حادث مقتل الشاب أحمد مفتاح، ابن محافظة الفيوم، على يد مطرب المهرجانات عصام صاصا بسبب الرعونة والسرعة الجنونية لا يزال يسيطر على أذهان الشعب المصرى، خاصة بعد قرار النائب العام، بضبط واحضار "صاصا" بعد أن أثبت تقرير مصلحة الطب الشرعي التابعة لوزارة العدل، الوارد للنيابة العامة، اليوم السبت، بشأن تحليل عينة من دماء عصام صاصا، مطرب المهرجانات، تعاطيه للمواد المخد رة أثناء قيادته سيارته أعلى الطريق الدائري بالطالبية في الجيزة، الثلاثاء الماضي، ما أسفر عن دهسه "سائق" ومصرعه.
ومن المقرر بعد القبض على مطرب المهرجانات عصام صاصا، إحالته للمحاكمة الجنائية العاجلة، لاتهامه بتعاطى جوهر مخدر وتسببه خطأً فى موت شخص؛ نتيجة إهماله ورعونته وعدم احترازه وعدم مراعاته للقوانين واللوائح والأنظمة بتجاوزه السرعة المقررة قانونًا حالَ قيادته سيارته أعلى الطريق الدائري بالطالبية في الجيزة، تحتَ تأثير مادة مُخدّرة وأخرى مُسكرة، وما ارتبط بالواقعة من جُنحٍ أخرى، وذلك بعد تقرير المعمل الكيماوي بمصلحة الطب الشرعي الذى أثبت أن فحص العينات المأخوذة من المتهم أسفر عن احتوائها على جوهرٍ مُخدِّر، وذلك في الوقت الذى يؤكد فيه دفاع عصام صاصا أنه كان يسير على سرعة 70، وأن المجنى عليه كان يعبر نهر الطريق بالمخالفة لقانون المرور.
المتهم
لماذا نقف مكتوفة الأيدى أمام المادة 338 من قانون العقوبات؟
الواقعة التي خلعت قلوب المصريين جعلت خبراء القانون يوجهون لوماَ شديداَ لوقوف الجهة التشريعية مكتوفة الأيدي حتى تلك اللحظة أمام تعديل المادة 238 من قانون العقوبات لاسيما فقرتيها الأولى والثانية بأن تكون عقوبة الحبس "وجوبية" وليست "جوازية"، باعتبار أن مثل هذا الحادث لن يكون الأخير وقد يطال أبناء وأهلية كل المصريين في أي لحظة، طالما أن القانون مازال قاصرا لا يستطيع مواجهة هذا النوع من الجرائم بحزم شديد وعلى مستوى لائق فينتهي الأمر بـ"جنحة قتل خطأ" + "حبس سنه" للمتهم، ثم محاولات تصالح مع أهل المجني عليهم يضطرون بعدها للموافقة إما بسبب الضغط أو بسبب اليأس أو بسبب أن المحكمة ستستمر 4 أو 5 سنوات تنظر دعوى التعويض ثم تمنح الأسرة 150 الف جنيه تعويض، ولا يستطيع صاحب الحق – أهلية المجنى عليهم – صرف المبالغ إلا بعد مرور 10 سنوات.
من جانبه – يقول الخبيرالقانونى والمحامى بالنقض محمد رشوان – لا يمكن انكار أن جهات التحقيق وعلى رأسها النيابة العامة تسعى جاهدة لإدانة المتهم في مثل تلك القضايا من خلال التحليل لقائدي السيارات لإثبات أنه كان يتعاطى المخدرات أو كان سكرانا وقت ارتكاب الحادث، وذلك من أجل تقديمه لمحاكمة جنائية عاجلة عادلة أو يتم تقديم المتهم في محضر منسوخ بالتعاطي بسبب نتيجة التحليل، ثم يحصل المتهم على البراءة، ومعظم الفقهاء والدستوريين يعلمون الأمر جيدا بسبب أمور قانونية باحتة وإجرائية معروفة، وكل الذى تسعى إليه النيابة العامة هو الوقوف إلى جانب الأهل المكلومين ومساعدتهم، ولكن يجب أن تكون هناك حزمة من التشريعات والإجراءات الوقائية لحماية الناس من فقدان ذويهم.
