الجمعة، 22 نوفمبر 2024 09:53 ص

بعد تغريم صاحب "عقار فيصل" 80 مليون جنيه.. كيف تُنفذ أحكام العقوبات المالية؟.. "الحجز على الأموال" الطريق الأول.. والحبس يومًا عن كل 5 جنيهات حال عدم وجود أموال.. وبحد أقصى 3 أشهر.. واستمرار الحجز لحين السداد

بعد تغريم صاحب "عقار فيصل" 80 مليون جنيه.. كيف تُنفذ أحكام العقوبات المالية؟.. "الحجز على الأموال" الطريق الأول.. والحبس يومًا عن كل 5 جنيهات حال عدم وجود أموال.. وبحد أقصى 3 أشهر.. واستمرار الحجز لحين السداد محكمة - أرشيفية
الأربعاء، 11 يناير 2023 12:00 م
كتب علاء رضوان

الواقع والحقيقة يؤكدان أن فرض عقوبات مالية ضد المتهمين سواء فى مراحل التحقيقات أو من خلال صدور أحكام أمر أصبح لافتاً للنظر للتوسع مؤخراً فى استخدام هذه العقوبات، خاصة وأن المبالغ المفروضة أحياناً تكون كبيرة، مثلما أصدرت محكمة جنح كرداسة حكمها بتغريم المتهم فى القضية المعروفة إعلامياً بـ"عقار فيصل" بتغريمه 80 مليون جنيه لاتهامه بإنشاء العقار دون ترخيص وتعريض حياة السكان للخطر.

 

والكفالة والغرامات فى حقيقة الأمر هى أنواع من هذه العقوبات تختلف كل منها على الآخر، فالأولى تقر على المتهم كنوع من الضمان لمثول المتهم أثناء التحقيقات أو المحاكمة، وفى حال تبرئته من حقه استردادها، أما الثانية فتختلف عنها لأنها تكون من خلال حكم يصدر ضد المتهم وبالتالى يتوجب عليه سدادها تنفيذاً للعقوبة، وأصبحت هذه العقوبات من أحد أهم العقوبات البديلة عن الحبس، لأاجل ذلك كان التفكير فى ايجاد بدائل للعقوبات المقيدة للحرية منذ القدم وذلك كخطوة جذرية فى العملية الإصلاحية.

 

صاحب العفقار
المتهم صاحب العقار  
 

تغريم صاحب عقار فيصل 80 مليون جنيه

فى التقرير التالى، يلقى "برلمانى" الضوء على غشكالية فى غاية الأهمية تتعلق بالإجابة على السؤال كيفية التنفيذ على المحكوم عليه بعقوبات مالية، وذلك فى الوقت الذى تطالعنا الأخبار يومياً بصدور أحكام متنوعة فى كافة الجرائم وتتنوع العقوبات من الحبس البسيط وصولاً حتى إلى الإعدام، لكن ما يثير التساؤل هو الأحكام الصادرة بالغرامة أو رد المبالغ المحكوم بها سواء كانت هى العقوبة الأصلية أو التبعية، وأهمية هذا التساؤل تبدو أكثر وضوحاً إذ كانت المبالغ المحكوم بها بالملايين أو عشرات الملايين من الجنيهات – بحسب الخبير القانونى والمحامى بالنقض سامى البوادى.

 

فى البداية - تنوعت البدائل أمام واضعى السياسات العقابية وفقا لما تحكمه الظروف والمصالح الاجتماعية، فقد لجأت العديد من التشريعات الى البدائل المتنوعة، فتكون تحت نظر الجهة القضائية فتختار منها ما يلائم كل حالة وفقا للسلطة التقديرية فى ذلك، فالعقوبات المقيدة للحرية هى تلك التى يقتضى تنفيذها إيداع المحكوم عليه فى مكان معين فترة ما من الزمن يحرم خلالها من حريته فى التنقل كيف يشاء، أما عن الإجابة على السؤال كيف يتم تنفيذ تلك العقوبات المالية؟ فقد حدد المشرع فى المواد 505 وما بعدها من قانون الإجراءات الجنائية كيفية تنفيذ المبالغ المحكوم بها – وفقا لـ"البوادى".

