أصدرت الدائرة المدنية والتجارية – حكما قضائيا أرست فيه مبدأ قضائيا جديدا حول وضع اليد المكسبة للملكية، قالت فيه: "يعفى مدعى التملك بوضع اليد المدة الطويلة المكسبة للملكية من تقديم الدليل على مصدر ملكيته وصحة سندها ويجوز إثباتها بكافة طرق الإثبات".
صدر الحكم في الطعن المقيد برقم 3174 لسنة 84 قضائية، برئاسة المستشار ممدوح القزاز، وعضوية المستشارين عزالدين عبد الخالق، ومراد أبو موسى، وأحمد يوسف، وأحمد رمزى، وأحمد التونى.
الوقائع.. نزاع حول تملك أرض بوضع اليد المدة الطويلة المكسبة للملكية
تتحصل في أن مورث الطاعنين من الأولى حتى الثالثة والطاعن الرابع أقاما على المطعون ضدهم الدعوى رقم 2940 لسنة 2006 مدنى محكمة دمنهور الإبتدائية بطلب الحكم بإلغاء ربط مساحة فدان و16 قيراط أرض زراعية من التركات الشاغرة بالبنك المطعون ضده الأول كإيجار عليهما وعلى مورثهما من قبلهما، وذلك في مواجهة المطعون ضدهما الثانى والثالث بصفتيهما، على سند من القول إنه بموجب الوصية المسجلة بمحكمة مصر المختلطة في 21 فبراير 1937 أوصى من يدعى "ثابت. ث" بتركته لإنشاء معهد لتشخيص الأمراض الباطنية يتبع جامعة القاهرة، وتم تعيين زوجته السيدة "أ. ث" ناظرة على الوصية وتسلمت عقاراتها بموجب الحكم الصادر من محكمة الإسكندرية الشرعية بتاريخ 1 نوفمبر 1955 والتي قامت ببيع مساحة 13 س 12 ط 10 ف منها إلى السيد "محمد. س"، والذى باع منها لمورثهما أطيان النزاع.
وبموجب الحكم الصادر في الدعوى رقم 372 لسنة 1958 مدنى الجيزة والمؤيد بالإستئناف رقم 1138 لسنة 75 قضائية القاهرة عُين المطعون ضده الثانى حارسا قضائيا على التركة التي شملتها الوصية المذكورة أنفا، وبعد تنفيذ الحكم الأخير تم الاتفاق مع الحارس القضائى على إجراء التسوية والاعتداد بالبيوع لهم على أن يقوم المشترون بسداد باقى الثمن، وإذ قام البنك المطعون ضده الأول بربط أرض التداعي عليهما كإيجار بإدارة الشركات الشاغرة بالبنك تأسيسا على أنها مملوكة للسيدة "...." والتي توفيت دون وارث متجاهلا أن تلك الإطيان كانت مملوكة للسيد "....." وتشغل ضمن الوصية سالفة البيان، وأنها ليست مالكة لها وإنما ناظرة على الوصية، ومن ثم فقد أقاما الدعوى.
محكمة أول وثانى درجة ترفضان الدعوى.. ووصول النزاع لمحكمة النقض لإلغاء الرفض
وفى تلك الأثناء - حكمت المحكمة برفض الدعوى بحالتها بحكم استأنفه مورث الطاعنين الثلاثة الأول والطاعن الرابع بالاستئناف رقم 1433 لسنة 64 في الإسكندرية - مأمورية دمنهور – ثم ندبت المحكمة خبيراً وبعد أن أودع تقريره قضت بتاريخ 18 ديسمبر 2013 بتأييد الحكم المستأنف، ثم طعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض، وأودعت النيابة مذكرة دفعت فيها بعدم قبول الطعن بالنسبة للمطعون ضدهما الثاني والثالث، وأبدت الرأي في الموضوع برفضه، وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة، حددت جلسة لنظره.
الحيثيات تتضمن شروط الإختصام في الطعن
تناولت المحكمة في حيثيات حكمها مبنى الدفع المبدي من النيابة بعدم قبول الطعن بالنسبة المطعون ضدهما الثاني والثالث أنهما خصمان غير حقيقين في الدعوي، فقالت المحكمة ردا على هذا الدفع إن هذا الدفع في محله ذلك أنه من المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أنه لا يكفي فيمن يختصم في الطعن أن يكون طرفاً في الدعوي التي صدر فيها الحكم المطعون فيه بل يجب أن يكون قد نازع خصمه أمامها في طلباته أو نازعه خصمه في طلباته هو، وأن تكون له مصلحة في الدفاع عن الحكم المطعون فيه من صدوره فإذا لم توجه إليه متطلبات ولم يقض له أو عليه بشي فإن الطعن بالنسبة له يكون غير مقبول - لما كان ذلك - وكان الدين من الأوراق أن المطعون ضدهما الثاني والثالث لم يختصما في الدعوي إلا ليصدر الحكم في مواجهتهما وقد وقفا من الخصومة موقفا سلبيا، ولم يقض لهما أو عليهما بشي ولم تتعلق أسباب الطعن بهما، ومن ثم يكون الطعن بالنسبه لهما غير مقبول.
