مع اقتراب موسم الحج الذى بدأ العد التنازلى له تقع العديد من المشكلات داخل المطارات نتيجة عملية التكدس وتأخر مواعيد الطائرات بل يصل الأمر أحيانا إلى إلغاء، ومنع لبعض الأشخاص من السفر والصعود للطائرة بدون سند يُذكر، وذلك بعد إنهاء كافة الإجراءات وحجز تذاكر السفر، وفى أحيان كثيرة يكون السبب وراء تأخر عملية إقلاع الرحلات المخصصة لنقل الحجاج سوء الأحوال الجوية فوق المطارات المتجهة إليها تلك الرحلات، أو لأسباب أخرى.
والإجراءات المتبعة فى مثل هذه الحالات والأزمات فإن الشركات المختصة تتبع حزمة من الإجراءات والإرشادات الفنية المعينة تنصح بها المنظمات العالمية مثل "الإياتا" منظمة شركات الطيران العالمية، و"الأيكاو" منظمة النقل الجوى التابعة للأمم المتحدة، والتى تتضمن عدة شروط وإجراءات منها تسكين الركاب فى فنادق قريبة من المطار إذا ما تأخرت رحلات الطيران.
هل تصدى القانون لأزمة تأخر الطائرات للحفاظ على حقوق المسافر؟
الإشكالية هنا ومع بدء موسم الحج..هل القانون تصدى لأزمة تأخر الطائرات للحفاظ على حقوق المواطنين؟ وما هى الإجراءات التى حددها المشرع لالتزامات شركات النقل بصفة عامة تجاه حجاج بيت الله؟ أو بمعنى أدق هل منع الشخص من الصعود للطائرة دون سند وتأخره عن رحلته يستوجب التعويض؟
وبحسب الخبير القانونى والمحامى أحمد محمد الأسيوطى، فإن المشرع المصرى نظم مسألة سبل وإجراءات التقاضى أمام القضاء المدنى فى حالة إذا ما قام الشخص المسافر بالتعاقد مع أحد شركات النقل سواء الجوى أو البرى أو البحرى لنقله من مكان إلى أخر، وقد يظن المسافر أو يغيب عنه من الناحية القانونية أنه ليست ثمة علاقة تعاقدية بين الناقل والراكب ولكن هذا التصور غير صحيح على الإطلاق إذ بمجرد شراء المسافر التذكرة من إحدى شركات النقل فإنه تنشأ بهذه التذكرة عقد نقل برى أو بحرى أو جوى وهذا العقد كسائر العقود يترب حقوق كما يترتب التزامات على طرفيه.
قانون التجارة استوجب تعويض الناقل للمسافر
ووفقا لـ"الأسيوطى" في تصريح لـ"برلماني": من أهم تلك الالتزامات التى يرتبها ويحددها العقد على شركة النقل أنه يلزمها بنقل المسافر فى موعد معين من ميناء الإقلاع ليصل به إلى ميناء الوصول وخلال هذه الرحلة فإن الناقل يلتزم بالحفاظ على روح المسافر وأمتعته ووصوله فى الموعد المتفق عليه، ونظراً لأن هذا العقد يحتاج إلى تفصيل، فإننا هنا لن نتعرض إلا إلى مشكلة تأخير الناقل وعدم التزامه بنقل المسافر فى الموعد المتفق عليه وقد تعرض لها المشرع المصرى فى المادة "289/1" من قانون التجارة رقم 17 لسنة 1999 حيث نص على أنه: "يسأل الناقل عن الضرر الذى يترتب على التأخير فى وصول الراكب أو الأمتعة أو البضائع".
أما المادة "292/1" من ذات القانون تنص على: "لا يجوز فى حالة نقل الأشخاص أن يجاوز التعويض الذى يحكم به على الناقل الجوى مائة وخمسين ألف جنيه بالنسبة للمسافر إلا إذا اتفق صراحة على تجاوز هذا المبلغ"، وكذلك نصت المادة 293/1 من قانون التجارة رقم 17 لسنة 1999 ينص على أنه : "إذا أقيمت دعوى التعويض على أحد تابعى الناقل أو احد وكلائه جاز له التمسك بتحديد المسئولية المنصوص عليها فى المادة 292 من هذا القانون إذا ثبت أن الفعل الذى أحدث الضرر وقع منه أثناء تأدية وظيفته"- الكلام لـ"الأسيوطى".
