13 عاما بالتمام والكمال استغرقتها إحدى المعارك القضائية في أروقة المحاكم ووزارة العدل للفوز بوظيفة "المأذون" دار رحاها بين 11 شخصا، منهم من ترك "أكل عيشه" وتقدم باستقالته من وظيفته التي قضى فيها سنين من أجل "عيون تلك الوظيفة"، وذلك للإشتراك في المسابقة والفوز بتلك "الوظيفة"، إلا أنه عادة ما تأتى الرياح بما لا تشتهى السفن، فعادة ما تضحك الدنيا لشخص بينما تغضب على آخرين، وتظل جملة "كله نصيب" هي الركن الركين التي نرتكن إليها كى نستطيع استكمال الطريق.
في عام 2008 تم فتح باب الترشح لمأذونية قرية "شما" – مركز أشمون – بمحافظة المنوفية، وتقدم للترشح 11 مرشحا 7 منهم خريجى كلية الحقوق و4 خريجى جامعة الأزهر، وتم عرض المرشحين على محكمة الأسرة – طبقا للائحة التنفيذية في التعيين بتلك الوظيفة، لأنه يجب أن ينطبق عليه حزمة من الشروط المحددة – وقررت محكمة الأسرة إستبعاد 4 الخريجين من جامعة الأزهر 3 منهم لأن مذهبهم غير حنفى، حيث أن قانون الأحوال الشخصية في مصر يرتكز على المذهب الحنفى، و"1" لأنه حاصل على تأجيل من القوات المسلحة 3 سنوات.
معركة قضائية بين 11 شابا لإقتناص وظيفة "مأذون شرعى"
وفى تلك الأثناء – تم إجراء القرعة بين خريجى كلية الحقوق فقط، وفاز بتلك القرعة المرشح "وائل. ص"، المحامى – وذلك كان في غضون عام 2010 – وتم إرسال الأوراق لوزارة العدل للتصديق على قرار تعيينه ولكن الوزارة رفضت التصديق على ذلك القرار، وجاءت حيثيات قرار الوزارة وأسبابها أن هناك مرشح من الأربعة المستبعدين من القرعة حاصل على دبلوم دراسات عليا، وبذلك كان على المحكمة تعيينه بدون إجراء قرعة، وبالفعل صدر قرار وزير العدل رقم 13610 بتعيين "محمد. خ" مأذونا للقرية.
إلا أن القرار لم يلقى قبولا من "وائل. ص" الفائز بالقرعة الأولى، واستلم دفتر المأذونية، وقام بعمله في القرية مدة من الزمن، فقام برفع دعوى بمحكمة القضاء الإدارى بالمنوفية للطعن على قرار وزارة العدل وإلغاءه، وذلك لتخطيه في التعيين، وثبت لمحكمة القضاء الإدارى بعد المداولات ونظر القضية وتقديم الأوراق والمستندات والحوافظ أن دبلوم الدراسات لا يعد مؤهل أعلى لتفضل تعيين "محمد. خ".
الأحداث استمرت رحاها 13 سنة
قضت محكمة القضاء الإدارى بالمنوفية – بقبول الدعوى شكلا وفى الموضوع بإلغاء القرار رقم 13610 الصادر من وزارة العدل بتعيين "محمد. خ" وما ترتب عليه من أثار أخصها تعيين الطاعن "وائل. ز" مأذونا شرعيا، وشرح هذا الحكم أن المطعون ضده "محمد. خ" متساوى في المؤهل المطلوب للتعيين كمأذونا هو وباقى المرشحين جميعا، وذلك لصحة إجراء القرعة صدر قرار وزير العدل 8998 لسنة 2014 بتعيين "وائل. ص" مأذونا شرعيا.
