أصدرت محكمة جنايات كفر الشيخ برئاسة المستشار بهاء الدين المرى، حكما قضائيا ببراءة متهم في قضية هتك عرض طفلة بالرضا على أثر زواج عرفي، مستندة على نص المادة 60 عقوبات وأن قانون الأحوال المدنية بصدد تحديد سن الزواج لا يقدح في توافر حق مقرر بمقتضى الشريعة، والدليل على أن للزواج العرفي كيانه الشرعي والقانوني: حل الصلة الجنسية بين الزوجين.
الوقائع.. شاب يتزوج بنت خاله القاصر عرفيا
وقائع النزاع في الجناية المقيدة برقم 6652 لسنة 2018 قسم دسوق المقيدة برقم 1805 لسنة 2018 كلى كفر الشيخ، أنه بعد تلاوة أمر الإحالة وسماع طلبات النيابة العامة وأقوال المتهم وسماع المرافعة الشفوية ومطالعة الأوراق والمداولة: وحيث إن النيابة العامة اتهمت "ل. ن" أنه في يوم 1 أبريل 2018 بدائرة قسم دسوق محافظة كفر الشيخ، هتك عرض الصبية "أ. س"، والتي لم تبلغ 18 سنه ميلادية كاملة بغير قوة أو تهديد بأن عاشرها معاشرة الأزواج برضاها.
وفى تلك الأثناء – أحالت النيابة العامة المتهم إلى المحاكمة الجنائية العاجلة، وطلبت عقابه بالمواد 1/299 عقوبات، 2/1، 95، 116 مكرر من قانون الطفل رقم 12 لسنة 1996 المعدل على سند من شهادة المجني عليها، والنقيب "ك. ش"، ومن التقرير الطبي الشرعي ومن شهادة ميلاد المجني عليها، فقد شهدت بأنه على أثر رغبة المتهم "ل. ن" في الزواج منها لارتباطهما بعلاقة عاطفية، ورفض والدها، فقد هربت من منزل أسرتها معه وتزوجت منه عرفيا وعاشرها معاشرة الأزواج، وشهد والد المجني عليها بما لا يخرج في مضمونه عما شهدت به ابنته المجني عليها.
ووالدها يتهمه بهتك عرضها بالرضا
كما شهد النقيب معاون مباحث قسم شرطة بسوق بأن تحرياته السرية دلته على زواج المتهم من المجني عليها التي لم تبلغ من العمر 18 سنة ميلادية كاملة عرفيا وعاشرها معاشرة الأزواج، وثبت من التقرير الطبي الشرعي أن المجني عليها ثيب من قديم، ويجوز فض غشاء بكارتها في الفترة المنوه عنها بأقوالها، وثبت من شهادة ميلاد المجني عليها أنها مولودة في 20 سبتمبر 2000 فلم تبلغ 18 سنة من عمرها وقت الواقعة.
وبسؤال المتهم بالتحقيقات اعترف بأن المجني عليها ابنة خاله، ونشأت بينهما علاقة حب قبل أن يتقدم لخطبتها والزواج منها، ولكن والدها رفض مطلبه، ونظرا لرغبتهما في الزواج من بعضهما، فقد تركت منزل والدها في يوم 1 يناير 2018 وجاءت إلى منزل عمتها - التي هي والدته - وهددت بالهروب إن لم يتزوجها، فقصدت والدته أباها ولكنه، صمم على الرفض فتزوجها عرفيا في شقة مستقلة بمنزل والدته وعاشرها معاشرة الأزواج، وحملت منه.
والمحكمة تقضى ببرائته
وبجلسة المحاكمة صمم على الإنكار والدفاع الحاضر معه التمس القضاء ببراءته تأسيسا على انتفاء أركان جريمة هتك العرض وحسن نية المتهم، والمحكمة استمعت إلى شهادة شاهد عقد زواج المتهم من المجني عليها عرفيا، فشهد بأن الأخيرين نشأت بينهما علاقة حب رغبا على أثرها في الزواج، ولما رفض والد المجني عليها حضرت إلى مسكن عمتها والدة المتهم، وطلبت الزواج من الأخير، فطلبت منه والدة المتهم وهي حماتها أن يذهب معهما لمحامي لتزويجهما عرفها، فتوجه إلى مكتب حمادة محمد كامل المحامي، الذي حرر لهما عقد زواج عرفي، وقام هو كشاهد بالتوقيع عليه وكذلك الزوجين.
