يلجأ البعض إلى العمل في أكثر من وظيفة في وقت واحد من أجل تحقيق دخل إضافي، لكن ذلك قد يكون له أضراره خاصة على مستوى التقدم في الحياة المهنية لهؤلاء العاملين، فالأشخاص الذين يعملون بشكل زائد عن الطبيعي عن طريق عدد من الوظائف أو الأعمال قد يكون من الصعب عليهم أن يزدهروا ويتقدموا في أي وظيفة من الأعمال التي يقومون بها، ولكن بعيدا عن إمكانية ذلك من عدمه من الناحية الجسدية والجهد، فما هو موقف القانون من عمل العامل في أكثر من شركة أو مكان.
في ظل الظروف الاقتصادية الراهنة يلجأ معظم الناس للعمل في عملين أو أكثر، وذلك في لتحقيق دخل إضافي يساعد الأسرة على متاعب الحياة واحتياجاتهم، حيث تعتبر الأجور ومختلف التعويضات الملحقة بها من أهم الحقوق الأساسية، كما أنها من التزامات صاحب العمل تجاه العامل، ويرجع الأهتمام بالأجور لكونها تكتسب طبيعة مزدوجة، فلها وجه إنسانى، ووجه اقتصادى فهو يمس من جهة حياة الكادحين ماديا ومعنويا، ومن جهة أخرى يمس العلاقات الإنسانية والأإجتماعية بين العامل ورب العمل، مما يجعله من أعقد المشاكل ومبعث الكثير من النزاعات العمالية.
لملايين العمال والموظفين.. هل يجوز للعامل العمل لأكثر من شركة؟
في التقرير التالى، يلقى "برلماني" الضوء على إشكالية الإجابة على السؤال.. هل يجوز للعامل العمل لأكثر من شركة؟ وهل للشركة فصل العامل لو عمل لشركة أخرى؟ وذلك في الوقت الذى تظهر فيه أبحاث واستبيانات حديثة إقبالا كثيفا على تعدد الوظائف، بسبب غلاء الأسعار في كل أنحاء العالم، فلم تعد وظيفة واحدة تكفي لتغطية تكاليف المعيشة المتزايدة باستمرار، ومن شأن ذلك أن يعرّض العاملين لضغوط نفسية ومهنية واجتماعية، ويثير قلق أصحاب العمل – بحسب الخبير القانوني المتخصص في الشأن العمالى والمحامى بالنقض مصطفى زكى.
في البداية – الواقع والحقيقة يؤكدان أن تعدد الوظائف قد يُفقد العامل إحساسه بالانتماء إلى مكان عمل واحد، مما قد يؤثر على إنتاجيته وجودة عمله، علاوة على انعكاسات ذلك على حياته الاجتماعية، حيث أن العديد من الأابحاث والاستطلاعات تؤكد أن 64% من المستطلعين إنهم مرهقون فعلا، فالكثير منهم أكدوا أنهم لا يفضلون العمل في وظيفة ثانية لكن لم يعد لديهم خيار آخر، نتيجة الطروف الحياتية والمعيشية الصعبة، حيث أن نتيجة للظروف الاقتصادية معظم الناس تعمل في عملين أو أكثر، وتنص المادة 57 من قانون العمل 12 لسنة 2003: يحظر علي العامل أن يقوم بنفسه أو بواسطة غيره بالأعمال الآتية – وفقا لـ"زكى":
1-الاحتفاظ لنفسه أو لغيره بأصل أية ورقة أو مستند خاص بالعمل.
2- العمل للغير سواء بأجر أو بدون أجر إذا كان في قيامه بهذا العمل ما يخل بحسن أدائه لعمله أو لا يتفق مع كرامة العمل أو يمكن الغير أو يساعده علي التعرف علي أسرار المنشأة أو منافسة صاحب العمل.
3- ممارسة نشاط مماثل للنشاط الذي يمارسه صاحب العمل أثناء مدة سريان عقده ، أو الاشتراك في النشاط من هذا القبيل، سواء بصفته شريكاً أو عاملاً .
4- الاقتراض من عملاء صاحب العمل أو ممن يمارسون نشاطاً مماثلاً للنشاط الذي يمارسه صاحب العمل ولا يسري هذا الحظر علي الإقتراض من المصارف.
5- قبول هدايا أو مكافآت أو عمولات أو مبالغ أو أشياء أخري بأية صفة كانت بمناسبة قيامه بواجباته بغير رضاء صاحب العمل.
