أصدرت الدائرة "69 أحوال" – بمحكمة استئناف الإسكندرية – حكما أرست فيه مبدأ قضائيا جديدا بتغريم الأزواج الذين يقومون بتطليق زوجاتهم 3 مرات غيابيا دون علمهن، حيث اعتبرت المحكمة اعتبرت طلاقها غيابيا 3 مرات دون علمها احدث لها ضررا نفسيا لها ولأولادها، كما أرست مبدأ قضائيا بنفقة متعة نظير 10 سنوات وليس 3 أو 5 سنوات كما هو متعارف عليه.
صدر الحكم في الاستئناف المقيد برقم 13874 لسنة 77 قضائية، لصالح المحامى فتحى غريب، برئاسة المستشار شريف عزب، وعضوية المستشارين الحسن الدكرونى، والدكتور تامر أحمد عزات، وبحضور كل من وكيل النيابة أحمد درويش، وأمانة سر حسن إبراهيم.
الوقائع.. نزاع بين الزوجة ومطلقها بسبب طلاقها 3 مرات غيابيا
تتحصل وقائع الدعوى ومستندات الخصوم فيها وتوجزها في أن المستأنفة في الاستئناف الفرعى رقم 15906 لسنة 77 قضائية "المدعية" كانت قد أقامت الدعوى رقم 184 لسنة 2021 أسرة سيدى جابر ضد المدعى عليه بمقتضى صحيفة طلبت في ختامها الحكم بإلزام المدعى بأن يؤدى لها متعة ونفقة عدة تقدر حسب درجة يساره ومؤخر صداقها وقدره 5 ألاف جنيه، وذلك على سند من القول أن المدعية كانت زوجة للمدعى عليه بصحيح العقد الشرعى المؤرخ 14 يناير 2001 مع إنجاب صغيرين إلا أن المدعى عليه، قام بتطليقها غيابيا دون رضاها ودون علمها 3 مرات منفصله أخرها كان في 11 أكتوبر 2020 وأنه ميسور الحال، ويعمل محامى، وكذا يعمل في مجال المقاولات والعقارات ولجأت لمكتب التسوية لكن دون جدوى، فأقامت الدعوى، وقدمت صورة وثيقة الزواج وصور اشهاد الطلاق الأول واشهاد المراجعة واشهاد الطلاق الثانى واشهاد المراجعة واشهاد الطلاق الثالث الأخير المؤرخ 11 أكتوبر 2020 ثابت بها أن الطلاق غيابيا.
حصيلة الأحكام الصادرة ضد الزوج
وحال تداول الدعوى أمام محكمة أول درجة أحضرت المدعية شاهد استكشاف يدعى "مصطفى. ع"، وقرر بأن المدعى عليه يعمل محامى ولديه مكتب محاماه في اسبورتنج، وحالته المالية ميسورة، وأقرت المدعية بانتهاء عدتها شرعا بعد 3 أشهر من تاريخ الطلاق دون مراجعة ولم يحضر المدعى عليه بالجلسات، وبجلسة 22 مارس 2021 قضت محكمة أول درجة أولا: بإلزام المدعى عليه بأن يؤدى للمدعية مبلغ 1500 جنيه شهريا كنفقة عدة باعتبار من تاريخ الطلاق الحاصل في 11 أكتوبر 2020 حتى تاريخ انتهاء عدتها في 11 يناير 2021، وثانيا: إلزام المدعى عليه بأن يؤدى للمدعية متعة قدرها مبلغ 36 ألف جنيه، ثالثا: بإلزام المدعى عليه بأن يؤدى للمدعية مبلغ 5 ألاف جنيه قيمة مؤخر صداقها.
