إن من مظاهر السياسة الجنائية المعاصرة ، إقرار عقوبات بديلة لعقوبة الحبس قصير المدة، بإعتبار أن هذه العقوبة أصبحت لا تحقق الغرض من العقوبة والمتمثل في الزجر والردع وإصلاح الجاني وتهذيبه، وذلك من أجل تعزيز سياسة إعادة الإدماج الاجتماعي التي تهدف إلى حماية المجتمع من الجريمة من جهة، وجبر الضرر الاجتماعي الواقع عليه من جهة أخرى، وأبرز هذه البدائل هي استبدال عقوبة الحبس البسيط بالتشغيل.
ولما كانت الحقيقة والواقع يؤكدان أن الغاية من العقوبة هي تلقين المحكوم عليه الشعور بالمسئولية قبل المجتمع علي نحو يوجهه إلي السلوك الإجتماعي السليم، وذلك من خلال المساس بحق من توقع عليه العقوبة، ويعني المساس بالحق الحرمان منه كليا أو جزئيا أو فرض قيود عليه حين استعماله، وتتنوع الحقوق التي يمكن المساس بها، وبعد تطبيق هذه العقوبة تجعل المجتمع راضيا علي تقبله عندما تنقضي لتحقق تأويله.
حلول بديلة.. استبدال عقوبة الحبس البسيط بالتشغيل
في التقرير التالى، يلقى "برلماني" الضوء على عقوبة استبدال عقوبة الحبس البسيط بالتشغيل، حيث أن القانون قد قرر للمحكوم عليه بالحبس البسيط، ميزة السماح له بطلب الترخيص بإستبداله بالشغل خارج السجن علي اعتبار أن قصر مدة الحبس لا تكون كافية لتقويم المحكوم عليه، وفي المقابل قد تزيده خطورة لاتاحتها فرصة الاختلاط بمن هم أشد منه إجراما، وتقضي علي رهبة السجن لاعتياده تدريجيا علي نظام الحياة فيها – بحسب الخبير القانوني والمحامى إسلام عاطف عبدالعال.
في البداية - إزاء الحرص من المشرع علي تحقيق التوازن بين مصلحة المجتمع ومصلحة المحكوم عليه تحقيقا لتلك الغاية، صدر القرار بقانون رقم 49 لسنة 2014 بتعديل بعض أحكام المادتين 18 و 479 من قانوني العقوبات والإجراءات الجنائية كالتالي: المادة 2/18 من قانون العقوبات نصت علي: "لكل محكوم عليه بالحبس لمدة لا تتجاوز 6 أشهر أن يطلب بدلا من تنفيذ عقوبة الحبس عليه تشغيله خارج السجن طبقا للقيود المقررة بقانون الإجراءات الجنائية إلا إذا نص الحكم علي حرمانه من هذا الخيار" – وفقا لـ"عبدالعال".
والكتاب الدوري رقم 9 لسنة 2014 تتضمن 6 توصيات للإستفادة من هذا الحق
كما نصت المادة 479 من قانون الإجراءات الجنائية على: "لكل محكوم عليه بالحبس البسيط عليه تشغيله خارج السجن وفقا لما هو مقرر بالمواد 520 وما بعدها، وذلك ما لم ينص الحكم علي حرمانه من هذا الخيار"، وبناء علي ذلك التعديل صدر الكتاب الدوري رقم 9 لسنة 2014 من سيادة النائب العام والذي ناشد به أعضاء النيابة بأن الغاية من العقوبة هي تلقين المحكوم عليه الشعور بالمسئولية قبل المجتمع راضيا علي تقبله عندما تنقضي لتحقق تأهيله، فلابد من اتباع الآتي بشأن هذه الجزئية – الكلام لـ"عبدالعال":
1️-يجب علي أعضاء النيابة العامة تخيير المحكوم عليه نهائيا بعقوبة الحبس البسيط الذي لا يتجاوز 6 أشهر بين تنفيذ العقوبة أو تشغيله خارج السجن في أي عمل يدوي أو صناعي يقوم به.
2️-يجب علي أعضاء النيابة العامة عدم السماح بالترخيص للمحكوم عليه بطلب استبدال التشغيل بعقوبة الحبس البسيط إذا نص الحكم علي حرمانه من هذا الخيار.
3-يجب علي أعضاء النيابة العامة مراعاة أن يكون التنفيذ بالتشغيل وفقا للنموذج المعد لذلك علي النحو المبين تفصيلا في المادة 728 من التعليمات الكتابية للنيابة العامة، وألا يكون خارج دائرة القسم أو المركز التابع له، وأن يكون قادرا علي إتمامه خلال ساعات مع مراعاة الحالة الجسدية للمحكوم عليه.
4-يكون التنفيذ بطريق التشغيل بمعرفة الشرطة، وذلك باسنادها إلي المحكوم عليه عملا بلا مقابل في إحدي الجهات الحكومية أو الوحدات المحلية علي أن يعين الأعمال التي يجوز فيها التشغيل فيها والجهات الإدارية التي تقرر هذه الأعمال بقرار من الوزير المختص.
5️-إذا لم يلتزم المحكوم عليه بضوابط التشغيل بلا عذر تراه جهة الإدارة مقبولا ،يتم إلغاء الترخيص بالتشغيل وإرساله إلي السجن للتنفيذ عليه بالمدة الباقية من مدة العقوبة.
6-ينشأ بكل نيابة جزئية أو كلية دفتر يخصص لقيد قرارات التشغيل، ترصد به الأحكام المنفذة بالتشغيل وبأرقام متتابعة وتكون بياناته كالتالي: "مدة التشغيل - رقم القضية - رقم الحصر بالتنفيذ - اسم المحكوم عليه - الحكم وتاريخه - مدى التشغيل وتاريخه والجهة المنفذ بها - اسم وتوقيع رجل الشرطة الذي سلم إليه المحكوم عليه ونموذج التشغيل".