أصدرت الدائرة "35" لشئون الأسرة – بمحكمة استئناف القاهرة – حكما نهائيا يهم الأمهات الحاضنات، أرست فيه لمبدأين قضائيين حديثين، قالت فيه: "1- أحقية الأم الحصول على أجر مسكن حضانة حتى وإن كانت مقيمة خارج البلاد بالصغار مستندة على أنه لا يُسقط سفر الصغير أو وجوده خارج البلاد الحق فى المطالبة بالنفقة وأجر المسكن لأن النفقة تجب الوفاء بحاجتها اللازمة لإحياء النفس وهذا الإحياء يظل واجبا سواء أكان الصغير فى مصر أو خارجها.
وأن من حق الحاضنة المطالبة بحقوق الصغير حتى وإن صدر حكم بإسقاط الحضانة لاستمرار اليد على الصغير استنادا لقاعدة أن الحضانة تعتمد اليد بصرف النظر عن صاحب الحق فى الحضانة، بمعنى أنه لابد للأب أن يقدم ما يفيد تنفيذ حكم إسقاط الحضانة واستلام من يلى الأم للصغار، فالعبرة ليس بالحكم ولكن العبرة بتنفيذه".
صدر الحكم فى الدعوى المقيدة برقم 9709 لسنة 137 قضائية، لصالح المحامى عبد الحميد رحيم، برئاسة المستشار مصطفى سليمان، وعضوية المستشارين سعيد عبد المحسن، وخالد مرعى، وبحضور كل من وكيل النيابة حسين عزت، وأمانة سر محرم فوزى.
الوقائع.. نزاع بين الحاضنة ووالد الصغار حول أجر المسكن
تتحصل وقائع النزاع فى أن المدعية رفعت الدعوى رقم 1266 لسنة 2019 أسرة القاهرة الجديدة بطلب الحكم بتمكينها بصفتها حاضنة للصغار "أحمد، وسيف، وأدم" من الشقة التى كانت مسكنا للزوجية، وإلزام المدعى عليه بعدم التعرض لها، وقالت بيانا لذلك إنها كانت زوجة للمدعى عليه بصحيح العقد الشرعى، ودخل بها، وأنجبت منه على فراش الزوجية الصغار – سالفى الذكر – ثم تم الطلاق منه خلعا عام 2019، وطردها من مسكن الزوجية، وقد استصدرت حكما بثبوت حضانتها للصغار المذكورين، وطالبت المدعى عليه وديا، بتمكينها من مسكن الزوجية أنف البيان، فامتنع دون مبرر أو سند شرعى أو قانونى.
وفى تلك الأثناء – تقدمت بطلب لمكتب التسوية المختص لحل النزاع وديا دون جدوى، مما حدا بها لرفع دعواها للحكم لها بالطلبات، وأرفقت بالدعوى صورة من حكم تطليقها خلعا، وصورة من حكم ثبوت حضانتها للصغار، وصور من شهادات ميلاد الصغار، وصورة من حكم فرض نفقة للصغار المذكورين بنوعيها قدرها 6 ألاف جنيه شهريا بالسوية بينهم إعتبارا من 23 ديسمبر 2018 فى الدعوى رقم 37 لسنة 2019 أسرة القاهرة الجديدة والصادر بجلسة 27 فبراير 2019 وتحرى قسم شرطة القاهرة الجديدة يفيد أن المدعى عليه ميسور الحال، ويمتلك شقتين بالرحاب.
محكمة أول درجة تقضى بـ6000 جنيه كأجر مسكن
وبالفعل – نظرت الدعوى أمام محكمة أول درجة وخلالها حضر الطرفان كل بوكيل عنه – محام – وعدلت المدعية طلباتها الختامية إلى طلب الحكم بفرض أجر مسكن لحضانة الصغار – سالفى الذكر – وتفويض المحكمة فى تقدير دخل المدعى عليه، وقدم وكيل المدعى عليه حافظة مستندات حوت شهادة تحركات من إدارة الجوازات والهجرة والجنسية مؤرخة 9 ديسمبر 2019 تفيد أن أصله من إحدى الدول العربية وحصل على الجنسية المصرية 2005 وأن الصغار يحملون جوازات سفر أمريكية، وقد سافروا بتاريخ 6 مايو 2019 ولم يستدل لهم على عودة حتى 15 أكتوبر 2019 وبجلسة 9 يونيو 2020 قضت تلك المحكمة بإلزام المدعى عليه بأن يؤدى للمدعية مبلغ 6000 جنيه شهريا – كأجر مسكن لحضانة الصغار الثلاثة – من تاريخ اللجوء لمكتب التسوية الحاصل فى 8 مايو 2019، تأسيسا على أن أجر المسكن يعد من عناصر نفقة الصغير على ابيه وتوافر شروط فرضه من ثبوت البنوة والصغر وحضانة المدعية لهم وعدم وجود مال لهم، وامتنع المدعى عليه عن سداده بقرينة التقاضى وقدرته ويساره من واقع تحرى جهة الإدارة.
