لازالت أزمة منطقة "أرض اللواء" تتصدر مشهد الإيجارات وعلى ما يبدو أن الأمر سيستمر – حتى يقضى الله أمرا كان مفعولا – خاصة بعد صدور ألاف الأحكام لصالح المُلاك أو المؤجرين بالطرد، حيث تشهد منطقة "أرض اللواء" وغيرها من المناطق المأهولة بالسكان حالة من الشد والجذب بين الملاك والمستأجرين، وذلك عقب اتجاه ملاك العقارات لرفع دعاوى طرد من قاطنى هذه المنطقة والذين استأجروا وحداتهم قبل العمل بالقانون رقم 4 لسنة 1996 وفى ظل قانون إيجار الأماكن رقم 49 لسنة 1977.
في ظل الأزمة الراهنة التي يعيشها سكان وأهالي منطقة أرض اللواء، وتهديد المئات من الأسر التي تعيش هناك بالطرد من مساكنهم لوجود ثغرة استطاع مالكي الوحدات النفاذ منها لإخراج أصحاب الشيب الأبيض من مساكنهم، فقد استند المُلاك والمؤجرون بمنطقة "أرض اللواء" فى دعاوى الطرد على أن المنطقة لا تخضع لأحكام قوانين إيجار الأماكن وأن العلاقة فيما بين المالك والمستأجر تنظمها أحكام القانون المدني، وذلك لأنها ليست من ضمن المدن ولا تدخل فى الحيز العمرانى للمدن، وبالتالى تخرج من نطاق أحكام القانون رقم 49 لسنة 1977.
طرد سكان "أرض اللواء" عرض مستمر
في التقرير التالى، يلقى "برلماني" الضوء على أزمة "منطقة أرض اللواء" التي بدأت تلقي بظلالها عام 2019 عندما طفت على السطح الدعاوي القضائية المتعلقة بطرد المستأجرين وكانت موضوعها دعوي بفسخ عقد الإيجار بمطنقة أرض اللواء استنادا لرغبة المالك في إنهاء العلاقة الإيجارية بينه وبين المستأجر احتكاما لأحكام القانون المدني، وكانت تلك المشكلة، وكما يقال "كانت في المهد صبيا" أي في بدايتها ولم يكن لها مردود عند الكثير من الملاك، ولكن عند تعرضنا لهذا الأمر شعرنا بوجود فتيل أزمة قد يشد وتحدث الكارثة، مما أثار حفيظتنا وفي هذا التوقيت – بحسب الخلبير القانوني والمحامى بالنقض أحمد عبد القادر.
في البداية - بعد مرور أكثر من 3 سنوات استجد الأمر، ولكن الظاهرة قد تفشت فقد خرجت لتحدث أزمة بين المالك والمستأجر بمنطقة أرض اللواء دعاوي بالمئات مرفوعة علي سكان أرض اللواء للمطالبة بإنهاء العلاقة الايجارية بينهم وبين مالكي الوحدات أستناد إلي أن منطقة أرض اللواء هي قرية ولم يصدر لها قرار من وزير الإسكان بخضوعها لأحكام القانون رقم 49 لسنة 1977 ومن ثم فتكون العلاقة الايجارية خاضعة لأحكام القانون المدني وليس لقانون الايجارات – وفقا لـ"عبد القادر".
ما هي بداية الأزمة؟
الأزمة في نص المادة الأولي من القانون 49 لسنة 1977 والتي قررت بسريان هذا القانون ونقصد هنا "قانون إيجار الأماكن" علي المدن دون القري مع أعطاء الصلاحية للوزير الإسكان في استثناء بعض القري وأخضاعها لهذا القانون، وحيث لم يصدر قرارا خاصا بمنطقة أرض اللواء لخضوعها لأحكام قانون الايجارات الأمر الذي أستند إليه ملاك الوحدات في أقامة دعواهم لطرد السكان استناد لأحكام القانون المدني – الكلام لـ"عبد القادر".
