أصدرت الهيئة العامة للمواد المدنية والتجارية ومواد الأحوال الشخصية وغيرها – بمحكمة النقض – حكما يهم ملايين الموظفين والعمال يتصدى لتباين الأحكام وتحسم الخلاف حول اعتبار جرائم الانضمام إلى كيان إرهابى أو تعطيل المواصلات العامة أو الخاصة أو قطع الطريق أو حمل السلاح إضراراً بالأمن القومى للبلاد جرائم مُخلة بالشرف تستوجب فصل العامل من عدمه، وتقرر ترجيح الاتجاه الذى يعتبر تلك الجرائم من الجرائم الماسة بالشرف والأمانة تُفقد العامل شرط حسن السيرة والسمعة الواجب لاستمراره فى عمله .
صدر الحكم في الطعن المقيد برقم 12226 لسنة 92 القضائية "هيئة عامة" – برئاسة المستشار محمد عيد محجوب، وعضوية المستشارين محمود سعيد محمود، وعبد العزيز إبراهيم الطنطاوى، وعاطف عبد الجليل الأعصر، ورفعت أحمد فهمى العزب، وإسماعيل عبد السميع، وحسام قرنى، ومنصور العشرى، وعلى عبد المنعم، ومحمود عطا، وعلى عبد المنعم، وحازم محمود رفقى، وبحضور كل من المحكمى العام الأول لدى محكمة النقض شريف أبو طه، وأمانة سر محمد غازى.
الوقائع.. شركة تقرر فصل عامل من عمله لاتهامه بالإنضمام لكيان إرهابى
الواقعات - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وأوراق الطعن - تتحصل في أن الشركة الطاعنة - وهي إحدى الشركات التابعة للهيئة المصرية العامة للبترول - أنهت علاقة العمل مع المطعون ضده إثر تقييد حريته لما نسب إليه من انضمامه إلى كيان إرهابي محظور وقطعه للطريق وتعطيله للمواصلات العامة، ومن ثم فقده شرط حسن السير والسلوك اللازم لاستمراره في العمل.
العامل يقيم دعوى قضائية لإلغاء قرر انهاء خدمته وصرف أجره كاملا عن مدة حبسه والتعويض
وفى تلك الأثناء - أقام المطعون ضده الدعوى رقم 1246 لسنة 2015 عمال الإسكندرية الابتدائية بطلب إلغاء قرار إنهاء خدمته، وإلزام الطاعنة بصرف أجره كاملا عن مدة حبسه والتعويض، ومحكمة أول درجة ألزمت الطاعنة أن تؤدي إليه أجره الأساسي عن مدة حبسه وتعويضا عن مقابل مهلة الإخطار، ورفضت ما عدا ذلك من طلبات استأنف الطرفان هذا الحكم بالاستئنافين رقمي 3612 و3752 لسنة 73 قضائية الإسكندرية، وبتاريخ 12 سبتمبر 2018 قضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف، ثم طعن المطعون ضده في هذا الحكم أمام محكمة النقض بالطعن رقم 20828 لسنة 88 قضائية.
محكمة أول درجة تلزم الشركة بأن تؤدى للعامل أجره الأساسي عن مدة حبسه وتعويضا عن مقابل مهلة الإخطار..وترفض عودته للعمل
وبتاريخ 21 فبراير 2021 نقضت المحكمة الحكم المطعون فيه فيما قضى به من رفض طلب التعويض عن إنهاء علاقة العمل - واحالت القضية إلى محكمة الاستئناف والتي قضت بتاريخ 22 مارس 2022 بإلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به من رفض طلب التعويض عن إنهاء علاقة العمل والزمت الطاعنة أن تؤدي للمطعون ضده مبلغ 300 ألف جنيه تعويضا ماديًا وأدبيًا.