المجنى عليه
المشرع يجب أن ينظر للجريمة قبل وقوعها وليس بعدها
وبحسب "رشوان" في تصريح لـ"برلماني" – لوقف نزيف الدم على الأسفلت لابد من تعديل تشريعي سريع وحسام وفوري، وندعو أعضاء مجلس النواب بالتصدي الفوري من خلال تشريع يمنح نيابة المرور بإصدار قرار فوري بسحب الرخصة فورا من سائق اي مركبة متعاطي للمخدرات أو ثبت بالتحليل الفوري العشوائي ذلك، وهذا القرار يكون لمدة محددة تراها النيابة المختصة مثلا 6 شهور أو سنه، ويطبق فوراَ ولا يرفع إلا بتقرير من لجنة طبية بعدم وجود آثار المخدر أو المسكر في الدم، وإلا فيجدد القرار، وفى المرة الثالثة منع نهائي من القيادة، ومن حق الصادر بشأنه القرار يتظلم منه أمام قاضى الأمور المستعجلة خلال 10 أيام من القرار إذا رأى في ذلك ظلم له.
ووفقا لـ"رشوان": َلكن في حالة قيادة السيارة أو المركبة بالرغم في صدور أمر المنع تكون العقوبة الحبس سنه مع النفاذ أو الغرامة بحد أدنى 100 ألف جنيه مع التشدد في حالة العود وهذا بخلاف اي عقوبة مقرره أخرى، ليكون الأساس التشريعي هو جريمة تعريض حياة المواطنين للخطر على الرغم من منع القيادة لمدة معينة، وهذا هو انسب حل في رأيي المتواضع للحد من هذه المهزلة المتكررة، وذلك من أجل منع وقوع الكوارث قبل وليس بعد ارتكابها، ومن المقرر أن نص المادة 238: "من تسبب خطأ في موت شخص آخر بأن كان ذلك ناشئاً عن إهماله أو رعونته أو عدم احترازه أو عدم مراعاته للقوانين والقرارات واللوائح والأنظمة يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن 6 أشهر وبغرامة لا تجاوز 200 جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين.
الخبير القانونى محمد رشوان
العقوبات المقررة وفقا لنص المادة 238 عقوبات
وتكون العقوبة الحبس مدة لا تقل عن سنة ولا تزيد على 5 سنين وغرامة لا تقل عن مائة جنيه ولا تجاوز 500 جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين إذا وقعت الجريمة نتيجة إخلال الجاني إخلالاً جسيماً بما تفرضه عليه أصول وظيفته أو مهنته أو حرفته أو كان متعاطياً مسكراً أو مخدراً عند ارتكابه الخطأ الذي نجم عنه الحادث أو نكل وقت الحادث عن مساعدة من وقعت عليه الجريمة أو عن طلب المساعدة له مع تمكنه من ذلك، وتكون العقوبة الحبس مدة لا تقل عن سنة ولا تزيد على سبع سنين إذا نشأ عن الفعل وفاة أكثر من ثلاثة أشخاص، فإذا توافر ظرف آخر من الظروف الواردة في الفقرة السابقة كانت العقوبة الحبس مدة لا تقل عن سنة ولا تزيد على عشر سنين"، ومن المعلوم أن الفقرتين الثانية والثالثة متوافرين والفقرة الأخيرة بتشدد العقوبة الى 10 سنوات "مسكر ومقتل أكثر من 3".
ثغرة في المادة 238 عقوبات بأن الحبس جوازيا وليس وجوبيا
في سياق أخر – طالب الخبير القانوني والمحامى عمر عبد السلام، بتعديل المادة 238 من قانون العقوبات لاسيما فقرتيها الأولى والثانية بأن تكون عقوبة الحبس "وجوبية" وليست "جوازية"، حيث أن عقوبة الحبس فقط "وجوبية" فى الفقرة الثالثة من هذه المادة حال إذا ترتب عن الفعل الخاطئ وفاة أكثر من 3 أشخاص، والسبيل الوحيد للحد من حوادث السيارات هو تعديلا شاملا للمادة 238 من قانون العقوبات، حيث أن المادة غير مناسبة فى ظل متغيرات طرأت على التركيبة المجتمعية من انتشار المخدرات والمسكرات جعلت من قائدى المركبات أشبه بالمغيبين غير عابئين بأرواح الناس، وقد ساعدهم على ذلك مادة مرنة بالية تركت السلطة التقديرية للمحكمة مصدرة الحكم "فقد خيرت المادة المحكمة بين الحكم بالحبس والغرامة أو أيهما".