المُطلق يستأنف على الأحكام لإلغائها
وإذ لم يلقى ذلك القضاء قبولا لدى المحكوم عليه – المدعى عليه – ومن ثم فقد طعن عليه بالاستئناف الماثل رقم 13874 لسنة 77 قضائية بمقتضى صحيفة أودعت كتاب المحكمة بتاريخ 26 أغسطس 2021 طلب في ختامها أولا: بقبول الاستئناف شكلا، وثانيا: وفى الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف والقضاء مجددا بتخفيض مبلغ نفقة العدة والمتعة المقضى بهما الحكم المستأنف بما يتلائم مع ظروفة المادية، وذلك لأساب حاصلها: 1-عدم اتصال علمه بالدعوى المبتدأة لأن اعلاناتها تمت لدى جهة الإدارة ولم يتسلم أي اخطار بريدى ولم يعلن بالحكم المستأنف ويكون ميعاد الاستئناف مفتوحا له، 2-المغالاة في تقدير نفقة العدة وكذا المتعة ولم تستند المحكمة إلى أية مستندات أو تحريات عن دخله، وإنما فقط لشاهد يسار توجد خلافات شخصية معه، 3-أن الطلاق الغيابى وقع بسبب الزوجة لافتعالها الخلافات الزوجية معه ودائمة التعدى عى وأشقائها عليه بالسب والقذف وثابت ذلك في محاضر رسمية وتهديد الزوجة له بإقامة دعاوى كيدية لإجباره على تطليقها.
الزوج يؤكد للمحكمة أن الطلاق 3 مرات غيابيا بسبب تعديها وتهديدها وأهلها له
وبالفعل تداول الاستئناف بالجلسات وبجلسة 17 أكتوبر 2021 حضر وكيلا عن المستانف ضده وطلب اجلا لتوجيه استئناف فرعى فأجابته المحكمة، وامهلته لجلسة 18 نوفمبر 2021 وبمقتضى صحيفة أودعت قلم كتاب المحكمة بتاريخ 15 نوفمبر 2021 وجهت المستانفة فرعيا الاستئناف رقم 15906 لسنة 77 قضائية، بطلب الحكم أولا قبوله شكلا، ثانيا: وفى الموضوع بتعديل الحكم المستأنف بزيادة المبلغ المقضى به من نفقة عدة ومتعة، وذلك تأسيسا على عدم تناسب المبلغ المحكوم به مع الأضرار التي أصابت المستأنفة من جراء تطليقها غيابيا 3 مرات دون رغبتها، وكذا عدم تناسب المبلغ المقضى به مع دخل المستأنف ضده لأنه ميسور الحال، والمحكمة قررت بجلسة 18 نوفمبر 2021 ضم الاستئناف رقم 15906 لسنة 77 قضائية للإستئناف رقم 13874 لسنة 77 قضائية للإرتباط وليصدر فيهما حكما واحدا.
وفى تلك الأثناء - تداولت نظرهما بالجلسات وحضر المستانف بشخصه، وقدم شهادة من مصلحة البريد عن مصير السجلات البريدية بارتدادها لقلم المحضرين، وحضرت المستانفة فرعيا بوكيل عنها، وقضت المحكمة بجلسة 24 مايو 2022 بإحالة الاستئنافين للتحقيق لإثبات ونفى ما ورد بمنطوق حكمها، ونفاذا لذلك القضاء فقد استمعت المحكمة لشاهدى المستأنف، وشاهد واحد فقد أحضرته المستأنفة فرعيا حسبما هو مسطر بمحضر التحقيق ثم اعادت الاستئنافين، وحضر الطرفان بشخصهما ووكيلا مع المستأنفة فرعيا والنيابة فوضت الرأي للمحكمة.