المحكمة في حيثيات الحكم قالت إنه لما كان من المقرر بنص المادة 60 من قانون العقوبات أنه لا تسري أحكام قانون العقوبات على كل فعل ارتكب بنية سليمة عملا بحق مقرر بمقتضى الشريعة، فأسباب الإباحة كما يفصح عنها اسمها أحوال تبدو فيها الواقعة من حيث الظاهر متجمعة كل العناصر التي تلزم لاعتبارها جريمة، ولكنها مع ذلك لا تعد جريمة، وذلك لوجود قاعدة قانونية ترخص بارتكاب الفعل في تلك الأحوال أو توجيه، وأسباب الإباحة مانع من ثبوت صفة الجريمة، ذلك أنها ذات أسباب موضوعية لا شخصية فهي تنتج أثارها سواء كان الفاعل يعلم بوجودها أو يجهله، وسواء كان حسن النية وقت ارتكاب الفعل أو سيئها، فمن يرى غريمه يعتدي على آخر يوشك أن يقتله ولم يجد وسيلة لدفع أذاه إلا أن يقتله فقتله، فإن فعله يكون مباحا ولو كان بذلك قد روى عنه وأطفأ حقده.
وتستند على أن المعاشرة الجنسية في حالة الزواج العرفي مباح
وبحسب "المحكمة": ولا يقتصر أثر أسباب الإباحة على الفاعل وحده، بل يمتد إلى شركاته، فمتى كان الفعل الواقع من الفاعل الأصلي مباحا، فليس منطقيا أن يعاقب عليه شريكه في ارتكابه، وقد جاء في محضر جلسة مجلس شورى النواب في 2 نوفمبر 1903 أنه زيدت هذه المادة في القانون بمعرفة اللجنة حتى يخرج من العقوبة من له التأديب مثلا كالوالد والوالدة والوصي والأستاذ ونحوهم، فإن لهم ذلك الحق بمقتضى الشريعة، وليس لهم قصد جنائى فيما يقع منهم، ولكن النص الذي أورده القانون لا يقتصر على الحقوق التي تقررها الشريعة الإسلامية، فقد أريد به أن يكون عاما شاملاً لكل حق مقرر بمقتضى القانون.
لما كان ذلك - وكان المساس بعرض الطفلة التي لم تبلغ ثماني عشرة سنة ميلادية كاملة وإن كان يشكل جريمة معاقب عليه قانونا ولو بالرضا - إذ لا يعد القانون برضاها في هذه السن - إلا أن الزواج رسميا كان أو عرفيا، حق مقرر بمقتضي الشريعة، ومن ثم فإن الفعل الذي ارتكبه المتهم وهو معاشرة الطفلة المجني عليها معاشرة الأزواج برضاها، استنادا إلى عقد الزواج العرفي الذي شهده شهود تبيح الوطء شرعًا، ويكون فعلا مباحا باعتباره مقررا بمقتضى الشريعة، التي ترخص بارتكاب هذا الفعل في تلك الأحوال بل توجيه، ومن ثم يكون هذا السبب أحد أسباب الإباحة التي تمنع من ثبوت صفة الجريمة لما أتاه المتهم.
والحيثيات تؤكد: قانون الأحوال المدنية بصدد تحديد سن الزواج
ووفقا لـ"المحكمة": ويشكل الركن المادي لجريمة المادة 269/1 عقوبات سواء أكان يعلم بوجودها أم يجهله، وسواء أكان حسن النية وقت ارتكاب الفعل أم سيئها، ولا يقدح في ذلك أن تزويجها عرفيا من غير ولي قد تم وهي دون السن القانوني الذي حدده قانون الأحوال المدنية للزواج فالمخالفة قانون الأحوال المدنية في هذا الصدد لا تأثير له على صحة عقد الزواج العرفي الذي شهده شاهدين كوثيقة تبيح الوطء شرعا، ذلك أن للزواج العرفي كيانه الشرعي والقانوني كاملا، ومن ثم تتولد عنه جميع حقوق الزوجية والتزاماتها ولا يتغير الحكم إذا كانت من الزوجة تقل عن السادسة عشرة، والدليل على أن للزواج العرفي كيانه الشرعي والقانوني، حل الصلة الجنسية بين الزوجين، ولا تعتبر هذه الصلة شرعا وطأ في غير حلال.
أما من الوجهة القانونية فإن هذه الصلة لا توصف بعدم المشروعية وفقا لأي قاعدة قانونية، فمن الناحية الجنائية لا تقوم بها جريمة ما، وبصفة خاصة إذا كانت سن الزوجة تقل عن السادسة عشرة، أو الثامنة عشرة، فلا يسأل زوجها عن جريمة هتك العرض دون قوة أو تهديد وفقا للمادة 269 من قانون العقوبات، وهو ما كان القول به إذا أنكر الشارع الوجود القانوني للزواج العرفي، ومن الناحية المدنية فإنه لا يجوز أن توصف هذه الصلة بأنها فعل ضار، ولا تصلح سندا للمطالبة بتعويض ما وفقا للمادة 163 من القانون المدني الأمر الذي يتعين معه عملا بالمادة 304/1 من قانون الإجراءات الجنائية القضاء براءته مما أسند إليه.
فلهذه الأسباب:
حكمت المحكمة حضوريا ببراءة "ل. ن" مما أسند إليه.