6- جمع نقود أو تبرعات أو توزيع منشورات أو جمع توقيعات أو تنظيم اجتماعات داخل مكان العمل بدون موافقة صاحب العمل، مع مراعاة ما تقضي به أحكام القوانين المنظمة للنقابات العمالية.
فالحظرهنا بشروط محددة – الكلام لـ"زكى" بالتالى:
1- ألا يكون في قيامه بهذا العمل ما يخل بحسن أدائه لعمله.
2- ألا يتفق مع كرامة العمل.
3- ألا يمكن الغير أو يساعده في التعرف على أسرار المنشأة أو منافسة صاحب العمل.
رأى محكمة النقض في الأزمة
هذا وقد سبق لمحكمة النقض التصدي لمثل تلك الإشكالية في الطعن المقيد برقم 11375 لسنة 88 القضائية، والذى جاء في حيثياته: وحيث إن الطعن أقيم على خمسة أسباب تنعى الطاعنة بالسبب الأول منها على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب، وفي بيان ذلك تقول إنها تمسكت في دعواها الفرعية بطلب فصل المطعون ضده من العمل لديها على أساس ثبوت عمله لدى شركة نسيج أخرى بالإضافة إلى عمله لديها بالمخالفة للبند السابع من عقد عمله المؤرخ 1/ 4/ 2012 الذي يحظر عليه مباشرة أي عمل آخر أثناء سريان هذا العقد، وساندت هذا الدفاع بشهادة صادرة عن التأمينات الاجتماعية تثبت أنه مؤمن عليه لدى جهة العمل الأخرى، وإذ أعرض الحكم المطعون فيه عن بحث هذا الدفاع، واعتبر طلبها بفصله مؤسس على سبب الغياب بدون إذن، ورتب على ذلك قضاءه برفض دعواها الفرعية تأسيسا على إنها لم تقدم إنذاره بالفصل بسبب هذا الغياب، فإنه يكون معيبا بما يستوجب نقضه.
وقالت المحكمة في حيثيات حكمها: وحيث إن هذا النعي غير مقبول، ذلك أن مفاد المادة 676 من القانون المدني، والمادة 57 من قانون العمل الصادر بالقانون رقم 12 لسنة 2003 أنه لا يشترط لصحة عقد العمل أن يرتبط العامل بصاحب عمل واحد يستأثر بكل نشاطه وأن يعتمد اعتمادا كليا في معيشته على ما يقبضه من أجر منه، بل يجوز للعامل أن يعمل لحساب عدد من أصحاب الأعمال ويتقاضى من كل منهم أجرا شريطة ألا يكون في قيامه بهذا العمل ما يخل بحسن أدائه لعمله أو لا يتفق مع كرامة العمل أو يمكن الغير أو يساعده في التعرف على أسرار المنشأة أو منافسة صاحب العمل.
يجوز للعامل أن يعمل لحساب عدد من أصحاب الأعمال
لما كان ذلك، وكان الثابت من المستندات المقدمة من الطاعنة برفقة هذا الطعن ومنها صورة وجه حافظة مستندات مقدمة من الطاعنة أمام محكمة الموضوع تضمنت ما يفيد أن الطاعنة تقدمت بتاريخ 2/ 5/ 2012 للهيئة القومية للتأمين الاجتماعي بطلب التأمين على المطعون ضده كعامل لديها، إلا أنها لم تتمكن من ذلك بسبب التأمين عليه كعامل لدى شركة نسيج أخرى هي شركة "......."، ورغم تحقق العلم للطاعنة بهذه الواقعة في 2/ 5/ 2012 بعد تعاقدها مع المطعون ضده للعمل لديها بموجب عقد العمل المؤرخ 1/ 4/ 2012 إلا إنها لم تتخذ ضده إجراءات الفصل بسبب هذه الواقعة، وإنما سمحت له بالاستمرار في العمل لديها.