الزوجة تثبت أنها كل مرة يطلقها فيها غيابيا تعود له من أجل تربية الأبناء
المحكمة في حيثيات الحكم قالت عن موضوع الاستئنافين وأسبابهما وكان من المقرر قانونا أن لمحكمة الموضوع السلطة التامة في فهم الواقع في الدعوى وتقدير الأدلة والمستندات المعروضة عليها والترجيح بينهما، والأخذ بما تطمئن إليه منها وطرح ما عداه ولها تقدير أقوال الشهود بما لا يخرج عن دلولها، وإذا كان ذلك وكانت هذه المحكمة تطمئن إلى أقوال شاهد المستأنفة فرعيا بأن الطلاق الغيابى أوقعه المستأنف الزوج بغير رغبتها ودون رضائها وبلا سبب من قبلها وأنها كانت ترغب في استمرار العلاقة الزوجية مع المستأنف لتربية أولادها منه رغم زواجه عليها بأخرى، وكانت البين أيضا للمحكمة من أوقال شاهدى المستأنف أنهما لم يعلما بطبيعة الخلافات الزوجية بين الطرفين، وعلما بوجودهما من المستأنف ذاته ولم يحدد المتسبب في هذه الخلافات، وما إذا كانت الزوجة هي المتسببة فيها، مما أدى لأإيقاع الطلاق الغيابى من عدمه، ومن ثم فقد استقر في وجدان المحكمة وقوع الطلاق الغيابى دون رغبة الزوجة وبلا سبب من قبلها وتستحق أثرا لذلك المتعة.
الزوجة تسرد للمحكمة أن الطلاق بعد زواج دام 20 عاما
وعن تقدير المتعة المقضى بها وكذا نفقة العدة التي هي أساس تقدير مبلغ المتعة – قالت "المحكمة" – لما كانت هذه المحكمة قد تعرفت على الأحوال المالية والاجتماعية للمستأنف من أوراق الدعوى ومستنداتها من واقع أقوال شاهد المستأنفة فرعيا بالتحقيقات بأن المستانف أصليا يعمل محامى حر ولديه مكتب محاماة في منطقة سبورتنج بالإسكندرية وميسور الحال وهى تريبا ذات اقوال شاهدى المستانف ذاته عن طبيعة عمله كونه محامى ولديه مكتب محاماة، ومن ثم فقد ثبت للمحكمة الوقوف على درجة يساره وترى في ضوء سلطتها التقديرية أن المبلغ المقضى به كنفقة عدة وقدره 1500 جنيه شهريا مناسب لحال الطرفين وليس فوق طاقة المستأنف المالية، سيما وأن لم يقدم اى مستندات أو دليل يخالف هذا التقدير ويدل على اعساره أو وجود أعباء مالية وعائلية لديه إلا أنه وبمطالعة الأوراق في الدعوى وتبين للمحكمة طول فترة الزوجية بين طرفى التداعى والتي امتدت لقرابة عشرين عاما.
وترى أن المبلغ المقضى به كمتعة للمستأنف فرعيا لا يتناسب وطول الزوجية ولا يتناسب مع حجم الأضرار التي لحقت بها من جراء تطليقها غيابيا دون رضاها أو رغبتها سيما وأن الطلاق الغيابى وقع 3 مرات متفرقة بما يدل على قبولها الاستمرار في العيش مع المستأنف وعليه تقضى المحكمة في الاستئناف الفرعى المقام من الزوجة بتعديل الحكم المستأنف بشأن المتعة المقضى بها بزيادته بجعل المدة المستحقة كمتعة لها 10 سنوات مع ثبات مبلغ نفقة العدة المقضى به الذى هو أساس تقدير المتعة لتصبح المتعة المستحقة بعد التعديل 1500 ج ✖️120 شهر = 180000 جنيه – مائة وثمانون ألف جنيه – والتأييد فيما عدا ذلك، وتقضى برفض الاستئناف الأصلى المقام من الزوج برفضه موضوعا.
مبادئ قضائية جديدة بالحكم
يشار إلى إن هذا الحكم هو الأول من نوعه فى محكمة الأسرة بالإسكندرية، وأنصف الزوجة لتضررها من الطلاق غيابيا دون علمها، وإحداث ضرر لها ولأولادها، وهو لأول مرة يتم الحكم بنفقة متعة نظير 10 سنوات وليس 5 سنوات، وذلك لما شاهدته هيئة المحكمة من ضرر وقع على الزوجة، كما أن نفقة المتعة بينهم حسابها بناءً على دخل الزوج شهريا وتقضى هيئه المحكمة بحساب عدد سنين من 3 الى 5 سنوات، لذلك يُعد هذا الحكم هو الأول لإنصاف الزوجة من الطلاق غيابيا دون أسباب موضحه من الزوج ودون علمها.