، ولا يشترط في صحتها علم الزوجة أو رضاها، أو علم أهلها أو رضاهم وذلك بإجماع أهل العلم، وتمنع الزوجة ورفضها العودة إلى بيت زوحها أو محادثته أو مقابلته هو نوع من النشوز ، قال ابن قدامة في المغني: معنى النشوز معصية الزوج فيما فرض الله عليها من طاعته، مأخوذ من النشز وهو الارتفاع، فكأنها ارتفعت وتعالت عما فرض الله عليها من طاعته، وإذا ثبت نشوزها سقطت نفقتها إلا إذا كانت حاملا فلها النفقة حتى تضع حملها كله.