وما هو السند القانوني لمالكي الوحدات في المطالبة بفسخ عقود الايجار؟
يستند كافة مالكي الوحدات السكنية في تلك المنطقة "لبند المدة بعقود الإيجار"، فمعظم عقود الإيجار المحرر لسكان هذه المنطقة قديما كان يدون فيها أن مدة العقد هي "مشاهرة"، ومعني كلمة مشاهرة في القانون المدني هو تجدد العقد بقبول المالك للأجرة الشهرية، فقد نصت المادة 563 من القانون المدني علي أن: "إذا عقد الإيجار دون اتفاق على مدة أو عقد لمدة غير معينة أو تعذر إثبات المدة المدعاة، اعتبر الإيجار منعقدا للفترة المعينة لدفع الأجرة، وينتهي بإنقضاء هذه الفترة بناء على طلب أحد المتعاقدين إذا هو نبه على المتعاقد الآخر بالإخلاء في المواعيد الآتي بيانها"، ومن هنا يبدأ مالكي الوحدات في إقامة الدعوي بتوجيه إنذار رسميا برغبتهم في فسخ العقد وعدم قبول الأجرة ويقيم دعواه بعد ذلك – طبقا لـ"عبد القادر".
وكيف تري تلك الأزمة ؟
الغريب في الأمر هو الجدال الدائر بين الطرفين، ففريق المستأجرين يري أن عقود الإيجار ليست خاضعة لأحكام القانون المدني وهي تخضع لقانون إيجار الأماكن في حين يري فريق المؤجرين أن منطقة أرض اللواء لم يصدر لها قرار بخضوعها لأحكام قانون الإيجارات، ومن ثم فهي خاضعة لأحكام القانون العام وهو القانون المدني، وهذا اللغط الدائر يجب أن يحسم بقرار جازم حاسم كاشف وليس منشيء من السيد وزير الإسكان – هكذا يقول "عبد القادر".
وماذا تقصد بقرار كاشف وليس منشئ ؟
مقصدي هنا أنه بصدور القانون رقم 4 لسنة 1996 قانون إيجار الأماكن، وبصدور قرار لجنة الفتوي والتشريع بمجلس الدولة لا يجوز لوزير الإسكان إصدار قرارات جديدة بخضوع أي منطقة لأحكام قانون سابق علي قانون الإيجارات الجديد 4 لسنة 1996، وبالتالي لا يجوز أو لا يحق إصدار قرار منشئ لمركز قانوني في تلك المسالة بالنسبة لمنطقة أرض اللواء بشأن خضوعها لأحكام القانون رقم 49 لسنة 77 .
أما القرار الكاشف هو القرار الذي يكشف عن واقعة مادية موجودة بالفعل، فإذا كان هناك مانع قانوني علي وزير الإسكان في أصدار قرار يقضي بأن منطقة أرض اللواء خاضعة لأحكام قانون الإيجارات فمن حقه أن تصدر عن وزارة الإسكان مذكرة شارحة أو فتوي ملزمة يقرر فيها أن منطقة أرض اللواء تخضع بالتبعية لقانون الإيجارات لتبعيتها لمنطقة المعتمدية وكرداسة اللتان صدر لهما قرار بخضوعهما لقانون الإيجار رقم 49 لسنة 1977، وهنا ستحل الأزمة لصالح المستأجرين .
من وجهة نظرك هل تخضع منطقة أرض اللواء لقوانين الإيجار وبالأخص القانون رقم 49 لسنة 1977 أم يسري عليها أحكام القانون المدني ؟
بخصوص هذا الأمر مازالت في قناعتي الشخصية وعند رأي وبالدليل أن منطقة أرض اللواء خاضعة لأحكام قوانين الإيجار وليس للقانون المدني والشاهد علي ذلك .
1- لن أحتكم للقرارات أرقام 474 لسنة 1973 ، 176 لسنة 1979 الصادرة لقريتي المعتمدية وكرداسة لأنني سبق وأن أستندت إليهم في مقال سابق وأصبح أمر تلك القرارات معروف للقاصي والداني .
