مشكلة تنازع القوانين، وتعدد أساليب فض المنازعات الخاصة ذات الطابع الدولي، تقع في قلب مشاكل القانون الدولي الخاص، الذي مازال يعاني الكثير بسبب غموض بعض أحكامه، وعدم ضبط الكثير من قواعده، وفي تنازع القوانين، التي تعتبر مسألة شائكة ومتكررة الحدوث، وهي عقود التجارة الدولية التي تعد من أدق موضوعات القانون الدولي الخاص، لما يكتنفها من تعدد المناهج، وتضارب الحلول، وعدم استقرارها.
وعقود التجارة الدولية تثير صعوبات قانونية، ليس لها حلول واحدة مستقرة في التشريعات الوطنية، وفي مقدمة هذه الصعوبات تحديد القانون الواجب التطبيق، ولجوء القاضي الوطني الى تطبيق قانون دون الالتفات إلى عدالة النتيجة، وبالنتيجة نصل الى تطبيق قانون أجنبي على الطرفين، وقد يكون هذا الأمر صالحا للعقود الوطنية ولكنه لا يتناسب مع عقود التجارة الدولية.
عن قضايا تسوية المنازعات بين المستثمرين
في التقرير التالى، يلقى "برلماني" الضوء على إشكالية في غاية الأهمية تتمثل في دور هيئات التحكيم في تطوير قواعد التنازع، حيث أن التشريعات الوطنية قد تباينت فيما بينها تبايناً يتعذر معه على أطراف العقد الاطمئنان على مصير عقودهم المتعلقة بالعقد، وازدادت أهمية هذه المسألة بظهور أنماط جديدة من العقود، حيث لم تعد التشريعات الوطنية قادرة على مجاراة نسقها المتزايد بقواعد ونصوص تنظمها، وبالأخص بعد التطور الملحوظ في مجال التبادل التجاري الدولي وازدهار الحياة الاقتصادية، والذي زادت معه اهمية المدن التجارية والصناعية والمناطق الحرة – بحسب أستاذ القانون التجارى والبحرى الدكتوروليد محمد وهبه.
في البداية - كل هذه التطورات أدت إلى اختلاف الأنظمة القانونية الوطنية التي تعنى بتنظيم هذه المسائل، لذا تأتي المنازعات المتعلقة بهذه العقود في غاية الصعوبة من الناحيتين القانونية والفنية، ورغم كل المحاولات التي كانت تهدف الى الحد من مشاكل التجارة الدولية وعقودها المتنوعة، بالاعتماد بصفه أساسية على منهج تنازع القوانين، إلا أن هذا المنهج لم يتم اعتماده بصفه مطلقة للتطور المستمر للنشاط لتجاري، فكان من اللازم البحث عن وسائل جديده تناسب المعطيات الجديدة – وفقا لـ"وهبه".
دور هيئات التحكيم في في تطوير قواعد التنازع
بالإضافة الى أن العالم شهد ثورة علمية، وهي ثورة التكنولوجيا في وسائل النقل والاتصال، وهي الثورة التي مكنت جميع سكان العالم من الاتصال والمعلومات بشكل غير مسبوق، وما رافقه من تقدم علمي في مجال التجارة الالكترونية، وما تبعه من تنمية معلوماتية، وتغيير مفهوم التجارة الكلاسيكية، بعد أن أصبحت عبارة عن منظومة معلوماتية تربط بين البائع والمشتري، وبين المنتج والمستهلك، وعلى هذا الأساس كان لابد من ايجاد البنية القانونية الملائمة لتحرير الرابطة العقدية بين الاطراف المتعاقدة، وذلك لن يأتي إلا عن طريق البحث عن قواعد قانونية تتولى مهمة البت في النزاعات الناشئة داخل هذه البيئة الافتراضية، والبحث في امكانية تطويع القواعد القانونية التقليدية، مع حجم ومعطيات هذه التجارة الجديدة، خصوصاً أمام التحديات المتعددة التي اظهرتها هذا النمط الجديد من التجارة – الكلام لـ"وهبه".
كما أن تطور قواعد تنازع القوانين للعمل في اطار عقود التجارة الدولية، يعد من المواضيع الحديثة والمهمة، ومن متطلبات التجارة الدولية، ولم يقتصر تطور قواعد تنازع القوانين في إطار عقود التجارة الدولية على قضاء الدولة، بل كان لقضاء التحكيم دور فعال في هذا المجال، وأن دور الأخير في تطوير قواعد تنازع القوانين يعد من المواضيع الحديثة والمهمة، ومن متطلبات التجارة الدولية، ترجع مشاكل تطبيق قواعد تنازع القوانين في اطار العلاقات الدولية، الى عدم استجابة قواعد التنازع التقليدية للمتطلبات المعيارية المحددة للمعاملات التجارية الدولية – هكذا يقول أستاذ القانون التجارى والبحرى.
الإسراع فى تعديل قانون التحكيم
وختاما فإننا نرى، بالإسراع فى تعديل قانون التحكيم، والعمل تجنب المشكلات العملية ووضع نصوص لمواجهتها، كما أننا نرى ضرورة تضمين قانون التحكيم الجديد، نصا يقضي بحرية الأطراف في عقود التجارة الدولية، بإختيار القانون الواجب التطبيق، حتى إذا كان منبت الصلة بالعقد، وأن يكون من حقهم اخضاع العقد للقواعد الموضوعية المتمثلة بالأعراف والعادات التجارية الدولية، وتأهيل محكمين ذوي خبرة عالية في مراكز للتحكيم متخصصة والابتعاد عن الدوريات المذيفة ومراكز التحكيم ألواهية ألتى تبعد عن نظر النزاعات العملية.