 

21-11-2022_17_38_55_GomhuriaOnline_491669045135

 

كيفية التنفيذ على المحكوم عليه بعقوبات مالية

ونصت المادة "505" على إلزام النيابة العامة قبل التنفيذ بضرورة إعلان المحكوم عليه بمقدار هذه المبالغ، ما لم تكن مقدرة فى الحكم، وأحالت المادة "506" إلى قانون المرافعات بشأن طريقة التنفيذ حيث نصت أنه: "يجوز تحصيل المبالغ المستحقة للحكومة بالطرق المقررة فى قانون المرافعات فى المواد المدنية والتجارية أو بالطرق الإدارية المقررة لتحصيل الأموال الأميرية"، وهو ما مؤداه أحقية الدولة فى تحصيل تلك المبالغ بطريق الحجز على أموال المحكوم عليه وفقاً للقواعد المحددة فى قانون المرافعات وبيعها عقب ذلك، والتنفيذ على حصيلة البيع – طبقا لـ"البوادى".

 

بينما عالجت المادة "508" حالة عدم كفاية أموال المحكوم عليه للسداد حيث نصت أنه: "إذا حُكم بالغرامة وما يجب رده والتعويضات والمصاريف معاً، وكانت أموال المحكوم عليه لا تفى بذلك كله، وجب توزيع ما يتحصل منها بين ذوى الحقوق على حسب الترتيب الآتى:

 

أولا: المصاريف المستحقة للحكومة.

ثانيا: المبالغ المستحقة للمدعى المدنى.

ثالثا: الغرامة وما تستحقه الحكومة من الرد والتعويض".

 

20210202171032567

 

- إذا حبس شخص احتياطيًا، ولم يحكم عليه إلا بالغرامة وجب أن ينقص منها عند التنفيذ خمسة جنيهات عن كل يوم من أيام الحبس المذكورة، وإذا حكم عليه بالحبس وبالغرامة معا وكانت المدة التى قضاها فى الحبس الاحتياطى تزيد على مدة الحبس المحكوم به، وجب أن ينقص من الغرامة المبلغ المذكور عن كل يوم من أيام الزيادة المذكورة.

- لقاضى المحكمة الجزئية فى الجهة التى يجرى التنفيذ فيها أن يمنح المتهم فى الأحوال الاستثنائية، بناء على طلبه، وبعد أخذ رأى النيابة العامة أجلا لدفع المبالغ المستحقة للحكومة، أو أن يأذن له بدفعها على أقساط، بشرط ألا تزيد المدة على تسعة أشهر ولا يجوز الطعن فى الأمر الذى يصدر بقبول الطلب أو رفضه.

- وإذا تأخر المتهم عن دفع قسط حلت باقى الأقساط، ويجوز للقاضى الرجوع فى الأمر الصادر منه إذا وجد ما يدعو لذلك.

 

 

ظ

 

أحقية تحصيل المبالغ بطريق الحجز على الأموال

ويضيف "البوادى": إلا أن التساؤل يثور حول كيفية إلزام المحكوم عليه بالسداد فى حالة عدم وجود أموال ظاهرة له أو عدم كفايتها بعد توزيعها وفقاً للكيفية السابقة، وفى هذه الحالة تدخل المشرع بفرض ما يسمى بالإكراه البدنى عليه، حيث نصت المادة 507 من قانون الإجراءات الجنائية أنه: " إذا لم يدفع المتهم المبالغ المستحقة للحكومة، تصدر النيابة العامة أمراً بالإكراه البدنى وفقاً للأحكام المقررة بالمواد 511 وما بعدها" - ومؤدى فكرة الإكراه البدنى هى حبس المحكوم عليه حبساً بسيطاً تقدر مدته باعتبار يوم واحد لكل 5 جنيهات بموجب أمر يصدر من النيابة العامة، وقد وضع المشرع ضوابط لاحتسابها تضمنتها المادة 511 من ذات القانون بحيث لا يزيد حدها الأقصى عن 3 أشهر، كما أنه لا يجوز الإكراه البدنى لمن لم يبلغ 15 سنة وقت ارتكاب الجريمة .

 

والجدير بالذكر أنه يجوز لقاضى المحكمة الجزئية – وفقاً للمادة 510 - أن يمنح المتهم فى الأحوال الاستثنائية بناء على طلبه وبعد أخذ رأى النيابة العامة أجلاً لدفع المبالغ المستحقة للحكومة، أو أن يأذن له بدفعها على أقساط، بشرط ألا تزيد المدة على تسعة أشهر، كما أنه يجوز - وفقاً للمادة 520 وما بعدها - للمحكوم عليه أن يطلب فى أى وقت من النيابة العامة قبل صدور الأمر بالإكراه البدنى إبداله بعمل يدوى أو صناعى يقوم به، بحيث يقوم بالعمل لصالح إحدى الجهات الحكومية بلا مقابل مدة مساوية لمدة الإكراه البدنى – هكذا يقول "البوادى".