بما ينبئ بأن الطاعنة لم ترى في التحاق المطعون ضده بعمل آخر ما يخل بحسن أدائه لعمله لديها أو أن ذلك مما يلحق بها الضرر، وهو ما يعتبر تنازل منها على شرط عدم جواز التحاق المطعون ضده بعمل آخر، ومن ثم فلا يحق لها أن تعود وتطالب بفصله لهذا السبب لانتفاء مبررات الفصل لهذا السبب، وتضحى دعواها الفرعية بطلب فصله استنادا إلى هذا السبب فاقدة لسندها القانوني، وإذ انتهى الحكم المطعون فيه إلى هذه النتيجة الصحيحة فلا يعيبه عدم الرد على هذا الدفاع، إذ بحسب المحكمة أن يكون حكمها صحيح النتيجة قانونا ولمحكمة النقض أن تستكمل أسبابه القانونية بما ترى استكمالها إذا ما شابها خطأ أو قصور، ويضحى النعي على الحكم المطعون فيه بهذا السبب غير مقبول.
المبدأ الثاني: أن الغياب أو الاستقالة إذا كانت بسبب العمل اعد ذلك فصل تعسفي
مفاد نص الفقرة الرابعة من المادة 69 من قانون العمل الصادر بالقانون رقم 12 لسنة 2003 أنه يشترط لاعتبار انقطاع العامل عن عمله أكثر من عشرة أيام متصلة أو عشرين يوما متقطعة خلال السنة الواحدة في حكم الاستقالة، أن يكون الانقطاع عن العمل بدون عذر مقبول، وأن يكون صاحب العمل قد أنذر العامل بإنذار كتابي بخطاب موصى عليه بعلم الوصول بعد مضي خمسة أيام في حالة الغياب المتصل، وعشرة أيام في حالة الغياب المتقطع، فإذا كان الانقطاع عن العمل بسبب خطأ صاحب العمل نفسه اعتبر ذلك فصلا تعسفيا ولو لم يصدر هذا الفصل من صاحب العمل ويستحق العامل تعويضا عنه.
وفقا للفقرة الأولى من المادة 696 من القانون المدني شريطة ألا يقل عن التعويض المنصوص عليه بالمادة 122 من قانون العمل المشار إليه آنفا فضلا عن التعويض عن عدم مراعاة مهلة الإخطار بالقدر المنصوص عليه بالمادتين 111، 118 من ذات القانون، ويقدر التعويض المستحق عن الإنهاء التعسفي بالنظر إلى جميع الأضرار التي أصابت العامل وكانت نتيجة طبيعية للتعسف في الإنهاء، ويراعى في ذلك سن العامل وفرصته في عمل آخر والأجر الذي كان يتقاضاه ومدة تعطله عن العمل أيضا، لأن الغاية من التعويض هي جبر الضرر جبرا متكافئا معه وغير زائد عليه.
التعويض عن الأضرار المادية والأدبية التي لحقت به من جراء هذا الفصل التعسفي
لما كان ذلك، فإنه ولئن كانت الطاعنة قد ادعت أن المطعون ضده هو الذي ترك العمل بإرادته المنفردة إلا إنها لم تتخذ إجراءات إنهاء خدمته بسبب هذا الغياب وهو ما يؤكد صحة ادعاء المطعون ضده أمام خبير الدعوى من أن الطاعنة هي التي منعته من العمل بسبب مطالبته بزيادة أجره، وأنه لم يتمكن من الالتحاق بعمل آخر إلا بعد مضي أربعة أشهر من تاريخ منعه من العمل، وإذ اعتبر الحكم المطعون فيه أن منع الطاعنة المطعون ضده من العمل فصلا تعسفيا وأصابه بأضرار مادية تمثلت في الحرمان من الأجر وأضرارا أدبية تمثلت في شعوره بالحزن على فقده لهذا العمل، ورتب على ذلك قضاءه له بالتعويض عن الأضرار المادية والأدبية التي لحقت به من جراء هذا الفصل التعسفي وعدم مراعاة مهلة الإخطار، وكان تقديره لهذا التعويض مناسبا لجبر هذه الأضرار وغير زائدا عليها بالنظر إلى مدة تعطله عن العمل، فإنه لا يكون قد خالف القانون، ويضحى ما تثيره الطاعنة بهذا النعي لا يعدو أن يكون جدلا موضوعيا في تقدير محكمة الموضوع لأدلة الدعوى لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض، ويكون هذا النعي على غير أساس.
حكم النقض بشأن جواز عمل العامل فى أكثر من شركة 1
حكم النقض بشأن جواز عمل العامل فى أكثر من شركة 2
حكم النقض بشأن جواز عمل العامل فى أكثر من شركة 3
الخبير القانوني المتخصص في الشأن العمالى والمحامى بالنقض مصطفى زكى