ويضيف "عبد السلام" في تصريحات خاصة لـ"برلماني" - الغريب أن الفقرة الأخيرة من ذات المادة تضمنت فقرة من الممكن أن ترقى بها إلى مراتب عدم الدستورية بأن اشترطت هذه الفقرة لوجوب الحبس أن ينشأ عن الفعل الخاطئ وفاة أكثر من 3 أشخاص وهو تمييزا – فيه نظر - لم يساوى بين الأرواح التي أزهقت بأن تكون الأفضلية فى تطبيق عقوبة الحبس وجوبيا أن يكون هناك قتلى أو موتى لأكثر من 3 أشخاص، والأمر منتقد جدا فقد يكون وفاة شخص واحد أشد وطأة من مقتل أكثر من شخص فقط يكون شخصا واحد هو العائل الوحيد لأسرته فموته يعنى فقدان الأسرة لعائلها وتشردها".
مقترحات بالعقوبات.. تعرف عليها
وأشار الخبير القانوني: إلى أنه يكفى أننا نستشهد بالمشرع الأول والأعظم – المولى عز وجل - فى سورة المائدة قوله تعالى: "ومن قتل نفس بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعا"، سبحانه وله المثل الأعلى لم يجعل الأفضلية لعدد القتلى بل تساوى الأمر لديه النفس الواحدة مع غيرها بل زيادة فى تعظيم الأمر قرر أن هذه الجريمة تتساوى عنده بقتل الناس جميعا، وانطلاقا من مقولة "من أمن العقاب أساء الأدب" تلك هي المعضلة في جرائم قتل ترتكب بشكل دوري بفعل تهور واستهانة بأرواح ابرياء حتى أنه لا تمر ساعة إلا وتطالعنا الاخبار والمواقع عن حوادث بشعة ترتكب في الطرق والنتيجة إزهاق أرواح أبرياء.
ويضيف "عبد السلام": أن سكوتنا جميعا عن تعديل هذه المادة هو ما يجعل منا شركاء أصليين في الجريمة وفقدان العقوبة لأهم ميزة وفشلها في تحقيق الردع العام والخاص واخفاق المشرع في وظيفته المتمثلة في تنظيم سلوك الأفراد داخل المجتمع، وأرى أن السبيل الوحيد للحد من ارتكاب هذه الجريمة هو تعديلا شاملا للمادة 238 من قانون العقوبات يكون قوامه الأساسي، وجوبية عقوبة الحبس في كل الأحوال من مدة لا تقل عن سنتين ولا تزيد عن 10 سنوات بغض النظر عن عدد الوفيات التي نجمت عن ارتكاب الجريمة، وبغض النظر عن صور أو أسباب ارتكاب الفعل الخاطئ العبرة فى ثبوت فعل الخطأ وهو أمرا بات يسيرا بفضل انتشار كاميرات المراقبة فى جميع الطرق وهو ما يسهل من مهمة إثبات التهمة على مرتكبها، ولا يصح التعلل بأنها جريمة غير عمدية العبرة.
سيناريوهات عقوبة عصام صاصا
ونص قانون المرور على العقوبة الناتجة عن قيادة السيارة تحت تأثير المخدر، إذ جاء في المادة "76" من القانون: "يعاقب كل من قاد مركبة وهو تحت تأثير مخـدر أو مســكر أو السير عكس الاتجاه في الطريق العام داخل المدن أو خارجها بالحبـس مدة لا تقل عن سنة"، وحال إصابة شخص أو أكثر، وفق قانون المرور: "يعاقب المتهم بالحبس مدة لا تقل عن سنتين، وغرامة لا تقل عن 10 آلاف جنيه"، وفي الحوادث المماثلة لحادث عصام صاصا، فقد نص قانون المرور: "حال ترتب على الحادث وفاة شخص أو أكثر أو إصابته بعجز كلى يعاقب بالحبـس مدة لا تقل عن 3 سنوات، ولا تزيد على 7 سنوات وغرامة لا تقل عن 20 ألف جنيه، وتلغى رخصة القيادة عدم جواز منح رخصة جديدة، إلا بعد مرور مدة مساوية لمدة الحبـس المقضى بها عليه".
يشار إلى أنه عقب ورود تقرير مصلحة الطب الشرعي بشأن إيجابية تعاطي مطرب المهرجانات عصام صاصا للمواد المخدرة أثناء قيادته لسيارته، خلال حادث دهس المجني عليه وقتله عن طريق الخطأ، فقد أصدرت جهات التحقيق المختصة بالجيزة قرارًا بضبطه وإحضار، ويستعرض اليوم السابع في السطور التالية حقيقة محاكمته أمام محكمة الجنايات.