محكمة ثانى درجة تؤيد حكم أول درجة
وطعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض بالطعن الراهن، وأودعت النيابة مذكرة آرتات فيها رفض الطعن، وبعرض الطعن على الدائرة المختصة قررت إحالته إلى الهيئة العامة للمواد المدنية والتجارية ومواد الأحوال الشخصية، وذلك عملا بنص الفقرة الثانية من المادة الرابعة من قانون السلطة القضائية رقم 46 لسنة 1972 المعدل، وذلك للفصل فيما إذا كانت جرائم الانضمام إلى كيان إرهابي محظور وقطع الطريق وتعطيل المواصلات العامة والخاصة والتحريض على التظاهر خارج النطاق الذي ينظمه القانون تعد من الجرائم المخلة بالشرف تفقد مرتكبها شرط حسن السمعة والسيرة وتمثل إخلالا بالالتزامات الناشئة عن عقد العمل وتفقد الثقة في مرتكبها من عدمه، وإذ حددت الهيئة جلسة الزمت الطاعنة أن تؤدي إليه أجره الأساسي عن مدة حبسه وتعويضا عن مقابل مهلة الإخطار ورفضت ما عدا ذلك من طلبات.
الشركة تطعن على الحكم أمام النقض
استأنف الطرفان هذا الحكم بالاستئنافين رقمي 3612 و3752 لسنة 73 قضائية الإسكندرية، وبتاريخ 12 سبتمبر 2018 قضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف، ثم طعن المطعون ضده في هذا الحكم أمام محكمة النقض بالطعن رقم 20828 لسنة 88 قضائية، وبتاريخ 21 فبراير 2021 نقضت المحكمة الحكم المطعون فيه فيما قضى به من رفض طلب التعويض - عن إنهاء علاقة العمل - واحالت القضية إلى محكمة الاستئناف والتي قضت بتاريخ 22 مارس 2022 بالغاء الحكم المستأنف فيما قضى به من رفض طلب التعويض عن إنهاء علاقة العمل، والزمت الطاعنة أن تؤدي للمطعون ضده مبلغ 300 ألف جنيه تعويضا ماديًا وأدبيًا .
طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض بالطعن الراهن، وأودعت النيابة مذكرة ارتات فيها رفض الطعن، وبعرض الطعن على الدائرة المختصة قررت إحالته إلى الهيئة العامة للمواد المدنية والتجارية ومواد الأحوال الشخصية، وذلك عملا بنص الفقرة الثانية من المادة الرابعة من قانون السلطة القضائية رقم 46 لسنة 1972 المعدل، وذلك للفصل فيما إذا كانت جرائم الانضمام إلى كيان إرهابي محظور وقطع الطريق وتعطيل المواصلات العامة والخاصة والتحريض على التظاهر خارج النطاق الذي ينظمه القانون تعد من الجرائم المخلة بالشرف تفقد مرتكبها شرط حسن السمعة والسيرة وتمثل إخلالا بالالتزامات الناشئة عن عقد العمل وتفقد الثقة فى مرتكبها من عدمه، وإذ حددت الهيئة جلسة لنظر الطعن، وأودعت النيابة مذكرة تكميلية ارتأت فيها عد الاتهام بالجرائم المبينة سلفا ماسة بالشرف والأمانة تبيح إنهاء خدمة العامل بشرط صدور حكم نهائي بالإدانة.
النقض تحيل الواقعة للهيئة العامة للفصل فيها بسبب تباين الأحكام
المحكمة في حيثيات الحكم قالت إن المشرع لم يضع تعريفا محل جامعا مانعا لمفهوم الجريمة المخلة بالشرف والأمانة إلا أنه يمكن تعريفها بأنها تلك الجرائم التي ترجع إلى ضعف في الخلق وانحراف في الطبع وهو ما ينطبق على جريمة استعراض القوة قطع الطريق إطلاق النار والتي تمثل تعطيل أحكام الدستور والقوانين ومنع مؤسسات الدولة والسلطات العامة من ممارسة اعمالها والاعتداء على الحرية الشخصية للمواطنين وغيرها من الحقوق والحريات العامة التي كفلها الدستور والقانون والإضرار بالسلام الاجتماعي.