 

resize

 

وختاماً يثور التساؤل حول كيفية تنفيذ المبالغ المحكوم بها فى حالة وفاة المحكوم عليه قبل استيفائها؟

القاعدة الأصولية العامة أنه لا تركة إلا بعد سداد الديون، فإذا استغرقت الديون كل التركة فلا يسأل الورثة فى أموالهم الخاصة عن سدادها، إلا أن المشرع تدخل بأحكام خاصة لإلزام الورثة فى أحوال معينة بتنفيذ عقوبة رد المبالغ المحكوم بها وخاصة فى مجال جرائم العدوان على الأموال العامة، حيث نصت المادة رقم 208 مكرراً (د) من قانون الإجراءات الجنائية أنه: "لا يحول انقضاء الدعوى الجنائية بالوفاة، قبل أو بعد إحالتها إلى المحكمة، دون قضائها بالرد فى الجرائم المنصوص عليها فى المواد 112، 113 فقرة أولى وثانية ورابعة، 113 مكرراً فقرة أولى، 114، 115 من قانون العقوبات، وعلى المحكمة أن تأمر بالرد فى مواجهة الورثة والموصى لهم وكل من أفاد فائدة جدية من الجريمة ليكون الحكم بالرد نافذاً فى أموال كل منهم بقدر ما استفاد " – هكذا يقول "البوادى".

 

بل ونصت المادة رقم 208 مكرر "هـ" أنه: "لا يحول انقضاء الدعوى الجنائية بمضى المدة دون القضاء بأية عقوبات مالية منصوص عليها فى البابين الثالث والرابع من الكتاب الثانى من قانون العقوبات"- طبقا لجرائم الرشوة والعدوان على المال العام.

 

ماذا حال عدم وجود أموال تكفى لتنفيذ حكم الغرامة؟

يكون فى البداية التنفيذ من خلال الحجز على أموال المحكوم عليه، فإذا لم توجد أموال كافية، يكون فى حالة استحالة تنفيذ فهو يخضع لقانون المرافعات المدنية، بمعنى أدق يكون التنفيذ بالحد الذى يسمح بذلك، وكل ما يظهر له أموال مستقبلا ينفذ عليه بالطريق المدنى.

 

2020_2_20_11_32_9_897

 

 

e8d5215a-2cfc-42e3-9236-03119414db61
الخبير القانونى والمحامى بالنقض سامى البوادى

موضوعات متعلقة :

هل عدم تسجيل عقد الهبة فى الشهر العقارى يبطل حجيته؟.. النقض تُجيب

لأول مرة.. عدول محكمة النقض عن حكم لها قضت فيه بعدم قبول الطعن.. الأزمة تمثلت في شطب محامى من نقابة المحامين.. وكلمة السر في "المادة 44 فقرة 2 من قانون المحاماة".. والمحكمة الدستورية العليا تفك طلاسم النزاع

هل يجوز للمستأجر طرد المالك؟.. المشرع أجازها تحت مسمى "دعوى منع التعرض".. ومحكمة النقض: "العين" حق للمُستأجر طالما لم يُخل ببنود الاتفاق.. ورفع دعوى "طرد للغصب" خلال سنة من فقد الحيازة

النقض تتصدى لتلاعب المحضرين في الإعلانات والإضرار بالمتقاضين: الغش يبطل التصرفات قاعدة سليمة ولو لم يجر بها نص خاص في القانون.. وحال شطب الدعوى لمدة 60 يوما ولم يطلب أحد الخصوم السير فيها اعتبرت "كأن لم تكن"

"النقض" تنسف روتين المواريث.. المحكمة تُرسى مبدأً قضائيًا حديثًا: تسليم الوارث حصته دون الحاجة لدعوى فرز وتجنيب.. الحُكم يتصدى لبطء التقاضى وتلاعب صاحب اليد الغاصبة للإرث.. ويُنصف الورثة من ظُلم المواريث

للمستثمرين.. هل القانون اشترط تسجيل العلامات التجارية ذائعة الشهرة لحمايتها؟.. المشرع اعتبر العلامة المشهورة محمية بالقانون حتى لو لم يتم تسجيلها.. ومحكمتى النقض والإدارية العيا تتصديان للأزمة


print