قال أدهم سلام المحامي، إن المطرب عصام صاصا نجم المهرجانات قام بدهس شخص أعلى الطريق الدائري وقررت النيابة العامة بإرسال المتهم رفقة الحراسة اللازمة إلى مصلحة الطب الشرعي لبيان ما إذا كان متعاطي لثمة مواد مخدرة او كحولية، وجاءت نتيجة الطب الشرعي قسم المعمل الكيماوي بأنه متعاطي للمواد المخدرة، فأصبح الآن يواجه تهمتين الأولى هي القتل الخطأ مصحوب بظرف مشدد هو قيادته السيارة الخاصة به تحت تأثير مخدر وهو المعاقب عليه وفق لنص المادة 238 من قانون العقوبات والتي تصل عقوبة الحبس فيها إلى خمس سنوات.
وبحسب "سلام" في تصريحات صحفية: أما عن التهمة الثانية فهي تهمة التعاطي والمعاقب عليها وفقا لنص المادة 37 من قانون مكافحة المخدرات، فيكون الاختصاص هنا لمحكمة الجنايات باعتبار أن جريمة التعاطي هي جناية، وهي الجريمة ذات العقوبه الأشد، أما بالنسبة للجريمه القتل الخطأ فيجوز فيها الصلح عملا بنص المادة 18 مكررا أمن قانون الإجراءات الجنائية.
وكان قد غادر مطرب المهرجانات عصام صاصا قسم شرطة الطالبية، عقب انتهائه من إجراءات إخلاء سبيله وسداد 30 ألف جنيه الكفالة المالية التي قدرتها النيابة العامة، وذلك عقب وصوله من مصلحة الطب الشرعى، لإجراء تحليل المخدرات وبيان تعاطيه مواد مخدرة أو مسكرة وقت وقوع الحادث، الذي تسبب في قتل أربعينى عن طريق الخطأ.
وأصدرت نيابة العمرانية 9 قرارات وكلفت الاجهزة الأمنية بتنفيذها وتضمنت:
أولًا: يصرف المدعو جمال مفتاح أحمد محروس من سراى النيابة.
ثانيا: يرسل المتهم عصام صاصا إلى مصلحة الطب الشرعى لأخذ عينة بول ودم لبيان عما إذا كان متعاطى لأى مواد مخدرة أو مسكرة من عدمه وإعداد تقرير مفصل يعرض علينا فور الانتهاء منه.
ثالثا: عقب تنفيذ البند ثانيًا يخلى سبيل المتهم عصام طه طلعت مهنى إذا سدد ضمانا ماليًا مبلغ وقدرة ثلاثون ألف جنيهًا ماليًا وفى حالة العجز عن السداد يعرض علينا صباح باكر للنظر، فى أمر حبس المتهم.
رابعا: يكلف مفتش الصحة بتوقيع الكشف الطبى الظاهرى على المجنى عليه أحمد مفتاح أحمد محروس، وكذا بيان ما به من إصابات وسببها وكيفية حدوثها، وعما إذا كانت هى المتسببة فى الوفاة من عدمه، وكذا بيان عما إذا كان يوجد شبهة جنائية فى الوفاة من عدمه.
خامسًا: عقب تنفيذ البند رابعًا وفى حالة عدم وجود شبهة جنائية فى الوفاة يصرح بدفن جثمان المتوفى أحمد مفتاح أحمد محروس ولأسرته خالص العزاء من النيابة العامة.
سادسًا: ترفق رخصتى القيادة والتسيير الخاصين بالمتهم عصام طه بأوراق القضية.
سابعًا: يكلف أحد المهندسين الفنيين بإدارة المرور بفحص حالة السلامة والمتانة للسيارة المضبوطة والرقيمة " س ى ر 1438 وكذا فحص سلامة المكابح وآلة التنبيه مع إعداد تقرير مفصل يعرض علينا فى حينه.
ثامنًا: يوالى التحفظ على السيارة المضبوطة لحين صدور قرار آخر بشأنها.
تاسعا: ينتدب أحد الضباط بمعاينة مكان ارتكاب الواقعة لبيان عما إذا كانت هناك ثمة كاميرات بمحيط الحادث من عدمه وفى الحالة الأولى تفريع محتوى تلك الكاميرات فى ساعة وتاريخ حدوث الواقعة.