واعتبر "التذكرة" عقد اتفاق
غير أن المشكلة تظهر بوضوح عندما يطلب المسافر تعويضه عن الضرر الذى أصابه نتيجة تأخير طائرته أو فقد أمتعته وهنا جعل المقنن المصرى عبء الإثبات على الناقل غير أنه دائما ما يدفع الناقل ويرتكن إلى "اتفاقية مونتريال" ليلقى عبء الإثبات على المسافر غير أن جميع السوابق القضائية ترتكن إلى القانون التجارى المصرى واتفاقية مونتريال حيث أن القضاء المصرى يجعل مجرد التأخير عن الإقلاع يؤدى إلى ضرر الأدبى للمسافر وما على المسافر إلا أن يثبت الضرر المادى الواقع عليه وبهذا فقد جمعت السوابق القضائية بين اتفاقية مونتريال والقانون التجارى المصرى .
ويجب التأكيد على أننا نحتاج إلى تعديل الحد الأقصى للتعويض حيث أن مبلغ التعويض الآن لا يتناسب غالبا مع الضرر الذى قد وقع على المسافر خاصة فى النقل الجوى كما أن الأمتعة التى يتم فقدها غالبا تتجاوز مبلغ التعويض، ولذا نرى أنه على المقنن التدخل للحفاظ على حقوق المسافرين من شركات النقل التى طالما ما يكون عقدها من عقود الإذعان وما على المسافر إلا أن يخضع لشروطها دون اعتراض - هكذا يقول "الأسيوطى".
اللائحة التنفيذية لحماية العملاء
وأوضحت القوانين، أنه في حالة تأخر الرحلة عن الوقت المحدد للإقلاع، فيحق للمسافر مطالبة الناقل الجوي بتوفير مرطبات ومشروبات ابتداء من الساعة الأولى من موعد الإقلاع الأصلي، وتقديم وجبة ملائمة إذا تجاوزت مدة التأخير (3) ثلاث ساعات من الوقت الأصلي المحدد للمغادرة، وكذلك توفير سكن فندقي ومواصلات من وإلى المطار إذا تجاوزت مدة التأخير (6) ست ساعات من الوقت الأصلي المحدد للمغادرة .
الخبير القانونى والمحامى أحمد الأسيوطى
محكمة استئناف القاهرة تؤكد مسئولية الشركة عن إلحاق الضرر بالراكبين
هذا وقد سبق للدائرة 18 تعويضات بمحكمة استئناف القاهرة، برئاسة المستشار خالد أحمد عوض، بإلزام شركة الاتحاد للطيران، بدفع تعويض مادى وأدبى بقيمة 190 ألف جنيه لصالح راكبين، على خلفية ترحيل سفرهما لرحلة أخرى، وذلك عقب حجز الشركة مقاعد زائدة على متن الرحلة الأصلية، ما تسبب فى تأخيرهما عن السفر نحو 8 ساعات وفصلهما من عملهما.
وجاء حكم الاستئناف الصادر لصالح المحامى بالنقض على نبيل الشابط، بتعديل حكم أول درجة الصادر بتعويض كل منهما بمبلغ 60 ألف، إلى زيادة المبلغ لـ 93 ألفا و783 لكل منهما، ورفض استئناف الشركة لإلغاء الحكم الأول.
وقالت المحكمة فى حيثيات حكمها إن المادة 19 من اتفاقية قواعد النقل الجوى الدولى والذى تم التصديق عليه فى 23 أبريل 2005 ونشرت بالجريدة الرسمية آنذاك، تنص على أن الناقل هو المسئول عن الضرر الذى ينشأ عن التأخير فى نقل الركاب أو البضائع بطريق الجو، مشيرة إلى أن نص المادة من اتفاقية فارسوفيا "وارسو" جاء عاما مطلقا فلا محل لتخصصه أو تقيده، وهو بذلك يستوجب الضرر المادى والضرر الأولى على حد سواء.
وجوب تعويض كل من أصيب بضرر
ولفتت المحكمة إلى أن نص المادة لا يتعارض مع القوانين المصرية، إذ إن المتبع فى المسائل المدنية هو وجوب تعويض كل من أصيب بضرر، ويستوى فى ذلك الضرر المادى والضرر الأدبى، مشددة على أنه بموجب المادة 19 تكون شركة "....." للطيران هى المسئولة عن الضرر الذى نشأ عن التأخير فى نقل الركاب بطريق الجو، وأنه لا إعفاء للشركة من المسئولية عن التأخير.
وأشارت المحكمة إلى أن المادة 22 من الاتفاقية تنص على أنه حال الضرر الناتج عن التأخير فى نقل الركاب تكون مسئولية الناقل محددة بمبلغ 4150 وحدة حقوق سحب خاصة عن كل راكب، منوهة إلى أن الثابت من كتاب البنك المركزى أن وحدة السحب الخاصة هى 22.5984 جنيه مصرى مصروفة فى 4150 وفقا للمادة 22، مما يستوجب زيادة قيمة التعويض لكل راكب إلى 93 ألفا و783 جنيها مصريا.