الأب يستأنف لإلغاء الحكم.. وإسقاط حضانة الأم للصغار لزواجها
ولم يلقى ذلك الحكم قبولا لدى المدعى عليه، فطعن فيه بالاستئناف بموجب صحيفة أودعت كتاب المحكمة بتاريخ 18 يوليو 2020 وأعلنت قانونا للمستأنف عليها طلب فى ختامها الحكم بقبول الإستئناف شكلا، وفى الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به من نفقة 6000 جنيه فقط أجر مسكن للصغار من تاريخ رفع الدعوى فى 9 يونيو 2019، وساق لذلك أسبابا حاصلها:
1- مخالفة الحكم لصحيح القانون وعدم أحقية المستأنف ضدها فى طلب أجر المسكن لهروبها والصغار خارج البلاد وفقا لما ثبت من الشهادة المقدمة أمام محكمة أول درجةفضلا عن إقامته للدعوى رقم 1485 لسنة 2019 أسرة القاهرة الجديدة لإسقاط حضانتها للصغار لمخالفتها للقانون وإنتفاء شروط صلاحيتها للحضانة.
2- الإخلال بحق الدفاع والقصور فى التسبيب والفساد فى الاستدلال لعدم إستجابة المحكمة إلى طلباته وعدم تسبيب الحكم نسبيا "حقيقيا" لكتابته على نموذج معد سلفا لجميع الأحكام التى تصدرها الدائرة.
"الاستئناف" ترسى مبدأين حديثين حول حضانة الصغار
ونظر الاستئناف أمام هذه المحكمة، وفيها حضر المستأنف بوكيل عنه – محام – وقدم حافظة مستندات طويت على شهادة تحركات للصغار تفيد سفرهم فى 6 مايو 2019 ولم يستدل لهم على عودة لمصر حتى 1 ديسمبر 2020 وصورة شهادة تحركات المستأنف ضدها تفيد سفرها وعودتها عدة مرات وأخر سفر لها فى 13 سبتمبر 2020 ولم يستدل على عودة حتى 1 ديسمبر 2020، كما قدم مذكرة بالدفاع ردد فيها ما أورده بصحيفة الاستئناف، وأضاف أنه نما إلى علمه زواج المستأنف عليها من رجل أجنبى، وطلب فى ختامها الحكم بإلغاء الحكم المستأنف واحتياطيا "تخفيض أجر المسكن المقضى به إلى القدر المناسب بحيث لا يتعدى 1000 جنيه شهريا"، ولم تحضر المستأنف عليها أو من ينوب عنها ونيابة الأسرة.
أحقية الأم الحصول على أجر مسكن حضانة حتى وإن كانت مقيمة خارج البلاد بالصغار
المحكمة فى حيثيات الحكم قالت عن موضوع الدعوى وعن النعى المتعلق بعدم الأحقية فى طلب أجر المسكن لسفر المستأنف ضدها والصغار للخارج، ورفع الدعوى بإسقاط حضانتها لهم فمردود بأن المقرر قانونا أن أجر المسكن يعد من ضمن عناصر ومشتملات نفقة الصغير الواجبة على أبيه وتعتمد المطالبة بها استمرار اليد عليه بصرف النظر عن صاحب الحق فى الحضانة، وتكون حضانة الصغير الذى لم يبلغ أقصى سن الحضانة ثابتة للأم بحكم القانون طالما توافرت له شروط الصلاحية لها ولا تسقط الحضانة عنها ولا تنتقل إلى حاضن أخر عند المنازعة إلا بحكم قضائى، كما لا يسقط سفر الصغير أو وجوده بالخارج الحق فى المطالبة بالنفقة وأجر المسكن لأن النفقة تجب للوفاء بحاجاته اللازمة لإحياء النفس وهذا الإحياء يظل واجبا سواء أكان الصغير فى مصر أو خارجها.
من حق الحاضنة المطالبة بحقوق الصغير حتى وإن صدر حكم بإسقاط الحضانة
وإذ كان الثابت بالأوراق أن الصغار سالفى الذكر فى حضانة ويد المستأنف ضدها ولم يقدم المستأنف دليلا على إسقاط حضانتها وزوال يدها الممكسة لهم وهى مناط فرض أجر مسكن حضانتهم، ومن ثم وجب على أبيهم المستأنف أدائه ولا يغير من ذلك سفر الصغار على الخارج، لأن السفر لا ينفى إحتياجاتهم إلى المسكن وعودتهم له فى أى وقت، لما كان ذلك وكان الحكم المستأنف قد التزم صحيحا "بهذا النظر صائبا" فى تقدير الأجر المقضى به والذى لم ينازع المستأنف فى قدرته المالية على الوفاء به وبنى على أسباب كافية لحمله وليس على نموذج معد سلفا لجميع الإحكام كإدعاء المستـأنف، ومن ثم تأخذ به المحكمة محمولا على أسبابه وتعتبره جزءا مكملا لأسباب هذا الحكم الأمر الذى يضحى معه الاستئناف قائما على أساس غير صحيح من الواقع والقانون خليقا بالرفض وتأييد الحكم المستأنف.