إذن فما هو دليلك لإثبات وجهة نظرك من أن أرض اللواء خاضعة لقانون الإيجارات ؟
الجديد وأياتي في ذلك ما ساتلوه علي سيادتكم والتي ربما لم يسبقني إليه أحد التالى:
1- في أحد الدعاوي القضائية التي كنت فيها عن المستأجر طلبت من المحكمة التصريح لي باستخراج صورة طبق الأصل من كتاب وزير الاسكان بشأن منطقة أرض اللواء، وتحصلت علي صورة رسمية منه، والذي جاء فيه بما لا يدع مجالا للشك أن أرض اللواء خاضعة لأحكام القانون رقم 49 لسنة 1977 حيث جاء فيه: "بدراسة الموضوع بمعرفة كافة الجهات المعنية بالوزارة جهاز التفتيش علي أعمال البناء، الهيئة العامة للتخطيط العمراني، السيد الاستاذ المستشار القانوني للوزير وبالتنسيق مع سكرتير عام محافظة الجيزة فقد أنتهي الرأي إلي:
" سريان أحكام الباب الأول من القانون إيجار رقم 49 لسنة 1977 في شأن تأجير وبيع الاماكن وتنظيم العلاقة بين المالك والمستأجر علي قرية كرداسة والتي كانت تتبعها منطقة أرض اللواء ............. الخ "، وهذا الكتاب ممهور بتوقيع وزير الإسكان أليس هذا دليلا علي خضوع منطقة أرض اللواء لقانون الإيجارات، فهذا قرار كاشف وليس منشئ ولكن لا يعتدد، لذلك طلبت ضرورة إصدار توجيه أو قرار كاشفا ينشر بالجريدة الرسمية بمضون ذات القرار ليعمل به .
2- مخاطبة قد صدرت وفقا لتصريح المحكمة أيضا من حي العجوزة تفيد وبعبارات لا تقبل التئويل أو التشكيك بان منطقة أرض اللواء خاضعة لاحكام القانون رقم 49 لسنة 1977 بناء علي ما انتهت إليه الفتوي الصادرة من مجلس الدولة التي تحمل رقم 93/26/516 .
وما هو الوضع الراهن في المحاكم بخصوص تلك النوعية من الدعاوي ؟
لا يحق لي أن أبدي رأي في أمر متدوال أمام القضاء، فالنزاع المنظور أمام المحكمة فقط المحكمة هي التي تفصل فيه وهي من تقرر وتقضي فيه، ولكن من اطلاعي علي أكثر من حكم وجدتهم صادرين لمصلحة مالكي العقار – بحسب "عبد القادر".
وما هو موقف محكمة النقض في هذا الأمر ؟
في أحدث الأحكام التي قررتها محكمة النقض في الطعن رقم 8518 لسنة 78 قضائية والصادر بجلسة 24/1/2021 أنتهت محكمة النقض في هذا الطعن إلي أن منطقة أرض اللواء لا تخضع لقوانين أيجار الأماكن كونها لم يصدر لها قرار جازما وصريح بتطبيق أحكام القانون رقم 49 لسنة 1977 عليها، ولكن سبق وأن قضت محكمة النقض بحكمها الرقيم 7208 لسنة 87 ق والصادر بجلسة 27/6/2018 بأن القصور في التسبيب وعدم الرد علي مسألة خضوع منطقة أرض اللواء لقانون إيجار الأماكن من المسائل التي تعيب الحكم، وتجعله واقعا في دائرة الطعن عليه، ومن ثم فقد قضت محكمة النقض بإلغاء حكما قد سبق وأن قضي فيه بفسخ العلاقة الإيجارية بين المالك والمستأجر .
وبمناسبة صدور قرار المستشار رئيس محكمة النقض رقم 13 لسنة 2023 بشأن إنشاء سجل خاص بشأن طلبات تعارض الأحكام الباتة نري أنه من الضروري تقديم طلب بشأن مسألة صدور حكامان متعارضين من أمام محكمة النقض بشأن منطقة أرض اللواء استشهادا بالأحكام السابق بيانها علي أن ينظر هذا الطلب بالأوضاع المقررة، وحال ثبوت التعارض سيتم إحالة الأمر للهيئة العامة للمواد المدنية والتجارية لمحكمة النقض للفصل في هذا التعارض لعله يكون في صالح المستأجرين .
يشار إلى أن الموضوع يتضمن عدد من المستندات تتمثل في كتاب وزير الإسكان الذى يقر فيه أن منطقة أرض اللواء تخضع لقانون الإيجارات، وقرار رئيس محكمة النقض بإنشاء سجل خاص بطلبات تعارض الأحكام، و مخاطبة صادرة من حي العجوزة تؤكد أن منطقة أرض اللواء خاضعة لقانون الإيجارات، ونموذج لعقد ايجار من المنطقة لبيان أن مدة العقد مشاهرة، نموذج أخر أن مدة عقد الإيجار - الي ماشاء الله - يعني غير محددة، وكذا أحكام محكمة النقض التي فيها تباين.
الخبير القانونى والمحامى بالنقض أحمد عبد القادر