ولكن لم ينتهى الأمر عند هذا الحد – فلم يلقى القرار الحكم والقرار قبولا لدى "محمد. خ"، فقام بالطعن على القرار أمام دائرة إستئنافية في القضاء الإدارى على القرار وبتاريخ يناير 2021 – أي بعد مرور 6 سنوات من تعيين "وائل. ص" ومزاولته المهنة – أصدرت هذه الدائرة حكمها بقبول الطعنين شكلا وفى موضوع الطعن الأول بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء مجددا بإلغاء القرار المطعون فيه رقم 13610 مع ما ترتب عليه من أثار أخصها إعادة القرعة بين الطاعنين الأول وبين المتقدمين المستوفين للشروط المقررة قانونا لشغل الوظيفة المتزاحم عليها.
والقرعة "فريسة" للطعن عليها بالأحكام
وبناء على ذلك تم استدعاء جميع المرشحين للوظيفة وعددهم 11 مرشح، وتم إجراء قرعة بينهم جميعا، وفاز مرشح أخر غير الإثنين اللذين دارت المعركة القضائية بينهما طيلة 13 سنة، حيث فاز بها المرشح "شعبان رشاد"، الفائز بالقرعة والصادر له قرار تعيين من وزارة العدل والمأذون الحالى لقرية شما اشمون المنوفية حيث صدر له قرار تعيين برقم 4287 بتاريخ 20/6/2022 وبالتالي تقدم باستقالته من عمله كمعلم أول بالأزهر الشريف بناء على هذا القرار ومارس عمله كمأذون، إلا أن نتيجة القرعة لم تلقى قبولا لدى المرشح "محمد. خ"، فقام بالطعن على الحكم بمجلس الدولة بالدقى، وطلب الحكم لنفسه بالتعيين بدلا من إجراء القرعة وإلغاء حكم القرعة، وقام أيضا "وائل. ص" بالطعن هو الأخر على القرار أمام مجلس الدولة بالدقى، وطلب الحكم بأحقيته بالتعيين وإلغاء حكم القرعة، وتم ضم الطعون جميعا أمام الدائرة "6" موضوع، حيث تم تأجيل نظر الطعون لجلسة 4 يناير 2023.
والشروط تعجز لاختيار من يشغل الوظيفة المتزاحم عليها
المحكمة في نظر تلك الدعوى تستند استنادا كليا على كيفية تنظيم المشرع لـ"المأذونية" بموجب اللائحة الصادرة بقرار وزير العدل رقم 2 لسنة 1955 الصادر بتاريخ 4 يناير 1955 بمقتضى التفويض التشريعى بالمادة "381" من المرسوم بقانون رقم 78 لسنة 1931 المشتمل على لائحة ترتيب المحاكم الشرعية والإجراءات المتعلقة بها التي تضمنت في ضمن ما تضمنته النص على أن الوزير يضع لأئحة ببيان شروط التعيين في وظائف المأذونيني واختصاصتهم وعددهم وجميع ما يتعلق بهم، وقد تأثرت تلك اللائحة بعدة تعديلات بموجب قرارات وزي رالعدل المتعاقبة أرقام 7 لسنة 1955 و 6 لسنة 1956 و 11 لسنة 1957 و 41 لسنة 1961، و45 لسنة 1961 و 33 لسنة 1963 و 635 لسنة 1972 و 5416 لسنة 1983 و 1727 لسنة 2000 و 1906 لسنة 2003 و 5039 لسنة 2004.
واللائحة المشار إليها قد تناولت أحكام المأذونية في تسع وأربعين مقسمة على أربعة أبواب ناقش في الباب الأول "إنشاء المأذونيات وتعيين المأذونيين ونقلهم"، وفى الثانى "اختصاص المأذونين"، وفى الثالث تناول "واجبات المأذونين" مفصلا ذلك إلى 3 فصول الأول تناول الواجبات العامة والثانى تناول واجبات المأذونين الخاصة بعقود الزواج، أما الفصل الثالث فتناول واجباتهم بإشهادات الطلاق، وجاء الباب الرابع مفصلا إلى فصلين تناول في أولاهما "تأديب المأذونين" والثانى تناول "الأحكام الاستئثناية الوقتية والأحكام الختامية".