أيام قليلة تفصلنا عن إحتفال الأمة العربية والإسلامية بقدوم عيد الفطر المبارك ومن المتعارف فى مثل هذه الأيام تزايد حركة البيع والشراء، وفى مثل هذه الأيام يلجأ المواطنون عادة أو يفضلون تجربة أو"تذوق" السلع والمنتجات قبل الشراء للتأكد من سلامة المنتج وجودته أو في محاولة لمعرفة هل المنتج مناسب له من عدمه، أو كونه منتهى الصلاحية من عدمه، وغالبًا ما تقع مشادات بين المشترية والبائع الذي يرفض أحيانا تذوق منتجه، لكن الذي لا تعرفه الكثيرات أن قوانين البيع والشراء تتيح تجربة المنتج وتذوق الكعك قبل شرائه.
فقد بدأ العد التنازلي لاستقبال عيد الفطر المبارك 2023م، ولم يتبقَّ سوى ساعاتٍ محدودة، قبل انطلاق احتفالات المسلمين حول العالم بلعيد السعيد، فيما تزداد الطوابير أمام محلات الحلواني والمخابز لشراء "كعك لعيد"، وغيرها من المأكولات في طقس سنوي يحتفي به المصريون بشكل خاص، وكثيرا من السيدات يفضلن شراء "كعك العيد" في أوقات المساء، حيث تكون لديهن الفرصة لتذوق المنتج قبل شرائه.
دوق قبل ما تشترى كعك العيد
في التقرير التالى، يلقى "برلماني" الضوء على إشكالية في غاية الأهمية تتعلق بمدى جواز شراء حلويات وبسكوت العيد بشرط التذوق حيث تزداد خلال هذه الأيام حركة شراء المأكولات وبالأخص شراء "بسكويت العيد"، ومن عادة المصريين في مثل هذه المناسبات تذوق المأكولات قبل شرائها خاصة إذا كان شراء المنتجات بنسب كبيرة أو بمبالغ طائلة لاستغلالها في التجارة، وهنا يكون السؤال هل هناك ضامن أو ما يمنع تذوق المشترى للسلعة أو المنتج قبل شرائها من الناحية القانونية، وهل القانون تناول عملية البيع بشرط التجربة؟ - بحسب الخبير القانوني والمحامي محمد الصادق.
هل يجوز شراء حلويات وبسكوت العيد بشرط التذوق؟
في البداية - من الناحية القانونية البيع بشرط المذاق للمشتري فيه أن يقبل المبيع إن شاء، ولكن عليه أن يعلن هذا القبول في المدة المحددة في الاتفاق أو التي حددها العرف، ولا ينعقد البيع إلا من وقت إعلان القبول به، ويلاحظ أن القانون المدني المصري – القديم – لم يتعرض لهذه المسألة، ولكن تطرق إليها في القانون الجديد في المادة 422 مدني، وهناك خلاف بين فقهاء القانون في هذه المسألة في زمن التقنين السابق، وسبب الخلاف انعدام النص – وفقا لـ"الصادق".
3 أراء فقهية للبيع بشرط التذوق
فذهب فريق منهم:
إلى أن للمشتري حق مذاق الأشياء التي أعتاد الناس تذوقها قبل الشراء، وفقاً للعرف.
وذهب فريق ثان:
إلى أن هذا النوع من البيع اندمج حكمه في أحكام العلم بالمبيع، لأن العلم بالمبيع علماً كافياً قد لا يتحقق إلا بالمذاق.
وذهب ثالث:
إلى أن بيع المذاق مندمج، فيبيع التجربة المنصوص عليه في التقنين السابق.
إلا أن الرأيين الثاني والثالث، لا يمكن الأخذ بهما، لأن عدم العلم بالمبيع لا يمنع من انعقاد البيع أما شرط المذاق فيحول دون انعقاده، ولأن بيع التجربة ينعقد ويكون معلقاً على شرط، وبيع المذاق لا ينعقد قبل تحقق الذوق.
يكون ذلك عادة بأن يشترط المشتري على البائع تذوق الشيء المبيع قبل انعقاد البيع وشرط المذاق قد يكون صريحاً، وقد يكون ضمنياً يعرف من واقع حالهما وحال المبيع، ومن أهم ما يعرف به ذلك طبيعة المبيع، فمن الأشياء ما لا يعرف كنهه معرفة تامة إلا بعد تذوقه، كالزيتون والمكسرات ... ونحوها من المأكولات والمشروبات، التي تختلف فيها أذواق الناس، فإذا بيع شيء من ذلك، ولم يكن هناك ما يدل على أن المتبايعين اتفقا على إغفال شرط المذاق، فلا ينعقد البيع إلا بشرط المذاق وقبول المشتري له – الكلام لـ"الصادق".
