الطلاق للضرر - أرشيفية
في مجتماعتنا الشرقية والإسلامية تقتضي العادة أن تتحمل الزوجة تجاوزات زوجها، في سبيل استمرار الرابطة الزوجية، والحفاظ على الأسرة، وتبذل الكثير من التضحيات، حتى لا يتعرض أبناؤها للتفكك الأسري، أما الغريب، فهو ما بات يعكسه واقع بعض الأسر، حيث يشهد الزوج تنكيل زوجته له، أو يعيش إهمالها وخذلانها له دون أن يجرؤ على تركها، وهو ما ينتج عنه الطلاق الروحي، أو ما يُطلق عليه بـ"الطلاق العاطفي".
ودائما ما يوجه المجتمع أصابع الاتهام صوب الزوج، بأنه إما يرغب في التعدد، أو لا يراعي نكسات زوجته، الناتجة عن الضغوط، وتحمل الكثير من المسؤوليات – ولكن – في الحقيقة هناك واقع آخر، يقف وراء هذه الظاهرة، التي تؤدى إلى ترديد الأزواج مقولة شهيرة عن الزواج بأنه: "شر لا بد منه"، وذلك بعد نشوب خلافات زوجية بينهما، ليؤكدوا ويجمعوا على وقوعهم بيد سيدات لا يعرفون الرحمة، يدفعونهم للذل والقهر والندم على الإقدام على الزواج، ليجدوا أنفسهم متهمون داخل أقسام الشرطة والمحاكم بعد أن قررت الزوجات الانتقام منهم.
للرجال فقط.. هل يحق للزوج رفع دعوى طلاق للضرر؟
في التقرير لتالى، يلقى "برلماني" الضوء على إشكالية في غاية الأهمية تتمثل في الإجابة على السؤال.. هل يحق للزوج رفع دعوى طلاق للضرر كما هو الحال للزوجة؟ خاصة أن محاكم الأحوال الشخصية تشهد إقامة بعض الزوجات دعاوى ضد أزواجهم مطالبات فيها بطلاقهن للضرر، والحصول على حقوقهن كاملة وعدم إسقاطها المترتبة على عقد النكاح كنفقة العدة والمتعة ومؤخر الصداق، وكذلك الحصول على حضانة الأبناء المترتب عليها النفقات الخاصة بهم، و"أجرة حاضنة" للأمهات، بالإضافة لتوفير مسكن ومواصلات وخادمة ورسوم الدراسة، ولكن حال كان الضرر من قبل الزوجة فما هو الحل للزوج – بحسب الخبير القانوني والمحامى المتخصص في الشأن الأسرى بلال جابر.
شروط الطلاق للضرر في القانون المصري:
في البداية – يجب أن نعلم أنه يحق للزوج رفع دعوى طلاق للضرر، ولكن شكل هذه الدعوى مختلف فلا ترفع الدعوى مباشرة للطلاق للضرر، وإنما لابد من إثبات أن الزوجة هي سبب الطلاق قبل الطلاق من الزوج، حيث أن البعض من الممكن أن يستغرب الموضوع نوعا ما فللزوج حق تطليق نفسه، إلا أن القانون المصرى اشترط وجود ضرر للزوجة لطلب الطلاق، والسؤال فى حالة أن الزوج هو الذي أصابه الضرر فهل يحق للزوج رفع دعوى طلاق للضرر؟ - وفقا لـ"جابر".
والإجابة نعم – ولكن - الخطوات تختلف فالأول يقوم الزوج برفع دعوى الطاعة "إنذار بالطاعة" لإثبات أن الإساءة من عند الزوجة، بعد ذلك إما أن يفوت الميعاد 30 يوما ولا يتم اعتراض على الطاعة، وبالتالى نشوز الزوجة وسقوط حقوقها، أو اعتراض الزوجة وطلب الطلاق للشقاق وهنا يحاول الزوج إثبات أن الشقاق والضرر كان من طرف الزوجة، فإذا ما أثبت للقاضي أن الضرر أصاب الزوج وليس الزوجة، وأنها هي المتسببة فى الخلافات، هنا يحكم القاضي بالطلاق مع حرمان الزوجة من حقوقها – الكلام لـ"جابر".