مذكرة الطعن تستند على عدة أسباب لإلغاء الحكم
واستندت مذكرة الطعن على عدة أسباب لإلغاء الحكم حيث ذكرت إن حاصل ما ينعاه الطاعنون بسببى الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع، وفي بيان يقولون إنهم تمسكوا أمام محكمة الاستئناف بتملكهم ومورثهم من قبلهم أرض التداعي بوضع اليد المدة الطويلة المكتسبة للملكية، وطلبوا ندب خبير أو إحالة الدعوى إلى التحقيق لإثبات ذلك، إلا أن الحكم المطعون فيه رفض هذا الدفاع بقالة إن الأوراق صالحة للفصل فيها دون حاجة لندب خبير أو إحالة الدعوى للتحقيق رغم أن الخببر المنتدب في الدعوى لم يبحث مسألة التملك بالتقادم ومن ثم يكون معينا ويستوجب نفضه.
شروط التملك بوضع اليد المدة الطويلة المكسبة للملكية
المحكمة في حيثيات الحكم قالت إن هذا النعي في محله، ذلك أن المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن وضع اليد المدة الطويلة إذا توافرت فيه الشروط القانونية يعد بذاته سببا لكسب الملكية مستقلاً عن غيره من أسباب اكتسابها، وأن الأساس التشريعي لهذا قيام قرينة قانونية قاطعة على توافر سبب مشروع للتملك لدى واضع اليد، فمتي استوفى وضع اليد الشروط القانونية التي تجعله سببا مشروعا لتملك جاز لصاحبه - أيا كان - التملك، وهو واقعة مادية العبرة فيها بوضع اليد الفعلى المستوفي لعناصره القانونية، كما تطلبها القانون لا بما ورد بشأنها في محرر أو تصرف قانونى قد يطابق الواقع أو لا يطابق، وأن لمدعى التملك بوضع اليد أن يضم مدة حيازة سلفه الى مدة حيازته الفعلية متى أثبت آن سلفه كان حائزا حيازة توافر فيها الشروط القانونية من ظهور واستمرار وهدوء وإقتران بيئة التملك، وأن حيازته أيضاً كانت مستوفية لتلك الشروط ، ويعفى واضع اليد الذي يتمسك به من تقديم الدليل على مصدر ملكيته وصحة سندها ويجوز إثباتها بكافة طرق الإثبات، وأن إغمال الحكم بحث دفاع جوهري ابداه الخصم أو مجابهة هذا الدفاع بما لا يصلح ردا سائغا يواجهه يترتب عليه بطلان الحكم للقصور في التسبيب.
النقض تؤكد: يعفى مدعى التملك بوضع اليد المدة الطويلة المكسبة للملكية من تقديم الدليل على مصدر ملكيته وصحة سندها
وبحسب "المحكمة": لما كان ذلك ، وكان الثابت من الأوراق أن الطاعنين قد تمسكوا في دفاعهم أمام محكمة الاستئناف بتملكهم أرض التداعي بوضع اليد المدة الطويلة المكتب للملكية - خلفا عن سلفهم - وأن حيازتهم لها استوفت شرائطها القانونية بما فيها نية التملك، وطلبوا لدنب خبير أو إحالة الدعوى للتحقيق لإثبات ذلك، إلا أن الحكم المطعون فيه قد التفت عن هذا الدفاع ولم يتناوله بما يقتضيه من البحث والتمحيص، رغم انه دفاع جوهري، يترتب على تحقيقه - إن صح - تغيير وجه الرأى في الدعوى مجازاً القول في معرض الرد عليه إن الأوراق صالحة للفصل فيها دون حاجة إلى ندب خبير أو إحالتها للتحقيق وأن حكم محكمة أول درجة قد تضمن في أسبابه الرد الكافي عليه.
الحيثيات تؤكد: ويجوز إثباتها بكافة طرق الإثبات
وتضيف "المحكمة": وأن الثابت من تقرير الخبير أنه لم يثبت شراء مورث الطاعنين أرض التداعي من المدعو "محمد. س" وأن العقد المؤرخ 15 أبريل 1955 قد فسخ لعدم الوفاء بباقي الثمن فضلاً عن أن الثابت للمحكمة من مطالعة الصحيفة المستأنف حكمها أن الطاعنين قد أقاموا دعواهم على شرائهم ومن قبلهم مورثهم لأرض التداعى ثم قرروا بصحيفة إستئنافهم بتملكهم لذات المساحة بوضع اليد المدة الطويلة المكسبة للملكية الأمر الذى تستخلص معه المحكمة التناقض الواضح فيما ذهب إليه الطاعنين في تملكهم المساحة موضوع التداعي مما يفقدوا معه سندهم في تملكها"، إذ أنه فضلاً عن أن حكم محكمة أول درجة لم يتطرق لبحث هذا الدفاع لعدم طرحه على هذه المحكمة، فإن هذا الذي أورده الحكم لا يواجه دفاع الطاعنين ولا يصلح رداً سائغا عليه، فإنه يكون معيبا بالقصور في التسبيب الذي جره إلى الخطأ في تطبيق القانون بما يوجب نقضه على أن يكون مع النقض الإحالة .
لذلك:
نقضت المحكمة الحكم المطعون فيه وأحالت القضية إلى محكمة استئناف الاسكندرية - مأمورية دمنهور وألزمت المطعون ضده الأول المصروفات، ومبلغ مالتى جنيه مقابل اتعاب المحاماة.