ماذا لو كان المشترى تاجرا؟
وقد يؤخذ من حال تابيعهما أنهما يريدان إغفال جانب شرط المذاق، فلو كان المشتري تاجراً، وأراد شراء كمية من المكسرات من النوع الفاخر أو المتوسط، وهو بعيد عن مكان البائع، فعلى البائع أن يوفر له النوعية المطلوبة والتي تعاقدا عليها، وينعقد البيع حينها، لأن الواضح من حالهما أنهما يريدان تلافي هذا الشرط، ولأن المشتري هنا يشتري ليبيع على عملائه، ولا يشتري لذوقه الشخصي.
ويتم تذوق الشيء المبيع في الزمان والمكان اللذين يتفق عليهما المتعاقدان، فإذا لم يكن بينهما اتفاق لا صريح ولا ضمني في ذلك، رجع إلى العرف، فإذا لم يكن هناك عرف يحكم ذلك، يكون المذاق قبل تسلم المشتري للمبيع من البائع، ويكون في مكان التسليم، ويسبق التسليم فوراً، فإذا استلم المشتري المبيع من البائع أعتبر ذلك رضاء من المشتري وقبولاً بالمبيع، فيقع البيع.
ويتولى المشتري تذوق المبيع شخصياً، وقبول المبيع أو رده يرجع لذوق المشتري الشخصي حتى لو كان تاجراً فالعبرة بذوقه الشخصي، وعلى البائع أن يلتزم بتمكين المشتري من تذوق المبيع، ولا بد أن يعلن المشتري قبوله للمبيع بعد تذوقه، وسكوته لا يكفي إذا لم يظهر من وقائع الحال ما يدل على الرضا، فالقبول قد يكون صريحاً وقد يكون ضمنياً، ويعرف الضمني من تسلم المشتري للمبيع، أو من توقيع العقد، أو من تسليم الثمن للبائع، فهذا نحوه دليل على أنه أرتضى المبيع بعد أن تذوقه.
التكييف القانوني للبيع بالمذاق:
البيع بالمذاق ليس بيعاً معلقاً على شرط واقف، ولا على شرط فاسخ، وذلك لأنه ليس بيعاً أصلاً، بل هو مجرد وعد بالبيع، وهذا الوعد صادر من البائع، وقبل المشتري الوعد، ولم يقبل البيع ذاته، إلا بعد تذوق المبيع ورضائه به، وينعقد البيع بذلك، فليس للقبول أثر رجعي، كما له هذا الأثر في بيع التجربة، وإذا قبل المشتري الوعد بالبيع وحوله من وعد إلى بيع قبل المذاق، فإن ملكية المبيع تنتقل إليه قبل زمن المذاق، ويترتب على ذلك أمور:
1- إذا كان دائن البائع قد أوقع حجزاً على المبيع قبل قبول المشتري للبيع، كان الحجز صحيحاً، لأنه وقع على شيء مملوك للبائع، ويجوز الاحتجاج على المشتري بذلك.
2- إذا أفلس البائع قبل قبول المشتري للبيع، فإنه لا يستأثر بالمبيع دون سائر الدائنين.
3- في حالة هلاك الشيء قبل المذاق، يكون هلاكه على البائع.
الفرق بين بيع المذاق وبيع التجربة:
1- أن بيع المذاق يقصد به التحقق من مناسبة المبيع لذوق المشتري، فلا يجوز فيه أن يترك الأمر لتقدير الخبراء، بخلاف بيع التجربة فيقصد به التحقق من صلاحية الشيء في ذاته.
2- أن بيع المذاق يكون قبل تسلم المشتري للمبيع، وأما التجربة فتكون عادة بعد التسليم.
3- أن بيع المذاق لابد فيه من إعلان المشتري قبول المبيع، ولا يكفي السكوت، بخلاف التجربة، فيكفي فيه السكوت ويكون معناه القبول.
4- بيع المذاق قبل زمن التذوق يعتبر وعداً بالبيع، أما التجربة فهو بيع كامل معلق على شرط واقف أو على شرط فاسخ.
5- في حالة إيقاع دائن البائع الحجز على الشيء المبيع، ففي بيع المذاق ينفذ في حق المشتري،أما في التجربة لا ينفذ في حق المشتري.
6- إذا أفلس البائع قبل قبول المشتري للبيع، ففي المذاق لا يستأثر المشتري بالمبيع دون بقية الدائنين، وفي التجربة يستأثر بالمبيع.
7- إذا هلك المبيع قبل قبول المشتري للبيع، ففي المذاق يكون هلاكه على البائع، وفي التجربة يكون هلاكه على البائع إذا كان البيع معلق على شرط واقف، وعلى المشتري إذا كان البيع معلق على شرط فاسخ.