أسباب رفض دعوى الطلاق للضرر للزوج
أما عن أسباب رفض دعوى الطلاق للضرر للزوج، فالوضع يختلف إذا كان الزوج هو المسيئ أو كان السبب فى المشاكل والضرر، وبناء عليه يتم رفض الدعوى للزوج.
كم تستغرق قضية الطلاق للضرر؟
يختلف الوقت بإختلاف المحكمة، فهناك بعض المحاكم كثافة وعدد القضايا فيها أقل من المناطق الأخرى - وهذا يؤخذ فى الاعتبار - أما متوسط العمر الطبيعى لدعوى الطلاق للضرر من حوالى 3 أشهر إلى حوالي 6 أشهر حسب أسباب الدعوى، وهناك بعض الملاحظات فى حالة مساعدة الزوجة للمحامى يتم انجاز الدعوى سريعا، ومن هذه الملاحظات مثلا:
1. عندما تحال الدعوى للتحقيق تحضر الزوجة الشهود والأفضل أنهم يكونوا من الشهود الذين عاصروا الأحداث.
2. وأيضا عندما يعرض الأمر على الخبيرين تحضر الزوجة أمام الخبيرين لتقر بأقوالها.
3. وكذلك أمام المحكمين والحكمين فحضور الزوجة ينجز وقت الدعوى.
ملحوظة: أنه إذا قامت الزوجة بالحضور فى الجلسات المطلوبة منها سيقل عمر القضية جدا أما إذا تجاهلت الزوجة المحكمة، فإنه وقت الدعوى يطول جدا، ولكن لابد من توضيح بعض النقاط المهمة كالتالى:
الفرق بين الخلع والطلاق للضرر:
• فى الخلع الزوجة لا تحتاج أى إثبات لكى يتم الطلاق.
• أما الطلاق للضرر لابد من إثبات نوع ضرر معين وقع على الزوجة لكى يتم الطلاق.
• فى الخلع لا يتم اسئناف الحكم أما الطلاق للضرر فالمعتاد أنه يتم استئناف حكمه.
• فى الخلع الزوجة لا تحتاج لشهود بعكس الطلاق للضرر يحتاج الشهود أمام المحكمة.
دعوى الطلاق للضرر يختلف نوعها أيضا فهناك:
1. طلاق للتعدى بالضرب.
2. طلاق للهجر.
3. طلاق لعدم الإنفاق.
4. طلاق لسوء العشرة.
5. طلاق لسجن الزوج.
6. طلاق لغياب الزوج.
7. طلاق للزواج بأخرى.
8. التطليق للضرر لتعدد النزاعات الزوجية بين الطرفين.
الجدير بالذكر أن الدائرة "الرابعة" أحوال شخصية – بمحكمة استئناف القاهرة – أصدرت منذ عدة أيام حكما قضائيا نهائيا، بتطليق زوجة طلقة بائنة للضرر، أرست فيه مبدأ قضائيا جديدا بـ"التطليق للضرر لتعدد النزاعات الزوجية بين الطرفين"، وذلك في الاستئناف المقيد برقم 4031 لسنة 5 قضائية.
ملحوظة: تعتبر تلك القضية من أسرع قضايا الطلاق حيث تم طلب التسوية في 27 يوليو 2022، ثم قيد الدعوى 17 أغسطس 2022، ثم تحديد أول جلسة 19 سبتمبر 2022، تلاه حكم أول درجة بتاريخ 23 يناير 2022، وأخيرا حكم الاستئناف 20 أغسطس 2023.
المحكمة في حيثيات الحكم قالت عن موضوع الاستئناف: لما كان من المقرر بأنه يشترط للحكم بالتطليق وفقا للمادة 6 من القانون 25 لسنة 1929 توافر وقوع الضرر من جانب الزوج دون زوجته وأن تصبح والعشرة مستحيله بين أمثالهما، وكان الضرر الموجب للتطليق هو إيذاء الزوج زوجته بالقول أو الفعل، ويدخل في ذلك الاتهام بارتكاب الجرائم وتعدد الخصومات القضائية بينهما، كما أن الأصل أن التبليغ عن الجرائم من الحقوق المباحة للأفراد، وأن استعماله لا يمكن أن يرتب مسئولية طالما صدر معبرا عن الواقع حتى لو كان الانتقام هو ما حفز إلى التبليغ إلا أن إباحة هذا الحق لا يتنافى مع كونه يجعل دوام العشرة مستحيلا، لما له من تأثير في العلاقة بين الزوجين.