وبحسب "المحكمة": وحيث أن النص في المادة "110" من قانون العمل الصادر بالقانون رقم 12 لسنة 2003 على أنه: " .... إذا كان عقد العمل غير محدد المدة جاز لكل من طرفيه إنهاؤه بشرط أن يخطر الطرف الآخر كتابة قبل الإنهاء، ولا يجوز لصاحب العمل أن ينهي هذا العقد إلا في حدود ما ورد بالمادة (11) من هذا القانون أو ثبوت عدم كفاءة العامل طبقًا لما تنص عليه اللوائح المعتمدة ..... والنص في المادة (129) من ذات القانون على أن الصاحب العمل أن ينهي عقد العمل ولو كان محدد المدة أو مبرما لإنجاز عمل معين إذا حكم على العامل نهائيا بعقوبة جناية أو بعقوبة مقيدة للحرية في جريمة ماسة بالشرف أو الأمانة أو الآداب العامة، وذلك ما لم تامر المحكمة بوقف تنفيذ العقوبة".
الهيئة العامة للنقض تحسم الخلاف في تباين الأحكام
ووفقا لـ"المحكمة": مؤداه أن لصاحب العمل بحسب الأصل الحق في إنهاء عقد العمل إذا ثبت لديه الدليل على ارتكاب العامل لفعل يعد من قبيل إخلاله بالتزاماته المنصوص عليها في المادة (56) الواردة بالباب الخامس من هذا القانون بشأن واجبات العامل، ومنها ما أوجبه عليه نص الفقرة (ز) من هذه المادة من أن يحافظ على كرامة العمل وأن يسلك المسلك اللائق به"، واستثناة من هذا الأصل العام قيد حقه في الإنهاء حال اتهام العامل بارتكاب جناية أو جنحة مخلة بالشرف أو الأمانة أو الآداب العامة خارج دائرة العمل بوجوب صدور حكم جنائي نهائي بإدانة العامل، باعتبار الحكم هو الدليل على ثبوت الواقعة في حقه، وهو حال يختلف عما إذا كان مجرد الاتهام بارتكاب العامل للفعل المكون للجناية أو الجنحة ينطوي في ذاته على مساس بكرامة العمل والمسلك اللائق به على نحو يفقده لشرط حسن السيرة والسمعة الذي هو شرط ابتداء واستمرار لعلاقة العمل، فحينئذ يكون لصاحب العمل الحق بالخيار فيما بين إنهاء علاقة العمل بإرادته المنفردة أو التربص حتى صدور الحكم النهائي بإدانة العامل.
لما كان ذلك، فإن اتهام العامل بجرائم الانضمام إلى كيان إرهابي محظور أو قطع الطريق أو تعطيل المواصلات العامة أو الخاصة وحمل السلاح إضرارًا بالأمن القومي للبلاد يعد ولا ريب اتهاما بما يمس شرف العامل وأمانته وكرامة عمله، ويفقده بالتبعية لشرط حسن السيرة والسمعة الواجب توافره فيه لاستمراره في عمله، وحينئذ يكون صاحب العمل في إنهائه لخدمة العامل بالخيار فيما بين التربص حتى صدور الحكم النهائي بإدانته أو استعمال حقه في الإنهاء بالإرادة المنفردة، تقديرا منه لفقده شرط حسن السيرة والسمعة ومن ثم افتقاده للثقة فيه، ويخضع في تقديره لذلك وكما هو الحال في جميع حالات الإنهاء بالإرادة المنفردة لرقابة القضاء.
جرائم الانضمام لكيان إرهابى أو تعطيل المواصلات أو قطع الطريق أو حمل السلاح إضراراً بالأمن القومى للبلاد جرائم مُخلة بالشرف
ولما تقدم، فإن الهيئة بالإجماع تقر هذا النظر، مع إعادة الطعن إلى الدائرة الفحيلة للفصل في الموضوع وفقا لما بين سلفا وطبقا لأحكام القانون، لذلك قررت الهيئة العامة للمواد المدنية والتجارية ومواد الأحوال الشخصية وغيرها:
أولا: اعتماد المبدأ الذي يقضي بأن الجرائم المشار إليها بالأسباب من الجرائم التي تفقد مرتكبها شرط حسن السمعة والسيرة وثقة صاحب العمل بما يجيز له إنهاء علاقة العمل بإرادته المنفردة.
ثانيا: إعادة الطعن إلى الدائرة المحيلة للفصل في الموضوع .