في مثل هذا اليوم 26 يناير عام 1952 شهدت مصر حدثا تاريخيا عرف فيما بعد بحريق القاهرة، والذى كان له أثرا كبيرا في تاريخ مصر المعاصر وكان أحد البذور التي نتج عنها ثورة يوليو 1952.
ففي ظهر السبت الموافق 26 يناير 1952 وبالتحديد في الساعة 12 ظهرا اندلعت شرارة الحريق الأكبر في تاريخ القاهرة وذلك داخل شوارع وسط البلد، والتي استمرت لمدة 12 ساعة متواصلة وظلت تلتهم جدران العمارات والمحلات التجارية الكبرى وقتها ومنها عمر أفندي وبنزيون وغيرها، بالإضافة إلى السينمات والمسارح التي إلتهماتها النيران على مدار 12 ساعة ليصل إجمالي العقارات والمحلات التي دمرتها النيران 700 موقع مختلف النشاط.
وسبق هذا الحادث التاريخي بيوم واحد فقط حادث تاريخي أخر في محافظة الإسماعيلية، والذي عرف بعد ذلك بعيد الشرطة، حيث قام العميد كينيث إكسهام، القائد البريطاني في المنطقة، بتحذيرًا رجال الشرطة المصرية في الإسماعيلية، طالبًا منهم تسليم أسلحتهم ومغادرة منطقة قناة السويس وتسليمها للجنود البريطانيون ولكن كان هناك رفض من أبطال مصر من رجال الشرطة والذين رفضوا الإستسلام والإنصياع لطلبات الضابط، ونتيجة لذلك، قام 7000 جندي بريطاني مجهزون بالرشاشات والدبابات والمدرعات بمحاصرة مبنى حكومي وثكناته التي تضم ما يقرب من 700 ضابط وجندي مصري مسلحون بالبنادق فقط، رفض المصريون تسليم أسلحتهم. أمر القائد البريطاني في وقت لاحق قواته بمهاجمة المباني. والذي كان عددهم كبيرًا، واصل المصريون القتال حتى نفدت الذخيرة. وأسفرت المواجهة التي استمرت ساعتين عن مقتل 50 مصريًا وإصابة 80 أخرين. تم أسر البقية.
وفور علم المصريين بهذا الحادث المأساوي بدأت شررة التظاهرات من عمال مطار ألماظة الذين رفضوا إجراء أي تعاون مع الطيران البريطاني ورفضوا تقديم الخدمات ل4 طائرات بريطانية كانت في طريقها للإقلاع وخرج العمال في الشوارع للتنديد بهذا الحادث وانضم إليهم حشود من طلاب الجامعات والأزهر الشريف حتى توجهوا إلى مقر الحكومة وذلك للبمطالبة برد فعل قوي ضد هذا الحادث ولكن وزير الشؤون الاجتماعية آنذاك عبدج الفتاح حسن -الذي كان ضمن الحكومة المشكلة من حزب الوفد- استقبلهم لمعرفة طلباتهم والتي كان ملخصها بضرورة الرد على المجزرة التي حدثت ضد رجال الشرطة المصريين في الإسماعيلية وضرورة قطع العلاقات مع المملكة المتحدة ردا على هذا الجرم، وكان رد الوزير أن هذه الطلبات تم عرضها على المللك فاروق والذي قابل ذلك المطلب بالرفض، فتوجه حشود المتظاهرين نحو قصر عابدين لتوجيه تلك المطالب للملك، وخلال تبلك المسيرات الحاشدة اششتعلت النيران في ساحة الأوبرا وبدأت النيران تلتهم ماحاولها حتى وصلت إلى أرجاء القاهرة جميعها.
وكان لهذا الحادث تأثير كبير للتعجيل بثورة يوليو 52 وتسريع وتيرة عمل الضباط الأحرار للإطاحة بالملك فاروق وهو ما أكد عليه الرئيس جمال عبد الناصر في حفل افتتاح مجلس الأمة سنة 1960 م فقال: «لقد كان حريق القاهرة أول بادرة للثورة الاجتماعية على الأوضاع الفاسدة، وحريق القاهرة هو تعبير شعبي عن سخط الشعب المصري على ما كانت ترزح فيه مصر من إقطاع واحتكار واستبداد رأس المال.